السيسى: خارطة طريق الى قصر الإتحادية !

 


 

 


مظاهرات  الثلاثين  من  يونيو 2013 فى  طول  مصر  و عرضها  كانت  حاشدة  و غير  مسبوقة . و لم  يكن  مستساغا  من  أى  أحد  أن  يشكك  فى  حقيقة  أنها  استفتاء   شعبى   فى  الهواء  الطلق  اعلن  فيه  شعب  مصر  رفضه  لأسلوب  حكم  جماعة  الأخوان  المسلمين  برئاسة  الدكتور  محمد  مرسى . فى  العوالم  الديمقراطية  تغيير  الحكام  المنتخبين  لا  يتم  عن  طريق  حشد  المظاهرات  ضدهم  ثم  ترجمة  تلك  المظاهرات  فى  شكل  قرارات  سياسية  تطيح  المغضوب  عليهم  وتاتى  بآخرين غيرهم  يرسم  لهم  خط   سيرهم   لفترة  زمنية  يحدد  لهم  اجلها . هذا  لا يحدث  فى  امريكا  او   فى  بريطانيا  او  فى فرنسا  او  فى  المانبا   او  فى ى ايطاليا ،  هذه  الواحات  الديمقراطية  المزهرة .  ولكن  هذا  هو  ماحدث  فى  الثلاثين  من يونيو  2013 .  القوات  المسلحة  المصرية ، الجهة  المالكة  للقوة  المادية  الفعلية ،  ممثلة فى  وزير  دفاعها ،  قامت  بترجمة  المظاهرات  الشعبية  الهادرة  الى  قرارات  سياسة  خطيرة  تمثلت  فى  طرد  رئيس  منتخب  انتخابا  ديمقراطيا  نزيها  من  منصبه .  ووضعته  تحت  الحراسة المشددة  بلباس  السجنى كمن  ارتكب  جرما  جنائيا.  ثم  عينت  حكومة  جديدة  ورسمت  لها  خارطة  طريق  تسير على  هداها  فى  فترة  انتقالية  تضع  اثناءها   دستورا  جديدا . وتجرى  انتخابات لاختيار برلمان  جديد عوضا عن  البرلمان  الذى  اقيل  بالتزامن  مع  الرئيس  المنتخب .  وزير  الدفاع ،  وببيان  عربى  فصيح، طمأن  شعبه  بأن  قواته   المسلحة  ومنسوبيها  جميعا  زاهدون  فى  السلطة  ، وكذلك  وزير دفاعه . وأن  الترتيبات  الاستثنائية   المتخذة  الهدف  منها فقط  الحفاظ  على  أمن  الوطن  والمواطن . و أن  مفاتيح  البلد  سوف  تسلم  الى  الذين  سوف  ينتخبهم  الشعب  بحر  ارادته. الى هنا  لم  يكن  فى  الامكان  احسن  مما  كان . و بالفعل  بدأت  الادارات  الجديدة  مباشرة  اعمالها  فى جدية  اوقفت ازمات  شح  الطاقة  وتفلت  اسعار السوق . واسعار النقد  الأجنبى.  وبدت و كأنها  ملكت  عصا  موسى  النبى الكريم .  وصارت  كل  الأمور  تسير  سيرتها  الأولى  بتناغم  ملفت   للنظر. و بدا  الأمر غريبا  ومريحا  لعامة  الناس و خاصتهم  نفس  الوقت . الجميع  سعدوا  به  ولم  يفكروا  فى  الخوض  فى  ما وراء  ذلك . ثم  بدأت  بعض  الظواهر الملفتة  للنظر  فى  الظهور : مجموعات  من غمار الناس . من  الذين  هم  لا  فى  عير  السياسة ، و لا فى  نفيرها ، اخذت  تخرح  الى  الناس  فى  الطرقات  العامة ، وفى  مكاتبهم ، و فى  اسواقهم ، وتقدم  اليهم عرضحالات ،  وتطلب  اليهم  التوقيع  عليها . وتقول  تلك  العرضحالات ،  فيما  تقول أن  الموقعين  عليها  يريدون  أن  يتولى  قائد  الجيش ،  الذى  هو  الفريق  السيسى  ، أن  يتولى  رئاسة  الدولة  و حكم  البلد  بما  يرى ، وتزكيه  الى  هذا المنصب وطنيته  التى لا خلاف  حولها  بزعم  تلك  العرضحالات .  نجاح  ذلك  المسعى  يعنى  الغاءا  صريحا  لخارطة  الطريق  التى  رسمها  الفريق  السيسى  نفسه  ، و بخط  يده ،  و قرأها  على  الشعب  فى  خطاب مشهود  فى  الثلاثين  من يونيو 2013 .  لم  يعترض  أحد  على  تحركات  ونشاطات   تلك  المجموعات  التى  اخذت  تترصد  المارة  فى   الطرق  والمنعطفات  و تدعوهم   الى  تزكية  طلبهم  باستلام  الفريق  السيسى  للسلطة. كان  السكوت  على  ما تقوم  به  تلك  المجموعات  ،  او  عدم  زجرها ، كان تمهيدا مكشوفا  لشئ  آت  فى  الطريق . كل  من  هبّ  ودبّ  صار  يحمل  عرضحالا  فى  يده  ويطلب  من  الناس  التوقيع  عليه  لتأكيد رغبة الشعب  فى  ايلولة  الرئاسة  الى  الفريق السيسى  ، لا  الى  أحد  غيره. انكشف  المستور  اخيرا  وبدا  الأمر مرتبا . ثم  بدأت عملية  التلميع  الضرورية . كثرت  لقاءات  الفريق  الصحفية.  وكثرت  مداوراته  عن  اسئلة  الصحفيين  المحرجة  هل  يقبل   منصب  الرئيس .  وتأتى  الاجابات  غامضة  من  نوع " الوقت  لم  يحن  لمثل  هذه الاسئلة .  أو  من  نوع " كل  شئ  فى  وقته ". ولكن  لا نفى  و لا اثبات .  أما  الحديث  السابق عن  الزهد  فى  السلطة  فلم  يعد  له  مكان  فى  الاعراب .  ثم  فجر  الفريق  قنبلة  الموسم  حين  اخبر  احدى  الوسائط  الاعلامية  عن  رؤيا  رآها   فى  منامه  بأنه  صار رئيسا  لمصر.  ثم  ظهرت  دعوات  حميمة لاجبار  الفريق  بقبول  المنصب  بالاوامر  العسكرية اذا  رفض  الرجل  قبول  طلب  الشعب  بالتى  هى  احسن . لقد سلك  الفريق  طريقا  دائريا  طويلا  لكى  يصل  الى  هدفه   غير  المعلن   الذى  هو  الوصول  الى  قصر  الاتحادية  أو  قصر  القبة  او  قصر  عابدين . أى  قصر  من  قصور الفراعنة  القدامى  يلبى الطلب .  مسكينة  الشعوب  العربية .   يتحدث  حكامها باسمها  بدون  إذنها  وهى  صامتة  لا تستطيع  أن  تقول  بغ! مسكينة  واالله  العظيم .
alihamadibrahim@gmail.com

 

آراء