مخاطر غياب “المهندس الأستشاري” و”منظومة دراسات الجدوى” عن سد النهضة (2 من 2). بقلم: بروفيسور/ محمد الرشيد قريش

 


 

 

 

شهادتي للتاريخ (12)

  بسم الله الرحمن الرحيم

    في أية مرحلة سد النهضة ( 2 من 2)

شهادتي للتاريخ (12)  صرح المخض عن الزبد   عند

موائد الرحمن الفكرية

  حول 

  مخاطر غياب  "المهندس الاستشاري"

والتداعيات الخطيرة لغياب منظومة دراسات الجدوي المتكاملة:

عن سد التهضة     بروفيسور

د.د. محمد  الرشيد قريش

  مركز تطوير أنظمة الخبرة الذكية

لهندسة المياة والنقل والطاقة والتصنيع     شركة "بناة ساليني" بقبعتين: كمقاول دولي

و"كمهندس استشاري ؟!

ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئـاً لَيـسَ يَلزَمُهـا...

... فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ

(المتنبي)   þ        اللاعبون علي مسرح سد النهضة:

   اللاعبون علي "مسرح العمليات" في تشييد السدود هم عادة أربعة:

§ العميل Client (C) 

§ المقاول الرئيسي (الدولى Primary (Int’l Contractor-- (IC)

§ المقاول المحلي Local Contractor (LC)

§المهندس الأستشاري Consulting Engineer (CE)      þ        دعنا ننظر في دور كل من اللاعبين أعلاه  في "الرسم البياني الخطي" لمهام تشيد المشاريع المائية  وفق الأعراف الهندسية المتعارف عليها:

  q            دورالعميل:

§    يضطلع العميل بالأشرا ف علي:

oتقييم المناقصات

oمنح العقود الدولية

o تباين التكلفة،  الأجور / الأسعار الخ ...

  q            دورالمقاول المحلي("LC" ، في مرحلة التخطيط للمشروع: 

üيضطلع المقاول المحلي هنا  بالقيام بالمسح الأستطلاعي (الطوبوغرافي والجيولوجي)

üوبالمسوحات الكنتورية ومسوحات المياه، واستخدامات الأرض

üوبتحليل التربة

ü وبالحفر الأختباري(Trial Boring) ، مثلا لتحديد تأثير:

     الجريان النهري على سعة المفيض

     والتضاريس الأرضية علي درجة الأنحدار

     والجيولوجيا  علي المقطع العرضي الخ..   ¨     دور المقاول الدولي) "IC" ، في مرحلة التخطيط للمشروع):

§     يضطلع المقاول الدولي هنا باجراء الدراسات الهيدرولوجية للمواقع --  على سبيل المثال من أجل:

üتعريف المشروع (Project Definition)

üوتقييم:

    جدوى  انتاج الكهرباء من الموقع

    فرق التوازن المائي(Head)

     متوسط التصريف السنوي (Mean Annual Discharge)

üوبتحليل الأحمال (Load Analysis)

üوبتحديد درجة الوثوقية (Reliability Level) المطلوبة   q     دور المهندس الاستشاري:

 §في مرحلة الدراسة (التخطيط) للمشروع :

§    يشارك المهندس الاستشاري هنا العميل في تحديد احتياجات المشروع

§وفي مرحلة "التقرير التنفيذي" للمشروع:

§    يقوم بإعداد وتقديم دراسات ما قبل الجدوى، على سبيل المثال تحديد المعلمات العريضة وطرح الخيارات المتاحة وتحديد الخطة الإنمائية الأمثل للموقع

§      وتقديم "دراسة ما قبل الجدوى"(Pre-feasibility Study)

§     ثم تقديم "التقريرالتنفيذي"   في مرحلة التصميم الهندسي المفصل:§

§     يختار المهندس الأستشاري التكنولوجيا، على سبيل المثال:

üنوع السد وارتفاعه

ü منشئات  التحويل ، على سبيل المثال:

o   التربينات والمولدات ومواصفاتها

o   وماسورة تغذية التيربينات( Penstock)

o   وحوض التوازن Water Intakes, Surge Tanks

§     ويرفد العميل بتفاصيل مواصفات التصميم التفصيلي و مستندات / ورسومات العقد.

§     ويقدم النصح حول المقاول  ومورد المواد

§     ويرسل دعوات المناقصات-IFB أو طلبات عروض الأسعار (RFQs) الخ...

في مرحلة التشييد:§

يضطلع المهندس الاستشاري بمهام:

üالإشراف والتخطيط والبرمجة

üالتنسيق بين -- والإشراف على – المقاولين

üتفقد المواد وتجويد الصنعة أثناء البناء

ü      وتحقيق احكام السد لمنع  التسرب (Sealing Techniques)

ü       ومعالجة الأساسبواسطة الحقن (Grouting

    ¨     وبالنسبة لسد النهضة ، فالأمر كالأتي:

§ العميل:هو "شركة الطاقة الكهربائية الاثيوبية"(Ethiopian Electric Power Corporation -EEPCo)

§ المقاول الرئيسي (الدولى(: هو"شركة "بناة ساليني" الايطالية (Salini Costruttori) والتي بنت من قبل سد (Gilgel & Gibe II) وسد تانا Beles وتبني حاليا  سد (Gilgel Gibe III)

§ وهناك المقاولون المحليون  

  اذا ، الملفت للنظر هنا  هو غياب "المهندس الأستشاري  "Engineer (CE)  Consultingعن المشهد! لكن لماذا؟

  þ     "المهندس الاستشاري" 

    الغائب --لماذا ؟

    (و"الحاضر"؟  - كيف ذلك؟) !!

  §     البيانات المنشورة تقول  بأن العقد بين الحكومة الأثيوبية وشركة "بناة ساليني" الايطالية :

à      قد تم من غير مناقصة (أي من دون عطاءات تنافسية No Bidding) كما كان الحال في عقد (مشروع قلقيل جيبي II Gilgel Gibe ، (عام 2010)، وعقد قلقيل جيبي الثالث (عام 2013 ) وعقد بليز(2010عام)  -- ولكن علي عكس ما كان الحال في عقد مشروع  "قلقيل جيبي الأول  (عام  2004 )علي نهر أومو - --والذي  تم فيه ارساء العقد بالمناقصات ، وكما أشرنا عاليه ، فجميع هذه المشاريع  اضطلعت بها  شركة "بناة ساليني" الايطالية كمقاول دولي ، وواجهت فيها هي -- والمقاول الصيني لسد تكزي (Sinohydro Corporation ) -- تحديات فنية كبيرة، تتراوح بين مشاكل الجيولوجيا المعقدة والجدب (Low Flows) والتأخير فمثلا:

