"إن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" النحل 125 مفهوم المهدى فى النحو واللغة: عبارة المهدى ذات اوجه اشتقاق اربعه: المًهدى (بالفتح) هو المهتدى فى نفسه بغير هداية غيره وإلا كان بالضم . وهداه يهديه هُدىً وهداية ً إذ دله على الطريق. ولكن اهديت الهدية إهداء واهديت الهَدْى . والمهدى بمنزلة اسم زمان ومكان وان كان اسم علم لأن المراد موضع الهدى ومحله. ويجوز ان يكون المهدىَ منسوبا إلى مكان الهدى والقياس هدى يهدى والمكان مهدى ٌ بتصحيح الياء . وفى النسبة إليه مهدِّ ى على وزن فاعل (بكسر الدال وتشديد ياء النسبة) ؛ وان كان الأشهر مهدوىّ ( ياقوت الحموى: معجم البلدان ج5 .ص 266) . ولدى النحويون المهدى اسم مفعول من هدى يهدى فهو مهدىُ مثل ضرب يضرب فهو مضروب . فالاصل الاشتقاقى مَهْدُوىٌ ولكن لثقل الخروج فى الواو الساكنة إلى ياء ادغموا الواو فيها فصارت مشدّدة فكسرت لها الدال فصار مهدى مثل مرمى ومعلى ومسَوى. واما الوجه الآخر ان يكون منسوبا إلى المهد تشبها بعيسى بن مريم (ع ) لفضيلة إختص بها وهى الكلام فى المهد. والمهدى يأتى فى آخر الزمان فيهديهم من الضلالة ويردهم إلى الصواب. (م. سابق ص 266). وقال الشيخ محمد بن احمد السفارينى الحنبلى فى كتابه ( لوائح الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية لشرح الدرة المضيئة فى عقد الفرقة المرضية ص 9 ) ان كعب الأحبار قال انما سمى المهدى لأنه يهدى إلى امر خفى وسيخرج التوراة والانجيل من ارض يقال لها انطاكية حسب ما اخرجه ابونعيم فى الفتن.
فعل هدى فى القرآن : لم ترد عبارة " مهدى " فى القرآن بخطاب العين مثل " يا آدم " او " يا موسى انى انا الله " و" ياداؤد إنا جعلناك خليفة فى الارض" ولكن فى صيغة مؤشرات واشارات واردة فى القرآن احصاها ابن عربى فى كتابه عنقاء مغرب وفى غيرها مما قام بتأويله ائمة الشيعة وسنعود لها فى موضعها . اما الآيات الواردة بعبارة هدى ومشتقاتها نذكر منها بإيجاز التالى: "اهدنا الصراط المستقيم": بمعنى الثبات ؛ "على هدى من ربهم": بمعنى البيان ؛ "فأما يأتيكم منى هدى": بمعنى ابتعاث رسول او نبى "اولئك الذين هدى الله فبهداهم إقتده": اى بهدى السنه ؛ "إن الله لا يهدى كيد الخائنين": بمعنى يصلح اصلاحا؛ "ولكل قوم هاد" : بمعنى الدعاء ؛ "اذ جاءهم الهدى": والمقصود القرآن ؛ " ان نتبع الهدى نتخطف من ارضنا ":والهدى المقصود هنا هو التوحيد ؛ " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى" : يعنى الإيمان فى حالة اصحاب الكهف ؛ "ولقد آتينا موسى الهدى:" أى التوراة ( انظر تفاسير القرآن ؛ انظر إبن الجوزى ؛ المدهش)
المهدى فى تأويل آى القرآن: قال الشيخ ابوعبدالله محمد بن يوسف النخعى الشافعى فى البيان فى أخبار صاحب الزمان الباب 25 ( الشيخ نجم الدين جعفر بن محمد العسكرى ؛ المهدى الموعود والمنتظر عند علماء اهل السنة والامامية؛ ص 238 ؛ 349؛ 352) قال سعيد بن جبير فى تفسير قوله تعالى " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" الآية 33–التوبة ؛ قال: هو المهدى من ولد فاطمة (ع). وقال مقاتل بن سليمان ومن شايعه من المفسرين فى تفسير الآية "وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم" الآية 61 الزخرف قال : هو المهدى يكون فى آخر الزمان وبعد خروجه يكون إمارات ودلالات الساعة وقيامها" . ويورد الطبرى فى تفسيرالآية " ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها إلا خائفين لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الآخرة عذاب عظيم" الآية 144 –البقرة. ان السدّى قال ان هذا الخزى الدنيوى سيحصل عند مجىء المهدى وتفتح القسطنطينية ويقتلهم المهدى. وروى القرطبى عن قتادة والسدى بأن لهم فى الدنيا خزى إشارة إلى ظهور المهدى وفتوح مدن عظيمة مختلفة للمشركين؛ وأشار إبن كثير إلى ان الخزى الوارد فى الآية رواية السدى عن عكرمة ووائل بن داؤد بأنه يشير إلى مجىء المهدى ؛ كما أشار الامام الشوكانى إلى ان الخزى المعنى فى الآية سوف يحدث عند ظهور المهدى وقتله لهم بعد الفتوح. وفى نور الأبصار ذكر الشيخ سيد الشبلانجى بأن مقاتل ابن سليمان واتباعه فسروا الآية –وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم –الآية 61 –الزخرف بأنها إشارة إلى المهدى الذى سيجىء آخر الزمان وبعده تظهر علامات الساعة.
