"كل الحقائق العلمية الكبرى تمر (عند اطلاقها) بثلاثة مراحل: أولا، الناس يقولون انها تتعارض مع الكتاب المقدس؛ وبعدها يقولون انه سبق اكتشافها من قبل؛ وأخيرا، يقولون انهم كانوا -- منذ البدء - يؤمنون بها” ! الجيولوجي جان أغسيز (Jean Agassiz) ، (1807-1873)
"إذا رضيتْ عني كرامُ عشيرتي، فلا زال غضباناً عليَّ لئامُها" ( أبو العيناء)
بينما السودان -- وهو يواجه خطر مصيري يهدد وجوده ، ينقسم أهليه بين من يراهن علي التحالف الجديد وبين من لا يري في الأمر أكثر من فرصة لجرد الحساب مع خصم مفترض !!! وتلك قصاري فصاحتهم وبيضة منطقهم وزبدة حجتهم ! نأمل أن تكون تلك “شقشقة هدرت ثم قرت"
(Synopsis) موجز في 19-11-2011 أعلنت الشركة السودانية لنقل الكهرباء، "اكتمل ربط شبكات الكهرباء بين السودان واثيوبيا، ... ليمكن )الأخيرة( من تصدير 100 ميقاوات (في مقابل 300 ميقاوات ينشدها السودان) من)القدرة غير المؤكدة" (Non-Firm Power من الطاقة الكهربائية إلى السودان (الأرجح أنها حاليا تأتي من محطة توليد جيبي الثالث Gibe IIIأكبر محطة للطاقة في إثيوبيا ذات القدرة المركبة البالغة 1870 ميقاوات) ...(مما) سيمكن (السودان) من استبدال محطات التوليد الحرارية (لديه ، باعتبار أن كلفة التوليد الحراري في السودان تبلغ 13.43 c/KWh،بينما تعرض عليه أثيوبيا (7 c/KWh ...وسيساعد (هذا) حال التوسع فيه في خفض عمليات الانتاج الكهربائي وتكاليفه في البلدين"(انتهي) وفي 21-7-2013 قال رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر إن الشركة تتفاوض حاليا مع مؤسسات مالية دولية لتمويل مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان بعدما أظهرت الدراسة الرئيسة جدوى هذا الربط حيث سيتيح تبادل طاقات كهربائية تقدر بـ 250 ميقاوات يوميا بين البدين. وهناك أيضا مشروع "مجمع الطاقة لربط كهرباء أفريقيا الشرقية " (East African Power Pool, EAPP ) والذي يسعي الي ربط شبكات السودان وإثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا وبوروندي وتنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجيبوتي) بهدف أن يعمل التجمع بمثابة "سوق للطاقة" التي توفر التكلفة الأقل والكفاءة والموثوقية لإمدادات الكهرباء من خلال نظام إقليمي متكامل ومترابط" وفق ما جاء في أدبياته
من جانب اخر، فقد"شكك تقريراللجنة الدولية في قدرة سد النهضة على توليد 6000 ميقاوات من الكهرباء ، اذ أن التوليد الكهربائي عند سد النهضة في واقع الأمرهو في حدود (1639) ميقاواتس ، وهناك أسباب اخري عديدة قد تمنع حتي تحقيق هذه ال1639 ميقاواتس وهوأمر يطرح السؤال عن فائض القدرة الذي تزعم هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية بأنه سينساب عبر الربط الكهربائي لدول الجوار، وهو سؤال يثيربدوره قضية "هل كان هذا أفضل خيارات الربط الكهربائي للسودان مع دول الجوار" ؟، وان كان الأمر كذلك كيف نحصن هذا الرابط وأية روابط مستقبلية أخري لنأمن للسودان أفضل العائد من وسائط التبادلات التجاريةالكهربائية؟ التحصين للربط الكهربائي مع دول الجوار يتأتي بتَوَسَّمَ ما قد يمثل هنا محاور هذه الحلقة من "شهادتي للتاريخ" ، مثل: فوائد الربط الكهربائي و مثالبه و طيف الخيارات المتاحة وأنواع اتفاقيات التوليد الكهربائي(الميقاواتس) و الطاقة الممكنة (الميقاواتس- ساعة) وخطوات أخري عديدة سنذكرها في متن هذه الحلقة
لكن من الممكن أن نختصر كل هذا بالقول "أن تحصين الربط لكهربائي" هو في جوهره تَجَلّي وافصاح (Manifestation) ل "معرفة ماذا" ("what “Know-) ، أي "معرفة ماينبغي أو يتعين عمله" (في مقابل "الدراية التقنية"، أو الحذ ق المهنيKnow-how) ) ، وهما أمران فصلناهما في دراستنا المنشورة في النت بعنوان: "مخايل السيادة : مهاتير ما أخطأ من جعلك سيدا ولكن مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ"، في الموقع التالي:
وفي هذا الصدد، يقول نوربرت فينز--عالم ﺍﻟﺴﻴﺒﺭﻨﻁﻴﻘﺎ المشهور ان" ليس هناك سوي خاصية (سجية) واحدة أكثر أهمية من الدراية التقنية"Know-how" ، (أقرأ هنا الحذق المهني) ، وتلك السجية هي "معرفة ماذا" ("Know-what ) ".اذ أن "معرفة ماذا" لا تمكننا فقط من تحديد أهدافنا -- من الربط الكهربائي مثلا-- بل معرفة كيف نأمن له الأحصان!
**** مسوغات هذه الدراسة:
وعليه فكاتب هذا المقال يهدف في هذه النفحة من "موائد الرحمن الفكرية" إلى أربعة أمور: أولها: لفت النظر الي التعقيدات الفنية التي تسم قضايا المياه المطروحة علي الساحة اليوم ، وأبعادها الفنية والأستراتيجية والبيئة والسياسية والقانونية ، وذلك بالرجوع الي العلوم التي لها القول الفصل في هذا الشأن، استجابة لدعوة القران الكريم لذلك حين قال : "واسألواأَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "(النحل 43) ،
وثانيها :الأمل في أن ترسخ مباحثنا هذه مشروعية حقوق السودان الكبري في مياه النيل بعد أن قمنا في دراسة سابقة "بدعثرة"(هدم) أبرز الأساطير المائية المغلوطة التي جردت السودان من اسهامه في مياه النيل ، لنثبت للسودان ،لأول مره ، فضله علي النيل – حتي بعد فصل الجنوب - بمده ب 25 مليار م3 (انظر دراستنا بعنوان: "جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية -- دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع” ، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟" في الموقع التالي: http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/1021-5-3-0-1-6-8-8
وثالثها : هوالأمل في أن يتمكن التحقق العلمي في هذا الأمرمن دفع السودان، لينطلق لتحقيق دوره الوفاقي في الوصول لحل عادل ومقبول لثلاثية قضايا مياه النيل الحالية (سد النهضة واطار عنتبي واتفاقية 1959)، انطلاقا من الأية الكريمة : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس" (البقرة 143)) دون التفريط في حقوقه المائية أو الأستهانة بالمخاطر المائية التي تنطوي عليها بعض التطورات المستحدثة علي الساحة ، و سنستدعي ان شاء الله للشهادة علي مدار مباحثنا هذه كثيرا من المعارف والعلوم المائية المرجعية في هذا الشأن والتي توارت – للأسف -- عن المشهد،
"فما بال هذا الزمان لا يجود علينا بأناس ينبهون الناس ويزيلون الألتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم"، كما قال المفكر العربي عبد الرحمن الكواكبى!