üفقد عاني سد جيبي الثاني من مشاكل الجيولوجيا المعقدة، مما أدى إلى انهيارات أرضية وانهيار النفق حتى بعد انتهاء بناء السد 

üوعاني سد تكزي(علي نهرتكزي   ) Tekezeأي  ستيت كما نطلق عليه في السودان ) من :

o   مشكلة الجدب (Low Flows)

o    ومن الأنهيارات الأرضية قرب موقع السد في أبريل 2008  ، مما دفع شركة "بناة ساليني"  لتشييد جدران استنادية للحفاظ على المنحدرات من التآكل والأنزلاق. üكل هذه الأخفاقات كان يمكن لشركة ساليني وشركة سينوهايدرو الصينية التحسب لها:

à    ان كانتا قد قامتا بمنظومة دراسات الجدوي المتكاملة ، لكن كيف لساليني ان تفعل ذلك وهي لم تفعلة في سد النهضة الأخطر والأضخم كما سنري بعد قليل

à    وان كان عقد العمل معهما  ليس علي اساس "تسليم المفتاح" الذي يغيب دور "المهندس الأستشاري" ، علي نحو ما سنري بعد قليل

  عقود "تسليم المفتاح  (Turnkey Contracts):

  §  الأدلة الظرفية  المتوفرة (Circumstantial Evidence)  تنبيء بأن عقد سد النهضة لشركة "بناة ساليني" كان من نوع "تسليم المفتاح"  ، أي أن  العقد" يشمل كلا من الأعمال المدنية والميكانيكية والكهربائية للسد الخ... ، وقد وصُف عقد  سد النهضة بانه يشمل "الهندسة، والمشتريات، والبناء"(أو ما يسميEPC Contract) (Engineering, Procurement, & Construction Contract)

وهذه الصيغة من العقود -- عادة -- تغيب "المهندس الأستشاري"!

§       والمثير للأنتباه هنا هو أن أثيوبيا لم تختار -- ربما لأسباب سيادية -- عقد بووت(BOOT ، أي أبني، تملك ،شغل وأنقل التقنية) رغم أن أثيوبيا كانت قد اختارت لشركة طيرانها في  الستينات -- التي كانت لعقود وما زالت من أميز شركات الطيران الأفريقية - نظيره الأخروهو عقد "النقل  المصاحب بالمتابعة والأشراف"(Monitoring Agreement)وهو اتفاق علي نهج "تسليم المفتاح" لكن الطرف الأجنبي  فيه (شركةTWA الأمريكية) يضطلع بالمسئولية الفنية حتي يتوفر الكادر الفني المؤهل- وهو نموذج  قد تكون أثيوبيا تبنتة الأن في "مبيعات كهرباء سد النهضة" حسب التقارير الصحفية !

§    اختيار أثيوبيا لنموذج "تسليم المفتاح "يخالف ما هو جار في جل العقود المعتادة (التقليدية) للسدود والتي "تفكك العقد الي حزم متعددة (“De-Packaging”:)"، علي نحو نهجين:

à    عقود " ادارة المشاريع" والتي تشتمل علي 4-5 عقود منفصلة (Split Package”) "للتصميم" و"البناء"  والأعمال الميكانيكية والكهربائية

à    أو العقود  "متعددة الحزم"، حيث يضطلع صاحب المشروع بالمسئولية الإدارية لأعمال التصميم والبناء من خلال تفكيك المشروع لوحدات أصغر ثم اسناد تلك المشاريع لجهات متعددة  كعقود من الباطن ، كما حدث في تشييد  سد الوصيرص (1960-1966) حيث أرست وزارة الري :

üعطاء تصميم سد الروصيرص و"المساعدة في الأشراف علي الأنشاء" علي المهندس الأستشاري  (Consulting  Engineers  ) متمثلا في  شركتي الكساندر جب (الأنجليزية Sir Alexander Gibb & Partners   ) واندريه كوين وجين بلير(الفرنسية Andre Coyne & Jean Bellier) معا،

ü علي أن تكون وزارة الري هي "السلطة المشرفة علي انشاء الخزان "،

üولما كانت شركة " اندريه كوين و جين بلير" معنية اساسا بتصميم الخزان ، فقد انحصر دورها علي المساعدة في الأشراف علي الأنشاء ،

ü ولما  كانت وزارة الري --هي السلطة المشرفة علي انشاء الخزان (Client) ، فقد اضطلع المهندس الرشيد سيد أحمد–بصفته مستشار وزارة الري -- بدور "المستشار الوطني للمشروع"(في وقت كانت فيه حتي "سجلات الأمطار" الأثيوبية هزيلة كما سنري بعد قليل) ،

ü وتم تفكيك المشروع لوحدات أصغر ثم اسناد مهام التسقية بالأسمنت (Grouting in Cement) وتصنيع وتركيب البوابات وخدمات المحطة الكهربائية الخ   ... لجهات متعددة  كعقود من الباطن              þ     لماذا اختارت اثيوبيا عقد "تسليم المفتاح" ؟

بدلا من "عقود ادارة المشاريع" أو "العقود متعددة الحزم" التي تم بها تشييد سد الروصيرص في نفس المنطفة تقريبا؟

  §   أحسب أن الأختيار وراءه عدة أسباب منها الأستراتيجي ومنها التجاري، وتحديدا:

§    الحرص  علي اتمام المشروع  في أقصر وقت : 5 سنوات بالتحديد! بعد أن  أعلن المقاول الدولي (شركة "بناة ساليني" الايطالية) وضع المشروع علي مسار"التنفيذ  السريع" ("Fast Track Implementation",) ، علما  بان بناء محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية فقط يتطلب عادة فترة أطول من ذلك   (Lead Time of 8-15 Years) ، لتغطية  دراسات الموقع، والدراسات الهيدرولوجية، وتقييم الأثر البيئي الخ ...

§     لكن صاحب القرار الأثيوبي (شركة الطاقة الكهربائية الاثيوبية) قد يكون أيضا قد رأي في صيغة "تسليم  المفتاح":

üفرصة لتفادي الحاجة إلى "المهندس  الاستشاري (CE) و"تفادي" كلفتة العالية! üوفرصة لتثبيت "السعر الكلي" في مرحلة مبكرة من المشروع

üوفرصة "لتفادي" كلفة  تصميم السد   -- والتي قد تتراوح بين 4-15٪ من كلفة المشروع  -- فالمقاول الدولي (IC -  (Int’l Contractor في صيغة "تسليم  المفتاح" عادة لا  يطالب العميل  بمقابل مادي لعملية التصاميم!  

§     كل هذا يبدو وكأنه يمثل مكسبا عظيما لشركة الطاقة الكهربائية الاثيوبية لكن هيهات!

