من يملك الحل لمعضل التعقيدات السودانية؟!!
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بلاغ للناس
توطئة:
نتحدث كثيراً عن تعقيدات المشهد السياسي السوداني، ولا أزعم ولا يزعم أي أحد أن لديه وصفة سحرية، أو عصا موسى لحلحلة تعقيداتها ، فإذا أقررنا بهذه الحقيقة يكون الجميع قد شخص أول علة من العلل التراكمية المتراكمة!!، وفي تشخيص هذه العلة وحدها، دعوة للاجتهاد والتواضع للبحث عن حلول وطنية توافقية ، يشارك فيها كل أطياف النسيج السوداني بشتى تبايناته الثقافية والاثنية دون إقصاء لأحد ،. وأول بنود هذا المعضل هو البحث في إشكالية الهوية السودانية.
المتــــــــــن:
السؤال الذي يطرح نفسه إن كان بمقدور أو إمكان الأحزاب التقليدية الطائفية التاريخية أو الأيدلوجية أو الحركات المتمردة أو حتى رموز أنظمة الحكم الشمولي بدءً من حكم الفريق عبود مروراً بالعقيد نميري وإنتهاءً بالانقاذ تقديم حلول لمعضلات السودان، وفي الأصل هم جميعاً يشكلون أسباب تعقيدات هذا المعضل ، فإن أقررنا بأنه لا يمكن لهؤلاء جميعاً أو فرادى حل هذه التعقيدات ، فمن يا ترى يستطيعون حلحلتها أو التوافق على ذلك؟! ، المؤكد أن بإمكان الجميع تشخيص العلل ولكن ليس بمقدور حزب بعينه منفرداً تقديم الحلول الناجعة وإلا لكان بإمكان الأحزاب التي حكمت عبر صناديق الاقتراع قد قدمت الحلول وهي في الحكم، ولم تعد هناك إشكالية وجدلية.!!
من المؤكد أن النخب المثقفة والمتعلمة والشباب والمفكرين والفنانين والصحفيين والاعلاميين، والأكاديميبن والتكنوقراط والعمال ورجال الصناعة والاقتصاد والتجارة والزراع ، كل هؤلاء على مختلف مشاربهم ، هم من يجب أن يشارك في التوافق على أسس الدستور الدائم ، والدستور هو عقد إجتماعي يتوافق فيه الجميع على الهوية والحقوق والواجبات ونظام الحكم وفي النهاية يصوعه دهاقنة القانون الدستوري ، والتوافق على مسوغات الدستور هو الخطوة الأولى التي تكرس لحل كل المعضلات لما يصحبه من حوارات معمقة تُرسم خارطة طريق للخروج من المأزق الحالي.
الحاشية:
لاشك أن هناك قوى حديثة برزت وتكونت في هذا المجتمع من رحم المعاناة والتخبط السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وأهمها فئة الشباب وكذلك المستقلين الذين انتبذوا جانباً قصياً بعيداً من الأحزاب التقليدية التي أثبتت فشلها جميعاً على مدي ستة عقود، لذا فمن الضروري بروز قيادات لهذه الفئة تبدأ بالتوحد وتأسيس كيان قومي لها يمكنها من لبدء في إدارة حوار مجتمعي حتى تقدم برنامج يكون متفقاً ومتوافق عليه من قبل الجميع، فالتوافق يقتضي الاجماع في الأهداف والمقاصد.
إن أهم ما كان وما زال يقدح في مصداقية كل الأحزاب القليدية الطائفية والأيدلوجية الثيوقراطية والقومية والجهوية واليسارية هو عدم قدرتها في تجديد جلدها وقياداتها وخطابها وعدم قدرتها للتخلص من الفساد المالي والاداري الذين شابا فترات حكمها ، لذا فالموقف يقتضي التواضع على دستور يكرس لقيم المواطنة وتعميق المباديء الوطنية.
الهامش:
لا بد من تعريف الدولة الدينية – كما ورد في معاجم و مناهج العلوم السياسية- أي الثيقراطية، بضم الياء (أو الثيوقراطية)، تعني حكم الكهنة أو الحكومة الدينية او الحكم الديني . تتكون كلمة ثيقراطية من كلمتين مدمجتين هما (ثيو( وتعني الدين و(قراط) وتعني الحكم وعليه فان الثيقراطية هي نظام حكم يستمد الحاكم فيه سلطته مباشرة من الإله، حيث تكون الطبقة الحاكمة من الكهنة أو رجال الدين الذين يعتبروا موجهين من قبل الإله أو يمتثلون لتعليم سماوية، وتكون الحكومة هي الكهنوت الديني ذاته أوعلى الأقل يسود رأي الكهنوت عليها.
وتعريف الدولة المدنية هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن الإنتماءآت
القومية أو الدينة أو الفكرية. هناك عدة مبادئ ينبغي توافرها في الدولة المدنية والتي إن نقص أحدها لا تتحقق شروط تلك الدولة أهمها أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث أنها تضمن حقوق جميع المواطنين، ومن أهم مبادئ الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر. فهناك دوما سلطة عليا هي سلطة الدولة والتي يلجأ إليها الأفراد عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك. فالدولة هي التي تطبق القانون وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم.
قصاصة:
ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أنها لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. كما أنها لاتعادي الدين أو ترفضه فرغم أن الدين يظل في الدولة المدنية عاملا في بناء الأخلاق وخلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. حيث أن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، كما أن هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.
وسلامتكم....
Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]
//////////