ياسر الأمل والتغيير: أعد

 


 

 


كفى بك داءً

التقت قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) الجمعة برئيس الوزراء الأثيوبي في أديس أبابا وقبلها بلجنة الاتحاد الافريقي عالية المستوى وعدد من المبعوثين الأجانب إلى السودان لبحث سبل فض الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق. قال ياسر عرمان بعد لقاء رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي ماريام ديسالين أن الحركة على استعداد للعودة إلى مائدة المفاوضات مع الخرطوم على أساس اتفاق نافع-عقار 28 يونيو 2011. كرر ياسر أن الحلول الجزئية تضر بمستقبل السودان ولا تضمن السلام، ثم أضاف أن التسوية السياسية الشاملة التي تبشر بها الحركة يمكن أن تتأتى من محصلة منابر التفاوض القائمة. 
قل في حديث ياسر هذه المرة ذكر اسقاط النظام، ورد مرة واحدة كهدف تتفق عليه القوى المدنية والمسلحة حال رفض المؤتمر الوطني المضي في الطريق الذي يقود إلى بناء وحدة حقيقية بين شعوب السودان قائمة على المواطنة بلا تمييز وسيادة حكم القانون. أعلى ياسر من قيمة الحل السلمي ووعد بأن الحركة "ستقوم بعمل سياسي واسع داخليا وخارجيا لدعم مطالب الشعب السوداني في الديمقراطية والتغيير". بالمقابل قال ابراهيم غندور أن الحكومة لن تعود إلى التفاوض حتى اكتمال "فك الارتباط" بين الحركة (شمال) وجنوب السودان.
ذاق ياسر أيام "السلمية" طعما للسياسة غير فقد كان بطلها الفوتوجنيك، زين مجالس الطبقة السياسية وخف إليه الناشطات والناشطون مهاجرين من أحزابهم، كما احتشدت له قوى شعبية واستعدت لنصره. انتهى هذا "الربيع السوداني" القصير بانسحاب ياسر من انتخابات الرئاسة. انقلب مرشح التغيير على التغيير وأجهض مرشح الأمل كل أمل. لم يقدم ياسر حتى هذه الساعة شرحا صريحا يليق بسياسي في مثل نفوذه وطموحه لحيثيات قراره، أو في صيغة أخرى قبوله بالقرار؛ ترافع شيعته عن الانسحاب بحجج مختلفة، ديوث والذي منه، الجامع بينها الزهد في التحول الديمقراطي عندما جاءت حوبته إذا جاز التعبير.
تقف الحركة الشعبية (شمال) اليوم على باب المفاوضات مجددا بغير جبهة ثورية وباستعداد أكبر للمساومة فقد صمت ياسر عن دارفور هذه المرة وجعل الحل الشامل المطلوب جمعا خلاقا لحلول جزئية. أثبتت الحركة أن سنين نيفاشا لم تفقدها استعدادها للحرب، لا نقص جندها ولا سلاحها، لكن غلبتها سياسة السلام؛ عبرت طرق الجبال الوعرة حيث الخيار ما فرضت الضرورة لكن تاه عنها الدرب الذي تبشر به وقت تداخلت الطرق وتعقدت الخيارات. لن تهبط علينا بركة المواطنة بلا تمييز وسيادة حكم القانون هكذا مرة واحدة وإلى الأبد من نص اتفاق، شامل كان أو جزئي، بل من تراكم الصراع اليومي، قضية وأخرى، سابقة والثانية.عليه، يا ياسر، إذا جاءك التحول الديمقراطي الذي ترغب، اتفاق وشامل وفل الفل، أتمسك به من قرونه وإن طاعنن أم تحرد؟
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]

 

آراء