      فشركة " "بناة ساليني  -- وعلي عكس ما يتبادر للذهن -- لا تقدم تصاميم سد النهضة  مجانا لشركة الطاقة الكهربائية الاثيوبية،  ف "كلفة   تصاميم  السد" مدمجة" (أي مضمنة خفية) في "سعر بنائه" الذي تطلبه شركة "بناة ساليني من أثيوبيا

    كما أن المقاول الدولي في عقود "تسليم المفتاح" يفرض عادة على العميل دفع مبالغ إضافية لأية تغييرات يطلبها الأخيرعلي تصاميم المقاول  الأصلية ،(  بمعني أنه ان وافقت أثيوبيا بتعديل تصميمات السد وفق تطمينات وزير الري السابق ، فعلي السودان ومصر تحمل كلفة تلك التعديلات)!

    وان أخفق العميل في تحديد مستوي الجودة المطلوبة  في العقد سوف تميلالجودة إلى أن تكون متدنية  - وهذا يتطلب أن يكون مهنيو العميل مدركون لمستوي الجودة المطلوبة في كل مراحل تشييد السد  -- لكن "َأنى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيد" !

     وهذا أمر خطير في  السدود الجسرية  ذات الحشوة الصخرية – كسد النهضة السروجي ، فرغم أن مثل هذه السدود مقاومة للضرر من الزلازل ، الا أنه ان كان "ضبط الجودة" خلال البناء غير كاف يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف انضغاط التربة ، والذي بدوره قد يؤدي إلى تسييل (Liquefaction). للحشوة الصخرية أثناء الزلزال

    كما أن العميل (كشركة الطاقة الكهربائية الاثيوبية) تحت ظل عقود تسليم المفتاح لن يكون بمقدوره التأثير على اختيار المقاول الدولي للخبراء  للعمل في المشروع !  

§     اذا تلك هي كلفة   تصاميم  السد" المبدئية والباهضة والمستورة عن الأنظار! لكن دعنا تقصي الكلفة الأخطر:

  شركة "بناة ساليني" بقبعتين: كمقاول دولي

و"كمهندس استشاري ؟!

ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئـاً لَيـسَ يَلزَمُهـا...

... فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ

(المتنبي)ا

v        ففي ظل ألية "تسليم المفتاح ":

§    تقوم شركة "بناة ساليني" الايطالية :

P       بدور  "المهندس الاستشاري" ( (Consulting Engineer،

P        بجانب دورها  ك "المقاول الرئيسي الدولى!!    للسد International Primary Contractor)

  §    وعليه تقوم بتقديم تصاميم سد النهضة لشركة الطاقة الكهربائية الاثيوبية         

ماذا يعني غياب المهندس الأستشاري عن سد النهضة ؟                                              §    هذا يعني أن سد النهضة  رغم جسامة مخاطرة :

üيبني الأن في غياب وجود "المهندس الأستشاري" ،

üوفي غياب دراسات ما قبل الجدوى، "(Pre-feasibility Study) التي يعدها بمهنية عالية عادة"المهندس الأستشاري" المحايد ، مع طرح كافة الخيارات البديلة -- لا المقاول الدولي صاحب المصلحة التجارية

à    وأن نتائج الحفر الأختباري (Trial Boring، مثلا لتأثيرالجريان النهري على سعة المفيض التي يوفرها عادة المقاول المحلي) ....

à    و الدراسات الهيدرولوجية للمواقع--  (على سبيل المثال من أجل تحديدجدوى  انتاج الكهرباء من الموقع والتي يضطلع بها عادة المقاول الدولي ، وما اسند اليه الأن اضافة--بسبب غياب "المهندس الأستشاري" -- من مهام اختيار نوع السد وارتفاعه ومنشئات  التحويل كماسورة تغذية التيربينات وحوض التوازن والتربينات والمولدات ومواصفاتها الخ) ....

à    وتحليل الأحمال (Load Analysis) الخ ... التي يقوم بها عادة المقاول الدولي ، وما اسند اليه الأن اضافة)بسبب غياب "المهندس الأستشاري"( من مهام:

o   تقديم تفاصيل مواصفات التصميم التفصيلي

o   وفي مرحلة التشيد ، الإشراف والتخطيط والبرمجة والتنسيق بين -- والإشراف على -- المقاولين ، وتفقد المواد وتجويد الصنعة أثناء البناء،  كـتأمين احكام السد لمنع  التسرب (Sealing Techniques) ومعالجة الأساسبواسطة الحقن(Grouting--

  §     الأمر الخطير هنا هو  أن كل تلك المهام تحت عقد " تسليم المفتاح"  لن تكون هناك فرصة للتحقق من صحتها (Validation) من قبل خبيرمحايد ومشهود له"كالمهندس الاستشاري"

üو"التحقق من الصحة"(Validation) هو عملية منطقية  لا نهج حسابي ، ويعني بفحص ما إذا كان هناك شيء ما يلبي معيار معين أو يلبي مواصفات وسمات جودة محددة مسبقا

üكأن  يكون هذا "المهندس الاستشاري" -- مثلا -- قادرا على الشهادة بأن الحلول أو العمليات التي أتاها المقاول الدولي أو المحلي صحيحة و متوافقة مع المعايير والقواعد المهنية،  مع ابراز الدليل علي أن منظومة السد -- مثلا --   تعمل في حدود المعايير المعمول بها(Parameters) وتعمل علي نحو فعال   (Effectively)

üاذا فان غياب فرصة "التحقق من الصحة"بغياب المهندس الأستشاري هو أمرذو تداعيات بالغة الأهمية لقضية سلامة سد النهضة !

üوبغياب المهندس الأستشاري تغيب أيضا فرصة "التأكيد"(Verification) ، وهو شيء أخر غير  "التحقق" (Validation) ، فالتأكيد يعني بثلاثة أمور:

§     أن التصميم الذي جاء به المقاول مثلا:

   يناسب الاستخدام المقصود - أي أن المقاول  بني (أوصنع)  "المنتج المطلوب"    وأن التصميم يلبي شروط التصميم الأصلية أي أن المقاول  بني (أوصنع)  المنتج "بطريقة صحيحة"

   وأن "المنتج النهائي" يعكس بشكل صحيح المتطلبات المحددة له  -- وفق "نموذج نضج القدرات"The Capability Maturity Model (CMMI) ،

à    لكن ماهو "نموذج نضج القدرات

"نموذج نضج القدرات" (Capability Maturity Model- CMM)

·     هونموذج يستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم كنموذج عام لتحسين الأعمال التنظيمية في مختلف المجالات، على سبيل المثال في  إدارة المشاريع، و إدارة المخاطر، والخدمات والعمليات التجارية بصفة عامة، وإدارة رأس المال البشري ( رغم أنه تم تطويره في البدء لتقيم مدي نضج برامج الشركات ، وقدرتها لأنتاج  البرمجيات)  وذلك:

üبفحص ممارسات المؤسسة  في كل من خمسة من "مستويات النضج" ، التي تصف مدى قدرة ووثوقية السلوكيات والممارسات والعمليات المتبعة  من تحقيق النتائج المطلوبة علي نهج مستدام (مثلا منهجية تحديد الأولويات او الاستفادة من تجارب الأخرين الخ - كمسببات  خرق وانهيار السدود الأخري مثلا )

üوداخل كل واحد من هذه المستويات مفتاح مجالات العملية (KPAs) يحدد الأهداف و درجة الالتزام و القدرة والمقياس ، المطلوب تقصيها من قبل المهندس الأستشاري في اضطلاعه بمهام التأكيد"(Verification)  في مشاريع المياه مثلا  

    والشركات الدولية في الغالب تبحث عن مصالحها التجارية ولا تأبه كثيرا  بما يحدث بعد استيفاء أتعابها ، وهذه الشركات  في سعيها الأعمي لدفع  مصالحها قد تأتي بما يهدد  الصحة العامة  بل والحياه في مجتمعات العالم الثالث المعدمة ، والجميع يذكر  مأساة الغاز في الهند عام 1984،  والتي تعتبرأسوأ كارثة صناعية في العالم،  والتي تسببت فيها  شركة يونيون كاربايد في  مصنع للمبيدات في بوبال، حيث تعرض فيها أكثر من 500،000 شخص إلى غاز إسوسيانات الميثيل (MIC) وغيره من المواد الكيميائية.وبلغ عدد القتلى نتيجة لذلك أكثر من  16000 !

     وفي وقت ما فيما مضي حاجج البعض بعظمة لسانهم بأن "("بناة ساليني)  شركة كبيرة ولن تقدم علي الحاق  الضرر بسمعتها ببناء سد قد ينهار لاحقا " !عجبي!"كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ" (البقرة 113) فالي أمثالهم "يساق هذا الحديث":

     سيارة فولكسفاجن والبرمجيات المخادعة:

     ان كان هؤلاء القوم لم يسمعوا بمأساة بوبال الهندية ، فيستطيعوا الأن فتح أيا من القنوات الأخبارية ليسمعوا بما أقدمت عليه شركة  فولكسفاجن العملاقة -- ودون الخشية علي سمعتها - من الغش في اختبارات قياس الانبعاثات في سياراتها التي تعمل بالديزل والذي طال  مليون وحدة من "سيارة الشعب" -- نفس الشعب من محدودي  الدخل الذي تخطب وده بأعلامها  -- يا للمفارقة !"، في جميع أنحاء العالم ، حيث تم تزويد محركات تلك السيارات بما يسمى "جهاز الهزيمة".وهو عبارة عن برمجيات ماكرة(Computer Software) تعرف متي يجري اختبارها في ظروف معملية Controlled Lab Tests) ) في الدول الأخري ، فتغيير الأداء وفقا لذلك لخفض حجم أنبعا.ث ملوثات أكسيد النيتروجين ( (Nitrogen Oxide  بينما هي في الواقع -- وهي سائرة علي الطريق -- تطلق من تلك الملوثات البيئية ما  يصل إلى 40 مرة فوق ما هو مسموح به في الولايات المتحدة مثلا !! وعندما أثارت مستويات الأنبعاثات تلك  مخاوف وكالة حماية البيئة الأمريكية عام 2014 كابرت الشركة قائلة بأن الأمر لا يعدو عن "شرود"( aberration) وانحراف استثنائي عن النتائج المقررة ، وذلك بسبب" ظروف غير متوقعة"في  العالم الحقيقي !، .بينما هي تعلم علم اليقين بأن ذلك بسبب البرمجيات المخادعة داخل محركات " سيارة الشعب " التي تبطن غير ماتظهر! 

 وهل أتاك حديث سد الموصل؟:

"وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ"

(العنكبوت 43)  

    فهذا السد الذي تم بناؤه علي نهر دجلة  بين عامي 1980-1986 ليخزن 11.1 مليارمتر3 من المياه لتوليد (3420 مليون) "كيلووات - ساعة" من الطاقة سنويا،

    بني على أساس (قاعدة) من الجبس القابلة للذوبان ("Karst "  ، وهي تضاريس أرضية  تشكلت من تفكك الصخور القابلة للذوبان مثل الحجر الجيري والدولوميت، والجبس ، والجبس هو معدن ناعم يذوب عند  اتصاله بالماء ،   وجيولوجيا ، لا يعتبر الجبس صخرا. بل هو من الرواسب، اللينة وأشبه بالسائل اللزج

    المخاوف بشأن عدم استقرار سد الموصل (Dam Instability) كانت واضحة منذ البدء:  وذلك بسبب هذه العيوب التي لا يمكن اصلاحها  في أساس السد.

    الخبراء الروس (المعادل الموضوعي  للمهندس الأستشاري الغائب) نصحوا بعدم بناء السد في ذلك الموقع بسبب طبيعة القاع القابلة للذوبان وأنها ستشكل ، قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار !

    رغم ذلك شرع المقاول الدولي (كونسورتيم ألماني إيطالي بقيادة الشركة الألمانية هوكتيف (Hochtief Aktiengesellschaft. nside)  عام 1980 في البناء ورغم أن الشركة الألمانية "هوكتيف " نفسها اعتبرت المكان  أسوأ موقع على الإطلاق عمل فيه الكونسورتيوم بسبب قاعدة  الجبس القابلة للذوبان--أي أن الكونسورتيم كان يدرك تماما -- وهو يشييد السد - أن السد سينهار يوما ما !

§        وفي عام  2006 ، أشار  تقرير من قبل "فيلق المهندسين" بجيش الولايات المتحدة (US Army Corps of Engineers--USACE)  الي:

üأنه "من حيث إمكانية التآكل (الحت) الداخلي للأساس (Foundation)، فان سد الموصل هو السد الأكثر خطورة في العالم." ....

üوان الأنهيار المفاجئ للسد سوف يغرق الموصل تحت 20 متر من المياه و سوف يغرق بغداد، إلى 5 أمتار مع وجود عدد قتلى يقدر ب (500,000 )شخص" !

§      وفي عام  2007 قالت الولايات المتحدة أن أساس السد يمكن أن ينهار في أي لحظة " !!

§     والأن يروجون لدور انقاذي لسد الموصل يقوم به "سد بادوش" القريب منه ، وان كان فقط لتخفيف اضرار الأنهيار! فقد اقترح "فيلق المهندسين" بالجيش الأمريكي USACE)) زيادة حجم "سد بادوش"  لصد أو عرقلة الموجة الكبيرة التي ستنطلق متي ما انهار سد الموصل!

