كيف انتصر السيسي على أوباما في مجلس الشيوخ الأمريكي، بفضل الدعم الإسرائيلي؟. بقلم: ثروت قاسم

 


 

ثروت قاسم
19 August, 2013

 




Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com


1-    مقدمة .

نواصل إستعراض الأحداث في مصر لتداعياتها المباشرة  علينا في بلاد السودان .

2-    صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية ؟

في يوم الأثنين 19  أغسطس 2013 ، نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية ، الصحيفة   الأكثر إحتراماً في العالم ،  تقاريراً   ضافيةً  لمراسليها في  مصر  عن الأحداث في مصر .

يمكن تلخيص  إنطباعاتنا  عن تقارير النيويورك تايمز  في عدة نقاط كما يلي :

اولاً :

أوردت  صحيفة النيويورك تايمز خبراً ، في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب . مر الخبر مرور الكرام ، ولم تشر له  ، لا من قريب أو بعيد ،  وسائط الإعلام المصرية والعربية . ولكنه خبر المليون دولار كما تقول الصحيفة ؟

هاك ملخصاً للخبر أدناه :

بعد مجزرة الجمعة  26 يوليو 2013 ، تقدم السناتور الجمهوري راند بول بمشروع قرار لمجلس الشيوخ الأمريكي لإيقاف  المعونة الأمريكية السنوية للجيش المصري ( مليار و500 مليون دولار كل سنة ) .

في يوم  الأربعاء  31 يوليو 2013 ، سلمت   الأيباك  ( اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة )  خطاباً شديد اللهجة لكل واحد  من أعضاء مجلس الشيوخ   ،  محذرة من إيقاف المعونة العسكرية لمصر  ،    لتداعيات  الإيقاف  السلبية على أمن وسلامة إسرائيل .

الأيباك  هي  اللوبي الصهيوني الأقوى  في واشنطون ، والتي تضع اعضاء الكونغرس ، بمجلسيه  ، في جيبها ؛  ويغوصون لها ، ويعملون لها  عملاً دون ذلك .

AIPAC - The American Israel Public Affairs Committee

في  نفس يوم  الأربعاء  31 يوليو 2013  صوت  مجلس الشيوخ  رافضاَ مشروع القرار  كما طلبت إيباك ، 86 صوت ضد مشروع قرار وقف المعونة   و13 صوت  مؤيدة لوقف المعونة .

أمن مجلس الشيوخ على إستمرار المعونة الأمريكية للجيش المصري رغم تهديدات إدارة أوباما للسيسي بوقفها ، إذا إستمرت المجازر والسلخانات .

ضمن السيسي الفوز على اوباما في عقر داره ؟ ومن ثم عنجهية وغطرسة السيسي .

بعد قرار مجلس الشيوخ التاريخي في يوم الأربعاء 31 يوليو 2013 ، داعماً للسيسي ضد إدارة أوباما ، لم يجد السيسي أي وازع أخلاقي أو سياسي أو حتي أمريكي من إرتكاب مجزرة وسلخانة يوم الأربعاء  14 أغسطس 2013 ، لفض أعتصامي رابعة العدوية والنهضة  ، والمجازر في الأيام التالية  . مات في عمليات  فض الإعتصامات  الذئبية أكثر من الف معتصم وجُرح أكثر من 5 الف معتصم .

تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح السيسي ، بضغط من اللوبي الصهيوني ،  يؤكد إن إسرائيل تعتبر نظام السيسي نظاماً حليفاً لها  ؛   وإن تقوية الجيش المصري في مصلحتها . كما طلبت إسرائيل ، بحسب صحيفة النيويورك تايمز ، من الإتحاد الأروبي ودوله دعم نظام السيسي ضد الإرهاب الإسلاموي ؟

وتلك الأيام نداولها بين الناس  ؟

أيقن السيسي أن الكونغرس الأمريكي والاتحاد الأروبي  في صفه بفضل جهود إسرائيل ، وكذلك  الدول الخليجية ( بإستثناء قطر ) ، ولم يعد يخشى لومة لائم ولا تهديدات إدارة اوباما المغتغتة بوقف المعونة الأمريكية . وصار يبرطع ويفنجط ، وإرتكب بعدها مجزرة يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013  والمجازر التي تلتها  ، دون أن يطرف له رمش عين ؟

أعطت أسرائيل السيسي حرية مطلقة وأطلقت يداه ، وأعطاها بدوره ولم يستبق شيئاً ؟

قفل السيسي معبر رفح وبدأ في تجويع وتعطيش فلسطيني غزة المغلوبين على أمرهم . في يوم الأحد 18 أغسطس 2013 سمح السيسي لشاحنة واحدة فقط بمغادرة معبر رفح من غزة إلى مصر  ، حسب تقرير النيويورك تايمز .

