Khalidewais2012@gmail.com
المشكلة الآن ليست في قرع طبول الحرب وحسب، إنما في الاحساس المتزايد وسط فئات اجتماعية بأنها الخيار الأخير والوحيد !نظامُ الإنقاذ الحاكم منذ ربع قرن، وبتحليل وحسابات بسيطة، هو المسؤول الأول عن "ذهنية" العنف هذه. فانسداد آفاق الحلول السلمية، بل وقمع الاحتجاجات السلمية على نحو بالغ العنف، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية والشرطية، كل ذلك قلّص للغاية مساحات العمل السلمي، هذا إضافة إلى إضعاف القوى السياسية المعارضة بوسائل شتى، ومضايقة مؤسسات المجتمع المدني، وتفشي ثقافة العنف التي زرعتها وسائل الإعلام التابعة للنظام طيلة عقدين ونصف، والإعلاء من شأن الموت، كل تلك عوامل مثلّت قنبلة موقوتة، ستمزّق في حال إنفجارها، ما تبقى من جسد الوطن والمواطن !قادةُ الإنقاذ مغرورون للغاية ومتشبثون بآرائهم، وينظرون باحتقار بالغ إلى الآخر السياسي. وهذه هي المشكلة الكبرى. فالحلول السلمية تنتج عن رغبة حقيقية في التنازل والوصول إلى منطقة وسطى. لكن هؤلاء القادة، وفي كل مرة تبدو فيها التحديات الكبرى، كانوا يلجأون إلى خطابات عاطفية تكيل السباب لإسرائيل والقوى "الإمبريالية"، علاوةً على تجييش المشاعر الدينية، بل والعرقية أيضاً، وإلى مسألة استهداف "الإسلام" ممثلا في الحكومة السودانية !والآن، تواجه الحكومة هذا الوضع الجديد، بالآليات والأدوات القديمة ذاتها، غير آبهة بالمتغيرات الكبرى، وعلى رأسها إنقسام الحزب الحاكم على نفسه، والظروف الاقتصادية بالغة السوء، التي تبعد المواطن أكثر فأكثر عن النظام، خاصةً في ظل حياة الرفاهية التي يعيشها القادة، هذا فضلا عن الإنهاك الذي أصاب المؤسسات كلها، بل و"العقول" جراء الأزمات المتطاولة على مدى 24 سنة، وتوفر وسائل الإعلام الجديد التي باتت توفر للناس إعلاما بديلا ربما ينسف مصداقية الإعلام الحكومي تماماً !الحكومة السودانية تخطىء كثيرا بالمضي قدماً في هذا الدرب، لأن البديل في غاية السهولة، وهو الدعوة إلى مؤتمر قومي جامع في أديس أبابا مثلا، للتفاهم حول كل قضايا السودان، ومن ثم الإنتقال إلى حكومة مؤقتة بمشاركة كل القوى السياسية والاجتماعية والمدنية، تمهد لإنتخابات في بحر 3 سنوات، وتعمل على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة كلها.هذا هو الطريق، لكن، مَن مِن قادة النظام يسمع؟!