§     و"سد بادوش" (بارتفاع 102 متر) هو سد متعدد الأغراض (وهوسد كهرباء  قيد التشييد رغم البدء به في التسعينات !)  على نهر دجلة بمسافة 16 كم شمال غرب الموصل وأمام (Downstream) سد الموصل في اتجاه مجري النهر(. الغرض الرئيسي من السد هو إنتاج 170 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية و التحكم بالتدفقات الخارجة من سد الموصل عند مصعد النهر( (Tailwater Upstream كما هوحال سد اسوان القديم أمام السد العالي  أوالأستخدام المستقبلي المحتمل لسد الروصيرص للتحكم بالتدفقات الخارجة من سد النهضة عند مصعد النهر((Renaissance Tailwater 

    þ        القدرات المهنية المتوفرة لأثيوبيا لبناء وتشغيل سد النهضة: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا؟ (حديث شريف)

  "نحن عندنا خبرة عن الخزانات أكبر من مصر وأثيوبيا" !  (س أ ح)  

    "ان الذي يرغب في اكتساب القدرة علي الطيران

üعليه أولا أن يتعلم الوقوف علي قدميه

üوالمشي والجري والتسلق...

      أن المرء لا يستطيع أن يطير قفزا  الي الطيران "!!

  (الفيلسوف الألماني نيتشة (Nietzsche) الذي بشَّرَ  ب" الأنسان  السوبرمان")  

   هل بوسع أثيوبيا استقطاب عدد كافي من المهنين الأكفاء--  سواء من حيث القدرات الفنية أوالإدارية -- لبناء سد النهضة؟

   من المفيد هنا التذكير باننا في السودان، وبعد تسعين عاما من بناء السدود،لا تزال دراسات مثل :

ü"اختبارات  التحجيم (أو المعايرة) التجريبية"      (Sizing Experimentation) للمفيض أو لمئزر السد(Dam Apron) ما تزال تتم  بواسطة الخبراء الأستشاريين الأجانب!

üو في بناء السدود الكبيرة لا زال" التخطيط والتركيب" هنا يسند الي الأجانب ! üولا زال  اختيار تقنية السد في يد  المهندس الاستشاري الخارجي ، فهو الذي ينتقي، مثلا:

    نوع السد وطوله

      المنشآت التحويلية  (Diversion Structures  على سبيل المثال ماسورة تغذية التيربينات (Penstock) ،

    مآخذ مياه (Water Intake) وأ حواض التوازن(Surge Tanks)  وما إلى ذلك  

 و التوربينات وغيرها،      كل ما تقدم يشيء بان المسار الذي اتبع لتطوير قدرات وخبرة بناء الخزانات في السودان كان عقيما، ومن هنا نشأت مبادرة هذا الكاتب التي أشرنا اليها في الجزء الأول من هذه الحلقة

بتطوير "رسم بياني خطي" لمهام تشيد سد مروي للخروج ليس فقط بسد ، بل بكوادر مدربة علي تشيد السدود من ألف الي ياء !  

   وان كان المسار السوداني في تشييد السدود قد اتسم بالعقم  ، فهو أكثر عقما في حالة أثيوبيا ، فلما التمس المكتب الأستشاري الدولي     (IPFDR) المكلف بمراجعة "الفيضان التصميمي لمفيض سد الروصيرص" (Spillway Design Flood) ، لما التمس هذا المكتب عند أثيوبيا "المعلمات"  الضرورية ل "لتحليل الهيدرولوجي"  لمهمته ، جاء في تقريره ما يلي:

   The “Int’l Panel on Flood Discharges for the Roseires Dam (IPFDR)” in Collecting Data --Mainly from Ethiopia-- found  (that):

o  Rainfall Records in Ethiopian Highlands Are Scanty

o  “No Stations in Several Important Areas” in Ethiopia

o  “The Quality of the Data is Not Very High”

o  “Stations…Considered Good Had Deteriorated in 1960”

o  “Useful Rainfall Records from Sudanese Territory…Representative Only for D/S End of Basin…Where…Rainfall Regime Is Already In Transition to A Different Pattern”

o  “Italian Data Exhibit Internal Discrepancies”

    علما :

    بأن "سجلات الأمطار" الأثيوبية المشار اليها عاليه (والتي وصفها التقرير "بالهزيلة) ، والسجلات الأيطالية (التي وصفها با "الحافلة  بالتناقضات ") ، هي التي يستقي منها  تقدير "الفيضات الأقصي المحتمل" (Probable Maximum Flood) ، والذي يستخدم في تقديرحجم "الفيضان التصميمي للمفيض" Spillway Design Flood،  أي الفيضان الذي يستطيع سد  النهضة تمريره بأمان دون انهيار!

    وبأن "التحليل الهيدرولوجي" (Hydrologic Analysis) هو المفتاح الأساسي للدراسات الهيدروليكية (Hydraulic Studies) التي تتشكل منها قدرات وخبرات تشييد السدود وتشغيل الخزانات لدي بناة السدود في أثيوبيا أو السودان!  

v             منظومة دراسات الجدوي المتكاملة لسد النهضة:  

الخطأ زاد العجول" (مثل عربي ينبيء بأنه ما  عجّل  امريء من أمر إلا أخطأ قصْدَ السبيل(

     "أثيوبيا لم تعمل دراسة جدوي للسد: لا "اقتصادية" ولا "بيئية"(انتهي) (أم أ،  في ندوة سد الألفية الإثيوبي بدار المهندس June 10, 2013)    بينما بيان مدير "هيئة البيئة الاثيوبية" أشارالي "أنه تم اجراء دراسة أولية للأثر "البيئي والاجتماعي" لسد النهضة. وقد أظهرت الدراسة أن  الآثار السلبية تكاد تكون معدومة" (انتهي)!!

  أية دراسة يعنيها هذا المَسْؤُولٌ ؟!

