المرشد إلى فهم مهدية محمد أحمد المهدى بن عبدالله (10)

 


 

 

فنومنولوجيا المهدية

دلالات خروج المتمهدى الاول بالمهدى المنتظر فى آخر الزمان

الحارث إدريس الحارث

مهدية ذى النفس الزكية:

بتتبع احداث مهدية محمد بن عبدالله الحسن - ذو النفس الزكية- والمقتول باحجار الزيت حسب نبوءة الرسول ص(عام 145 هجرية الموافق عام 762 م) نعثر على مؤشرات لظاهرة المهدى وشروط المهدية فى ذلك العصر المبكر أى بعد حوالى 130 سنة من وفاة الرسول ص (11هجرية الموافق عام 632م) ؛ والتى توفر ادلة لقياس ما ورثه فقهاء ذلك العصر من احاديث حول المهدى بما فيها الرواية المعروفة حول المهدى ونبؤات علماء آل البيت لا سيما ان تلك اول مبادرة مهدوية أو اول خروج لمتمهدى يحضرها ويشارك فيها تابعين وابناء صحابة وفقهاء من وزن الامام ابو حنيفة النعمان الذى توفى عن 90 عاما وهو ساجد بعد خمس سنوات من خروج محمد بن عبدالله بالمهدية .

ويمكننا ان نلحظ ان تشوف ذى النفس الزكية ليكون المهدى الموعود به فى الحديث النبوى وخروجه على العباسيين ونخب آل البيت التى وقفت معه وقبائل العرب التى ناصرته تدل على عمق شعبى يؤكد صدقية وجود مهدى يخرج فى زمن ما ؛ اجهد الوّقاتون انفسهم فى تحديده بطرق شتى ولم يفلحوا. ولعلكم قد لاحظتم ان ابيات الشعر التى اوردناها فى الجزء التاسع اشارت إلى صفات المهدى ومهمته والظروف الموضوعية لخروج متمهدى آل البيت تعطينا قاسما مشتركا لنوعية الظرف الذى سيخرج فيه المهدى المنتظر أى قائم يخرج فى لجة الظلم والتنكيل والتدجيل ؛ كما ان خروجه اكد لنا ان اسم المهدى هو محمد بن عبدالله وليس كما زعمت الشيعه انه محمد بن الحسن وذلك ان نخب آل البيت والقرشيين قد ناصروه وشايعوه ؛ وهو لم يعلن عن مهديته العاثرة بين الركن والمقام ولم تشر المراجع التاريخية التى اطلعت عليها ان الذين امسكوا عن مبايعته برروا موقفهم ذلك بعدم ظهوره بين الركن والمقام  او ان اسمه لم يكن محمد بن الحسن .

ولكن تقاسم مع المهدى المذكوره اوصافه جل صفاته وعلاماته المذكورة " ليس بالمكلثم (استدارة الوجة) غير مطهّم بل ضرب من الرجال (خفيف العضل ممشوق مستدق) آد مى ( اسمر اى لون العرب وهم ُأدم ) ربعة ( متوسط الطول) أدعج واكحل العينين (واسع العيون مع شدة سوادهما) اهدب (طويل اشفار العين) براق الثنايا (بياض ولمعان الاسنان) وافرقهما  دلالة تباعد الاسنان ) أذيل الفخذين ( منفرج الفخذين) كث اللحية فى كتفه خاتم (دلالة على تحدره من العترة المصطفوية الفاطمية او خاتم المهدية ) فى نطقه ثقل وله من العمر ما بين الثلا ثين إلى الاربعين ؛عليه عباءتان قطوانيتان كل منهما عباءة بيضاء قصيرة الخمل. ( كتاب الاشاعة لأشراط الساعة لمحمد بن عبد الرسول الحسينى ت 1013 هجرية ). ونحيل القارى الى تلك الاوصاف وهذه الدلائل كما جمعناها من إقوال المشاركين والمعاصرين لخروج ذى النفس الزكية الواردة فى المصادر التاريخية المشار إليها على النحوالتالى وهى التى وقرت فى وعيهم من الاحاديث النبوية حول المهدى يبدو ان ذا النفس الزكية قد حظى ببعضها:

إسمه:

ان المهدى اسمه محمد بن عبدالله بناء على رواية ابو هريرة ؛ و مهدى آل البيت (المهدى منا آل البيت) مكتوب اسمه فى كتاب ابيه الامام على بن ابى طالب؛ ولعل هذا الكتاب قصد به الجفر المنسوب إلى الامام على والذى نسبه ابن خلدون إلى ابى اسحق الكندى.

