انتخابات 2015 (3): النظام الانتخابي من فصيلة دم المؤتمر الوطني..!! .. بقلم: محمد علي خوجلي

 


 

 


Khogali17@yahoo.com
(1)
هل انتخابات 2015 وسيلة لتغيير الواقع السياسي الراهن أم أنها لتكريس هيمنة حزب المؤتمر الوطني؟ وهل النظام الانتخابي القائم عادل وديموقراطي ام هو كابح للمشاركة؟
(2)
النظام الانتخابي هو الدعامة الأساسية للديموقراطية وأساس الحكم فيها الا انه في الدول التي يسيطر فيها على السلطة طبقة او فئات اجتماعية تسعى الى تجديد نفسها من خلال خلق مؤسسات شكلية توحي بوجود نظام ديموقراطي فان النظام الانتخابي لا يساعد في تحقيق الديموقراطية ولذلك فان الموضوع أكبر كثيراً من (تأجيل) أو (مقاطعة) الانتخابات.
فالنظام الانتخابي لاية دولة هو (الابن الشرعي) للنظام السياسي ووريثه الوحيد الذي يزوده بالنخب السياسية (من فصيلة دمه)، أو كما كتب المفكر الفرنسي (ريمون أرون) وقيادات حزب المؤتمر الوطني تذكرنا دائماً بالنسبة الكبيرة للتجديد في المرشحين، والمرشحين الشباب (من ذات فصيلة الدم).
(3)
بعد انقسام الحزب الوطني الاتحادي (1956) وقيام حزب طائفة الختمية (حزب الشعب الديموقراطي) من بين نواب الحزب الوطني الاتحادي تم سحب الثقة من حكومة الازهري في يوليو 1956 وتشكلت حكومة ائتلافية من حزبي الامة والشعب الديموقراطي ويهمنا في موضوعنا: ان الحكومة الائتلافية وبالاغلبية المتاحة لها قامت بتعديل النظام الانتخابي بما يخدم مصالح الحزبين من حيث اعداد الدوائر الجغرافية وحدودها وأعداد الناخبين بزيادة عدد الدوائر في مناطق نفوذ الحزبين وتقليلها في المدن الكبيرة و(مناطق الوعي) خارج النفوذ الطائفي او في مناطق نفوذ الحزب الوطني الاتحادي وذلك توطئة لحصول الحزبين على أكبر عدد من المقاعد في الهيئة التشريعية في انتخابات 1957 وهذا ما حدث وطبق الحزبان نظرية النظام الانتخابي الابن الشرعي للنظام السياسي.
وفي حقبة (الجمهورية الرابعة) في فرنسا، رأت السلطة الحاكمة انه يلزمها وضع نظام انتخابي يحافظ على سلطتها. فقوة الحزب الشيوعي الفرنسي وحزب تجمع الشعب الفرنسي (بقيادة ديجول) وقتها دفعت تحالف احزاب الوسط لوضع نظام انتخابي يمكنهم من الحصول على اغلبية في البرلمان، وتشكيل حكومة مستقرة. فكان تطبيقهم للنظام الانتخابي (المختلط) وتمكن تحالف احزاب الوسط من تحقيق هدفه بتجديد سلطته من ذات فصيلة دمه.
(انتخابات السودان 2010 اخذت بالنظام المختلط)
(4)
نظام الانتخابات بالاغلبية يؤخذ به دائماً في حالة الانتخاب (الفردي) كما توجد انتخابات بالقائمة في ذات النظام. ونظام الاغلبية البسيطة ان المرشح الذي يحصل على اكبر عدد من الاصوات من المرشحين هو المرشح الفائز (وتوجد انتخابات من دورتين) واهم الانتقادات المثارة بالنسبة لنظام الانتخابات بالأغلبية البسيطة من دورة واحدة (النظام المعمول به جزئياً في السودان في انتخابات 2010 و2015) هو تشتيت الاصوات بتعدد المرشحين من (حزب واحد). وفي تجربة انتخابات 1986 فازت الجبهة القومية الاسلامية في دوائر كثيرة بسبب تعدد مرشحي الحزب الاتحادي الديموقراطي والذي بلغ احياناً خمسة مرشحين في الدائرة الواحدة.