ثانياً :

حسب  النيويورك تايمز  ، أحضرت ادارة اوباما  إلى القاهرة وزير خارجية قطر ليضغط على جماعة الأخوان ، ووزير خارجية الأمارات لكي يضغط على السيسي للوصول إلى تسوية سياسية  بين الطرفين  ، في منتصف الطريق . إكتشفت إدارة اوباما إن الوزير الأماراتي كان  يشيطن جماعة الاخوان ويحرش السيسي  ، بالمغتغت ،  للقضاء عليها . كما إكتشفت إن إسرائيل كانت تطمئن السيسي بان يمضي قدماً في تدمير جماعة الأخوان  وفض الإعتصامات بالقوة الخشنة ؛  وإنها ( إسرائيل ) سوف تحتوي إدارة أوباما وتخرسها ، وبالأخص تضمن عدم إيقاف المعونة الأمريكية للجيش المصري .

ثالثاً :

يتكلم شك هاقل وزير الدفاع الأمريكي ( 66 سنة ) وكان شاويش في الجيش الأمريكي في فيتنام ، مع السيسي  ( 58 سنة ) ، عبر مترجم ، كل يوم وآخر ولمدة تزيد علي الساعة ونصف في كل مرة . يطلب السيسي في كل مرة من هاقل أن يقنع أوباما إن  جماعة الأخوان جماعة إرهابية ، يجب القضاء عليها  وإزاحتها من على المسرح السياسي المصري . ويؤكد هاقل بدوره للسيسي أن اوباما  صديقه ولن يفكر في التخلي عنه كما حدث لمبارك من قبله .

ومن ثم قوة قلب السيسي ؟

رابعاً :

الرجال العسكر حول السيسي كلهم جميعا وبدون فرز على قلب رجل واحد ضد جماعة الأخوان التي يعتبرونها جماعة إرهابية يجب التخلص منها بالناعم والخشن من الوسائل . ويرددون في أذني السيسي أن لا يضيع فرصة نزلت من السماء هباءاً منثوراً .

الجنرال محمد التهامي الذي يعتبره السيسي كوالده الروحي والذي عينه السيسي رئيساً لجهاز المخابرات ،  والذي يكن من الحب والوجد لجماعة الأخوان بقدر ما يكنه الجنرال  صلاح  قوش للجنرال محمد عطا من حب ووجد ؟

الجنرال الشاب محمود حجازي ، أبن الجنرال السيسي الروحي ، والذي عينه السيسي كرئيس لجهاز المخابرات العسكرية يؤمن بأن خلاص مصر في القضاء المبرم على جماعة الأخوان .

وغيرهم  كثر من الجنرالات المتشددين حول السيسي  الذين يتحرقون ( لفرم ) قادة وكوادر جماعة الأخوان حسب ما تقول به صحيفة النيويورك تايمز  .

وبعد الصمت الدولي حيال المجازر والسلخانات الإبادية، والتشجيع المتواصل والمتزايد من إسرائيل والدول الخليجية ( بإستثناء قطر ) ، شعر المتشددون من الجنرالات حول السيسي بالمنعة ،  وإن السقف  لمجازرهم  هو السماء ( وشم الدم وقال حرم ؟ ) ؟

خامساً :

في يوم الأثنين 19 أغسطس 2013 ،  قررت محكمة جنايات القاهرة  إخلاء سبيل الرئيس الأسبق  مبارك ، في قضية القصور الرئاسية، وإطلاق سراحه . وربما تمت تبرئته في القضايا  الأخرى وإطلاق سراحه ، بإيعاز من السيسي . وتكون ثورة 25 يناير قد ماتت موتاً أكلينيكياً ، ويا عمرو لا رحنا ولاجينا ؟

سادساً :

تقول صحيفة  نيويورك تايمز أن السيسي لا يثق في البرادعي وكان سعيداً بقبول إستقالته .