  هناك سبع مراحل لدراسات الجدوي (قل ان شئت سبع دراسات جدوي)  ينبغي القيام بها  لأي مشروع مائي، لا واحدة ! وينبغي أن يجتازها المشروع واحدة تلو الأخري -- كما في سباق الحواجزللخيول( (Jump Racing or Steeple Chasing  ،  قبل أن يتم قبول المشروع (أي قبل أن يسقط "الحصان" ويستبعد من السباق !)وتتمثل هذه الدراسات في:

à    الجدوي العلمية (Scientific Feasibility)والتي تعني بالأجابة علي السؤال الأتي:

Pهل سد النهضة - بالمعايير العلمية - مشروع رائد أم ذو تكنولوجيا راسخة؟

à    الجدوي التقنية   (Technical Viability) وتعني بالأجابة علي السؤال الأتي:"هل يمكن قيام المشروع؟"

Pبمعني هل خواص الموقع والحوض (الهيدرولوجيا والجيولوجيا والطبوغرافيا الخ ... في الموقع المختار) تسمح بقيام السد؟

Pوحدة الطاقة المستهدفة(هنا 6000 ميقاوات) ، هل تأمن الموثوقية بجانب خفض الكلفة؟ (عادة  أقل من 1000 MW يعني درجة أعلى من الموثوقية وانخفاض تكاليف نقل الطاقة ، في مقابل وفورات الحجم للتصنيفات لأكثر من  1000 MW)

à    الجدوي الأقتصادية  (Economic Feasibility)

Pوهي تعني بمدي فعالية المشروع من حيث الكلفة (Cost Effectiveness) ؟

Pوماهي نسبة الكلفة للفوائد في "تحليل التكاليف والفوائد" (C/B Analysis)؟

Pوكم هو حجم التكلفة الأولى، وتكاليف دورة الحياة،(Life Cycle Costs) ومدي انخفاض كلفة الصيانة والتشغيل  O Costs) & M)

Pكم هي كلفة دمج (Phasing-in) محطة التوليد الجديدة في  النظام القائم؟   à    الجدوي الأدائية (Operational Feasibility)

Pما مدي سلامة السد؟، وما درجة الموثوقية واستقرار الأداء Stability of Operation)) فيه؟

Pما هو تقديركلا من العمر التصميمي والاقتصادي (Economic   (Design والعمر الخدمي (Service Life)  والعمر الطبيعي (Physical Life)  قبل ان يمتلئء الخزان بالطمي؟

P ما مدي توافق النظام (System Compatibility)، وما مدي توافق السد مع السدود القائمة ، وتكامل غرضة المعلن (بانتاج الكهرباء) مع الأغراض الأخري التي تنافسه في استخدامات المياه؟

à    الجدوي المؤسسية والسياسية—

ما هي فرص انجاز المشروع سياسيا ومؤسسيا؟

(Institutional & Political Realizability) 

üما مدي تصادم أو تكامل المشروع مع مصالح  وسدود دول الجوارالأقليمي ؟

üما مدي التكامل المؤسسي داخل منظومة السد و ما مدي توافق المعدات مع بعضها؟

üما هي ضمانات محطة توليد الكهرباء والبرامج و دعم قطع الغيارالتي يمكن الحصول عليها من بناة السد

üكيف سيكون توزيع حقوق المياه الأقليمية بعد قيام السد ؟

  à    الجدوي المالية:

P  ماهي مصادر التمويل  الخ ؟

  "إثيوبيا لن تتوقف ابدا عن بناء السدود الكهرمائية لعدم وجود دعم خارجي! "إن سد الألفية يقدم أيضا فرص متبادل المنفعة إلى السودان ومصر. في الواقع، يمكن للمرء أن يتوقع هذه الدول أن تكون مستعدة لتقاسم تكاليفه بما يتناسب مع المكاسب التي سوف تجنيها كل دولة، وعلى هذا الحساب، فالسودان قد يتقدم لتغطية 30 في المائة ومصر 20 في المائة من تكاليف المشروع بأكمله"(زيناوي)Alpha  

  à    الحكومة الأثيوبية ذكرت أن تكلفة بناء السد هي  4.8  مليار دولار أمريكي ،

à    ليمول –علي الأقل جزئيا ، حوالي 3  مليار دولار -- ذاتيا من خلال  أصدار السندات،(حتي نوفمبر 2012 كان المبلغ الذي جمع من بيع السندات هو277 مليون دولار فقط ) ، بينما التوربينات والمعدات الكهربائية المرتبطة بها من محطات الطاقة الكهرومائية بكلفة  حوالي 1.8 مليار دولار أمريكي ممولة من قبل البنوك الصينية

     والجدوي المالية هنا تعني بتوفر المخصصات المالية حتي اكمال المشروع (Financial Viability)

    و يمكن الحكم علبها من خلال معاير معروفة مثل التدفقات النقدية المتوقعة والربحية وتمويل المشروع من حيث هيكل رأس المال الخ، وعلي سبيل المثال :

üماهي مصادر التمويل  الخ...؟

Pما مدي توافر التمويل وتحت أي شروط؟

Pما مدي تأثر المشروع بالآثار التضخمية للأقتصاد؟

  à    الجدوي الأجتماعية والبيئية للمشروع:وهي تعني بالسؤال الجوهري الذي يعلو علي كل الأسئلة الأخري:

هل ينبغي  القيام بهذا المشروع؟ أي هل يجب بناء السد أصلا؟

    بمعني ما هي مقبولية المشروع اجتماعيا و بيئيا والمتمثلة في :

§     "تقيم بيئي" ايجابي (Environmental Assessment)  ، متبوعا   ب:

§     "بيان للأثار البيئية للمشروع (Environmental Impact Statement وهل يفضي المشروع الي :

üتمزيق (الحاق الفوضي ب) النظام البيئي  Eco-System ؟

üتراكم الطمي في الخزان والإتخامية (Eutrophication)

§     نظام الحساب الرباعي (The “4-Account System”):

    أي أن  مشروع توليد الطاقة الكهرمائية  ينبغي أن يكون معني بتعزيز"الرباعية التنموية" التالية:

§     التنمية الاقتصادية

§      والتنمية الاجتماعية

§     والتنمية الإقليمية

§     والتنمية البيئية

أي تأثير السد على حياة المجتمع وعلي المياه واستخدامات الأرض

§      علما بأن  السياسة البيئية الوطنية  للولايات المتحدة في شأن السدود تطلب (بموجب قانون 1970):

à     القيام بتقيم بيئي (Environmental Assessment)، ثم

à    اتباع ذلك ب "بيان الأثر البيئي"                Environmental Impact Statement   علي أن يشمل "بيان الأثرالبيئي" :

Pالفوائد (Benefits) الناتجة عن السد (الزراعة والمياه، ومنع الضرر والطاقة)،

Pوالأضرر

P والتأثيرات على جيولوجية المنطقة

P وما إذا كانت التغييرات في  تدفق المياه ومناسيبها  سوف  تزيد أو تنقص الاستقرار، وتخفض وتيرة وجودة الحياة  البشرية

    ولا يبدو أنه قد تمت حتي الان اي دراسات جادة لتقيم الأثر   الأجتماعي والبيئي لسد النهضة(Environmental and Social Impacts)  .وفي ظل ضبابية  الأهداف  والأغراض البادية للعيان ، يبدو أن ماتم من دراسات لم يتعدي تلك الدراسات الأستطلاعية الهندسية والجيلوجية للحوض والحبس وقاع النهر ومادته   والتصوير الجوي(Reconnaissance Surveys) ، وكثير من هذه الدراسات كان قد قام بها "مكتب استصلاح الأراضي" الأمريكي (US Bureau of Reclamation) بدءا من عام 1964!  

