مرافعة هادئة مع سعادة الوزير كرتى !

 


 

 


اتفهم  دواعى  واسباب  وزير  الخارجية  السودانى  ، السيد على كرتى ، التى  دعته  للاعلان  عن  ضيقه  وتبرمه  من  سلوكيات  الولايات  المتحدة  تجاه  بلاده  .  لابد  ان  الوزير قد  بات  يؤرقه تحول  بلاده  الى  حديقة  على  الشيوع  الدولى  الامريكى  والغربى  والاقليمى  تحت  دعاوى  البحث  عن  السلام  فى  هذا  البلد  الذى  ضرب  اكباد  ابله  باتجاه  الولايات  المتحدة  و حلفائها  بحثا عن  سلام  تجيره  له  الولايات  المتحدة دون  غيرها من  البشر رغم  ان  هذا  السلام  يأبى  ان  ياتى  . بل   جاءت  بدلا عنه   التدخلات  الامريكية والدولية  بفظاعتها  وفجاجاتها  دون  ان  يلوح  فى  سرادب   السودان حتى  بارقة   ضؤ خافت . ويزيد  طين  السودان  بلة  ان  الولايات  المتحدة  تتعامل  معه  بازدواجية  المعايير دون ان  تطرف عينها  من حياء  تجاه  البلد  الذى  وضع  كل  بيضه  فى  سلتها . وبات  ينتظر  المشترى  الامريكى ذى  المزاج  المتقلب  والذى  تتضاءل  مقدراته  الشرائية  بصورة  يومية .  ولا  يخالجنى ادنى  شك  ان  السيد  الوزير  يعلم  اكثر  من  غيره   أن  المواقف  الامريكية  تجاه  نظام  حكمه  سببها  رهان  السودان  الخاسر على  امريكا  يتقوى  بها  على  بنى  جلدته  من  الذين  يختلفون  معه  حول  بعض  الفروع  الوطنية  دون  الاساسيات الوطنية . لقد   شطبت   حكومة  السيد الوزير  كل  الجبهة  الداخلية  الوطنية  من  حساباتها  وعولت  على  الصديق  اليانكى الذى  لم  يكن  فى  يوم  من الايام  مؤمنا برغبات  الشعوب . شطب  حكومة السيد  الوزير  جبهتها الداخلية  من  حساباتها  دق  المسمار  الاخير  فى نعش  الوفاق  الوطنى الذى باتت  حكومته  تهذى  به  هذه  الايام   فى  صحوة  متأخرة .  لقد  صدقت  حكومة  السيد  الوزير ذات  يوم  انها  اصطادت  فيلا  كبيرا  اسمه  الولايات  المتحدة .  وقررت  نتيجة لهذا النجاح  ان تطلق  كل  الارانب  الداخلية  ادراج  الرياح . اسلاف  السيد  الوزير  المتعاقبين  انداحوا  فى  المخططات  الامريكية  بسذاجة  و  غفلة لا   يحسدون عليها.   لا  سيما  لجهة الايعاز لحكومتهم  تقديم  خدماتها  للولايات  المتحدة  بالمجان  فى  المجالات  الامنية  فى  منطقة  القرن  الافريقى . وقد  تماهت  حكومة  السيد  الوزير مع  نصائح  عرابيها  الغر  الميامين. ومضت  فى  الشوط  الى آخره   حتى  وصل  الامر  بها ان  لا  تتحرج   من  تنقل  الرأس  الاستخباراتى (  على  وزن   الرأس الدبلوماسى )  من تنقله   بطائرات  وكالة  الاستخبارات  الامريكية  بين  العاصمتين  ذهابا  وايابا فى  الضحى  الاعلى فى  نوع  غير غير  مسبوق  من  الاريحيات  السياسية . فى  احدى  زياراته  الى  واشنطن ، كشف  الدكتور  جون  قرنق  فى  لقاء  حاشد  حضرناه  فى فندق  (دبل ترى ) فى  ضاحية  الاسكندرية  الملاصقة  للعاصمة  الامريكية  واشنطن ، كشف  أنه  تبلغ  من  قبل  مضيفيه  الامريكيين  ان  الامنيين  السودانيين  قدموا الى  الامنيين  الامريكيين  ما  مجموعه  ثلاثمائة  ملف  امنى  عن  المنطقة  وحولها . وقد  سرب  الاعلام  الامريكى عن  قصد  لئيم  معلومات  غاية  فى  الخطورة  نشرتها كبرى  الصحف  الامريكية  كان  من ضمنها  الحديث  المتواتر عن  تنقل  الاستخباراتى  السودانى  الكبير بطائرات  وكالة  الاستخبارات  الامريكية   وعن  فحوى  لقاءاته  ومحادثاته  فى  العاصمة  الامريكية . لقد كان  بديهيا  ان  تهتبل  امريكا  الاريحيات  التى  تبرع  بها  السودان  بلا  ثمن  يوازى  اهميتها ، ربما  طمعا  فى  خبطة   سياسية  فى  المستقبل  المنظور تطبع علاقاته  مع  الولايات  المتحدة . و تنقذه  من  كماشة  العقوبات  التى  ظلت  تخنقه  منذ  اول  التسعينات  وحتى  اليوم. صحيح  ان  الولايات  المتحدة  قدمت  للسودان  بعض  الخدمات  مقابل ذه  الاريحيات.    ولكنها  لا ترقى  بالمقارنة  الى  ما  قدمه  لها السودان  مما  يجيز  للسودان  ان  يتبرم  من نكران  الجميل  الامريكى. تمثلت الخدمات  القليلة  التى  قدمتها  امريكا  للسودان   فى  غض  الطرف  عن   تجاوزات  حكومتة  فى  مجالات  حقوق  الانسان  لا  سيما   فى  اقليم  دارفور. بل  وتبني   سياسة  الحكومة  السودانية  الرامية  الى  اقصاء  المعارضة  الديمقراطية  عن  اى  مشاركة  فى  الحكم  او  فى  مفاوضات  السلام  التى  ظلت  دائرة  على  مدى  سنوات  برعاية  امريكية  مباشرة  وغير  مباشرة ، رغم  اعتراف  الولايات  المتحدة  ان  الثقل السياسى  والشعبى فى الشارع  السودانى  هو  فى  جانب  المعارضة  الديمقراطية.  ولكنها  كانت  تلتف  حول  هذه  الحقيقة  بالقول  انها  تركز  فى المرحلة  الاولى على التفاوض  بين  حاملى  السلاح  على  ان  يأتى  التفاوض  الشامل  فى المرحلة  الثانية.   وكانت  تلك  المقولة  كذبة  بلقاء . فالولايات  المتحدة  لم  تتحمس  للمعارضة  الديمقراطية  لأنها  كانت  تعتبرها جمهرة  عروبية  اسلاموية   كانت   جزءا  من  المشكلة  وليست  جزءا  من الحل. وسوف  تظل كذلك . مخطط  الولايات المتحدة  ضد  المعارضة  صادف  هوى   فى  نفس  نائب  الرئيس على  عثمان  الذى  كان  يترأس  عملية  التفاوض. لقد  نظر السيد  نائب  الرئيس  الى  المسألة  نظرة ضيقة و قاصرة  وساذجة  وانتهازية .و قرر  الاستثمار فى  المخطط   الامريكى الغربى  الخطير دون  التعمق  فى  الامر طالما وفر لحكومته  الفرصة للانفراد  بالسلطة  فى  المستقبل  المنظور .   ووصل الامر  بنائب  الرئيس  ان  يهدد بنسف  المفاوضات فى  اللحظة  التى  يسمح  فيها  الوسطاء  للمعارضة  الديمقراطية ان  تضع  ارجلها  المتسخة  فى  قاعة المفاوضات .  