المهدية الصغرى والكبرى: يقسم ابن كثير المهدية بوصفها متصلة بخلافة الخلفاء الراشدين المهديين التى تكون فى آخر الزمان إلى قسمين:(البداية والنهاية ص...) .المهدية الصغرى: ويعبر عنها مهديون راشدون قبل ظهور المهدية الكبرى وهى مقترنة بعلامات الساعه الصغرى. المهدية الكبرى: والمهدى الاكبر هو آخر هؤلاء المهديون الراشدون). وانهم من اشراط الساعه الصغرى. ويقترن ظهورهم بعالم الشهاده ويخضع بالتالى- لحتميه السنن الالهيه التى تضبط حركته- ، فلكل زمان مهديه صغرى . ويدل على هذا ان مصطلح المهدى في العصر الاول للاسلام استخدم بمعنى من هداه الله تعالى فاهتدى قال (ص)"عليكم بسنتى وسنه الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى" . وكان التابعون يطلقون على عمر بن عبد العزيز مهديا وامام الهدى. ونجد سليمان بن صرد قد وصف الحسين بانه المهدى ابن المهدى. (دراسه الفرق الاسلاميه، ص 401) . وممن تنطبق عليهم صفه الهداية العامة فى اعلي درجاتها الخلفاء الراشدون( رضي الله عنهم) ، ومنهم عمر بن عبد العزيز الذي اجمع العلماء انه خامس الخلفاء الراشدين ،. الفنومنولوجيا وتجليات الوعى البشرى فى التاريخ: وفقا لرؤية فردريك هيغيل فى كتابه- فنومنولوجيا الروح- فإن علم الفنومنولوجيا او الظواهر يدرس تجليات الروح- الوعى البشرى- عبر التاريخ ؛ ومن خلال تعاقب المراحل منذ أقدم العصور الى العصر الحاضر؛ وفنومنولوجيا الروح لدى هيغيل تعنى الوعى /العقل/ الفكرالبشرى وعلم المظاهر والظواهر الدينية والفكرية والايدولوجية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية المحيطة بها . لا بد من منهج او مقاربة يتم من خلالها فهم فكرة/ظاهرة/ ايدولوجيا/ المهدوية فى تاريخ الاسلام ؛ وتسليط الضوء على كيفية تمثلاتها ومن إدعوها فضلا عن رد ة فعل مسلمى عصرهم تجاه اولئك المتمهديين. وهل وجد من بين من عاصر تلك الدعوات والادعياء فقهاء ؛ وهل كانوا ضمن نخبة المصدقين؟ وهذا المنهج بإعتقادى كفيل ببلورة مفاهيمية عملية بجانب نصوص الاحاديث المتعلقة بالمهدى فى الصحاح لإضاءة ماضى الدعوة المهدية والتى شغلت جمهرة المسلمين عبر الحقب والاعصار؛ ومنهم من اعتقد بصحتها؛ ومنهم من انكرها مثل الشيخ حسن الترابى مؤخرا؛ ومنهم من اعمل فيها نقدا وقدحا مثل عبدالرحمن بن خلدون ولكنه انتهى إلى الاقرار بها فى كتابه العبر. والمهدية بحسبانها وعدا رسوليا ورساليا متصل بتجديد الدين منطو فى مستقبل الحقب الزمنية الالفية حتى موعد الظهور؛ فلا بد له من برهان ومؤشر يقاس به حتى لا يؤدى إلى فتنة دينية او يحتقر شأنها وينكر مثل ما ذهب الى القول الشيخ حسن الترابى الذى انكر المهدية جملة واحدة -كما أنكر الديمقراطية السودانية فأنقض عليها بليل- بدون ان يقدم لنا اسانيده سوى التهكم الساخر وهو رجل القلم والفكر. وكيفية فهم تجربة السابقين لأحاديث المهدى لا سيما الذين خرجوا بوصفهم مهديين والمجتمعات التى خرجوا فيها منافحين عن امر الدين امر مهم وموضوعى كذلك . وترك مسألة صدقية امر المهدى لنص الأحاديث فقط انتقده الامام محمد احمد بن عبدالله المهدى نفسه بقوله ان الاحاديث فيها الموضوع والمقطوع والموصول ولذلك قال للسائل ان مهديته موجودة فى الآية - ولا يحيطون بشىء من علمه- اى ردها