نسبه:

ان المهدى يكون صريح النسب فى آل البيت ولذلك لقبوه - صريح قريش- أى ليس من جداته ام ولد فى جميع ابائه وامهاته وجداته.

زيه:

ان المهدى يلبس ثيابا (يمنية) وهتى التى عبر عنها فى الاحاديث ب -عباءتان قطوانيتان كل منهما عباءة بيضاء قصيرة الخمل-

صورته:

ان المهدى يجب ان تميل الى صورته الاعناق ما يحقق سرعة الاجابة الى داعى الله ؛ ما يدل على جمال وجهه وصورته وسمته.

بيعته:

ان البيعة للمهدى يجب ان ينتفى عنها القهر أى بيعة الرضا والتراض ؛ وتكون بالمسح على يد المبايع. والقصد ان تتميز بيعة الرضاء عن بيعة القهر والجبرية والتى وسمت ملك الامويين والعباسيين. قال ابو زيد: وحدثنى سعيد بن عبد الحميد قال حدثنا جهم بن جعفر الحكمى قال اخبرنى غير واحد: ان مالك بن أنس استفتى فى الخروج مع محمد بن عبدالله وقيل له ان فى اعناقنا بيعة لأبى جعفر- ابو جعفر المنصور العباسى- فقال: انما بايعتم مكرهين وليس على مكره يمين. فاسرع الناس الى محمد بن عبدالله. ص 237.

لون المهدى:

كان لون محمد بن عبدالله "آدم شديد الادمة" ؛ وكان " يلقب القارى من ادمته " (شدة السمرة والسواد)

توقيع رسائله:

كان يكتب أسمه بعد خروجه: عبد الله المهدى محمد بن عبدالله (المسعودى م. سابق ص 439)

 ختم المهدية:


كان لمحمد بن عبدالله خال اسود كهيئة البيضة بين كتفيه

طريقة كلامه:

ان المهدى يكون فى لسانه ثقل او رّته وقال المسعودى ان محمد بن عبدالله كان تمتاما يتلجلج الكلام فى صدره فيضرب يده على صدره.

علمه:

ان المهدى حافظ وعالم بكتاب الله ومتفقه فى الدين وعالم بباب الحرام والحلال لقول ذو النفس الذكية: "ان أضل الناس بل اظلم الناس بل اكفر الناس من ادعى من هذه الأمه ثم سئل عن باب الحلال والحرام ولم يكن عنده منه مخرج" (مقاتل الطالببين ص 245 ).

ورعه وتقاه:

ان المهدى مهتدى وامام هدى ؛ وهادى الطريقة.

رسالته:

ان المهدى يحيى الكتاب المنّزل ويصلح الاسلام بعد فساده ويقيم سيرة النبى ص.

عدله:

إن المهدى يملأ الارض-ارضنا- عدلا بعد امتلائها بالضلال ؛ وسوف نناقش مفهوم الارض فى موضع قادم عند الحديث عن مهدية محمد احمد المهدى بن عبدالله.

وقت الظهور:

ان المهدى يظهر فى آخر الزمن. وورد ان جعفر بن محمد احد علماء آل البيت عندما دعى لبيعة محمد بن عبدالله بن الحسن قال لوالده عبدالله بن الحسن " إن هذا الامر والله ليس إليك ولا إلى إبنيك- محمد وابراهيم- واما هو لهذا- يعنى السفاح ثم لهذا- يعنى المنصور ؛ ثم لولده من بعده ولا يزال فيهم حتى يؤمرا الصبيان ويشاوروا النساء. ويستدل من هذا ان الموروث العرفانى لدى آل البيت حول المهدى المنتظر ؛ انه يلى السلطة السياسية وما يستلزم منها من صدور احكام واقضية وحماية شوكة وغيرها؛ كما يدل ما تحقق من نبوءة جعفر ابن محمد ان المهدى لا يظهر قبل دولان دولة بنى العباس . ( مقاتل الطالبيين ص 215).

مكان الظهور:

ولقد ظهر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب عام 145 هجرية بالمدينة المنورة وليس بين الركن والمقام ؛ ولم يقل احد من الفقهاء ان ذلك شرطا يخالف شروط مكان الظهور المحدد فى الاحاديث بمكة ولم يشر إلأى ذلك علماء آل البيت الذى عاصروا خروجه .

بشارته:

ان المهدى بشارة جديه على وأحمد ( الرسول ص والامام على بن ابى طالب ) وسوف نناقش مدلول المهدى بشارة العالمينية فى موضع لاحق ان شاء الله.