ورابعها: الأمل في أن يكون لنا بهذه المباحث قدم صدق عند ربنا : "قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ" (سبأ 47) ، وان كان في "موائد الرحمن الفكرية " هذه من علم ينتفع به، فنسأل الله الكريم أن يجعله صدقة جارية للوالدين – عليهما الرحمة ولنا وللقاريء الكريم هنا العبرة في قول رسول الله (ص) " حول كيف يتلقي الناس الكلمة العيناء والنصح : "أن مثل مابعثني به الله من الهدي والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكان منها طائفة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس ، فشربوا ورعوا وسقوا أو زرعوا، واصابت طائفة منها أخري، انما هي قيعان لاتمسك ماء ولا تنبت كلأ" (صدق رسول الله (ص)
أملي أن يكون القاريء الكريم من الطائفتين الأوليتين: "فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ وما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ" (كما يقول أبو الأسود الدؤلي)
" ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد"(حديث شريف)
استهلال- ضربة البدء للربط مع دول الجوار:
في 19-11-2011 اعلنت الشركة السودانية لنقل الكهرباء، اكتمال ربط شبكات الكهرباء ( Electricity Interconnection) بين السودان واثيوبيا، مشيرة الى اكتمال ربط الشبكات مع مصر العام المقبل "ويمتد خط النقل الكهربائي البالغ طوله 230 كيلومتر من باهردار والمتمة الأثيوبيتين ليلتقي بخط النقل الكهربائي السوداني عند حدود مدينة القضارف السودانية عند حدودها المتاخمة لأثيوبيا . وحسب صندوق النقد الدولي: "سيمكن هذا المشروع السودان من استبدال محطات التوليد الحرارية مما يقلل الانبعاثات الغازية المؤثرة على البيئة" "وسيساعد حال التوسع فيه في خفض عمليات الانتاج الكهربائي وتكاليفه في البلدين. " "وسيمكن المشروع (البالغة تكلفته 41 مليون دولار بتمويل من البنك الدولي) دولة إثيوبيا من تصدير 100 ميقاوات ...من الكهرباء ...إلى السودان بعائد شهري يصل الى 1.5 مليون دولار لصالح إثيوبيا" وفق ما نشرته الصحف، وتقرير المكتب الأستشاري "أيفو العالمية" (IVO International)"لعام 1988 الذي أشار الي أنه "سوف يكون لدي إثيوبيا سنويا: 1000 "قيقاوات - ساعة" فائض طاقة كهرومائية في الحالة الهيدرولوجية الطبيعية"! "و 550 "قيقاوات- ساعة"!في ظروف السنة الجافة "، وحاليا يرتبط نظام الطاقة السوداني مع نظام الطاقة الاثيوبي بخط ناقل بجهد(230/220 KV) لتمكين السودان -- من خلال "اتفاقية تبادل قدرة" ( Power Exchange Agreement)من أن يشتري من فائض الطاقة الأثيوبي 100 ميقاوات من التوليد الكهربائي "غير المؤكد "( Non-Firm) ، (والتي تعادل876 "قيقاوات - ساعة" من الطاقة ، مما يجعلها تكاد تلامس سقف فائض الطاقة السنوي الأثيوبي الذي قدر عام 1988 ب 1000 "قيقاوات - ساعة" سنويا، في "الحالة الهيدرولوجية الطبيعية"، و تبُزّ فائض الطاقة الأثيوبي (550 "قيقاوات - ساعة" السنوي في ظروف "السنة الجافة "، وفق دراسة أيفو!
ماذا يعني امداد أثيوبيا للسودان ب 100 "ميقاواتس"؟ وما الفرق بين "ميقاواتس"و "ميقاواتس--ساعة"؟
هناك كثير من الألتِبَاسٌ حول هذين التعبيرين في الصحافة الورقية والرقمية وهُما في هَذا سَواءٌ : دعنا نقف برهة لأزالة هذا الأ شْكَالٌ "فبداية الحكمة هي تعريف المصطلحات "، كما يقول سقراط ! اذن فلنبدأ بفك الأشتباك بين ما يبدو أنه بعضا من أكثر مفردات الطاقة عنتا علي الناس: هناك تناظر ( Analogy) بين تدفق المياه (عبر أنابيب المياه مثلا ) وتدفق الطاقة (علي هيئة كهرباء) عبر الأسلاك، مع فارق هام هو أن الكهرباء لا يمكن تخزينها بطريقة اقتصادية بكميات كبيرة (كما المياه) ، ولذا ينبغي توليدها بينما يجري استهلاكها! لهذا السبب من المهم التميز بين "كمية الكهرباء" (Quantity) المولدة والمستهاكة من جانب ، وبين " المعدل" الذي تولد وتستهلك به الكهرباء! ف ال 100 ميقاواتس" (100 MW) هي "معدل" (Rate) أو"قدرة" Power or Capacity)) ، و ليست "كمية" (Quantity) ، بل هي تماما كأن نقول أن السودان ينتج "100 برميل بترول في اليوم" أو السيارة تسير بسرعة "100 ميل في الساعة" أو أن متوسط تصريف (أو تدفق) النيل الأزرق عند الروصيرص هو " 1570 م3 في الثانية"، علينا اذا أن ننظر اليها ك: "السرعة" التي تولد بها الكهرباء، (من قبل مولد كهربائي (Electric Generator ) في أثيوبيا مثلا "بقدرة100 MW"، (لاحظ هنا تعبير "ميقاواتس" يتضمن عنصر الزمن)، أي أن مثل هذا المولد الكهربائي الأثيوبي يمكن ان يورد لشبكة الطاقة الكهربائية السودانية كهرباء بمعدل "100 ميقاواط" (أو 100 "ميقاوات-ساعة" / "ساعة") ("MWh" per "h") ، خلال كل ساعة يتم تشغيله فيها كما يمكن أيضا توصيف هذه ال 100ميقاواتس" (100 MW) بأنها المعدل (السرعة أو Demand or Load) التي يسحب بها المستهلك السوداني كمية الكهرباء هذه (ال MWh100 ) من الشبكة السودانية!