التداعيات الخطيرة علي سد النهضة من غياب منظومة دراسات الجدوي المتكاملة:   لا يمكن تصورأن  أثيوبيا ستقفزالي مرحلة التصميم الهندسي الأساسي -(Preliminary Design) -- أهم مراحل التصميم الهندسي - في غياب دراسات الجدوي (Feasibility Studies)   التي لم يكن هناك بيان ذو مصداقية بوجودها ،الأ بتعظيم مخاطر انهيار السد  ف "الخطأ زاد العجول" ، اذ أن تلك ستكون قفزة في الظلام حيث أن معلومات دراسات الجدوي تمثل مدخلات اساسية:

üلتبني "تصورمحدد للتصميم "(Design Concept) ،

ü و لتعريف النظم والبني ومكوناتها

üولأستشراف الأداء المستقبلي

üولتقدير الكلفة ، وأهم من ذلك ،

üهي تمثل مدخلات اساسية لمرحلة "التصميم التفصيلي" (Detailed Design) التي تلي مرحلة التصميم الأساسي!  

 نأمل أن يكون القاريء الحصيف قد ادرك الأن أن تزامن غياب طيف دراسات الجدوي المتكامل مع غياب  "المهندس الاستشاري" هو في الواقع دعامة وأث الخلافات الحالية بين الفرقاء حول سد النهضة

 وأنه لوكان قد تم أقامة منظومة دراسات الجدوي المتكاملة وبحضور المهندس الأستشاري ، لما كان بوسع هذا المهندس الا أن يذهب  مع اجماع الخبراء العالمين من قبله

v                 فقد كان هيرست وبلاك (أبرز  الهيدرولوجيين الذين ارتبطت  اسماؤهم بدراسات ضبط النيل) قد استبعدا قيام خزان كبير الحجم(Over-year-Storage) في حوض النيل الأزرق بمجمله، عدا بحيرة تانا

v                وبعده  نأت  "خطة وادي النيل" (Nile Valley Plan, NVP) ، بنفسها عن الموقع الحالي لسد النهضة:

à  فهي -- كما هيرست وبلاك -- لم تراه صالحا للتخزين المستمر، (Over-year Storage  ) ، رغم أن احد أهم أهداف الخطة هو توفيرأكبر قدر من الامداد الموثوق به من المياه للجميع !

à  بل هي  لم تراه الأصلح للتوليد الكهربائي،  رغم أن احد أهم أهداف الخطة هو توليد الطاقة  الكهرومائية من كل المواقع علي النهرالصالحة لذلك !

v        ثم جاءت بعد ذلك دراسة مكتب استصلاح الأراضي الامريكي عام 1964 ، والذي اقترح (لنفس الموقع) ،  "سد الحدود" (Border Dam) :

ü          لكن بسعة (11.1) مليار م3 ، لا 74 مليار م3!

ü     وبارتفاع 85 متر لا 145 متر مما يعني الكثيرمن الفقد بالتبخر،  فالفقد بالتبخر يزداد مع كبرحجم الخزان وجسامة مسطحه الذي في حالة خزان سد النهضة يفوق مسطح كل سدود السودان مجتمعة

ü     ولتوليد 1400 ميجاوات ، لا 6000 ميجاوات  حسب زعمهم (رغم أن القدرة المركبة -- أي التوليد الكهربائي عند سد النهضة -- وفق حساباتنا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة -- هي في حدود  (1639) ميقاواتس ،أي أقل  من ثلث ال 6000 ميقاواتس  التي روجت لها هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية! )

v   فهذا الأجماع الذي  حدا بكل اولئك الخبراء لأستبعاد قيام تخزين مستمر– في موقع سد النهضة أو أنه  الأصلح للتوليد الكهربائي ،  لا شك أنه  بسب عدم استيفاء الموقع لكل أو أغلب الأعتبارات الهندسية و الجيولوجيا الهندسية عند الموقع:

à      كعدم استقرارالتصريف النهري (River Flow)عند الموقع ، والذي هو ذو تأثير مباشر علي حجم الطاقة التي يمكن توليدها من الموقع ،

à      وعدم نفاذية (Impermeability) الصخور أو التربة المحيطة ، اذ ان الأساس الطمي (Silt Foundation) يحظرقيام  السدودالركامية

الصخرية(Rockfill Dams) كسد النهضة السروجي  وقد كان  بناة سد الروصيرص(شركة أمبرسيت قيرولا لوديقياني الأيطالبية) قد اكتشفوا أن طبيعة الأساس (Foundation Conditions)  في منطقة  الروصيرص شديدة الصعوبة (وهي منطقة يرجح أنها تماثل منطقة سد النهضة) ، فتحت الطبقات السطحية من الأساس الطيني الصلصالي والرمل، يتكون الصخر من خليط من النايس (الصخر الغرانيتي المتحول) ، الغرانيت ومن البجمانيت        ( الصخر الناري متباين الطبقات) وجميعه متفكك (Weathered)لأعماق بعيده وعلي نطاق واسع

à    وأيضا بسبب غرينة الخزان (أي الترسب الكبير المحتمل الإطماء في الخزان

à    وبسبب زلزالية الموقع(Seismicity)، أيالصدع  الزلزالي في المنطقة وماحولها Earthquake Faults) –

o  فالتصدع النشط (Active Faulting) يمنع قيام السدود الخرسانية(Concrete Dams كسد النهضة الرئيسي

o  والسدود الكبيرة في المناطق الجبلية خاصة تجهد  قشرة الأرض ،  وكان بروفيسور كريس هارت نادي( Hartnady من جامعة  كيبتاون)  قد أشار الي أن وجود مثل هذه السدود في منطقة ناشطة  تكتونيا (وغير مستقره)  كما في حالة  الصدع الأفريقي العظيم ومنطقة الحدود بين حوض الرمل  النوبي والصفائح التكتونية الصومالية،  قد يجعلها أكثر  خطرا لأفريقيا من خطر تغير المناخ ،خاصة للسدود الثقالية ( Gravity Dams، كسد النهضة)، وفي عشرة من هذه السدود في المناطق ذات التوازن التكتوني الدقيق--  من الجزائر والهند وليسوتو إلى زامبيا --  قدح الملء الأول للخزان زناد الزلازل في الموقع!