(ولا نملك دليلاً ان الجبهة القومية الاسلامية نظمت ومولت مرشحين اتحاديين لتسهيل حصولها على الاغلبية!!)
وتعدد المرشحين في الحقبة الراهنة اتخذ صورة المرشحين (المستقلين). كما ان الفوز بأعلى الأصوات في دورة واحدة يعني بالضرورة الفوز حتى اذا احرز المرشحون الاخرون أكثر من اصوات المرشح الفائز.
وأكدت التجربة ان نظام الأغلبية الانتخابي (الفردي) و(صوت واحد لكل ناخب) هو الذي يكرس الثنائية لحزبين (كبيرين) وفي السودان كان (الاتحادي والامة) لذلك فانه من وسائل تحقيق تقليل عدد الأحزاب في الساحة السياسية (النظام الانتخابي) الذي يمكنه التحكم في عدد الأحزاب..
ونظام التمثيل النسبي هو الذي توزع فيه المقاعد المخصصة على القوائم المشاركة في الانتخابات تبعاً لنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة وبذلك يسمح النظام بتمثيل الأحزاب الكبيرة والصغيرة في آن واحد.
أما النظام المختلط فهو الجمع بين نظامي التمثيل النسبي ونظام الأغلبية الفردي ومن الدول التي طبقته اليابان والسودان في انتخابات 2010 (60%) بنظام الاغلبية و(40%) بنظام التمثيل النسبي. ويطبق السودان في انتخابات 2015 (النظام المتوازي) 50% لنظام الاغلبية مع افضلية الأغلبية من دورة واحدة و50% للتمثيل النسبي وهي ذات النسب التي اخذت بها (المانيا) والمتوازي هو من صور النظام الانتخابي المختلط.
(5)
وتعدد المرشحين في السودان قديم باية صورة جاء. وهذا التعدد يشير الى أمرين:
الأول: ان صراع الانتخابات هو صراع أشخاص (كراسي الحكم) ولا يعبر عن منافسة حقيقية بين برامج انتخابية يناقشها الناخبون ويقتنعون بهذا البرنامج أو ذاك..
الثاني: ضعف الديموقراطية الداخلية في الأحزاب السياسية وأثر المركزية الواضح: فئات قليلة من القيادات الحزبية تتحكم في اتخاذ القرارات الحزبية ومنها مرشحي الحزب للمستويات المختلفة.
وقيادة الحزب هي التي تحدد المرشحين بنظام الاغلبية البسيطة (الدوائر الجغرافية) كما تحدد مرشحي الحزب بالتمثيل النسبي بالقائمة المنفصلة والمغلقة (نصف مقاعد المجالس التشريعية في السودان في انتخابات 2014) مثلما تحدد تسلسل المرشحين حيث انه عند فوز القائمة بمقاعد فإن أعدادهم تؤخذ من أعلى الى اسفل القائمة. وعلى الرغم من ان النظام الانتخابي يربط قوياً بين (النواب/المرشحين) وقيادات الاحزاب الا انه يضعف العلاقة بين المرشحين/النواب ومجموعة الناخبين.
أنظر:
"كتب صديق رمضان في 14 ديسمبر 2014: توقع قادة شورى المؤتمر الوطني بولاية جنوب دارفور ان يواجه مرشحو الحزب في الانتخابات خطر الخسارة لصالح المرشحين -المستقلين- وذلك من واقع عدم رضاء القواعد عن مخرجات انتخابات الكليات الشورية.