إلى القرآن مثل الشيخ ابن عربى فى كتابيه عنقاء مغرب والفتوحات المكية. ولذلك تغدو مسألة التوصل إلى معيار لفهم المهدوية فهما موضوعيا لو امكننا ذلك ثم محاولة نظم اسس حوكمة مهدوية بموجبها تتم المقاربة الراهنة لمهدية محمد احمد بن عبدالله الحسنى السودانى قد يكون مفيدا فى فهم مهديتة التى لم تتقيد بعلوم المتقدمين ولا بأفانين الفقهاء والوّقاتين ؛ ولا برهانات الطامعين المؤملين فى خروج المهدى من بين ذررايهم ولا بأمانى المعطلين الذين تكاسلوا عن قبول الإحياء الدينى متطلعين إلى مهدى اسطورى يبعث من بين يديهم. ويبدو ان مقولات ؛الشيخ ابن عربى بأن علم المهدى كعلم الساعة ولا يعلم امرها الا الله؛ والشيخ العارف بالله احمد الطيب البشير؛ بخروج المهدى من جهة لا يعرفونها وعلى حال ينكرونها قد تصدق على توضيح مهدية محمد احمد . وهى مثال رائد لعدم تقيد علم الله المطلق بعلم البشر النسبى والمحدود. وتطبيق المنهج الفنومنولوجى فى هذا الصدد وفى حده الادنى يعتمد على إستنطاق مواقف الذين شاركوا فى بلورة مهدية متمهدى ما ؛ والبحث عن الفعل المعنى وتحليل المواقف والنصوص الشخصية إن وجدت بهدف التوصل إلى دلالة المعلومات والتقاط المعانى من النصوص واستنطاق الناشطين فى امر المهدية وحقيقتها وتمثلاتها التاريخية وكيف تطلع المسلمون عبر الاحقاب الى تحقق الوعد الرسالى النبوى بخروج المهدى ؛ بحسبانه بوابة الولوج الى زمن جديد تتلقى فيها النظم المكرسة للظلم والظالمين ضربة قاصمة الظهر؛ وما شاب ذلك الترقب من ولع مشبوب بالفكاك والانعتاق واشواق غايتها التحررات الكبرى من القبضة الكلية والهيمنة الشاملة للظلم والقعود الدينى عبر النهوض بآلية السيف والسنان لمدافعة ومباغتة القهر السياسى والظلم الاجتماعى والعسف الاقتصادى. الاشواق والبواعث المنداحة عبر انبساط الزمن بلغت مرحلة تحول فيها وعد المهدية الرسالى إلى ايدولوجيا غذتها فترة الانتظار الالفى الطويلة والمحن والاحن التى حلت بمجتمعات المسلمين وما ادت إليه من إنطواءات وما القته تلك المكابدات من تدخلات سلطوية بهدف تحوير وتبديل فكرة المهدية التى أضحت لازمة يعارض بها المجتمع المسلم جلاديه الذين حاولوا بجد احتياز الوعد الرسولى وجعلوه ارثا بيولوجيا واسرويا ؛ وتعاقبية سياسية كما توضح دراسة تاريخ المهدية. ويبدو انه كلما استحكمت اوليغارشية دينية او دنيوية على رقاب المسلمين إشرأبت الارواح تطلعا إلى المهدى مقيل عثرة المظلومين والمبلور لآمال المستضعفين والمقاتل الشرس لإحياء الدين ورده إلى نبعه الاصيل وإزالة الركام الوضعى عن سنة النبى ص والتى هى زبدة سنن الانبياء والمرسلين وبوصفها المنهاج الراجح على غيره والشرعة الخاتمة التى لا يعقبها رسول او نبى. والمهدية وعد رسالى نبوى صادق ونبوءة كونية اندست فى أكناف الدهور والحقب منطوية على ابهام لحقها جراء سنى الانتظار الطويل حتى يأس من يأس من تحقق الوعد الصادق وما يزال ينتظر تحققه من ينتظر ممن أبى مهدية محمد أحمد لمجرد كونه سودانى! وبقراءة متون الأحاديث نجد ان فكرة المهدى قد تحولت من وعد بسيط بإقامة دين الله وإحياء الكتاب والسنة ونصب العدل؛ إلى يوطوبيا خارقة بحيث يكون فى وسع المهدى الخاتمى خوض الحرب الشاملة او الكونية وفق بعض التصورات ضد جحافل الكفر؛ وبذا يكون المهدى للذين ينتظرون خروجه أشبه بشخص مؤزر بالمعجزات لا سيما ان قراءة للواقع الدولى الراهن ومستوى تقدمه التقنى يقتضى إن خرج المهدى غدا؛ ان يمتلك سر إيطال هينمة التكنولوجيا والسلاح المتقدم بما فيه طائرات الدرون الامريكية ؟؟ وتحالف اوربا بشقيها القارى والاطلسى (الولايات المتحدة الامريكية) وحلف الناتو العسكرى والترسانة النووية الاسرائيلية. والحال هذه اننا لا نعتقد بان المهدى منتظرا كان ام منتصرا سوف يلقى دعما من منافسى هذا المعسكر الأوربى المتمثل فى الصين وروسيا؛ او من دول الاسواق الناشئة فالراجح ان يوحد خروج هذا المهدى كل العالم العلمانى والوثنى ضده؟ وهل سيأتى المهدى بمعجزه لم يؤتها الانبياء والمرسلين من قبله؟ واذا ظهر المهدى بين الركن والمقام فلا احسب ان مصيره سيكون أفضل من مصير المتمهدى جهيمان العتيبى؟ وان خرج ببيت المقدس فإسرائيل متربصه ومن ورائها 250 رأس نووى؟ فى كلا الموضعين؟ وهاهى الشام تحترق وتندك مساكنها على رؤوس ساكنيها وكأن السوريين احجار جوامد وليسوا بشرا ومصر تنشطر أفقيا بين الاخوان المسلمين ومن شايعهم وبين محازبى العسكرية الشعبوية وشباب متطلع إلى استرداد الثورة المسروقة والسودان يحتضر من مطارق الاسلاميين وأرضه الكبرى قسمتها امريكا شطرين متحمسة مستنفرة خطايا الاسلامويين وحربهم الجهادية فى جنوب السودان وماأهريق من دماء ثم ابدت أسفها لفعلتها. ولقد تم بمخطط محكم تدمير كل الامكانات والطاقات الفدائية لأمة الاسلام من افغانستان مرورا بمصر والشام والمغرب الاقصى انتهاء بغرب القارة الافريقية تحت ستار مقاومة الارهاب حتى لكأن الارهاب نبتة مسمومة لا تنبت إلا فى ديار المسلمين! ان هذه الإبتلاءآت كفيلة ان تدفعنا دفعا لفتح ملف مهدية محمد احمد بن عبدالله ومحاولة اعادة قرائتها بحيث نبتدر الحوار مجددا حول عصرها ودورها ونحاول الاجابة على من طرح السؤال بحسن نية او بسوء طوية؛ هل كان المهدى السودانى مهدى الله الموعود به فى الحديث النبوى-المهدى الاكبر- ام قصرت مهديته عن المهدية المتخيلة او المنتظرة او المشار إليها فى الاحاديث النبوية فوقفت مهديته لدى مرتبة المهدية الراشدة او واحدا من المهديين الرواشد الذين اشار إليهم ابن القيم فى قوله " فالمهدي إلي جانب الخير والرشاد كالدجال في جانب الشر والضلال كما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون"( المنار المنيف،ج1،ص 298 ) . أحاديث المهدى: ساهم فى تخريج الاحاديث المتعلقة بامر الامام المهدى طائفة كبيرة من العلماء والفقهاء منهم الإمام أحمد بن حنبل، والطبراني، وأبو يعلى، والبزار وعبد الرازق الصنعاني، وابن أبي شيبة، وأبو نعيم بن حماد، والترمذي، والحاكم، وأبو داود. وضمت القائمة كذلك جماعة من الأئمة منهم: أبو داود؛ ؛ وابن ماجة؛ والبزار؛ والحاكم؛ والطبراني؛ وأبو يعلى الموصلي؛ وأسندوها إلى جماعة من الصحابة ومنهم الامام على بن ابى طالب وابن عباس وابن عمر وطلحة وعبد الله بن مسعود وأبو هريرة وابو سعيد الخدرى وانس بن مالك وقرة بن إياس وعبد الله بن الحارث بن جزء وعلى الهلالى وثوبان وأم حبيبة وأم سلمة. احاديث هذا بغض النظر عن درجة صحة الاحاديث اذا انطوت على مراتب من بينها الصحيح والحسن والضعيف.
