قد يسأل السطوحيون من الذين تَعلق أبصارهم وبصائرهم بالقِشور ، ما معنى أن تسافر لبقعة ما فتركض بين لأبتين أو أن ترمي حجرا أو حجرين أو أن تذبح شاةً وشاتين ، افعال ولا أجر وأعمال ولا منطق فيها ولا عقل !!!؟
لكنّ الحج ُ ، هو فعل اتباعي وعقد جماعي ، تبدأ صفحاته بطواف على بيت ومنسك حطّ فيه الأنبياء رحالهم واثقالهم من عبث الدنيا وعبئها وتجردوا فيه لله ، ومسلك سلكه الرُّسُل وتوجهوا فيه لمن يستحق التذلل وحطْ الرحال ، بكل جولة وطوفة ، عقد وعهد وتنازل عن الهوى والعقل والمنطق إلى الأتباع المحض والبحت ، تسليما بلا سؤال ، لا تنفع فيه ماذا أو لماذا ، عقد مداده التضرع والإخبات والإعتراف واللجأ وتنزيل الحمول والمثاقيل من زبد الدنيا ومن جرائر النفس ، والكدحُ فيه والهرولة عن الدنيا بين لأبتين إن هرولت لهذه فإنك تُنشد الخلاص وتبتغي فضل الله ، وإن تدحرجت بينهما فسعيت ، فإنما توقع مع الله عهدا إنك لرضاه تسعى سعيا وهرولة و لاتباع مسلكه الذي رسمه للانبياء والاصفياء تكد وتجد ، فتوقع على صفحة أخرى من العهد الجديد ، ولتحط عن أكتافك ثقيل المحاميل وعن نفسك مهيض الذنب ، وإن صعدت لتلك فإنما تصعد خفيف الروح حثيث النفس خفيفها وعفيفها ، وان خرجت لأرض سطحاء مجردة من عوائق الدنيا ، خرجت إلى سماء الله فما بينك وبينه ساتر ولا سقف ولا حد ، فعلقت على جبل يبرز فيه الخلق وتوجه فيه الأكف تضرعا وتقربا ودعاءا بلا عد وبكاءا بلا صد ، فقد مهرا العقد وجددت العهد ، ونزلت بصحيفتك وعقدك كيوم ولدتك أمك ، فأنت متعاقد مع الله متواثق معه ، متوافق مع رسله وأنبياءه ملزما نفسك بالقول والعمل اتباعا وتسليما ، وقررت الا تحيد ، ثم إن هويت على أرض تبيت بها ، فإنما تتبع الطريق تعبدا في الصحو والنوم وفي الغفلة والعلن أمام الناس ، وتركت لله الوثير والنوم الغرير ، وتواضعك ووضعت خدك على التراب تذللا ، في فلاة بسطها الله بلا ماء ولا خضرة ولا زينة ولا تجميل ، تندو من الثرى والتراب ، وتخلو من العطر والثياب ، بنفس مجردة من الرفث والفسوق والجدال ، وجسم مجرد من المخيط والمحيط والنعال ، للخلوص بالنفس والبدن الى الله توجها ، وتصحو لختم صفحات عهدك بحرب الشيطان وواوس النفس إن قذفته بحجر فهذا هو الفراق والشقاق وطرده عن القعود لك على صراط الله المستقيم ، وهذه هي الزوادة بالتقوى ، فهي زاد وأي زاد !!!.