وقال عبد الله علي عباس جد العيال ان (الوالي ومجموعته) مارسوا اقصاءاً متعمداً لكل الذين وقفوا ضدهم في انتخابات الشورى والمؤتمر العام لمنصب الوالي. وطالب واحد وعشرون من قيادات الحزب في مذكرة لمركز الوطني بمحاسبة الوالي ونائبه على تغييبهم دور اللجنة العليا للانتخابات (لجنة حزبية) ومخالفتهم المادة (24) من النظام الأساسي للحزب واعادة اختيار مرشحي الحزب للدوائر الجغرافية والقوائم النسبية وقوائم المرأة لأن الوالي ونائبه تعمدا اختيار مناصريهم فقط."
(6)
في سؤال احد أعضاء المجلس الوطني لرئيس لجنة التعديلات القانونية عن (القاسم الانتخابي) ردت مولانا تهاني بانها (لا تعرف) وكان يمكنها ان ترد لو ان القانون امامها. انه أمر محير: رئيس لجنة التعديلات القانونية يقدم تقريره للمجلس الوطني دون ان تكون معه نسخة من القانون المراد تعديله. وأعضاء المجلس الوطني المحترمين يناقشون تعديلات في قانون لا يوجد أمامهم!!
توجهنا لوزارة العدل لاقتناء نسخة من قانون الانتخابات 2008 عن طريق الشراء فلم نجده. وكانت المفاجأة في الافادة بأن وزارة العدل لم تطبعه أصلاً(!)
والقانون متوافر في مواقع كثيرة منها موقع المجلس الوطني وعدة جهات قامت بطباعته وتوزيعه (مجاناً) خلال انتخابات 2010 لكن في مراجعتي لموقع وزارة العدل ومجموعة القوانين السودانية (1903-2012) أفادات طرق البحث بعدم وجود القانون في حالة مطابقة لقانوني المعاشات المدنية والتأمين الاجتماعي بعد تعديلات 1/4/2004
وقفزت أمامي الاسئلة:
- هل منحت وزارة العدل أذونات للجهات التي قامت بطباعة قانون الانتخابات 2008؟
- وهل راجعت الوزارة النسخ بعد طباعتها؟
- أم ان القانون أصلاً لم ينشر في الجريدة الرسمية ولم يضاف الى أية مجموعة قوانين بأي من المجلدات خلال كل تلك الفترة؟
واننا نطلب عون (الخبراء القانونيين) و(المحامين الديموقراطيين) و(المحامين الوطنيين) في البحث عن الاجابة، لتطمئن القلوب أو يتم تفادي حدوث الكارثة..!!
(7)
النظام الانتخابي لانتخابات 2010 في السودان قرره قانون الانتخابات 2008 اما النظام الانتخابي لانتخابات 2015 فقد تأثر بالتعديلات الدستورية والتعديلات في قانون الانتخابات 2008
والانتخابات هي تحول اصوات الناخبين الى اعضاء في المجالس التشريعية وهي عملية سياسية من الدرجة الأولى. ومن حق الناخبين معرفة كيفية (التحول) وان يدرك الناخب معاني (القاسم الانتخابي) و(القاسم الوطني) و(القائمة المغلقة) و(قوة المقعد) و(القاسم الانتخابي لكل محلية)..الخ وعدد الاصوات التي يدلي بها الناخب: صوت لرئيس الجمهورية، صوت للقائمة النسبية للاحزاب، صوت لقائمة المرأة النسبية وصوت للدائرة الجغرافية القومية. وصوت للقائمة النسبية في الولاية وصوت في قائمة المرأة النسبية الولائية وصوت للدائرة الجغرافية الولائية وأصوات أخرى للمجلس التشريعي المحلي..الخ
وبذلك ندلف للتعرف على النظام الانتخابي في 2010 و2015 وأهداف السلطة السياسية التي تسعى لتحقيقها من خلال النظام الانتخابي.
(وان اصل استعلاء وغرور المؤتمر الوطني هو التحكم في نتائج الانتخابات لا الجماهيرية..)
-ونواصل-

 

 

آراء