السد العالي وظلم ذوي القربى!!

 


 

 




-          في كثير من الأحيان  تأخذني الدهشة والعجب لكي أصفق كفٍ بكف ، خاصة حينما أتأمل في حجم الدمار الذي ألحقه السد العالي بالسودان وكأن على السودان أن يدفع (جزية) العلاقة الأذلية بين شعبي وادي النيل عن يدٍ وهو صاغر ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل يتعداه ، إلى تلك النظرة الدونية التي ينظر بها أشقاؤنا في شمال الوادي لنا ، والتي تثير فينا روح التندر والسخرية منهم ، فهم لا يدركون أن السوداني - هذا الانسان المتصوف الطيب -  يتمتع بروح دعابة وسخرية عالية ، ولكنه يحيطها بسياج لهجته السريعة فلا يتنبه لها إشقاؤنا!! ، فيتداولها فيما بينه دون أن يكتشف للطرف الآخر عن هذه السخرية حفاظاً على مشاعره خوفاً من أن تجرح،  بينما أشقاءنا لا يجدون غضاضة في السخرية من وصفنا بعم عثمان السفرجي والبواب ، دون أن يدركوا أنه في العهد الملكي حينما كانت تستعمر مصر وانجلترا السودان ، أي في فترة الحكم الثنائي وأيام ما كان يطلق على الملك " ملك مصر والسودان" ، كان ملوك مصر لا يأتمنون إلا السودانيين على طعامهم وشرابهم لما عرف عن السوداني من أمانة ووفاء لا يعرف الغدر !!

-          على كل حال هذه مقدمة هامشية ، ولندخل في صلب الموضوع، شخصياً حينما يلتبس أو يستشكل عليّ  أمر تجدني أهرول باتجاه ضديقي الدكتور سلمان محمد سلمان الخبير الدولي في شئون المياه والانهار والسدود ، هذه المرة  كنت استجلي منه  حقائق علمية وفنية عن احجام السدود المقامة على الانهار  في منطقتنا!!

-          وجاءت الاجابات في شكل حقائق علمية وفنية  ولعلي لا أقتطف كالعادة من رسالته التي جاءت رداً عن تساؤلاتي بل أنشرها كاملة لأهمية المعلومات التي تتضمنها من شخصية علمية  وخبرة دولية  لا يساوزني أدنى شك في تجرده عن الهوى والغرض من باب " العلم بالشيء ولا الجهل به" وما نملتلك من معلومات هي حق أصيل للقاريء  على الكاتب الذي يجري ويلهث من أجل أن يضع الحقائق أمامه .. وإليك – القاريء العزيز نص الرسالة":

[ عزيزي الأخ الدكتور أبوبكر

تحية طيبة ورمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

من المؤكد أن السد العالي كان مثار إعجاب العالم العربي والأفريقي وكذلك العالم الثالث عندما تم البدء في بنائه عام 1960. وقد نجح الرئيس عبد الناصر في إبرازه كانتصار على الغرب ونجاح لكفاح العالم الثالث ضد هيمنة امريكا وأوروبا. غير أن الغبار انزاح بسرعة عندما اكتشفنا حجم الكارثة التي ألمت بالسودان من جرائه. فكما ذكرت في المقال:

"لقد كانت آثار السد العالي كارثيةً بصورة كبيرة على السودان الذي فقد أكثر من 200,000 فدان من الأراضي الزراعية الخصبة، وأراضي أخرى ضخمة كان يمكن استصلاحها للزراعة، وأكثر من مليون شجرة نخيل وحوامض في قمة عطائها. وغرقت في بحيرة السد العالي مدينة حلفا و27 من قراها، وآثار لا تقدر بثمن، وشلالات كان يمكن أن تولّد أكثر من 650 ميقاواط من الكهرباء. وتمَّ الترحيل القسري لأكثر من 50,000 نوبي سوداني إلى أراضي رعيٍ لا تصلح كثيراً للزراعة. ولم يستفد السودان حتى بميقاواط واحد من كهرباء السد العالي.كما أن التبخّر والتسرّب في بحيرة السد العالي وحدها يستهلكان سنوياً أكثر من عشرة مليار متر مكعب من مياه نهر النيل المحدودة أصلاً."

السد العالي ينتج 2,200 ميقاواط من الكهرباء، بينما يُتوفّع أن ينتج سد النهضة حوالى 5,000 ميقاواط

التبخر في السد العالي حوالى عشرة مليار متر مكعب من المياه سنويا، بينما لن يزيد التبخر في بحيرة سد النهضة عن مليار متر مكعب واحد فقط

السد العالي نتج عنه ترحيل أكثر من 120,000 نوبي مصري وسوداني، بينما لا يزيد عدد المتأثرين من سد النهضة عن 5,000 شخص

السد العالي كان أكبر سد في أفريقيا عام 1960، لكنه فقد هذه الصفة منذ فترة، فهناك أكثر من عشرة سدود في أفريقيا أكبر من السد العالي. وسوف يكون سد النهضة عند اكتماله أكبر سد في أفريقيا والعاشر في العالم

آمل أن تكون إجابتي هذه مفيدة

مع خالص الود

أخوك

سلمان ] ... انتهى

-          هل ترى قدر لنا أخوتنا في شمال الوادي حجم هذه التضحيات التي تعادل حجم مساحة حلايب السودانية المغتصبة ؟! .. لا أريد أن يخرج علينا أحد من شمال الوادي ليقول لنا بذات الصلف والعنجهية بأن حلايب مصرية ، وعندها سأطرح عليه  سؤال : هل كانت حلفا مصرية؟!!.. وفي النهاية نتساءل من يحدد سودانية أو مصرية  حلايب.. أليس  هو  محكمة العدل الدولية ، وما الخوف من أن تتراضى الدولتان على التحكيم الدولي مثلما ارتضت مصر مبدأ التحكيم مع اسرائيل؟!! .. عموماً لن يموت حق وراءه مطالب ، إن عاجلاً أم آجلاً !!

قصاصة:

-          عندما زار المشير السيسي الخرطوم في طريق عودته من المؤتمر الافريقي شاعت اشاعات بأن السيسي جاء لتهديد السودان أنه لن يتهاون ولن يتغاضى عن أي تهديد لأمن مصر يأتي من الحدود السودانية ولم تخرج أي ألسنة اعلامية مصرية بعد أن سربت هذا الخبر لتنفيه أو تؤكده ..أما الخارجية السودانية فالعادة ( أضان من طين وأضان من عجين) وكأن الأمر لا يعنيها..

بس خلاص ، سلامتكم،،،،

zorayyab@gmail.com

نقلاً عن جريدة الصحافة

 

آراء