بحسب ما جاء في إتفاق "خريطة الطريق"، تلتزم الأطراف الموقعة بإنهاء الصراع في دارفور وفي منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بشكل عاجل وبطريقة سلمية، كما تؤكد التزامها برؤية أن جميع السودانيين يجب أن يشاركوا في حوار وطني شامل.
وتناولت في البند 2 - 3 المسائل السياسية ذات الطبيعة القومية يجب أن تتم مناقشتها من ضمن اجندة حوار السودان "القومى الشامل"، وفي البند 3 تقر الاطراف بأن حوار السودان القومى قد بدأ فى اكتوبر 2015 بدعوة من "فخامة رئيس الجمهورية"، وفي البند 3 – 1، تقر الاطراف بأن هذا الحوار "ليس شاملاً" بالقدر الكافى لأنه لم يضم الموقعون على خارطة الطريق هذه وهم: حركة العدل والمساواة، حركة تحرير السودان جناج منى اركو مناوى، الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال، وحزب الأمة القومى.
هذه هي أبرز النقاط التي جاءت في الخريطة، ووافق عليها الموقعون، وفي تقديرنا ما حدث في أديس أبابا مجرد مناورة سياسية لن تضيف جديداً في طريق الحل، والخريطة تتحدث عن منح من لايملك لمن لا يستحق، وفي الأساس اذا كانت حركات دارفور أو الحركة الشعبية بإمكانهم إنهاء الصراع بشكل عاجل وسلمي كإلتزام عند توقيع الإتفاق، لما ظلت قضية دارفور تتعمق كل يوم وقضية المنطقتين تتشربك أكثر وأكثر، وليس بمقدور الأطراف المتصارعة إنهاء الصراع بـ"جرة قلم" لأن الصراع القائم نتيجة لأسباب موضوعية قادت إلى تفجره، وإذا لم تعالج هذه الأسباب من جذورها لن يتوقف الصراع وإن وإلتزموا بذلك أمام المجتمع السوداني والدولي، إضافة إلى إلتزامهم بإشراك جميع السودانيين في حوار شامل، وهذه الشرط غير متوفر في الإتفاق لأنه مجرد إتفاق جزئي بين جزء صغير من أطراف الأزمة.
وبالعودة إلى البند 3 الذي يلزم اطراف الإتفاق بالإعتراف بحوار "الوثبة" الذي أطلق في أكتوبر من العام الماضي، سنجد عدم واقعية، وبالعودة قليلاً إلى تاريخ إنطلاق الوثبة سنجد أن القوى الفاعلة الحقيقية في الساحة قاطعت جلسات الحوار، وكل الشعب السوداني شاهد تلك "المهزلة" على شاشات القنوات الفضائية، واقتنع الجميع وقتها بفشله قبل أن يبدأ، وفعلاً لا مخرجات، ولا تغيير، وجاءت "خريطة الطريق" كخطوة إسعافية أخيرة لإنقاذ ما يمكن منه، ولكن للأسف سيظل الحوار "ليس شاملاً" حتى بعد توقيع الحركات المسلحة وحزب الأمة، ومازالت هناك قوى فاعلة خارج هذه الخرطة، وفي تقديرنا لن تقبل بإتفاق يلزمهم بالموافقة على حوار "الوثبة" الذي رفض سابقاً، وفشل أمام أعينهم، والحكومة لم تقبل شروط المشاركة، وللمفارقة الغريبة، قدمت الحكومة أول هدية صبيحة التوقيع على الخريطة، وكانت فعلاً هدية تثبت عدم جدية نحو التغير وعدم جدية نحو إطلاق حريات وعدم جدية نحو بناء دولة ديموقراطية تعددية، ولنجاح أي اتفاق شرط توفر "الجدية"، وإلا سيظل حبر على ورق، والتاريخ يشهد.. ودمتم بود