وأما "الميقاواتس--ساعة" فهي " الطاقة " (Energy) ، أي "كمية الكهرباء" (Quantity) المولدة (مثلا عند مولد الكهرباء الأثيوبي أو المستهلكة في السودان)، تماما كأن نقول مثلا أن متوسط ايراد النيل الأزرق السنوي (أي متوسط "كمية المياه" الواردة عند الروصيرص سنويا --
الربط بما سلف (الحلقات 3-أ و3- ب): من جانب اخر،وكما أشرنا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة، فقد"شكك تقريراللجنة الدولية أصلا في قدرة سد النهضة على توليد 6000 ميقاوات من الكهرباء دون ايراد حيثيات تشككه ، لكنه أوصي إثيوبيا بضرورة التحقق من ذلك بادي ذي بدء ، فان معظم السدود المائية التي بنيت لتوليد الكهرباء لم تصل الي تحقيق أهدافها الأصلية لحجم التوليد الكهربائي و في واقع الأمرهذا الرقم للقدرة المركبة مضخم ! فباستخدام معادلة التوليد الكهربائي بطريقتن: أولا مع صافي فرق التوازن المائي وثانيا مع ارتفاع السد ، نجد أن القدرة المركبة ( التوليد الكهربائي) عند سد النهضة هي في حدود (1639) ميقاواتس ،أي أقل من ثلث ال 6000 ميقاواتس التي روجت لها هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية! وهو أمر يبرر شكوك اللجنة الدولية ! وهناك أسباب اخري عديدة قد تمنع حتي تحقيق كل هذه ال1639 ميقاواتس كنا قد فصلناها أيضا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة وهوأمر يطرح السؤال عن حجم فائض الطاقة الذي تزعم هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية بأنه سينساب عبر الربط الكهربائي لدول الجوار، وهو سؤال يثيربدوره قضية: مشاكل الربط الكهربائي للسودان مع دول الجوار، وكيف نحصن هذا الربط وأي ربط مستقبلي لنأمن للسودان أفضل العائد من وسائط التبادلات التجاريةالكهربائية
مثل هذا التحصين للربط الكهربائي للسودان مع دول الجوار يتأتي : بتَوَسَّمَ : فوائد الربط الكهربائي وطرق تقليص مثالبه طيف خيارات الربط المتاحة للسودان لأختيار الأمثل منها أنواع اتفاقيات التوليد الكهربائي و الطاقة الممكنة وبتطوير القدرة على التفاوض على شروط أفضل لشراء الطاقة والمعدات وبتعزيز ربط الطاقة بين السودان وجيرانه وبتعزيز الاستقرار لنظام الطاقة في البلدان المعنية. وبالحد من تكلفة الطاقة (مثلا بخفض متطلبات القدرة المركبة) واجرائيا ، بتقليص حجم فقدان السودان للتحكم في الربط الكهربائي مع دول الجوار (كاشتراط الإجماع في اتخاذ القرارات الخ ... مما سنفصله لاحقا هنا).
وسنخصص هذه الحلقة من "شهادتنا للتاريخ ولتقرير اللجنة الدولية لسد النهضة" ، لشرح لكل ما تقدم عاليه
مقدمة: التوليدالكهرومائي الذاتي الراشد زمن الوفرة المائية (سوي كانت هذه الوفرة مأمنة من خلال التصريف الطبيعي للنهرأو من خلال نقل المياه بين الأحواض -Interbasin Transfer- -أو من خلال "نقل التخزين" (Storage Transfer)الخ... من أليات زيادةالأيراد النهري) -- اذا تم احصانه - يمكن أن يقود الي: خفض متطلبات القدرة المركبة (Installed Capacity استخدام مولدات أكبر وأكثرفعالية خفض مخاطر توقف المولدات بسبب الاغلاق وإعادة التشغيل خفض فواقد النقل توفير الوقود في محطات توليد الطاقة البخارية تحسين حالة الجهد(Improved Voltage Conditions الخ...
معايير وعناصر النجاح لمشاريع الربط الكهربائي: عموما، فان الربط بين أنظمة التوليد الكهربائي يكون الأكثر فائدة عندما تكون بنائية (هيكلية ) الشبكات مختلفة سواء في التوليد او الأستهلاك لكن قبل الدخول في أيا من الروابط المحتملة مع دول الجوار ، علي المرء ان يتحري تحديدا من توفرعدة عناصر منها: مشاركة تقنيات توليد مختلفة (Fuel Diversity ،كالماء والنفط والغاز والفحم وغيرها ) في الربط الكهربائي ،
التكامل (Complementarities) بين شبكة مائية الهيمنة (Hydro Dominant) كالسودان (أو أثيوبيا) واخري حرارية الهيمنة (Thermal-Dominant System) كالسعودية (أومصر أوليبيا) ،هو الأمثل، اذ أن سلبيات ربط السودان- المتسم بهيمنة مائية بنسبة (75%)، مع دولة ذات هيمنة مائية بنسبة 100% كأثيوبيا ستتمثل في الأتي: تدفق تيار متغير - ينتج عنه تولي يتقلب موسميا أو سنويا "عبء النقل" (Transmission liability)أي زيادة التكاليف السنوية نظرا لطول خطوط النقل وانخفاض نصيبه من الطاقة المكبوتة بقلة الأيراد، والمبددة من قبل نظام النقل تأثيرصراعات استخدام المياه في الخزانات الأثيوبية علي حجم التوليد الممكن منها، وهو أمر تناولناه باسهاب في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة
لكن بالمقابل فان التكامل الأمثل بين شبكة مائية الهيمنة (Hydro Dominant) كالسودان (أو أثيوبيا) واخري حرارية الهيمنة (Thermal-Dominant System) كالسعودية (أومصر أوليبيا) ،تقف دونه عقبات متعددة: فربط الشبكة السودانية (التي تتسم بتردد 50 هرتز) بالشبكة السعودية (التي تتسم بتردد 60 هرتز ) سيكون مكلفا ، اذ أن كلفة توحيد التردد(Frequency Unification) عالية ! كما أن دولة مائية الهيمنة كالسودان قد لا ترغب في الربط مع دولة حرارية الهيمنة بنسبة 100% (كليبيا) والتضحية بوثوقية نظامها الكهرومائي المستقل في مقابل مكسب اقتصادي! خاصة وان الجهد في الشبكة الليبية (والسعودية ) والذي يبلغ 127 فولت (" قُدْرَة" الْمُوسر !) يكلف أكثر لنقل الكهرباء إلى السودان اذ أن خطوط النحاس يجب أن تكون أكثر سمكا وبالتالي نصيب السودان من كلفة هذا النقل سيكون كبيرا،رغم أن جهد (127 V) لديه ميزة على الجهد العالي ("جَهْد " المُقِلّ ، المستخدم في السودان والبالغ 230فولت) اذ أنه يعتبر عموما أكثر أمنا. ووفق التقاير المنشورة فستكون خطوط ربط السودان وأثيوبيا بجهد (230/220 KV) بينما خطوط ربط أثيوبيا بالسودان ومصر فبجهد(500KV AC and 600KV DC) وتتمثل وثوقية النظام الهيدرومائي تلك التي قد يضن بها السودان عن الدخول في ربط كهربائي مع دولة حرارية الهيمنة بنسبة 100% (كليبيا) -- بمعناها العريض في الأتي: • قدرات ذروة (Peaking Capacity) ممتازة • توفر وقود غير ملوث وحياة طويلة تصل إلى 100 عاما • مدى فرق توازن مائي (Head Range) محتمل للتوربينات يبلغ 1 - 1500 متر • تحسين عامل حمولة النقل وجودة (نوعية)عملية الذروة لقدرته في تتبع الطلب بشكل وثيق جدا، على غرار توربينات الغاز • وعلى عكس المولدات الحرارية، فان الوليد المائي يعطي التحذير من أي خلل بوقت كاف مقدما
ومن عناصر النجاح الأخري التي ينبغي توسّمها أيضا في أي مشروع للربط الكهربائي:
"سرعة نمو" متقارب للأحمال ، مثلا بين السودان ودولة الجوار التي ينشد الأرتباط بها وتوفرخصائص مختلفة لبنية الأحمال بين السودان ودولة الجوار التي ينشد الأرتباط بها: Load Characteristics/Consumption Structures كالتنوع في (وقت) ذروة الأحمال وفي عامل تنوع الذروة (Peak Diversity Factor PDF(والذي يعادل نسبة أقصي طلب للمستهلك ، لطلب المستهلك في وقت الذروة) وفي عامل التحميل السنوي (Annual Load Factor)
