الإحالة للمعاش والطالح العام

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
وجهة نظر


إن سنة الخدمة  إن كانت في الجانب المدني أو في القوات النظامية لها  قوانين وأسس ولوائح يتدرج فيها الموظف أو النظامي  بحسب القانون الذي يخضع له ، ولهذا فإن هنالك سنا  قانونية للمعاش الإجباري وفي بعض الحالات هنالك سن للمعاش الإختيار أو تقديم الإستقالة أو  المعاش لإسباب صحية أو  أسبا أخري تتعلق  بأداء الوظيفة أو الإنتداب لمصلحة أخري .
إرتبطت الإحالة للمعاش في ظل الأنظمة الدكتاتورية  بتصفية حسابات وإحالة المعارضين للنظام وإن كانت  كفاءتهم وخبراتهم هي  من الكفاءة التي تجعل إستمراريتهم فرضا واجب النفاذ،ولكن التمكين لإهل الولاء والمصارين البيض أعمل   الطالح العام في الخدمة المدنية والقوات النظامية فأحالهم في بداية عهد الإنقلاب بالآلاف وتم التمكين لإهل الولاء  حتي من دون كفاءة أو مؤهلات أو خبرات وهذا ما دعا السيد رئيس الجمهورية لِيُعلن أن عهد التمكين و أولاد المصارين البيض قد إنتهي، ولكن بعد ماذا؟ خراب السودان وخدمته المدنية وإنتشار الفساد والمحسوبية وتولية الأمر لغير أهله  فتدهور الحال في جميع مرافق الدولة.
ذكرت  كثير من أحاديث المدينة أن عددا مُقدرا من ضباط جهاز الأمن قد تمت إحالتهم للمعاش وإرتبطت هذه   كأنها تصفية حسابات بين فئتين أو  كأنها ردة فعل لما يدور في الساحة السياسية اليوم  من تغييرات بعد خطاب الوثبة.
نعلم أن المعاش هو جزء من التدرج في الخدمة مهما طال  زمن البقاء وعلو المرتبة فلابد من يوم  وتصبح تُضاف إليك صفة  معاشي وتحتاج لكرسي وثير أمام  باب الحوش ومعك خرطوش ماء لرش  الشارع وسقاية الزهريات وكترة المراسيل،
إن بلوغ سن المعاش ليست هي الحكم بالموت وإعدام  تلك الكفاءات، ولكن هي مرحلة لها  ما بعدها  من الإستفادة من تلك الخبرات  والكفاءات في كثير من مصالح الدولة وغيرها، وليس بعيدا عن الأذهان  حادثة المرحوم محمود شريف وقد جاءه كشف الإحالة للصالح العام وبه خيرة المهندسين فأضاف إسمه لإول الكشف  قائلا إن هؤلاء المهندسين  لاتسمح كفاءتهم وتجردهم بإحالتهم للصالح العام، فهم  وطنيون خلّص يخدمون الوطن بتفاني ونزاهة  وكونهم ضد الإنقاذ فهذا لايعطي الحق لإي جهة لإحالتهم للطالح العام وأنا أولهم إن  ذهبوا، فكان له ما أراد وبقوا في عملهم وقد كانت فترته  من أميز الفترات في الكهرباء لأنه يدرك أن الولاء ليس  هو كل شيء ، بل  الكفاءة والخبرة والتجرد والوطنية والإخلاص والتفاني في العمل هو واجب تمليه القيم والمثل  والمباديء والولاء  الحزبي لامكان له في الخدمة المدنية أوغيرها ، بل الولاء للوطن  من بعد الله.
إن إحالة هذا العدد  ليس كبيرا مقارنة بما تم  في أيام التمكين الأولي وإحالة المئات  يوميا في ذلك الزمن ، ولكن سنة الحياة تدور  وأكل جناها صار واقعا مُعاشا وهي نفس الكأس تدور أو تلك الحفرة لابد من  الوقوع فيها، فسنة الله باقية في أرضه إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها .
ترى مصادر قريبة لمواقع القرار أن الإستغاء عن هذا العدد الضخم من الضباط من مؤسسة في درجة حساسية جهاز الأمن لا يمكن تصوره إلا في إطار الصراع الداخلي للمؤتمر الوطني الذي ترتّب عليه إزاحة أعمدة النظام أمثال على عثمان، و نافع علي نافع، و عوض الجاز، و أسامة عبدالله، و  كمال عبداللطيف، و غيرهم من مواقعهم المتقدمة في أجهزة الدولة و الحزب. و تقول المصادر ذاتها إن جلّ الذين إحيلوا إلى التقاعد أو الصالح العام في هذا الكشف هم من أنصار  هذا أو ذاك. فنار العنصرية تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، و البتسوي كريت في القرض تلقاه في جلدها.
إنها سنة الحياة وسنة الخدمة  مدنية كانت أو نظامية أن يصل بك الزمن إلي مداه فتصبح لتُمسي من أرباب المعاشات شئت أم أبيت بغض النظر عن العمر والكفاءة والخبرة في ظل نظام شمولي   ليس فيه مكان لخبرات وكفاءات ، بل كما قال السيد الرئيس إن ما مضي من زمن كان الولاء فيه هو سيد الموقف وقد تولي أولاد المصارين البيض مقاليد كل شيء،  ولكن هل نصبح لنمسي ونجد أن ذلك كان ضربا من الماضي وأن الخبرة والكفاءة  هي المحك؟؟ هل نصبح لنمسي لنجد أن دولة الحزب قد تفككت  وأصبحنا في دولة الوطن حيث تحكمنا القيم والقوانين والنظم والجميع سواسية أمامها حقوقا وواجبات؟ غدا لناظره قريب
ملحوظة: قامت الدنيا ولم تقعد بما في ذلك سفارتنا في السهودية كردة فعل لما فعله ذلك المواطن السوداني وأمانته ونزاهته، هي ليست ظاهرة لِتُقام لها الإحتفالات والتكريم، إنها قيمنا وموروثاتنا التي توارثناها أب عن جد، هل فقدناها  في هذا العهد الذذذذذي إستمر جاثما علي صدر الشعب السوداني لمدة ربع قرن؟ هل نُقيم الإحتفالات بسبب أن ذلك المواطن قام بواجبه؟  إنها فطرتنا  التي فُطمنا عليه بعد أن رضعناها من ثدي قيمنا وتقاليدنا وأخلاقنا السودانية حيث  كُنا  شهامة وفحولة ونخوة  وعشا البايتات ومُقنع الكاشفات وفارس الحوبة، علينا أن نُقيم سرادقا للعزاء لما إندثر من قيم ومثل ونخوة وأخلاق وما نسمع به  اليوم  ونقرأه من مآسي وإنحدار لإخلاق كانت هي  عنوان السوداني إينما حل ، علينا أن نجلس ونتفاكر لماذا نري أن أمانة هذا المواطن كأنها  ظاهرة؟ لماذا لا نتفاكر  في أسباب إنحدار الأخلاق لدرجة أننا نري أن الإختلاس هو فهلوة وشطارة، وأن الصدق والأمانة  عوارة وبلادة؟؟؟ هذا هو المحك!!!!

sayedgannat7@hotmail.com

 

آراء