اكد السيسي  ووزير الداخلية محمد ابراهيم للبرادعي يوم الثلاثاء 13 أغسطس 2013 ، بأنهما سوف يعملان على تفريغ ميداني رابعة والنهضة سلمياً  وبدون اللجؤ للقوة الخشنة . وعندما أكتشف البرادعي كذبهما الأشر  اليوم التالي  ( يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 – يوم المجزرة ) عندما مات أكثر من الف معتصم   كالبط البري ، قدم البرادعي إستقالته التي قبلها السيسي مسروراً ؟

يبقى سؤال المليون دولار كما تقول صحيفة النيويورك تايمز :

متي تصل المجازر والسلخانات الى مستوى تتوقف معه الإتصالات بين أدارة اوباما والسيسي ورجاله ؟ هل يملك اوباما ترف التضحية بعلاقة أمريكا الإستراتيجية مع عسكر مصر التي ضمنت وتضمن أمن  وسلامة إسرائيل ؛  أم يدير وجهه لمجازر وسلخانات مصر في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وينتظر محاكمة التاريخ ؟

هذا هو السؤال كما قال هاملت ؟


3 -  مجلة الإيكونمست البريطانية  ؟

في يوم السبت 17 أغسطس 2013 ، نشرت مجلة الإيكونمست البريطانية  ، المجلة  الأكثر إحتراماً في العالم ،  تقريراً ضافياً  لمراسلها في القاهرة عن الأحداث في مصر .

يمكن تلخيص  إنطباعاتنا  عن تقرير الايكونمست في عدة نقاط كما يلي :

اولاً :

بعد مجازر يوم الأربعاء 14أغسطس 2013 حيث  تجاوز عدد القتلى حاجز ال 5 الف قتيل بحسب بعض المصادر الإسلامية  ،  من بينهم أبن المرشد لجماعة الاخوان الدكتور محمد بديع وإبنة القيادي الأخواني البلتاجي ، تكون مصر قد وصلت إلى مفترق طرق عليه علامتان :

العلامة الأولى تشير إلى الطريق المؤدي إلى الصومال ؛ وما أدراك  ما الصومال ؟  نار الله الموقدة . الصومال هو  شرح الصومال بعد الجهد بالصومال ؛ حيث الكل يقاتل الكل وتزول الدولة وترجع مصر إلى ما قبل عهد الفرعون الاله مينا ، الذي وحد المصريين في دولة واحدة  منذ  أكثر من 6 الف سنة قبل ميلاد السيد المسيح .

العلامة الثانية تشير إلى الطريق المؤدي إلى ميدان تيان ان من في بكين . وتقصد المجلة القمع الذئبي للمعارضين الإسلاميين وغيرهم في دولة بوليسية تجسد مؤوسسة الفرعون القائمة على ثلاثة شعب :

•    الفرعون الإله ؛

•    جيش الفرعون ؛

•    وسجن الفرعون ؟

ثانياً :

ظهرت  عدة بوادر  ومظاهر من دولة  ميدان تيان ان من المصرية ، نختزل بعضاً منها أدناه :
+ في عام 1991 أبطل الجيش الجزائري عملية الإنتخابات البرلمانية  بعد فوز الحركة الإسلامية بمعظم المقاعد البرلمانية في الجولة الأولي للإنتخابات .  وتلى ذلك سنوات الرصاص في التسعينات حيث قتلت مليشيات الجيش الجزائري أكثر من 200 الف إسلامي . كان يطلق على مليشيات الجيش الجزائري القاتلة :  


•      Les éradicateurs


أي الإستئصاليون ( الذين يستأصلون ويصفون الأسلاميين جسدياً ) .

تزعم مجلة الإيكونمست  إن السيسي بصدد تكوين مليشيات الإستئصاليين في الجيش المصري ؛   مهمتهم  الحصرية التصفية الجسدية  لقادة  وكوادر جماعة الأخوان .

+ يزمع السيسي حل جماعة الأخوان ، وإعتقال جميع قادتها لمدد مفتوحة  وبدون محاكمات . كما سوف يتم طرد جميع عناصر الاخوان والمتعاطفين معهم من أجهزة الدولة المصرية تحت شعار يحاكي شعار ( الصالح العام )  في السودان ، بطريقة مقلوبة .