عموما ، يستند تنسيق العمليات الكهربائية على: الخصائص المادية لشبكات الطاقة الكهربائية الطلب الواقع على الشبكة الطرائق المستخدمة للسيطرة على التوليد وتدفق الطاقة
وخصائص نظام الطاقة هذه لها تأثير هام على كل من: فرص جني الفوائد، شروط اتفاقيات التنسيق التي يتم الوصول اليها
لكن ماذا ينشد السودان - الأن ومستقبلا - من الربط الشبكي للكهرباء مع دول الجوار؟
سقف طموحات السودان -- وان شئت فقل أمانيه - تتمحور حول الأتي: تعظيم الاستفادة الكهرومائية، على سبيل المثال من خلال زيادة الخيارات البديلة لموضعة محطة توليد الكهرباء لكيلا تصبح كل قدرة "الشريك الربطي" (كالسودان) للتوليد ، مقصورة علي "داخل أراضيه" ( أو علي موقع لم يختار علي أساس أفضل المواقع في الرقعة الجغرفية لمجمل الشركاء قاطبة) : وهذا أمرجوهري ، ومن أهم مزايا الربط الكهربائي والتي أجهضها سد النهضة ، اذ يحرم شركة الكهرباء السودانية مثلا من فرصة تخطيط كل مشاريعها على أساس أرشد المواقع ، (طبوغرافيا، وجيولوجيا ومائيا ، بغض النظر عن في أي دولة شريكة في الربط يقع اختيارموقع التوليد)!(في أمريكا يدرسون طلبة مرحلة الأساس أن أهم ثلاثة اعتبارات في أي استثمار انشائي - سدا كان أو منزلا - هي "اولا الموقع ، وثانيا الموقع وثالثا الموقع"! ، لينشأ الفرد منذ الصغر مدركا لأهمية الموقع أيا كان - فتأمل !) التفاضل و التكامل بين شبكة يهيمن عليها التوليد الكهرومائي (كالسودان) واخري تهيمن عليها النظم الحرارية (كمصر أوليبيا أو السعودية)، والاستفادة من تباين الأنظمة السنوية الحرارية والمائية ، حيث أنه في عام 2011 كانت نسبة توليد الطاقة في دول الجوار الأربعة المحتمل الربط معها كالأتي: 8.6 بليون" كيلووات- ساعة" للسودان، لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة (75.2) % من شبكته لتوليد الطاقة الكهرومائية ، (مع 24.8 % حراري) و5.2 بليون" كيلووات- ساعة" لأثيوبيا، لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة 99 % من شبكتها لتوليد الطاقة الكهرومائية ، (مع 0.6 % طاقة متجددة، و0.4 % حراري) و156.6 بليون" كيلووات- ساعة" لمصر لتوليد الطاقة الكهرومائية بنسبة 8.3 % من شبكتها(مع74.7 % غازي، و15.8 % حراري و 1.3 طاقة متجددة) و27.6 بليون" كيلووات- ساعة" لليبيا لتوليد الطاقة لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة صفر % من شبكتها لتوليد الطاقة الكهرومائية (مع 0.6 % طاقة متجددة، و0.4 % حراري) " (250.1) بليون "كيلووات- ساعة" للسعودية لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة صفر % من شبكتها لتوليد الطاقة الكهرومائية (مع ( % 48.3) منها غازي و 26.5 % حراري) وكمثال للاستفادة الممكنة من تباين الأنظمة السنوية الحرارية والمائية بين دول الجوار هو أن : تقوم الدولة ذات التوليد المائي المهيمن في فترة شح الأيراد المائي بتوفير توليد الذروة، في حين تقوم الدولة ذات التوليد الحراري المهيمن بتوفير الحمل الأساسي لشريك الربطSystem Base-Load تقوم الدولة ذات التوليد المائي المهيمن في فترة الوفرة المائية لمياه، بازاحة التوليد الحراري الأكثر تكلفة في النظام المترابط أما أمال السودان الأخري من أي ربط كهربائي قادم ، فتشمل فرصة : خفض حجم التوليد الحراري امداد المناطق النائية (ككسلا وبورتسودان وحلفا) بالكهرباء من دول الجوار بناء محطات " توليد ذروة"( Peak Power Plants) مشتركة ، على سبيل المثال محطات "التخزين الضخي" (Pumped Storagee Plants) زيادة مرونة ووثوقية وأمن نظام التوليد (System Reliability& Security) من خلال الحفاظ على مستوى مناسب من الوثوقية مع أقل احتياطي توليد وتحسين الاعتمادية من خلال تنسيق تخطيط العمليات زيادة فرص تحقيق التشغيل اليومي الأمثل لمحطات توليد الكهرباء وللنظام بمجمله تبني أكثر العمليات اقتصادا من خلال استخدام "الوحدة الأكثر اقتصادا (Most Economic Unit)" جني ثمار "اقتصاديات الحجم الكبير" (Economies of Scale)-وخفض كلفة "سعرالوحدة" باستخدام المعدات الكبيرة ومن خلال استخدام خطوط نقل ذات سعات كبري تقاسم الاحتياطي المطلوب لتغطية حالات الطواريء الوفر في الأحتياطي التشغيلي في كل من الأحتياطي الدروري(الدواميSpinning Reserve) وغير الدروري(الدواميNon-Spinning Reserve) ، الناتج عن تقاسم الاحتياطي الوفر في الأحتياطي المثبت(Installed Reserve) بسبب الخفض في القدرة المركبة (Installed Capacity)الناتج عن التنسيق في تخطيط القدرة وتقاسم القدرات بين أطراف الربط الكهربائي تنوع الحمل (Load Diversity) - وبالتالي الوفر الناجم عن خفض متطلبات القدرة التي تنتج عندما تصل النظم المترابطة لحمل الذروة (Peak Load ) في أوقات مختلفة - موسميا، أسبوعيا، يوميا وفي كل ساعة تنسيق الصيانة -- وبالتالي الوفر من الجدولة المثلى لها بعيدا عن انقطاع التوليد للصيانة خفض تكاليف التشغيل من خلال بالتعاون الفعال مع الشريك الشبكي ، مثلا عن طريق: تشغيل المزيد من محطات التوليد ذات "التكلفة الحدية" المنخفضة خفض التكاليف الثابتة المرتبطة بالقدرة الاحتياطية (ٌReserve Capacity)
أنواع اتفاقيات تبادل القدرة (Capacity) و الطاقة (Energy)عبر الربط الكهربائي:
تنقسم هذه الأتفاقيات الي نوعين:
اتفاقيات التبادل قصيرة الأمد (Short -Term)، والتي قد تنطوي: علي تجميع احتياطي القدرة(Standby Power Reserve)، اذا تزامن ذلك مع التشغيل الأمثل لمحطة التوليد ، ولها نفس خصائص القدرة الثابتة (Firm Power ) ، إلا أن هذه العقد لفترة محددة
اتفاقيات التبادل طويلة الأجل والتي قد تنطوي اضافة لما سبق علي: تركيب (Super Imposition) "منحنيات التحميل اليومية" الخاصة بأنظمة الطاقة الفردية الي بعضها، مع تصدير واستيراد الطاقة ، وتشييد محطات التوليد المشتركة ، مما يمكن أن يقود الي: تقليل احتياجات القدرة المركبة في محطات التوليد أواستبدال المحطات بأخري أقل تكلفة توازن التوليد الكهربائي توفيرحلول للمشاكل البيئية من خلال "التوليد عن بعد"- مما يبدو أن ذلك كان أحد أسباب اختيار موقع سد النهضة الحالي بدلا سد علي بحيرة تانا (علي نهج سد أوينز المسمي الأن Nalubaale علي بحيرة فكتوريا) والذي كان خيار كل خبراء المياه ! "الاتفاقيات الثنائية" كما في حالة الربط الحالي بين السودان وأثيوبيا: تعقد دائما لفترة محدودة، أكثر اتساقا مع مبدأ السيادة من التجميع(Pooling)
بينما "المعاهدات المتعددة الأطراف " ، كما في حالة التجميع (Pooling): أكثر جمودا في هيكلها تنطوي علي التزامات ذات طابع دائم و "متطابقة " ، أى أنه يجب القيام بها تجاه جميع الأطراف المتعاقدة، ولا تدع مجالا للتقييم الفردي للمكاسب والنقائص.