ومعلوم  ان  وفد  المعارضة برئاسة الفريق عبد الرحمن  سعيد  قد  منع  من  حضور المفاوضات  بدرجة  مراقب  ما شافش  حاجة . اما النتيجة  المصاحبة الاخرى  فكانت  هى  ان  نائب  الرئيس ، السيد  على  عثمان ، والوفد  المرافق له ،  قد  دقوا  المسمار  الاخير   فى نعش المرحوم  الوفاق  السودانى   الذى  نحره   السيد  نائب  الرئيس   وهاهو  يمشى  فى  جنازته اليوم  متباكيا عليه  فى  واحدة  من اكبر البراعات  السياسية . اعرف قدرات  السيد  نائب  الرئيس الذى  عاصرته  فى  جامعة  الخرطوم .  ولكن  القدرات  يمكن  توظيفها  احيانا  توظيفا  خاسرا عن  قصد  او عن  غير قصد . نتيجة  اخرى  هى  ان  امريكا سلمت  السلطة الى  شريكين  متشاكسين  لا يجمع  بينهما غير الطمع المشترك  فى الاستحواز على  اكبر قدر  من   الغنائم  السياسية.  وبفضل غفلة  الذين  تولوا ملف  مفاوضات  السلام ، وعلى رأسهم  السيد نائب   الرئيس  صارت  بلادنا  اليوم  حديقة  على الشيوع  الاقليمى  والدولى  يتعلم  فيه  العاطلون  عن  الحجى  السياسى  مبادئ علوم  ساس  يسوس  من  الدرجة  الصفرية .  وفود  تصل  واخرى  تغادر  بحثا  عن  سلام   لم  يأت  ولن  يأتى . وصارت  بلادنا   مصدر استرزاق   للمستهبلين  الدوليين  والاقليميين  الذين  راكموا  ارزاقا  مهولة  من  الاسفار ذات  (البرديوم) الشاهق.  و من المؤتمرات  الفارغة .  يضاف  الى ذلك متعة  العيش  المرفه  فى   فنادق  الخمسة  نجوم التى اذا  حكيت عنها لاهلى  فى  بوادى  دار  محارب عموم لاعتبرونى  رجلا متحزلقا  يستغل جهلهم  بعوالم  البندر . كاتب هذه  السطور  متعاطف  مع السيد  وزير الخارجية  فى تبرمه  من الولايات  . وضائق  صدرى  من  الجيوش الاممية التى  تتضرع  الخيلاء  فى  ارض  المهدى  الامام  التى  سقاها  هيبة  وعزة  ذت يوم  من  دماء  الغازى  الدخيل  . ولكن  السيد  الوزير  يعلم  ان  هذه   الجيوش  لم  تأت  الى  بلاده  متطفلة. بل جاءت  تلبية  لطلبات  حميمة  من  حكومته التى   ضربت  اكباد  ابلها  باتجاه  كل  من  ظنت  فيه  قدرة  على  الوساطة  والتوسط .  السيد  وزير  الخارجية  لا يحتاج  الى  التمنى  لدى   الولايات  المتحدة  لكى  تترك  بلده  فى حالها . انه   يحتاج  الى  قرار  من فصيلة  كش  ولد  يأمر امريكا  وجيوشها  بأن تغادر  بلاده  فورا .  ويصحح  بذلك اخطاء   اسلافه  السابقين  . و لكن  هل  يستطيع  الوزير السيد  االوزير وحكومته  فعل  التمام  هذا. واقول للسيد  الوزير ان  امريكا  لن  تترك  بلاده  فى حالها  الا  اذا ترك  السودان  امريكا  فى حالها . واعفى  نفسه من  ذل  السؤال  لكى تطعم  له امريكا جائعيه  فى  معسكرات الكرامة  المهدرة . قلبى  مع  السد الوزير الذى  يطلب  المستحيل من امريكا  ومن حكومته .
أخ  . . .  ياوطن !  

Ali Ibrahim [alihamadibrahim@gmail.com]

 

آراء