الجزيرة تمارس دورا مشبوها لا تستطيع الفكاك منه (3)

 


 

خضر عطا المنان
16 September, 2013

 


Awatif124z@gmail.com
مـدخـل : هنالك شبه اجماع بين عامة السودانيين والكثيرين  من العرب بأن الجزيرة - ومنذ انطلاقتها في أبريل 1996 وبميزانية تجاوزت الـ 150 مليون ريال قطري – ظلت محط  أنظار الاعلاميين والقادة وذوي الاختصاص وقطاعات واسعة من  المجتمعات العربية .
ورغم أن الشعار الذي رفعته القناة آنذاك هو ( الرأي والرأي الآخر ) الا انها  - وبعد أن بسطت سطوتها على الساحة الاعلامية – سرعان ما داست  على ذلك الشعار الذي يبدو أنها قد اتخذت منه حصان طروادة للوصول لملايين المشاهدين لتصبح بعدها قناة مثيرة للجدل تحوم حولها شبهات مغلفة  بعشرات التساؤلات  وهو ما دفع بالعديد من مراكز البحوث العربية والغربية  لدراسة ( ظاهرة الجزيرة ) والتي استعانت – في بداياتها  الباكرة – بكادر اعلامي كان متميزا في الــ (بي بي سي) .. ولكن  سرعان ما تفرقت بالعديد منهم السبل ( تقديم استقالاتهم  أو رفضهم تجديد عقوداتهم ) .. وهي سلسلة استقالات جماعية( من القناتين العربية والانكليزية ) مذيعين ومذيعات بعضها معلن وبعضها دون ضوضاء أو اعلان لها – وقد كان أول من بدأ هذه الاستقالات وبشكل علني ومعلن  هو ( ستيف كلارك ) رغم انه من كبار مؤسسي القناة الانكليزية  ( بدأت ارسالها رسميا في 15/11/2006)ثم لحق به المذيع الأميركي المعروف ( ديفيد ماراش ) بعد أن اشتكى من  أن الجزيرة لم تعد هي تلك القناة التي تعاقد معها في بادئ الأمر .. ثم كانت الضربة القوية للقناة الانكليزية حينما استقال أحد التنفيذيين احتجاجا على التوجه الذي سعي نائب المدير آنذاك ( ابراهيم هلال ) لفرضه على سياسة القناة  لتكون  أكثر انحيازا للاسلامويين  وذلك حينما طلب منه  عدم بث  خبر المعلمة البريطانية  التي تم اعتقالها في السودان  بسبب تسميتها لدمية باسم الرسول محمد عليه صلوات الله وسلامه.
ثم توالى هبوط أسهم الجزيرة رويدا رويدا – ومع مرور الأيام- في سوق الفرجة حينما اكتشف الكثيرون حقيقة توجهاتها وتبنيها خطا داعما لكل ماهو اسلامي حتى لو كان من ( تنظيم القاعدة ) الارهابي .. وما تسجيلات ( أسامة  بن لادن) وبعده ( أيمن الظواهري ) بغائبة عن الذاكرة وهو ذات النهج الذي عادت تتبعه الجزيرة اليوم في بثها لشرائط الهاربين من اخوان مصر مثل (العريان ) وقبله  ( البلتاجي ) الذي تم القبض عليه لاحقا .
وفي خضم هذا الغبار الذي  تثيره الجزيرة هنا وهناك وتستمد قوتها منه تظل تغطيتها لما يجري  في السودان تغطية خجولة وفي فترات  متباعدة وفي أغلب الأحيان لمجرد حفظ  ماء الوجه  أو رفع العتب  ولكنه أسلوب يكشف  عن عمق الصلات ( المعلن منها  والخفي !!) بين هذه القناة والاسلامويين الحاكمين بأمر من الله  في السودان منذ ربع قرن من  الزمان .
الشاهد  أن  ( اخوان الشياطين ) سواء كانوا في مصر أو السودان او غيرهما من بلدان عربية هم في الواقع طينة واحدة حيث الفكر الطوباوي / المتحجر والاغتيالات والفجور في الخصومة والتاريخ  الأقصائي البغيض الذي لايؤمن بالحوار ( أدعو لسبيل  ربك بالحكمة ) .. فكر خشبي لا يعترف  بالآخر مهما علا شأنه او مقامه ولا بالدولة المدنية ولا بأي نوع من الديمقراطية لأنهم وحدهم هم عباقرة زمانهم وهم وحدهم أعلم بخفايا وأسرار الكون ومالكو الحقيقة المطلقة وأوصياء على البشر  قاطبة في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ( بنطلون لبنى أحمد حسين  وطرحة أميرة عثمان حامد ) حتى كادوا أن يحددوا لكل منا كيف ومتى تنام مع زوجتك ناهيك عن السير معها في الشارع ( قانون النظام العام ومادته  المشينة 152 والتي لا يعترف بها أحد سواهم ).
وهكذا نجد هؤلاء  الاسلامويين ( اخوان الشياطين ) هم من تنطق  باسمهم الجزيرة وتفرد لهم الساعات في خارطتها البرامجية وتتبنى نهجهم العبثي  في مصر وفوضي مظاهراتهم  الهزيلة بعد فقدانهم للحكم .. وقد  أضحوا اليوم معزولين  ومكروهين  من قبل قطاعات  واسعة من المجتمع المصري بعد  أن صارت شراذمهم من المعتوهين  والموتورين  وصبية الشوارع هم من يتصدرون اليوم مسيراتهم العبثية  بعد أن  تم  القبض على معظم قياداتهم الفاعلة والتي تواجه أحكاما قضائية .. هؤلاء الصبية نراهم  وهم يرقصون ويغنون في الأزقة والحواري وهم رافعين علامة  ( رابعة العدوية ) ورأينا كيف أن الجزيرة هي القناة الوحيدة في العالم من يهتم بتلك المسيرات  وتغطيتها مرددة عبارات أصبحت اضحوكة لدى عامة المصريين من قبيل ( التحالف الوطني لدعم الشرعية) و( عودة مرسي والدستور الذي فصله الاخوان على مقاسهم ..الخ ) .. رغم أن كل ذلك قد أضحى من مخلفات الماضي ولن تعود عقارب الساعة للوراء حتى لو تظاهروا أربعين عاما قادمة !! أو هكذا يقول الواقع  اليوم في مصر.. واقع  تجاوزهم  كثيرا وخط لنفسه  مسارا شعبيا تحميه قواته المسلحة و يقوم على الديمقراطية والحرية والعيش والكرامة  واحترام الانسان وحقه الطبيعي في الحياة .
بقي أن أشير – في الختام -  الى أن الجزيرة- كما هو واضح – لا تزال مصممة بالفعل و مصرة على السير في هذا المسار حتى آخر الشوط ولن تتراجع رغم الهزة التي أصابت مصداقيتها  وحياديتها  لأن نهجها – كما هو معلوم - يتوافق مع اخوان مصر الذين ما انفكوا يعيشون وهما كبيرا  أرفقوه  برفع سقف  مطالبهم الصبيانية  منادين بمحاكمة كل أركان النظام الثوري / المؤقت الحالي للمحاكمة والقصاص لممثلهم الاخواني في ( قصر القبة ) محمد مرسي .
انه عشم ابليس في الجنة !! .
وحتى الملتقى باذن الله تعالى .. تحياتي لكل من يمر من هنا وخالص مودتي .

 

آراء