زفاف ….( وصية لبنتي قبيل الزواج )
rafeibashir@gmail.com
كما كنا صديقين يا بنتي وضحى ، لا ننام الا ان تحادثيني وأحادثك والا ان أعبيء نفسي من طيبتك وحبك وتعبدك الله بأبوتي ، واترجى انا الله بتربيتك على الطهر والحب والفضيلة ، أغذيك قوة وشكيمة وأءدبك في نفسك وفي أسرتك وفي الشارع وبين اترابك ، حتى خرجتي قوة في انوثة وطهرا وعفافا في لين وسماحة ، اعطيتك من الحب انبله واجزله ومن الصداقة اصدقها ، كنت اتحرى لك منمق الكلام واتخير لك محتشم وجميل الهندام ، لم اشبعك رغيفا كما اشبعتك عزة في النفس ، ورفعة للرأس وحبا للناس منذ أن اسميتك وضحى لتكوني ظاهرة على البنات عفافا وطهرا ، وجمالا في النفس وندرة في الخصال ، ثم أرويت عودك في الله واسلمت ادبك لرسوله الكريم ، وقد حرزتك بالدعاء وحصنتك بالله ان تكوني لي سترا في الدنيا لتكوني لي جسرا للاخرة ، وقد زينت عودك بالطهر وضمخته بالاباء ، وشددته ووثقته بالثقة والكرامة.
وها أنت تخطرين على عتبة جديدة ، البيت بيتك والاسرة أسرتك ، فأنا اوصيك بالعناية بما ربيتك عليه ، خلقا طيبا ولينا في عزة وكرامة مع زوجك ،وان تراعي فيه الله ، فأن الزواج امانة والزوج امانة والبيت امانة والاسرة امانة ونفسك وسمعتك امانة وابناءك امانة ، فراعي فيها الله اولا واخيرا .
ثم أننا نحن الرجال لسنا ملائكة ، نعم نحب زوجاتنا ولكنه حب يزيد وينقص ، على مر الايام ، كما يزيد الايمان وينقص ، أوصيك بأن تتوقعي الخير كل الخير والحب كل الحب من زوجك ، لكن يجب ان تعذريه اذا قل وترفديه اذا مل وتعينه اذا كل، فالحب يتفلت ويتناقص بعراك الحياة ومشاغيلها فلا يغرنك ولا يحبطنك انحدار قمته ولا يدهشك تناقصه ولا يبعدك عن زوجك انشغاله عنك ،فان رحمة الله ومودته التي تكفل بها بين الزوجين ، متوافرة في القلوب وان كلت ، وستظهر ساعة بساعة ، فلا تكلفي زوجك ما لا يطيق باستدامة ما كان عليه من حب قبل الزواج ، على ان الرجال لهم مشاغيلهم التي اعظم اسبابها حب الزوجة نفسه وتكبدهم العنت في توفير لقمة العيش الرغيد لها ولابناءها ، ولتعلمي ان الرجل حينما يواثق الله في عقود الزواج فانه يعرف انه يواثق الله على القوامة والقيام بالواجب والالتزام بما جاء في عقده مع الله وهذه مهمة وحدها تاكل من جدار ممارسة الحب وبذله ، ولكن اختياره لك هو نوع من الحب ، ووجوده معك هو حب وتعايشه معك واتقاءه الله فيك هو حب ومنتهى الحب.
ثم أن النفوس وحتى لو كانت نفوس زوجين ، فانها تحتاج لمران وصبر وتدريب وتأديب حتى تتزاوج ، فأصبري حتى تتعرفي على زوجك ، و
وتتزاوج نغسيكما بعد معترك الحياة ومحاصها ، فأن وجدتيه لين العود فلا تلويه بالأنا والاستقلال للينه ، وان وجدتيه صلب العود فلا تعكفيه فتكسريه قبل ان ترويه وترعيه وتسقيه فيلين ، فالرجال هكذا ، صناديد واقوياء في كل المواقف والأمكنة ، ولكنهم لينين مطيعين امام زوجاتهم ، فهن الصديق وهن الخليل والرفيق ، وهن الام والاخت والزوجة وهن ملكة الايمان التي لا تشبه الاملاك مما يباع ويشترى ، وهن الحافظات وهن الحبييات وهن مرزعة البنين وارض الحنين ، فأجعلي مزرعتك خصبة في كل وقت ، واسقى عودك بالطيوب ، واللبس المحبوب ، مترع بالجمال وطيب الخصال مسقي بالادب والطهر واللين والعفاف كما سقيتك وكما زرعت فيك هذه الخصال.
ثم ان الرجل حينما يتزوج فانه يقصد الشريكة الامينة في نفسها المأمونة جاوانبها والحافظة لنفسها في جمال ، بيت لأسراره الساترة حاله والفاهمة لخصاله الطبيبة له عند العلل السند له عند السقوط والمذكرة له بالله في نفسها ، وتجملها ، اذا رأها حمد وشكر ، يرى فيها نعمة الله وفضله ، جمالا وخصالا في الوجه وفي الفعال ، ترشده للخير وتدله عليه .
والرجل مهما تزوج من جميلات وحسنيات وحبيبات للنفس ، الا أن امه هي شخص فوق العادة فهي من انجبت وتعبت وارضعت وربت، فلا تضعي نفسك في منافسة الامهات من قريب او بعيد ، بل عامليها أمك وحبيبتك وليس ضرتك وهي جدة اطفالك وام زوجك وهي أهلك وعشيرتك الممتدة الجديدة ، وهي حب اطفالك وحاضنتهم وجزء من دماءهم ، اذا صلحت معاملتها معك صلح بيتك وصلح زوجك وهدأ بالك ونام جفنك وقرة عينك ، وهي لزوجك الجنة وبابها وهي رضا الله ، وهي الرحم الموصول الرحيم.