à    وبسبب جيولوجيا الأساس  (Foundation)في موقع السد: فالسد الثقالي الخرساني( Concrete Gravity Dam)كسد النهضة –يتطلب بنية صخرية تحتية سليمة (Sound Rock  Foundation، وقد يعاني الأساس أيضا من:

üوجود انهيارات أرضية(Landslides)  وعدم استقرار المنحدر  (Slope Instability)، و تحدث الانهيارات الارضية عندما يتغير استقرار المنحدر مثلا نتيجة  لأسباب طبيعية مثل الجيولوجيا الأثيوبية المعقدة أوبسبب ارتفاع وهبوط مناسيب المياه المتواتر في  خزانات سدود أثيوبيا  الكهرومائية

üوعندما يعمل ضغط (منسوب) المياه الجوفيةعلى زعزعة استقرار المنحدر

üأو عندما تعمل الزلازل في  تسييل (liquefaction) المنحدرات وزعزعة استقرارها             كما حدث  لسد قيبي الثاني(Gilgel Gibe II 

            وسد تكيزي (Tekeze) أيضا     

 تجاهل كل تلك الأعتبارات  -- ولا شك - - سيؤسس لنزاع دائم في حوض النيل حول حقوق المياه ومخاطر حبسها واطلاقها ،حتي لو لو بقي السد ثابتا ثبات الأهرام  وحتي لو خبأت وتيرة الجدل الحالي حوله!     

"يثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ"(ابراهيم 27)             بروفسير قريش مهندس مستشار و خبير اقتصادي دولي في مجالات المياه والنقل والطاقة والتصنيع، بجانب خبرته في مفاوضات نقل التكنولوجيا وتوطينها و في مفاوضات نزاعات المياه الدولية واقتسامها وقوانين المياه  الدولية

        بروفسير قريش حائزعلي الدكتوراه الأولي له  (Summa Cum Laude) من جامعة كولمبيا الأمريكية في هندسة النظم الصناعية والنقل  والتي أتم أبحاثها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا M.I.T.))  حيث عمل زميلا في "مركز الدراسات الهندسية المتقدمة" بالمعهد، وحيث قام بوضع مواصفات تصميمية أولية لطائرتين تفيان بمتطلبات الدول النامية مع الأختبار الناجح للطائرين علي شبكات طيران الدول النامية من خلال أساليب المحاكاة الحاسوبية الرياضية وتفوقهما علي الطائرات المعروضة في الأسواق ،  وهو أيضا حائز علي ماجستير الفلسفة (M.Phil) بتخصص في التخطيط الاقتصادي والاقتصاد الصناعي من نفس الجامعة و حيث انتخب عضوا في" الجمعية الشرفية للمهندسين الأمريكيين"       (Tau Beta Pi ) ورشح في نفس السنة للقائمة العالمية للمهندسين الأشهر (Who's Who)

         بروفسير قريش حائز أيضا علي دكتوراة ثانية من جامعة مينيسوتا الأمريكية في موارد المياة بتخصص في الهيدرولوجيا وعلم السوائل المتحركة (الهيدروليكا)، وعلي ماجستير إدارة الأعمال من جامعة يوتاه الأمريكية بتخصص اقتصاد وبحوث العمليات،  بجانب حصوله علي شهادة في النقل الجوي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (M.I.T.)و علي شهادة في "العلوم والتكنولوجيا والتنمية" من جامعة كورنيل الأمريكية

وفي جانب السيرة العلمية العملية، فقد عمل بروفسير قريش كمساعد باحث بجامعة ولاية يوتاه الأمريكية ، ثم باحث أول بالمجلس القومي للبحوث ومحاضر غير متفرغ بجامعة الخرطوم وعمل بعدها كبروفيسور مشارك في جامعتي ولاية مينيسوتا الأمريكية وجامعة الملك عبد العزيزبجدة ، ومستشارا لليونسكو بباريس و مستشارا للأمم المتحدة (الأسكوا) ، وخبيرا بمنظمة الخليج للأستشارات الصناعية

        في الجانب المهني، بروفسير قريش هو مهندس بدرجة مستشار" في" المجلس الهندسي السوداني" وزميل في "الجمعية الهندسية السودانية" وعضو مجاز في" أكاديمية نيويورك للعلوم" ومجاز "كعضو بارز في جمعية هندسة التصنيع الأمريكية كما هو مجاز "كعضو بارز" أيضا من قبل "معهد المهندسين الصناعيين" الأمريكي وعضو مجاز من قبل "معهد الطيران والملاحة الفضائية"  الأمريكي وعضو مجاز من قبل "الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين" والمعهد الأمريكي للعلوم الإدارية و الجمعية الأمريكية لضبط الجودة والمعهد البريطاني للنقل     

E-mail: blacknims2000@hotmail.co.uk   References:

1.   Jones,D. “Taking Britain to the World”, Electronics & Power, Jan.1986

2.   Wood, A. et al.”The Role of the Consulting Engineer in the Design of High-Voltage Power Transmission Projects Overseas”, IEE Proc., Vol 130, No. 4, June  1983 3.   FIDIC”S.Frick-Meijer , 1977. “The Advantages & Disadvantages of Turnkey”, in FIDIC “ The Function of the Consulting Engineer in the Developing World” 4.   U S Department of The Interior, Bureau of Reclamation. 1977. “Design Criteria for Concrete Arch and Gravity Dams”, Water Resources Technical Publication Engineering Monograph No. 5.   http://en.wikipedia.org/wiki/Grand_Ethiopian_Renaissance_Dam 6.   http://grandmillenniumdam.net/al-bashir-sudan-supports-construction-of-the-grand-ethiopian-renaissance-dam/ 7.   http://www.gerd.gov.et/web/guest/abbay-basin-study?p_p_id=56_INSTANCE_Ydc4&p_p_lifecycle=0&p_p_state=normal&p_p_mode=view&p_p_col_id=column-1&p_p_col_count=1&page=10 8.   http://danielberhane.wordpress.com/2011/09/20/facts-grand-ethiopian-renaissance-dam/ 9.   Updated] Facts | Grand Ethiopian Renaissance dam -  Posted by Daniel Berhane on Tuesday, September  20, 2011 10.     http://en.wikipedia.org/wiki/Causes_of_landslides 11.     http://www.bbc.com/news/business-34324772 12.     Mohmed El Rashid Goreish The Choice of Technology in Developing Countries, 1985.Doha Modern Printing Press 13.   محمد الرشيد :قريش ديناميكية نقل التكنولوجيا في الدول العربية 1981 الناشر دار الثقافة 14.   محمد الرشيد قريش- أستدعاء التاريخ: لمن تقرع أجراس التكريم في تشييد وتعلية سد الروصيرص 2013 15.   الرشيد في مئويته : احتفائية احياء ذكري المهندس المستشار الرشيد سيد أحمد قريش 2014  

 

آراء