الفيلم الكندي ” عالمان “: قد نخرج من الوطن المنكوب لكنه لن يخرج منا .. بقلم : بدرالدين حسن علي
badrali861@gmail.com
منذ أول فيلم سينمائي شاهدته في حياتي " صراع في الوادي " لسيدة الشاشة العربية النجمة فاتن حمامة وعمر الشريف ، تعلمت ضرورة وأهمية الحرية للسينما ، لا يهم أن تتفق أو تختلف حول فيلم ما ، ولكن من المهم جدا أن تحظى السينما بالحرية ، وأن تكون النظرة إليه موضوعية .
سوريا اليوم تمر بظروف صعبة جدا ، والأوضاع فيها متردية جدا ، وبالطبع لا يمكن فصل الفن عن حياة البشر ومعاناتهم وظروفهم ،سوريا اليوم دخلت بين كفي كماشة ، الولايات المتدة وأتباعها من جهة ، وروسيا وأتباعها من الجهة الأخرى ، كل طرف يسعى لتحقيق أهدافه وأجندته ، ولكن يلاحظ أن روسيا ترمي بثقلها في سوريا لمنع أمريكا وإسرائيل من أخذها لقمة سهلة ، خاصة وأن داعش أيضا لها أجندنها ، ولا ننسى الجيش الحر وقوى أخرى لها أجندتها ، ووسط هذا الزخم السياسي المتصارع هتاك الفن ، وهناك حرية الفن
| مؤخرا شاهدت فيلم "Deux mondes"، أي "عالمان"، شريط قصير مدته ربع ساعة، بطلاه سامي الذي جاء إلى مونتريال هرباً من جحيم الحرب في سوريا، حيث تعرض للتعذيب بسبب معارضته النظام الحاكم، وعمه أحمد الذي هاجر إلى مونتريال قبل 30 عاماً بعد أن سُجن بسبب معارضته للنظام.، فيلم رم مدته القصيرة يعكس الصراع الدائر في سوريا .
الممثل اللبناني المقيم في كندا إيلي جان طحشي يقوم بدور سامي، فيما يقوم الممثل الكندي المغربي الأصل محمد لطفي، المعروف في الوسط الفني الكيبيكي بدور أحمد. .
والفيلم من إخراج الكندي اللبناني الأصل المولود في ساحل العاج ستيفان مكرزل والأميركية التونسية الأصل مريام جوبر.
يرينا الفيلم أن سامي غير مندمج في محيطه الجديد: هو غير متحمّس للعمل في مطعم عمه حيث يعمل في غسل الصحون، هو في كندا بجسده لكنه لا يزال في سوريا بفكره وذهنه.
ونرى سامي في وضع نفسي بالغ الصعوبة وفي حالة ندم مرير على مغادرة سوريا عندما يعلم بوقوع انفجار في دمشق في محيط الجامعة التي تدرس فيها شقيقته نسرين ، الإنفجار أوقع مئات القتلى والجرحى، وجعل أسرة نسرين دون أخبار عنها: هل قُتلت؟ هل نجت؟ أم هي في عداد المفقودينكما يقول له عمه أحمد. أما سامي فمقتنع أنها قُتلت في الانفجار، وهذا ما يزيد من غضبه وندمه على مغادرة الوطن ويعزز لديه الرغبة بالعودة إلى سوريا. أما عمه فيقول له "سوريا انتهت".، وضع شبيه بما يحدث في السودان بسبب الحرب
عُرض فيلم "Deux mondes" في مهرجان كان السينمائي الدولي في (مايو) الماضي في إطار "زاوية الأفلام القصيرة" (Short Film Corner) بعد أن تم اختياره لهذه الغاية من قبل مؤسسة "تيليفيلم كندا" (Telefilm Canada) التابعة لوزارة التراث الكندية، وهو لم يُعرض بعد في كندا.
عندما شاهدت الفيلم حالت في خاطري مآسي الحرب ومخاطرها ، القصص المحزنة التي تفجرها الحرب ، الثمن الغالي الذي يدفعه الشعب ، بعد الفيل جلست أفكر وأتساءل ما هو الصحيح ؟ سؤال قاسي مع هذا التفكك العربي والصراع المر في داخل سوريا والإعلام الذي لا يكف عن توصيل رسالته بطرق شرعية أو غير شرعية ، الفيلم قطعة موسيقية حزينة !!!