بل تملكوا جنسيات وأراضٍ وأموال وصعدوا سلم السلطة !!
وهذا أمر خطير يتعين التنقيب والبحث عن جذوره ، واستئصال هذا الخَبث .هذا يسمونه الغزو ، لا الهجرة . إن التغيير الديمغرافي الذي طال ما تبقى لدينا من وطن ، يتمّ بالسكوت عليه ، أو يتمّ عن قصد من المتنفذين في الدولة ، بغرض تغيير التركيبة السكانية في السودان . وفتحت الحروب الأبواب على مصاريعها لدخول المهاجرين بلا ضابط . تجد الاستيطان والتجنس وتمليك الأراضي ، بل الصعود إلى السلطة . وصار مسئولون حكوميون من دول غرب إفريقيا التي لا تجاورنا تتحدث عن مواطنين يتبعون لها بالملايين في السودان!.
(2)
السودان يتآكل من أطرافه لصالح دول الجوار :" الفشقة " جوار إثيوبيا ، " حلايب" جوار مصر، والأخيرة تكاد مساحتها أن تكون ضعف مساحة دولة لبنان ! .وجنوب السودان الذي انفصل عن الوطن الأم، لديه قضايا تنتظر مثل منطقة " لامى " بكينيا وغيرها ، علماً بأن قصة " إتفاقية نيفاشا " لم تزل تنتظر توضيح وتقسيم الحدود ، ولم يتمّ حلها قبل الانفصال ، وكان أسهل حينذاك، أما الآن القضايا بين دولتين والأمم المتحدة !!. كلها قضايانا تنتظر ، ولكن الدول التي تحتل أطراف ما تبقى من السودان ، تسعى بقانون " وضع اليد " أن يصير الاحتلال ملكية ، خاصة وأن وُلي الأمر في الدولة السودانية لا يطالبون ، وقضية " حلايب " تنتظر القانون منذ حكومة رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب !
(3)
لكل دولة من دول العالم حدود سياسية جغرافية معروفة ولا تتلاعب بأمنها القومي ، بغض النظر عن منْ خطط لهذه الحدود: أهلها أم المستعمرون، ولكن كل دول العالم لديها عيون ساهرة تترصد المهاجرين غير الشرعيين . ولا أحد يدخل دولة ويعيش ويتملك ويتجنس بلا ضابط كما يحدث في السودان . أجهزة أمنية عندنا ، بل إمبراطورية أمنية تُلاحق السودانيين دون غيرهم ، ولا أحد يلاحق الأجانب ! . إن التغيير الديمغرافي الذي يتم الآن في السودان ، بوعي أو بدونه ، قنبلة هيدروجينية تنتظر ميعادها . فالعابرون من خلال حدود غرب السودان ،هم من أبناء دول حتى لا تجاورنا ،والعابرون اليوميين من الحدود الأثيوبية بالآلاف، هم قضية متعلقة بأمن الدولة المباشر . وليس من المعقول أن يتكون هذا الجسد الأمني الأخطبوطي ، وليس له شاغل بشأن آلاف أو ملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون السودان من حدوده الغربية ، ولا أحد يرصد أو يريد أن يعرف .
نعلم أن الوطن احتله فصيل صغير ، امتلك الثروة والأرض واستعبد الناس لصالح التنظيم الدولي ، ولكن الغزو الممنهج إلى دولة تغلي من الحروب وعدم الاستقرار ، والهجرات الداخلية والخارجية منها . فسيضيع دون شك ما تبقى من دولة ، عبث بها الإخوان المسلمين بشرائحهم أكثر من ربع قرن .
كل الهّم الأمني الذي نعرف : الصحف والنساء أو متابعة المختلفين سياسياً مع النظام !!.
(4)
يبدو أن للسلطة يد فيما يتم ،وأذكر مقولة مشهورة لوزير التعليم العالي للإنقاذعند افتتاحه قاعة محاضرات في امتداد كلية الصيدلة بجامعة الخرطوم مطلع تسعينات القرن الماضي :
( إن ثورة التعليم العالي ، ليست للسودانيين وحدهم بل لكل مُسلمي العالم )!!!