ولقد انبرت طائفة اخرى لتصحيح أحاديث المهدي على مختلف الأعصار: ومنهم الامام القرطبى والشعرانى والشوكانى وابن خلدون وابن تيمية وتلميذه ابن القيم والامام الذهبى وابن كثير الدمشقى والعقيلي، وأبو الحسن الآبري، والقرطبي، وابن حجر العسقلانى ؛ والهيثمى والمنذري وعلى بن سلطان القارى ، والخطابي، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني، والامام البوصيري، ومحمد بن أحمد السفاريني، ومحمد بن جعفر الكناني، وأبو العلاء السيد إدريس العراقي، وأبو الطيب صديق حسن خان، ومحمد العربي الفاسي. وأفتى فى امر المهدى ايضا الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ محمد بن عثيمين. إسناد أحاديث المهدى:
أورد القاضى الشوكاني في (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح) قوله (والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح؛ والحسن؛ والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك).
وفى كتابه فى الفتح الرباني: ذكر ان (الذي أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر خمسون حديثا وثمانية وعشرون أثراً ... وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى من له فضل اطلاع) .وقال الإمام أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري في كتاب (مناقب الشافعي): (وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه). وفى كتاب (الاذاعة لما كان ويكون بين يدى الساعة) قال أبو الطيب صديق حسن الحسيني البخاري: (والأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر؛ وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد) وان (أحاديث المهدي بعضها صحيح؛ وبعضها حسن؛ وبعضها ضعيف، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار). وذكر فى موضع آخر (وقد جمع السيد العلامة بدر الملة المنير محمد بن إسماعيل الأمير اليماني الأحاديث القاضية بخروج المهدي، وأنه من آل محمد صلى الله عليه وسلم؛ وأنه يظهر في آخر الزمان....ولم يأت تعيين زمنه إلا أنه يخرج قبل الدجال).
وقال الحافظ ابن كثير في ( البداية والنهاية) (1/37):(فصل في ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وليس بالمنتظر الذي تزعم الروافض؛ وترتجي ظهوره من سرداب في سامرا؛ فإن ذاك مالا حقيقة له ولا عين ولا أثر... وأما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه في آخر الدهر؛ وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى بن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث ).
وأورد السفاريني في كتابه (الدرة المضيئة في عقيدة الفرقة المرضية): (كثرت أقوال في المهدي حتى قيل لا مهدي إلا عيسى والصواب الذي عليه أهل الحق: أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي؛ وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم... وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، مما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فى كتابه (منهاج السنة النبوية 4/211): (الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود؛ والترمذي؛ وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره.
خروج المهدى: جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي، وهذه الأحاديث منها ما جاء فيه النص على المهدي ومنها ما جاء فيه ذكر صفته فقط ؛ وسأكتفى بإيراد بعضها: 1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، و يعطي المال صحاحاً، و تكثر الماشية، و تعظم الأمة، يعيش سبعاً، أو ثمانياً، يعني حججاً) 2- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل؛ فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً؛ يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض؛ يقسم المال صحاحاً. فقال له رجل: ما صحاحاً؟ قال: بالسوية بين الناس، قال: ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى، ويسعهم عدله؛ حتى يأمر منادياً فينادي، فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السدان يعني الخازن فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول له: أحث؛ حتى إذا جعله في حجرة وأبرزه ندم؛ فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً، أو عجز عني ما وسعهم، قال: فيرده، فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده، أوقال: لا خير في الحياة بعده) 3- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه) – 4- وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) ؛قال ابن كثير: (أي يتوب عليه ويوفقه، ويلهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك) 5- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المهدي مني؛ أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين) 6- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة) 7- وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض، تكرمة الله لهذه الأمة)) . 8- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي؛ ويواطئ اسمه اسمي)) .وفي رواية: (يواطئ اسمه اسمي؛ واسم أبيه اسم أبي) 9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم؛ وإمامكم منكم) 10- وعن جابر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء. تكرمة الله هذه الأمة) . هذه مجرد مؤشرات اوردناها بإيجاز قد يكون مخلا فى بعض المواضع ونحن بصدد فحص مهدية محمد احمد بن عبدالله المهدى بعد مضى اكثر من قرن ونيف من تجربته المهدوية ولا نهدف من ذلك حمل المنكرين الى الايمان بها ولكن لوضع الرجل فى المقام الذى يستحق وبلورة وجهة نظره معتمدين على منهجه ورؤيته والتى لم يقصر السابقون فى توضيحها ولكن نريد ان نفحصها بمقاربة مختلفة .