عدة اصحاب المهدى الأٌول:

وكان اصحاب محمد بن عبدالله حين لاقوا جيش عيسى بن موسى بن على بن عبد الله بن عباس الذى بعثه ابو جعفر المنصور للمدينة على عدة اهل بدر. ولقد سبق واوردنا ان عددا كبيرا من الناس والقبائل ايدته ومن بينهم ولد جعفر وعقيل ابن ابى طالب وولد عمر بن الخطاب وولد الزبير بن العوام وسائر قريش وابناء الانصار. واجتمع له قرابة مائة الف مقاتل حيث قدم موسى بن على فى جيش العباسيين وقوامه 14 الف مقاتل. ولكنه قام بتحليل الناس من بيعته بتخييرهم بالبقاء صامدين معه او مفارقته فخرجت جموع كبيره من قوته وعادت الى ديارها وهم يشاهدون جيش العباسيين يقترب من المدينة ربما لأن المهدى الحقيقى لعظم مهمته يجب ان يكون حازما وعازما غير هيابا ولا مترددا فى إتخاذ القرارات الصعبة . ( تاريخ الطبرى ؛م4 ص 439). وفى رواية اخرى انه لما قتل كان وحده بلا نصير مما جعل كلثم بنت وهب ان تنشد واصفة المشهد: رحم الله شبابا قاتلوا يوم الثنيّة ؛ قاتلوا عنه بُنّياتٌ وأحساب نقيه ؛ فرّ عنه الناس طُرّا غير خيل أسدية . واضاف العامة بيتا آخر ؛ (قتل الرحمن ُ عيسى قاتل النفس الزكية ) ( م. سابق ص 426-427)

الرايات:

إن المهدى يحمل رايات وهى إمارات البلاغ والصدوع بالأمر والتمييز الوظيفى. وفى مهدية ذى النفس الزكية كان مع كل مبايع من آل الامام على ابن طالب راية و شعارهم احد احد مثل شعار يوم حنين (م. سابق؛ ص 238 ).

المهدى ليس عيسى بن مريم:

وما ورد حول هوية المهدى والذى ابانته مهدية ذى النفس الزكية يثبته رد ابن عباس على معاوية بن ابى سفيان حين قال ان بنى هاشم زعمت ان لها ملكا هاشميا مهديا والمهدى هو عيسى بن مريم بقوله: "إسمع يا معاوية؛ أما قولك إنا زعمنا ان لنا ملكا مهديا؛ فالزعم فى كتاب الله شك؛ قال الله سبحانه وتعالى (زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن-التغابن الآية 7 ) ؛ واما قولك: إن لنا ملكا هاشميا ومهديا قائما؛ فكل يشهد أن لنا ملكا ومهديا قائما ؛ لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لملكه الله فيه؛ يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا؛ اما قولك ان المهدى عيسى بن مريم ؛ فإنما ينزل عيسى لقتال الدجال؛ والمهدى رجل منا اهل البيت يصلى عيسى خلفه" (نعيم بن حماد ؛ البرهان فى علامات مهدى آخر الزمان ج2 ؛ ص 592-593).

ان رد ابن عباس لمعاوية يشير الى ان الآية 7 من سورة التغابن ذات دلالة تأويلية بظهور المهدى؛ وان المهدى ليس عيسى بن مريم كما اشاع الأمويون وورد لاحقا فى احاديث موضوعة ؛ وان عيسى بن مريم يصلى خلف المهدى المنتظر نفسه وليس مع رجل صالح او امام صلاة آخر.

ولقد تحققت نبوءة جعفر بن محمد كما هى فى القاتل والمقتول بحيث وقف سقفها الزمنى عند نهاية ملك بنى العباس. وهذا يستدل منه على ان المهدى الحقيق سوف لن يظهر قبل أفول ملك بنى العباس والذى غلبهم عليه المغول والاتراك العثمانيون. وان محمد بن عبدالله بن الحسن سيقتله ابو جعفر على أحجار الزيت ثم يقتل اخاه ابراهيم- بالطفوف- بالفرات فى العراق؛ لتظل المهدية نبوءة حرونة تنتظر التحقق فى عصر لاحق من الأعصار اطلق عليه آخر الزمان .

مهدية محمد بن عبد الله اذا قارناها من حيث اسم المهدى ونسبه ولونه وصفاته وعلمه وموضع الظهور وراياته وعدة ابكار المبايعين له والبعد الشعبى الذى اعطى خروجه عمقا ينفى الاكراه والنظام السياسى والجور السائد ومفهوم الأرض التى ستملأ عدلا وابتعاثه البعوث إلى الاقاليم تشكل مؤشرا وإضاءة مميزة للتحقق من المهدية المنتظرة فى آخر الزمان كدعوة لإحياة حياة الدين الكبرى اى الكتاب والسنة .

 faran.idriss5@gmail.com             
///////////////////

 

آراء