لقد ثكلت الأغاني المتكأ
د. حسن بشير
15 April, 2014
15 April, 2014
من الصعب كتابة كلمات في رثاء محجوب شريف ، هذا الانسان البسيط العادي، لكنه النفيس اكثر من اندر الجواهر. لقد جعل محجوب من الشعب مرجعية له، كما جعل الشعب مرجعية للاشياء، للثورة، للنضال، جعله مرجعية للمجد، للحب وللغناء "جميع الاغاني اتكالن عليك". احب محجوب الشعب فتكلم بلغته التي يفهمها ويستريح لها، لكن الحب لم يكن من طرف واحد وانما حب متبادل لدرجة الوله والترقب، كما ان اللغة علي بساطتها كانت عميقة مجسدة لكل آلام الناس وتطلعاتهم.
كان محجوب نفيسا مخالفا في ذلك المتنبي في قوله :
" ..وهكذا كنت في اهلي وفي وطني - ان النفيس غريب حيثما كان..."
الا ان محجوب لم يكن غريبا اينما كان، بل كان قريبا من الجميع ، هكذا كان محجوب في اهله، في وطنه، وسط اصدقائه ورفاقه ومع اسرته.
لم اعرف محجوب عن قرب معرفة وثيقة، اذ التقيته مرات قليلة في مجموعة من الناس وفي تجمعات عامة، اضافة بالطبع لقراءة اعماله والاستماع للمغني منها في العلن وفي السر، لكن كان ذلك كافيا للادراك بانه ظاهرة انسانية بحتة، خاصة بالمعاني الانسانية السامية ، تلك الانسانية التي لا تحدها ابعاد الزمان والمكان علي مر التاريخ وتعاقب الاجيال.
كان ظاهرة ثقافية، فنية، اجتماعية، سياسية تربوية، ظاهرة متفردة في كل تلك المعاني والقيم ، ممتلئة بالحب والجمال والسحر الانساني ، مليئة بالابداع وثراء الروح.
العزاء للشعب السوداني الذي عاش محجوب به ولاجله وسيخلد الي الابد في وجدانه، في دروب نضاله من اجل التقدم الاجتماعي والكرامة الانسانية، سيكون رفيقا لشعبه في صباحاته المشرقة ولياليه المظلمة ، في شقائه وفي رفاهه ، لقد امتذج محجوب بالشعب حتي اصبح من الصعب ان تعرف اين يبدأ هذا والي اي مدي يمتد ليبدأ الاخر مكملا له. العزاء للاغاني والاناشيد التي ثكلت فيه متكأها.
العزاء لرفاقه وأصدقائه، لأهله ولأسرته، ولا يسعني في سيرة محجوب الا ان اعود للمتنبي مرة اخري في قوله:
" ...قد شرف الله ارضا انت ساكنها - وشرف الناس اذ سواك انسانا .."
drhassan851@hotmail.com
////////////