وقفة جنيف …. بين الحقيقة والتزييف !!

 


 

 

awatif124z@gmail.com

 

    أولا أرجو أن اعتذرعن تأخير الكتابة حول هذا الموضوع  لأولئك الشباب الذين لبوا النداء و تجمعوا     هناك .. وأزجي لهم الشكر مجدولا بالتحية والتقدير .

    أما تلكم الحقيقة التي أعنيها هنا فهي أن الوقفة قد تمت كما أردناها و في المكان المحدد  وهو ميدان الكرسي المكسور الشهير أمام مبنى الأمم المتحدة في قلب العاصمة السويسرية جنيف وفي الزمان المقررأيضا هو الثانية ظهرا من يوم 29-9-2015 .. وقد نفذها 91 شاباً وشابة من اللاجئين السودانيين في 6 دول أوروبية تنادوا جميعاً اثر نداءات ثلاثة كنت قد وجهتها لجميع اللاجئين السودانيين في مختلف دول أوروبا وعبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي لاسيما صفحتي على الفيس بوك والواتساب ..من تلك النداءات :

    نداء جديد وعاجل وهام لجميع اللاجئين السودانيين باوروبا  كانت وقفة منظمة ومشرفة امتدت لأكثر من ساعتين دوت خلالها الهتافات
    المنادية بتقديم المشير الهارب للعدالة الدولية ومنددة بممارسات النظام السوداني وانتهاكاته الفاضحة والمستمرة لحقوق الانسان السوداني لاسيما في مناطق دارفور وجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الازرق .

    الوقفة التي تخلف عنها  للأسف مدّعو المعارضة من الذين صدعوا رؤوسنا عبر  الفضائيات والحوارات الصحفية واللقاءات الاذاعية خلال سنوات !! باستثناء الجبهة الوطنية العريضة التي يرأسها شيخ المناضلين الأستاذ علي محمود حسنين ..  وهي الكيان السوداني المعارض الوحيد الذي كان موجودا داخل قاعات  تلك الاجتماعات .

    كان وقفة  لفتت أنظار الجميع في المنطقة المحيطة سواء عبر الأصوات العالية التي نادى بها هؤلاء الشباب ووصلت الى مسامع كل من هم داخل قا عة  الاجتماعات التي تضم بداخلها وفود أكثر من 160 بلداً جاءت مشاركة في اجتماعات الدورة ال30 للمجلس الدولي لحقوق الانسان فيما كان وفد- جوقة   حكومة الخرطوم الانقلابية ممثلا بأكثر من 100 شخص من رسميين وأتباع وذيول ومتطفلين وأرزقية من مناصري سياسة الابادة الجماعية التي تمارسها العصابة الحاكمة في الخرطوم .. ومن العجائب أن بين من الحضور شقيقتان من عائلة الطويل احداهن قالت لنا بأنها مستشارة قانونية للسلطة الاقليمية لدارفور  والأخرى تتبع لوزارة العدل بولاية الخرطوم !!.

    كما شدت الوقفة بدويها وصوت الأهازيج التي كان يرددها هؤلاء الشباب  الكثير من المارة وركاب الحافلات العامة والسيارات الخاصة وغيرهم ممن  تجمعوا على بعد أمتار منا .. كانت الكلمات التي ألقيت باللغات الثلاث  العربية والانكليزينة والفرنسية التي يتحدث بها بعض من سكان جنيف .    تلك هي كانت الحقيقة كما جرت فصولها في ذلك اليوم .

    أما التزييف الذي قصدته في العنوان فهو ما ذهبت اليه صحف النظام  الانقلابي عبر الأرزقية من صحفييها المأجورين بقولها :) المعارضة تفشل في  تنظيم وقفة احتجاجية في جنيف ) وكان ذلك قبل تنفيذ الوقفة بيوم  وانما  بمجرد أن  قرأوا النداء الذي وجهته لهؤلاء الشباب محددا تاريخ 29-9-2015   ليكون متزامناً مع كلمة حكومة البشير أمام المجلس .

    بل ان الجرأة وصلت بتلك الصحف الكاذبة أن ادعت كذباً وزراً  أن الوقفة  الناجحة كانت هي المؤيدة للحكومة ومشيرها الهارب والمطالبة برفض محكمة    الجنايات الدولية ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب    والغاءالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليه !! .. وحقا كما يقال فان لم    تستحي ..!!.

    ولا أنكرأن تلك الجوقة المرافقة لوفد المؤتمر الوطني كانت لها وقفتها    أيضاً في ذات المكان  قبل موعد وقفتنا بساعتين ولكنها كانت وقفة هزيلة    وبائسة ومضحكة سادتها  فوضى وهرج ومرج ثم تشتت أفرادها  ليذهب كل منهم    حال سبيله بعد أن أنجز المهمة  الموكولة  له !!.