أنماط أو طرائق الربط الكهربائي (Interconnection Modalities) : النوع الأول من طرائق الربط الكهربائي هو: توفير خدمة النقل فقط (Wheeling)، كخدمة "النقل الدوراني" للطاقة (Power Wheeling)، كما هو مخطط له لمصر عبر السودان لتذهب الكهرباء لمصر في مقابل أن يجني السودان رسوم "نقل دوراني" (Wheeling Charges) فعندما تكون الشبكات المتباعدة غير مترابطة بصورة مباشرة (كما في حالة أثيوبيا ومصر) يتطلب الأمر تدخل خطوط نقل ثالثة (كشبكة النقل السودانية) للحصول على الطاقة من البائع إلى المشتري لكن هذا أيضا يمكن أن يحدث دون قصد (Inadvertently) نسبة لأن الطاقة الكهربائية عند نقلها تتصرف كما لو أنها تدفق إمداد مائي- ناشدة الطريق الأقل مقاومة وباحثة عن أفضل الطرق للوصول من مكان إلى آخر، حتى لو كان هذا ينطوي على الذهاب عن طريق نظام ثالث .. ومن الممكن في المستقبل أن تعمل الأنظمة المنقولة عن طريق الجهد العالي "كناقلين عموميين" (Common Carriers) بنفس الطريقة المعمول بها في خطوط الأنابيب، مع تأثير كبير لذلك على موثوقية الخدمة (System Reliability) ورسوم العبورووضع التعريفة الجمركية فكرة الربط تلك بدأت بدراسة جدوي تحت رعاية مبادرة حوض النيل وبتمويل من بنك التنمية الأفريقي لربط إثيوبيا السودان ومصر بخطوط نقل بطول 200 كيلومتر و جهد عالي يبلغ (500KV AC and 600KV DC)KV، وتشمل الأهداف الرئيسية للمشروع : تعزيز الاستقرار لنظام الطاقة في البلدان المعنية. تعزيز ربط الطاقة بين الدول تطوير القدرة على التفاوض على شروط أفضل لشراء الطاقة و المعدات" الحد من تكلفة الطاقة " وعلى المدى الطويل، التكامل التام لأنظمة الطاقة" أي- بالأختصار --"تحصين الربط الكهربائي للدول المعنية" وهو نفس هدف هذه الحلقة من " شهاتي للتاريخ"! ومؤخرا (في17-5-2011) ،نقلت الرأي العام التأكيد علي "خدمة النقل الدوراني" للطاقة بين السودان ومصر مع أثيوبيا الذي يتم بموجبه: "شراء مصروالسودان للطاقة الكهربائية من خلال شبكة للربط الكهربائي بطول(650) كيلومتر من منداية الأثيوبية الي كوستي الي نجع حمادي بمحافظة قنا" وأن: هذه ”الشبكة ستتيح تصديرطاقة كهربائية تصل الي (3200) ميقاواط ، منها: o (1200) ميقاواط لتغذية الشبكة السودانية o و(2000) ميقاواط لتغذية الشبكة المصرية“
والنوع الثاني من طرائق الربط الكهربائي هو: تقاسم احتياطي التوليد فقط (Reserve sharing): كالاحتياطيالتشغيلي (Operating Reserve) أوالاحتياطي الدواري(Spinning Reserve)، وينطوي هذا النمط من طرائق الربط الكهربائي مثلا علي تقاسم قدرة توليد فائضة متاحة في 10 دقائق من إثيوبيا (أو السودان) للأخر، مع "رسوم قدرة" ينبغي أن تدفع
والنوع الثالث من طرائق الربط الكهربائي هو: تنوع الأحمال (Load Diversity)، علي سبيل المثال : تبادلات تنوع التحميل الموسمي (Seasonal Load Diversity Exchanges ، كما في تحميل الذروة غير المتزامن ،حين تكون الأحمال في كل شركة بالغة ذروتها في أوقات مختلفة فأثيوبيا مثلا تكون ملزمة هنا بتقديم القدرة (Capacity ) أو الطاقة (Energy) في مواسم مختلفة ما لم يؤدي ذلك الي تقليص تزويد مستهلكيها باحتياجاتهم
والنوع الرابع من طرائق الربط الكهربائي هو: عقود التجمع" (Pool Contracts) والتي تتراوح بين: "التجمع السائب وغير المحكم" (Loose Pool) مع توصيف موجزة عن إجراءات التنسيق والتجمع الضيق" (Tight Pool) مع توصيف مفصل: لألتزامات القدرات(Capacity Obligations)، والتزامات الاحتياطي (Reserve Obligations) وصيغ لسعر تبادل القدرات والطاقة، سواء في الظروف العادية أوالطارئة، وصيغ تقاسم تكاليف النقل والعقوبات للفشل في توفير القدرة الضبطية (Regulating Capacity) الخ... "تجمع القدرة" (Power Pool) هذا ، قد يأخذ عدد من الأشكال: انشاء شركة توليد منفصلة ممتلكه من قبل جميع أعضاء التجمع الذين بدورهم يتقاسمون ارباح شركة التوليد أو أن تتفق شركتان أو أكثر علي بناء محطة لتوليد الكهرباء ،بحيث كل شركة تتملك جزء من المحطة توليد أو أن تتفق عدد من الشركات على تجميع كل محطات التوليد وشبكات النقل الرئيسية الخاصة بهم وتشغيلها كنشاط تجاري موحد مع اقتسام الفوائد بالتساوي فيما بينهم
والنوع الخامس من طرائق الربط الكهربائي هو: عقود "طاقة الطوارئ" (Emergency Power Contracts) - والتي تشمل القدرة (Capacity) أو الطاقة (Energy) المقدمة على أساس الساعة أو اليوم لتكملة القدرة التشغيلية لنظام الشريك أثناء فترات القصور المؤقت في قدراته ، مع مهلة قصيرة لتعليق الخدمة
النوع السادس من طرائق الربط الكهربائي هو:
نقل التخزين: (Storage Transfer): نقل الطاقة الكهربائية المخزنة ("Banked") بشكل مؤقت"كمياه" في خزان دولة ما (إثيوبيا أو مصر)الي دولة اخري(كالسودان)، ،كما جاء في تقرير المكتب الأستشاري "أيفو العالمية" (IVO International)": فقبل ما يناهز الربع قرن من الزمان ، قدم هذا المكتب الأستشاري تقريره النهائي لدراسة الجدوي التي اِضطلَعَ بها وذلك بعنوان: "Regional Interconnection of Power Systems between Ethiopia and Sudan" وقد جاء في تقريرأيفو الأتي: أولا ، "إن الهدف الرئيسي من المشروع هو الاستفادة من فائض الطاقة المائية الاثيوبية لاستبدال الإنتاج الحراري في السودان" وثانيا ، أنه "سوف يكون لدي إثيوبيا : 1000 "قيقاوات - ساعة" ، من فائض الطاقة الكهرومائية سنويا في الحالة الهيدرولوجية الطبيعية"! "و 550 "قيقاوات- ساعة"!