إن المرء في حاجة لحشد الكثير من المعلومات ليستنطق الرؤى الغاطسة في أكمة غزيرة ،مثل التي نعيشها نحن في السودان . أعراق وثقافات وأراضٍ سيتعب الفكر إن تأمل حصادها برويّة . ففضاء السودان بحاجة إلى معرفته ومعرفة القوانين التي تحكم هذه الشعوب ، لتستضيء الطريق إلى الاستقرار، دع عنك التطور . أمامنا خليط ديمغرافي متنوع ، حدوده السياسية الوطنية لم تزل منهوبة ، من استقواء دول الجوار حيناً ، ومن غزو البشر دخولاً إلى السودان دون وسائل ضبط ، أو إحصاء حيناً آخر . ولا أجهزة أمنية يهمها السكان أو الوطن . فيد الدولة للاستقواء بالسكان الأجانب دون قيد أو شرط ، وجلبهم عن وعي وعن غفلة أسهم في التدهور ودخول أشكال جديدة من الجرائم على أهل وأرض السودان . مواد مُخدرة بتجارتها الرائجة .إن سودان القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، المفتوح على كل الأجناس السكانية ، لا يصلح نظامه اليوم . وللدول حدودها. وقد أقام الحكم الثاني الاستعمارياتفاقيات حدود ، وشكل قوات " الهجّانة " بالجمال لمراقبة الحدود ، فماذا تفعل الدولة الآن ، وهي تتفاخر بصناعة طائرات بدون طيار !!! . إن انعدام الأمن للسكان السودانيين ، أوجدته تلك الشعوب التي تدخل السودان بلا ضابط ، بل ويشجعها قانون جنسية خمس سنوات ، وهو الوحيد المتراخي من بين قوانين دول الجوار أو دول العالم . لن تُهاجر أمريكا إلا بفئة تعليمية معروفة ، و تجتاز فحصاً صحياً دقيقاً . أما التفريط الصحي عندنا فحدّث ولا حرج .
(5)
هذا التفريط والإفراط ، جعل قياديين سياسيين متنفذين من دولٍ لا تجاورنا مثل " نيجيريا " و " مالي " يتحدثون عن وجود سكان يتبعون لهم بالملايين ،موجودون في أرض ما تبقى من السودان . لا إحصاء من قبل القائمين على الأمر ،والمتنطعين بالوصاية علينا بالأمن العام. ويسهر المنتسبين إليهم بمتابعة أزياء الإناث ، في حين أن أمن الدولة الحقيقي مُهدر . فحملات التجنيس بدأت منذ عهد قديم على استحياء ، ولكن من بعد 1989 ، من بعد الإنقاذ تسللت أجناس من دول لا تجاور السودان مثل نيجيريا ومالي والنيجر ، ومن غيرها.فليسأل المواطن المؤسسة الكُبرى التي تسمي نفسها بالأمن والمخابرات ، ما الذي يحدث ؟! ولماذا يحدث ؟!. فجرائم المخدرات واغتصاب الأطفال والتهجم على المساكن ، نهب أو نهب مسلح ، وهجرة السكان ليلاً من الأسواق والأماكن العامة تأميناً لسلامتهم . وشراء الأسلحة ، شرعية أو بطرق غير شرعية ، هي مؤشرات الانهيار الأمني والصحي والاقتصادي والتعليمي...الخ .
(6)
إن التغيير الديمغرافي، غير الشرعي و غير المقنن في السودان، بسبب دخول مهاجريين بصورة عشوائية ويومية ، حتى من دولٍ ليس بينها وبين السودان حدود ، يعتبر قضية تعلو على التناقضات بين السودانيين . وهي قضية انفلات الوطن من قبضة السودانيين إلى قبضة غيرهم . هذا الزحف اليومي ، من خلال حدود لا أحد تحميها ، إلا بنقاط جمارك أو نقاط حدود ،لن تتعرف على هيكل القضية التي نحن بصددها . من المهم فتح الملفات المستترة ،واستدراك ما فات ، وأيضاً ومحاسبة الذين أسهموا في هذا التفريط .
(7)
مخاطر الكثافة السكانية من تمدد سكان دول جوار السودان. وحسب إحصائية يوليو2015 : إثيوبيا 90 مليون نسما ، مصر تقريباً 90 مليون نسما ، والسودان 38 مليون نسما . هذا يعني حصار حقيقي ، ثم تمدُد لاحق على أرض السودان ، حيث المُنخفض السكاني ، فماذا أعددنا لمثل هذا التدفق ؟!. إن الدول التي في وضع السودان تحتاج قوة عسكرية يُعمل لها حساب ، تدفع البلاء عند حدوثه ، لا أن تحل الدولة الجيش خوفاً من انقلاب مضاد ، كما فعلت دولة الإخوان المسلمين !!!.
(8)
هذا المقال إطلاق رصاص تحذيري ، للذين يهمهم الأمر مباشرة ، ليلتفتوا لقضية نقل مُصائب دول الجوار إلينا ، ونحن مُنشغلين بأنفسنا . وصدق الحجّاج بن يوسف الثقفي ، حين كانت وسيلته لضبط حكم الخلافة الإسلامية -وهي شغل الإسلاميين اليوم - ( بشغل الناس بأنفسهم) ، وهي تعويذةالسِّحر الذي استخدمها من قبل كبيرهم الذي علّمهم السحر ، أيام كان يتقلب في نعيم السلطان !!