    وبالرغم من هذه الصورة المخزية لوقفتهم فقد عادت رئاسة وفدهم للخرطوم    وعقدت مؤتمراً صحفياً       في منبر سونا للأنباء لتفتري كذباً لا مثيل    له حيث ورد في ذلك المؤتمر وبالنص :

    قالت الأستاذة عفاف تاور رئيس دائرة السودان في المجموعة الوطنية لحقوق
    الإنسان ان مشاركة المجموعة في مؤتمر جنيف جاءت عبر عدد من الفعاليات
    أهمها وأبرزها تنفيذ المجموعة لوقفة احتجاجية أمام مجلس حقوق الإنسان
    بالعاصمة السويسرية جنيف لمناهضة التدابير القسرية الأحادية ضد السودان
    من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، مبينة ان الوقفة بعثت برسالة قوية
    للعالم وأبرزت صوت المجتمع السوداني للمجتمع الدولي ولفتت النظر تجاه
    معاناة السودان من العقوبات الاقتصادية. وقالت ان الوقفة شارك فيها عدد
    من الجهات والشخصيات الغربية للتأكيد على الظلم الواقع على الشعب
    السوداني ، مشيرة إلي ان المجتمع الدولي اتخذ موقف مناهض للعقوبات
    الاقتصادية على البلدان باعتبارها وسيلة سياسية لتركيع وإذلال الشعوب
    !!!!!..

    وكعادة وفود حكومة الخرطوم في كل المؤتمرات والملتقيات التي يمثلون فيها
    هذا السودان المنكوب في الخارج فقد انتشروا في المدينة بحثا عن مايودون
    شراؤه .. يعني زوغة وتسوق !! .. وهذا بالضبط ما سبق لي ان رأيته بنفسي
    وكتبت عنه آنذاك عندما جاءت شلة من الكوزات مرافقين لشلة من الكيزان
    ممثلين لهذا السودان المنكوب في مؤتمر التغيير المناخي 18 الذي عقدته
    الأمم المتحدة في الدوحة عام  2012 وكنت أحد المشاركين فيه كمحرر أول
    بالقسم الاعلامي .

    أما الفرية الكبرى والمتمثلة في كذبة بلقاء ومضحكة فقد وردت على لسان أحد
    الصحفيين الحمقى ممن يعيشون الآن في أوروبا بعد أن كان في السابق  أحد
    صفحيي الانقاذ !!! مدعياً أن وقفتنا  تلك انما تمت بتمويل من حكومة
    المؤتمر الوطني وأن هذه الحكومة الانقلابية التعيسة قامت بدفع ايجار
    الفندق الذي نزلنا به أثناء وجودنا في جنيف !! .. وهذا ما كتبه هذا
    الصحفي الأحمق على حائط المجموعة التي ينتمي اليها - القروب - .. وما أن
    تأكد من كذبته وبانت له الحقيقة حتى توارى خجلاً واستحياءاً ان كان لمثل
    هؤلاء ذرة من استحياء !!... اذ كيف يستقيم منطقاً أن نقبل بتمويل من
    حكومة قسّمت البلاد وأهانت العباد وكان تجمهرنا أصلا ضدها وضد سياساتها
    الرعناء وانتهاكاتها الوقحة لحقوق الانسان السوداني وحضرنا خصيصاً لاعلان
    رفضنا  لمثل تلك الممارسات المشينة  ولنعبر عن عدم اعترافنا المطلق بها
    لأنها لا تمثل من الشعب السوداني الا شرذمة من أناس باعوا آخرتهم بدنياهم
    وأصبحوا تجار دين وأباطرة للفساد والفسوق والفجور والكذب والنفاق !!.

    وكما هو معروف فقد كان من المقرر في هذه الدورة ال30 للمجلس الدولي لحقوق
    الانسان أن يحال السودان الى البند الرابع الخاص بالرقابة عبر مقرر خاص
    لحقوق الانسان في السودان وهو البند الذي يسمح بالتدخل المباشر تحت البند
    السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهذا ما أزعج نظام الخرطوم وأفقده بعضاً
    من وقاره ان كان له من وقار أصلا وحشره في زاوية ضيقة دفعت به الى اللهث
    وراء أعضاء الوفود المشاركة بصورة مثيرة للشفقة والرثاء علّه يظفر من هذه
    الوفود بتصويت ضد تلك الحالة – أي الاحالة الى البند الرابع – وقد نجحت
    مساعيه بطريقة تراجيدية محزنة تنفس معها وفد النظام الصعداء بعد أن أفلت
    من مصير كان متوقعاأ رغم الأدلة الدامغة على تدهور حقوق الانسان والتشريد
    الممنهج وقمعه المستمر للحريات وملاحقة خصومه نساءاً ورجالاً عبر حزمة من
    قوانين تتضارب في معظم موادها مع معاييرحقوق الانسان التي تقرها الأمم
    المتحدة والسودان احدى الدول الموقعة عليها !!.

    وفي موضوع ذي صلة لابد من الاشارة هنا الى أن ظروف وقفتنا في جنيف
    وتوقيتها تزامنا مع تدفق اللاجئين على مختلف دول الاتحاد الأوربي والأزمة
    التي نشأت عن ذلك مما دعا الى استنفارشامل في تلك الدول لمواجهة الوضع ..
    كما جاءت وقفة جنيف بعد وقفة مماثلة للاجئين السودانيين في الدنمارك .

    بقى في الختام علينا ان نشير الى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت
    قد صوتت بأغلبية ساحقة في مارس من عام 2006 على انشاء مجلس حقوق الانسان
    ليحل محل لجنة حقوق الانسان كخطوة أساسية على طريق اصلاح وتطوير المنظمة
    الدولية بعد ارتفاع الأصوات المنادية بذلك  وتزايد عمليات انتهاك حقوق
    الانسان في عدد من دول العالم وعلى رأسها بالطبع هذا البلد المنكوب بأهله
    والمسمى السودان !!.

 

آراء