في ظروف السنة الجافة " وثالثا، أن " الماء المراق من خزان الروصيرص خلال وقت الطلب المنخفض على الكهرباء في شبكة النيل الأزرق (والذي يمثل طاقة محتملة لكن لا يمكن تخزينها بسبب محدودية سعة التخزيت لدي الروصيرص) ، يمكن تخزينه على شكل "طاقة" في خزانات KOKAو FINCHA (الأثيوبية) "للاستخدام : من قبل السودان كوقود بديل للنفط خلال الظروف الهيدرولوجية الطبيعية ، أو من قبل إثيوبيا خلال فترات الجفاف" (انتهي) من الواضح هنا أن دراسة "ايفو" -- التي مولها البنك الدولي -- هي - حصريا : مشروع تسويقي لفوائض الطاقة الأثيوبية متي وجدت، دون التزام بزمان أو حجم لتلك الفوائض، رغم أن عنوان الدراسة يوحي بأن من ورائها حكم نزيه يسعي للتأثيث لمصالح اقليمية متبادلة, متوازنة ومستدامة بين الأطراف ! ونفس التوجه الأحادي لمصالح طرف دون الأخريشئء به مقترح تخزين الماء المراق في الخزانات الأثيوبية، الذي حدد التقرير أهدافه بالأتي: "ليستخدمه السودان كوقود بديل للنفط خلال الظروف الهيدرولوجية الطبيعية" (انتهي) أقرب مثال لتلك " الظروف الهيدرولوجية الطبيعية" التي أشار اليها تقرير"ايفو" ، هي الفترة الفاصلة بين فترة الفيضان ( (Flood Period وفترة الجدب(Low Flows Period) ، من اكتوبرالي ديسمبر، وهي - كما أشرنا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة - فترة يعاني فيها التوليد والطاقة في هذه المنطقة ليس من شح الأيراد ( حيث أن ايراد النيل الأزرق فيها يبلغ 485 مليون م3 ) ، بل من انخفاض فرق التوازن المائي، اذا ، فالسودان لن يستطيع أن يستخدم ماءه المخزن في الخزانات الأثيوبية كوقود بديل للنفط لقصرالفترة وقلة تأثيرها علي فرق الوازن المائي! أما " استخدام الماء (الذاهب للأراقة) من قبل إثيوبيا "خلال فترات الجفاف"، كما جاء في التقرير (أي فترة الشحة المائية -- من "ديسمبر- يناير" الي "يونيو- يوليو" ، والتي يبلغ متوسط ايراد النيل الأزرق فيها7.5 مليون م3) ، فهي فترة يكون التوليد الكهربائي فيها في الروصبرص مكبوت بسبب الجدب ( Low Flows، من ديسمبر الي أبريل) والتوليد الكهربائي والطاقة مكبوتين "بسبب الجدب ، وبسبب وانخفاض فرق التوازن المائي" (من أبريل الي يوليو)، وعليه ، فالسودان أولي باستخدام مياهه (ان وافق علي حجزتلك المياه في الخزانات الأثيوبية) في هذه الفترة الحرجة للتوليد والطاقة من سد الروصيرص! من الجلي - اذا - أن المستفيد الوحيد من حجز مياه السودان في الخزانات الأثيوبية ستكون هي أثيوبيا ، وذلك علي مستويين: باستخدام مياه من حصة السودان وفق اتفاقية 1959 ، يحتاجها السودان نفسه في أحرج فترات الشحة المائية لديه! وبطلبها المتوقع "لرسوم تخزين" من السودان علي حجز تلك المياه، لتكون أثيوبيا-- قياسا علي الحديث الشريف -- "كأم موسي(عليهما السلام) : "ترضع ولدها وتأخذ أجرها" وتِلْكَ - بالنسبة للسودان- " إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى "! وأشبه بكسبك مع من يقول لك مراهنا علي أمر ما (وفق التعبير الغربي) : Heads I win Tails you lose"!"
لكن هل من سبيل أخر يمكن للسودان أن يسترد به ما لم يستطيع تخزينه من حصته في مياه النيل؟ أجل!
فيمكن للمرء هنا ان يقترح ترتيبا أفضل مما قالت به ايفو: فالجزء غير المستخدم من حصة السودان (كان حتي السنة الماضية أقل بقليل من ثلث حصة السودان) يمكن اعتبار ما يصل منه الأن فصاعدا الي السد العالي "مخزن مؤقتا" كمياه في أسوان ، (أومعارا إلى مصر، ان شئت !) ك" نقل كهرباء" (Electricity Transfer) ، مع عودة ما يعادل هذا الماء المعار دوريا ككهرباء للسودان، تماما كما لوأن السودان يقوم بتصدير "مواد الطاقة الخام " (أي الماء المرفوعElevated Water ) إلى مصر، لتعود اليه كمنتج مصنع (أي كهرباء) علما- أن هذا الأمر لا يحتاج من مصر لتخصيص حيز في الخزان لحصة السودان التي لم يستطيع تخزينها (كما هو الحال مع أثيوبيا) ، فهي محجوزة أصلا سنويا عند السد العالي لحين استخدامه لها ومضمنه في اجراءت تشغيل السد العالي منذ قيامه ، وعليه لا يتوقع مطالبة مصر "برسوم تخزين"-- سنشر ح هذا بتفصيل ان شاء الله عندما نتاول اتفاقية 59 بالتحليل ان شاء الله وتحت مظلة اتفاقية 1959 وترتيبات السلفة المائية لمصر ، ووفق ترتيبات التعاون بين مصر والسودان 1959 ، السد العالي يمثل "المقاصة المائية" لأيا من مياه مصر أوالسودان تماما كمقاصات البنوك - والي أن يتمكن السودان من توفير السعات الكافية لحجز كل نصيبه، تستطيع الدولتان موازنة قيمة المياه برسوم التوليد والوصول الي اتفاق مقايضة مرض بينهما في ظل التضحيات التي قدمها السودان لكي يقوم السد العالي خاصة في مجال التوليد الكهربائي (الشلال الثاني و سمنا ودال )التي فصلناها في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة
والنوع السابع من طرائق الربط الكهربائي هو:
الطاقة المشتراة Purchased Power ، وهي علي نوعين: 1. انتاج "القدرة الثابتة" (Firm Power) • حيث يلتزم الطرف المورد (كأثيوبيا) : بتوفير القدرة أو الطاقة كما هو مقرر لفترة طويلة ، ما لم يكن ذلك سوف يؤدي الي تقليص إمداداته لمستهلكيه وبالأيفاء بالتزاماته كما لو كانت جزءا من حمولة نظامه (His Own System Load) - مما يتطلب منه أن يحتفط باحتياطي كاف لضمان امداد مستمر للمشتري - مما سيوفر للطرف الأخر (السودان) فوائد وفورات اقتصاد الحجم الكبير(Economies of Scale)، وخفض تكاليف الوقود وخفض الاحتياطي • و"القدرة الثابتة" (Firm Power) ، هي من أرخص طرائق التبادلات التجارية للكهرباء ، لأنها تكون عادة مرتبطة إلى عقود طويلة الأجل (5-40 سنوات) ولهذا السبب قد يرغب السودان مثلا في ان يأخذ كمية محدده من "القدرة الثابتة" لأستخدامها لحمل القاعدة (Base Load) في توليده الكهربائي
وثاني أنواع الطاقة المشتراة هي:
2. انتاج "القدرة غير المؤكدة" (Non-Firm Power) أو الطاقة المتاحة من موارد التوليد الفائضة ((Surplus Generating Resources مثلا مبيعات فائض الطاقة ( Surplus Energy) التي لا يحتاج إليها نظام المورد(البائع) في وقت توافرها لديه والتي يمكن أن تتضمن: توفير القدرة أو الطاقة التي يمكن حجبها باخطار قصير الأجل الطاقة المنقطعة ((Interruptible Power قصيرة الأجل " - "عندما، وكيفما تكون متوفرة" الطاقة خارج أوقات الذروة ( Off-Peak Energy (Non-Firm): ، فمثلا تقديم الطاقة خارج فترات الذروة لأسبوع أو أكثر لاستكمال قدرات المشتري أو لتوفير الوقود الأحفوري أو عند نقص القدرة المائية لديه
النوع الثامن من طرائق الربط الكهربائي هو:
"الأغراق"("الكسر") ابتغاء التخلص من فائض الطاقة (Dump Energy): ففي زمن وفرة المياه قد يستطيع أحد الأطراف توليد الكهرباء بحجم أكبر مما يمكن أن يبيعه لعملائه، فبدلا من اراقة الماء وتبديده من خلال المفيض ، يستخدمه في توليد الكهرباء ومن ثم يبيعها للجيران بأدنى سعر لجميع أنواع الطاقة وأقل من تكلفة الإنتاج من المحطات المتاحة في المدي القريب للمشتري ، وإلا فإن الأخير سوف لن يشتري!