والدنيا اصبحت يا بنتي ظلمات بعضعها فوق بعض ، عيشها كفاف ، وارضها جفاف ، لا امان لها ولا قرار ،وصارت سباق وعناء وعنت فأعيني زوجك نفسك بالحفاظ على حق زوجك واقتصدي فيه وراعيه ونميه ، وادفعي زوجك للعطاء والجد والعمل والصدقة والكرم ، وقدمي صحنه مليء بالخير للناس ، لا تقتري ولا تدخري في غير وقت الادخار ، ولا تشحي حين يجب العطاء ولا تغدقي ولا تفرطي ولا تبخلي ولا تضني بماله على اهله ، ولا تحرمي من ارضعته من رحمته ، فانك ان فعلتي انما ترتكبي جرما في حقك اولا لانك تقطعين رحما اوصله الله فلا تظلمي نفسك بضعفها ، ولا تضطريه ان يفاضل بين بقاءه معك وبره لوالديه ، فأنت الخاسرة حتى وان ميل كفتك عليهم فاتق الله.
ثم ان الرجل وان تماسك امامك وتزوق وتحضر وتصبر ، فانه لا يرضي في زوجته ما لا يرضاه لامه واخته واكثر ، فاحفظيه في نفسك ، وزيدي من عفتك التي جبلك الله عليها وزيدي من تماسكك وطهرك ، مع الناس ، وطبقي الشرع في علاقاتك مع كل الناس لا تختلي برجل مهما كانت قرابته الا ذو رحم قريب من اخ او خال او عم قريب ، فاخوانه واعمامه واصدقاءه ليسوا محارمك ، ورغم انه يحبهم ويحترمهم ويعاشرهم لكن عليك ان تتمسكي وتتماسكي بشريعة الله وحدوده ، تلملمي في الهندام ، وتكفكفي في الكلام ، وأرخي الصوت واحجبي النظر وغضيه ، فان الرجل قطعة من غيرة وان تحمل وتجمل فلا تحمليه ان يجهر لك بغيرته وان يتصيد فيك الرشد ليكفك عما يؤذيه .
والزوجة يا بتنتي هي خزينة اسرار زوجها ، وهي سره ، والمفضية اليه والمفضي لها ، يظهر امامها بسجاياه ويودعها سره الذي لا تطلع عليه الامهات ولا الاخوات ولا الصحاب ، فاحفظي سره لتحفظي نفسك وبيتك وعلاقتك بالله فسمعته سمعتك ، فلا يكون هو موضوع نجواك وتظاهرك بين الصويحبات الائي يتصيدن الاسرار ، تسري لهن مالا يريده وتكشفي لهن ما يتستر فيه عن الاخرين ، فكوني خزينة امينة ، لا تتحدثي عنه وعن اهله بما لا يرضى ولا تنشري عنه الا بخير .
والرجل يسمع لزوجته ، فأقفلي باب الفتن فلا تأتي له بقول لا يسره او لا يقبله مهما كان ومن أي كان ، واجعلي لمثل هذا القول مقبرة عند مداخل بيتك حتى لا تدفعيه للشر وحتى تأمن بيتك.
وان الرجل بزوجته وبدوافع منها ، يمكن ان يتعبأ كالمنطاد ، لأنها أءمن لجأ له ، واكثر تصديقا وامنا ، وهي ركنا ركينا له ، فلا تدفعيه لظلم الناس ، ولا ظلم أهله ولا ظلم نفسه ، وأرشديه ورديه للحق اذا ضعف وتاه وضل ، وقويه بالصدق معه ، وبحفظه في ظهره وزيدي فيه الخير الذي يأتيك به ، فأن الرجال امام النساء ، عورة مكشوفة الا من أمرأة تعرف الله وتعرف قدر نفسها فتحفظه ، والرجل احيانا ، مكينة كبيرة تحركها نحو الخير او الشر بكلمة صغيرة تصدر عن زوجته خيرا وشرا فأتقي الله.
والشاب حينما يتزوج لا يزال فيه خصال حب الدنيا والتراخي عن الله ، الا من رحم الله ، فكوني له مذكر ومنبه لذكر الله وشدي وثقاه مع الله فأن اعظم الرجال وافضل الازواج من كان يعيش معك ويحبك وفي قلبه الله ، يرعى فيك حدوده ويتقي فيك الله فتتنزل عليك رحمته المتأتية من مخافة الله وحبه ، قبل ان تأتي من حبك ، ومن خشية الله قبل الخشية منك ، ومن اهلك ، فتنعمي برحمة الله ويتزين بيتك بالتقى وتعمر حياتك بالله وبفضل الله ، فأن فعلمتا ، فربما تقدمان على امانة العيال بمشيئة الله ، امانة العيال التي تحتاج لتربية في الله على الاستقامة والتقى ، فان الله خلقنا قبلكم هكذا ، سببا لكم بأذنه ، أنجبناكم بحوله ومشيئته و استزرعنا فيكم الخير ومعنى الحياة وكنهها والغرض منها لوجهه الكريم.
وبعد هذا ، بيت مال وعيال ورفاه وسعد وهناء وليحفظك الله الذي استودعه اياك ، واستودعك اياه حبلا متينا ووصلا لا ينقطع ولا يقل ، عن حبل والد لا يملك لك ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
والدك
الرفيع بشير الشفيع