اللهم أجعلنا من المتفيّسين المليّكين
info@badawi.de
صارت ظاهرة الفيسبوك إحدى دعامات التواصل الاجتماعي بلا منازع. فما أكثر السب عليها وفيها ومنها وما أكثر من يلتهي بها طول النهار والليل وزد عليه من ابنائنا. لكنها في الأول والآخر سلاح ذو حدين والكل على علم بالأمر!
أريد أن أسرد هاهنا قصة لي مع صديق من المتفيسين،أي من رواد نادي الفيس الرياضي. فكل رياضته سواء المعنوية أو الذهنية تنساب في طاقات الفيس وكل اللايكات واللالايكات إما ورود يوميّة تفوح بالعطر الأخاذ على نهاره فيزدان بها فرحة وإما هي سهام – إن لم يحصد من اللايكات بما فيه الكفاية! يقول في غمرته تلك: "فلان ابن ك... لماذا لم يليّك على هذا البوست رغم أنه كل النهار في شؤم الفيس هذا". هاكم القصة القصيرة وهي فقط للدعم المعنوي وللملاحة، لا غير.
حدثني صديق موسيقيّ مغتاظ لأبعد الدرجات لأنه "يليّك" (أي يضغط على لايك) لأصدقائه لكنهم لا يراعوا أعماله ولا يثنوا عليها ب(تليِكهم) البتّة؛ إذ لم يضغط أحد منهم على أعماله سيما الموسيقيّة منها، بيد أنهم في بعض الأحيان يُليِّكونَ مثلا: على صورة والدته أو على كلمة في وفاة قريب له أو في صورة بنزهة ما أو ما شابه ذلك من الأمور الغير موسيقية أو فنيّة.
فقلت له حينها: لا تحزن يا صديقي ولا تأخذ الموضوع بهذه الحساسيّة، فإن كان صديقك من نفس المجال أو المصلحة (عازف أو موسيقيّ أو موسيقار) فهي الغيرة ثم الغيرة، لا غيرها، وإن كان– على حد قوله – من العوام، أي ممن ليس لهم دراية بمجال الموسيقى أو الفنون فتكون الأسباب – في اعتقادي – الآتية:
- أن الصديق لم ير البوست؛
- أن البوست قد سقط عنه سهوا ذلك في زخم آلاف المعلومات اليوميّة ؛
- أنه لم يدخل الفيس منذ فترة – أو بالأحرى هو من أولئك الذين لا يدخلون إلا عن مكابرة أو عنجهيّة، ليُري الآخرين أنه متفيّس (أي من أهل الفيس)،
- أو ربما يقصد عمدا أن يتجاهلك ليظهر لك أنك لم تُليّك على بوستاته السابقة؛
- أو أنه يريد أن يريك أنه أفضل منك بصورة غير مباشرة أو أو أو.
على كل، قلت له لا تغضب يا صديقي العزيز حتى إن لم يضغط صديقك، أخوك، قريبك أو من تعرفه على "لايك". ففي الدنيا أهم والأهم أن يضغط على بوستاتك من يحبك ويقدرك ويقدر عملك كما ينبغي، فذلك يكفي والرضا والحكمة خير لك وأبقى.
فالمجاملة يا سادتي تزيل البغضاء والمواجبة تمحو الضغائن فكونوا من المليّكين من أهل الفيس فكل لايكةٍ ترسم ابتسامة في قلوب الآخرين وكل بوست أن قرأتموه فاثنوا عليه أو على صاحبه ففي ذلك مواجبة تنبسط على إثرها أسارير فؤاده. اللهم اجعلنا من المليِّكين الشاكرين ومن الذين يرون اللايكات ويتبعون أحسنها.
(مع الشكر والامتنان لحسن المتابعة)