النوع التاسع من طرائق الربط الكهربائي هو:
التبادلات الاقتصادية (Economy Interchanges) عندما تكون التكلفة الإضافية Incremental Cost ، ("سنت لكل "كيلووات ساعة"، "للكيلووات- ساعة" التالية) المتاحة من توليد البائع، أقل من الكلفة التناقصية Decremental Cost (للكيلووات- ساعة التالية المتاحة من توليد المشتري) ، بحيث يؤدي تبادل الكهرباء الي خفض التكاليف للمستهلكين
النوع العاشر من طرائق الربط الكهربائي هو:
وحدة القدرة (Unit Power or Capacity) أو الطاقة المتاحة (لفترة طويلة أو قصيرة ) من وحدة توليد(أو محطة توليد) معينة ،مثلا أن تبني إثيوبيا وحدة توليد كبيرة ، ويشتري السودان "قدرة ثابتة" من الكيلوواتس منها عندما تتوفر ، ليوفر الاحتياطي لديه
ترتيبات تسعيرالطاقة: "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني" عُمَرَ بن الخطَّاب (رض):
في انتاج "القدرة الثابتة" Firm Power) ، (وهي من أرخص طرائق التبادلات التجارية للكهرباء ، لأنها تكون عادة مرتبطة إلى عقود طويلة الأجل)، قد يتضمن مثل هذا الأتفاق تحديد سعر العقد (Contract Price) علي النهج الأتي: "رسم طلب" (Demand Charge) مبني على حجم "الميقاواتس" المطلوبة ، بالإضافة إلى: "رسم طاقة" (Energy Charge) مبني على حجم "الميقاواتس - ساعة" المأخوذة،أو يبني علي أساس : o أن تنال الدولة المصدرة 80% من كلفة الوقود الحراري الموفرة بسبب الطاقة الكهرومائية المستوردة، o وباقي الوفر(20%) يناله الطرف المستورد بالأضافة لمكسبه من عدم الحاجة للأستثمارفي محطة توليد جديدة
لكن ترتيبات التسعير غالبا ما تستند إلى "اقتسام الوفورات " Split Savings", "، على سبيل المثال: إذا كان ممكنا أن تنتج الطاقة من قبل بائع منخفض التكلفة ( إثيوبيا مثلا) "بتكلفة إضافية" (Incremental Cost) يبلغ 0.02 $ للكيلووات ساعة، بينما تنتج نفس الطاقة من قبل مشترعالي التكلفة ( إلسودان مثلا) "بتكلفة إضافية" تعادل $0.028 للكيلووات ساعة، سوف يكون سعر البيع هو $0.024 للكيلووات ساعة
غيرأنه هناك كثير من السياسات التسعيرية المخادعة والمضللة ، تستدعي بأن يصطحب المشتري معه (عند الدخول في المعاملة التجارية للربط الكهربائي) المثل اللاتيني : "Caveat Emptor" (Let the buyer beware! ) ومن هذه الممارسات الأتي: استراتيجية "التسعير الاختراقي"( Penetration Pricing): كأن يعرض البائع علي المشتري سعر دخول أولي، (ميقاوات-ساعة" رخيصة) هو أقل عادة من السعر النهائي المقصود، لجذب المشترين الأخرين ، وعندما يأمن البائع حصته من سوق بيع الكهرباء يتحول بالجميع الي السعر الأعلي والمقصود أصلا ! استراتيجية "أخسر القليل لتكسب الكثير"( Loss Leader) ، حيث يتم تقديم البند للمشتري بسعر مخفض (مثلا "ميقاوات-ساعة" رخيصة) بهدف "قيادتة" (أي "شراء" موافقته السياسية مثلا ) لاحقا لأمر أعظم شأنا! استراتيجية " الطعم"("Bait Pricing") وهذه الأستراتيجية تأخذ أشكالا مختلفة،منها: "التسعيرالمصعدي"(Escalator Pricing) : بحيث يعرض البائع علي المشتري في البدء طاقة ("ميقاوات- ساعة") رخيصة ، ثم بعد قليل يرفع السعر بصورة متدرجة! " الطعم والمعلاق"( (Bait-and-Hook-Pricing يعرض البائع علي المشتري في البدء طاقة رخيصة ثم يكسب الأرباح في بيعه للمشتري المنتجات والخدمات المتكررة والمرتبطة بتلك الطاقة!