ثالثاً :

وصم السيسي جماعة الأخوان بالجماعة الإرهابية ، وقفل أي باب للمفاوضات معها وشطب التسوية السياسية مع الجماعة من أجندته وصار خياره الوحيد الحل الأمني الإقصائي  .

أيادي السيسي مليانة بالدعم ( مالي وسياسي ) المطلق من الدول الخليجية ، بالأخص السعودية والأمارات ، وصار لا يهتم كثيراً بورجغة الأمريكان والأروبيين ، وهو يردد :

اللي بتغطى أمريكاني ... عريان ؟

رابعاً :

في يوم الثلاثاء 23 أغسطس 2013 عين السيسي 27 محافظاً  لمحافظات مصر ليحلوا محل المحافظين الذين سبق وأن عينهم مرسي ؛ ومعظم هؤلاء المحافظين من الجنرالات المتقاعدين من الجيش والشرطة والمعروفين بعدائهم الصارخ لجماعة الأخوان . كما عمل السيسي علي التخلص من جميع الأصوات الوسطية- التوافقية  من أمثال البرادعي من أجهزة الدولة ؛ وصار جميع  مساعدي  السيسي من الصقور المتشددين ضد الجماعة .

خامساً :

في يوم  الأحد  18  أغسطس 2013 قتلت قوات أمن السيسي  بدم بارد 36 من عناصر جماعة الأخوان  ( المحبوسين على ذمة التحقيق )  أثناء ترحيلهم في عربة ترحيلات مصفحة  من مديرية أمن القاهرة إلى سجن أبو زعبل . تم رش المُرحلين بالرصاص الحي وبالبمبان  وهم  مقيدين داخل عربة الترحيلات  .  وتقول بعض المصادر إن عدد القتلى تجاوز ال 50 قتيلاً  . حتى الحيوانات الوحشية  لا يتم قتلها بهذه الطريقة الذئبية .

بدأت سنوات الرصاص في مصر ؛ وأذن مؤذن في جماعات الأخوان :

ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْ‌جُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ، وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ، وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ !

سادساً :

في هذا السياق ، صرح  رئيس الحكومة الانتقالية حازم الببلاوي إن جماعة الاخوان  تتحمل مسؤولية الدماء المصرية التي اُريقت وبالتالي فلا مصالحة (  مع من تلطخت أيديهم بالدماء وهاجموا الدولة ومؤسساتها ) ، وسوف يتم حل جماعتهم .

الحل ليس في الحل كما قال الأزهري في زمن غابر  ؛ وحلّ  جماعة الأخوان  لن يحلّ الأزمة بل سيفتحها على  ظلمات من فوقها ظلمات  ستدمّر مصر وما حولها .

بدأت ( الدولة العميقة ) ، وعلى رأسها الجيش ، الذي يستحوذ على حجم هائل من الاقتصاد المصري، باستعادة عجلة السيطرة  المطلقة .

سابعاً :

في يوم الأحد 18 أغسطس 2013 ، وصم السيسي  ، في التلفزيون القومي ،  جماعة الأخوان بالجماعة الإرهابية ؟
وصل السيسي إلى قناعة إن إدارة أوباما والاتحاد الأروبي وكذلك  روسيا والصين كلهم جميعاً ينتظرون حسم المعركة على الأرض ليتخذوا موقفاً  ثابتاً من المسألة المصرية .  وعليه فقد قفل السيسي  طريق الحل السياسي بالضبة والمفتاح  ، وفتح  الباب واسعاً أمام إستمرار القمع الوحشي ًلحسم المعركة على الأرض  ،  خصوصاًً بعد الدماء التي سالت من الطرفين  ، بدون ردة فعل قوية من المجتمع الدولي .

إذن نحن موعودون  في الأسابيع القادمة بمزيد من أحداث الأربعاء 14 أغسطس 2014 حيث تم قتل أكثر من ألف معتصم في يوم واحد ، وتم تنضيف ميادين الإعتصامات وغسلها في نفس يوم الهجوم ، لمسح آثار الجريمة .

ثامناً :

بدأت دولة  ميدان تيان ان من في الدوران في طريقها إلى دولة الصومال في مصر ؟

نعم ... بدأت الساعة الرملية لنظام السيسي في التتكان  وفي نفس الوقت النفاد .
///////////////

 

آراء