مشاكل ومخاطرالربط الكهربائي: الربط الكهربائي ،اذا ،محفوف بالعديد من المشاكل والمخاطر، التي ينبغي موازنتها بصورة دقيقة مع الفوائد المحتملة، ففوق ما سبق ذكره هناك ما هو أبعد غورا من المثالب التي تم ذكرها، نصنفها هنا تحت أربعة بنود هي: المشاكل الفنية مشاكل التشغيل الأقتصادي والتجاري المخاطر السياسية المشاكل المتعلقة بالولاية القضائية والضبطية
المشاكل الفنية: على سبيل المثال: اختلاف جودة الشبكات مشاكل استقرار النظام (System Stability) مشاكل حالة الأستقرار الشبكي (Steady State) ومشاكل الاستقرارالعابرة(Transient Stability Problems مشكلة التزامن(Synchronism، أي عندما يتم تشغيل جميع وحدات التوليد لمجموعة ما من النظم علي سرعة محددة كمضاعفات ل 50 --أو 60--هرتز لتنتج كهرباء علي وحدة ذبذبة تعادل 50-أو 60) اختلاف قواعد الجهد والتردد: ضبط الجهد والقدرة المفاعلية (Reactive Power) ضبط التردد(Frequency Control) و القدرة الفعالة Active Power) ) - فمثلا: ضبط التردد (كالحد من انحرافات التردد الفورية) يقود الي خفض كبير للتلف في الإنتاج الصناعي وعدم المراقبة الدقيقة للتوليد والتردد، سوف ينجم عنه تدفقات غير مرغوب فيها في خطوط التوصيل تفاوت خواص النظم ، مثلا ربط أنظمة ذات ترددات مختلفة (مثلا ربط السودان أوالإمارات العربية المتحدة أوالكويت، ذات ال 50 هرتز، مع المملكة العربية السعودية ذات ال 60 هرتز) هو أمر باهظ التكلفة، لأنه يتطلب إما: محولات تردد دوارة(Rotating Frequency Converters) أومحولات التيار المستمر(Direct Current Converters) " تتالي فشل نظم الطاقة الكهربائية " (Cascading System Breakdown) - أي مخاطر أن يُعدِّي (يُرحِّل) الشريك مشاكله للشريك الأخر ، كما حدث في شمال شرق الولايات المتحدة من تعتيم واسع النطاق عام 1965 (US Northeast Blackout). تعتيم قد يكون راجعا إلى: انهيار بسبب اضطرابات الطقس خطأ من مهندس توزيع الطاقة (Load Dispatcher) فشل الأجهزة الواقية (المرحلات Relaysأو القواطع (Circuit Breakers المشاكل البيئية المرتبطة خطوط الربط البيني
مشاكل التشغيل الاقتصادي و التجاري : القدرة على تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة تعتمد على: توفر خطوط نقل مع سعات كافية واستعداد لشراء الكهرباء بالسعر المعروض. المشاكل التي قد تنشأ هنا ترتبط عادة ب: التوزيع الاقتصادي ((Economic Dispatch الحاجة إلى التوفيق بين: اختلافات التشغيل و تخصيص التكلفة (Cost Allocation Procedures) اختلافات الإجراءات واللوائح (Regulations) الضبطية اختلافات الرأي حول المسائل الفنية اختلاف مستويات الصيانة وانقطاع التيار بين الشركاء يجعل القدرة الاحتياطية (Reserve Capacity) المشتركة تخدم فقط غير الأكفاء منهم ويدفع الي الخلاف حول ما إذا كان التكاليف الثابتة والقدرة الاحتياطية ينبغي أن يتحملها الطرفان بالتساوي! الاختلافات في الوقت بين بدء تشييد المنشأة وتاريخ تشغيلها التجاري (Lead Time) سيؤدي إلى صعوبات في جدولة المشاريع المستقبلية عدم وجود معاييرموحدة ومتوافقة للتخطيط والتشغيل قد يهدد جودة الخدمة المقدمة من قبل الأطرف لبعضها تذبذب أسعار الوقود الأحفوري يعني أنه لن تكون هناك ضمانات طويلة الأجل لسعر أو موثوقية المعاملات! زيادة المعاملات ( Increased Transactions) أو حجم النظام ، يقود الي: زيادة خسائر النقل زيادة احتمال لإخفاقات المتتالية (Cascading Failures) قد يتطلب تعزيز النقل الداخلي للطاقة قبل التوسع في الأنخراط في التبادل الإقليمي خرق الأتفاق:" لستُ بالخِبِّ ، ولا الخِبُّ يخدعُني " عمر بن الخطاب (رض): الربط الكهربائي مبني على الثقة المتبادلة وفرضية أن القدرات المطلوبة واحتياطي التشغيل سيتم الحفاظ عليهما- لكن قد لا يتحقق هذا، كما في حالة : السحب الجائر(غيرالمشروع) للمياه أو الطاقة (Water or Power Poaching”) ، كاستخدام أحد الأطراف أكثر من حصته من المياه من بحيرة مشتركة لتوليد الطاقة ، كما ورد حدوثه في : نزاع عام 1988 بين يوغوسلافيا -ورومانيا حول خزان "بوابةالحديد" على نهر الدانوب، حيث اتهمت يوغسلافيا رومانيا بالأستغلال غير المشروع للمياه من الخزان المشترك لتوليد الطاقة (Power Poaching) اتهام أوغندا في عام 2002 من قبل "شبكة الأنهار الدولية" بسحبها مياه من بحيرة فيكتوريا لتوليد الطاقة عند سد أوينز (المسمي الأن Nalubaale) ، بأكثر مما يسمىح به لها "المنحنى المتفق عليه" (The Agreed Curve) الذي حدد مدي التدفق بين300-1700 م3 في الثانية أما في المشروع المائي المشترك بين الشيك والمجر(The Gabcikovo Nagymaros) أراد الطرفان أن يحصنا أنفسهما من مشكلة سحب المياه غير المشروع بالأتفاق علي اقتسام القدرة التوليدية (Generating Capacity) ، مما لا يمكن معه الأستغلال الجائر للمياه ( Water Poaching) ، لكن الأستغلال غير المشروع للقدرة Power Poaching)) يظل ممكنا ! النزاع حول ملكية المرافق مشاكل استخدام الأراضي، مثلا: الحصول على "حق الطريق" (Right-of-Way, ROW)لخطوط النقل
مخاطر الربط الكهربائي السياسية: تتمحورالمخاطر السياسية المحتملة حول: الأمن القومي ، فالمشاركة في البيانات قد تنطوي علي مخاطر الكشف عن معلومات تعتبرسرية وطنيا فقدان الاستقلالية والتبعية السياسية فقدان "السيادة لشركات الكهرباء"، بالتخلي عن صنع القرار في التخطيط والتشييد والتشغيل لمصلحة التجمع: فقدان السيطرة على إجمالي: التطورات والعمليات وصنع القرارالخ...
إِحْصَانٌ الربط الكهربائي - قراءة اجرائية: وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ".(الأنبياء 80) اذا ، كيف يمكن للسودان اجرائيا أن يأمن تقليص حجم فقدانه للتحكم في الربط الكهربائي مع دول الجوار:
بالأضافة لما سقناه عاليا تحت عن عنوان "إِحْصَانٌ الربط الكهربائي - قراءة موضوعية" ، هناك أيضا " احصان اجرائي" نذكر منه: أولا : اشتراط الإجماع في اتخاذ القرارات وثانيا، التأكد من توفر قواعد واضحة للتشغيل الفني والتجارة بشأن تبادل الكهرباء: وثالثا، التأكد من توفر القواعد الاقتصادية التي تبقي التبادل غير المخطط له في مستويات مقبولة لا تزعزع استقرار المعلمات الفنية (Technical Parameters)للأنظمة ، على سبيل المثال تعويض الخسائر الناجمة عن خرق العقود كما في حالة السحب غيرالمشروع للمياه أو الطاقة(Water or Power Poaching”الخ.... ورابعا ، التأكد من تضمين عقد الشراكة حد أدني للمتطلبات الأحتياطية كنسبة مئوية من حمل الذروة لكل نظام وخامسا، اشتراط توفر اليات حماية ضد الفشل والمتتالي (Cascading Failures)، على سبيل المثال:إسقاط الأحمال أو فصل الروابط المتشابكة في حالات الطوارئ
الأحكام المتعلقة بعقودالربط الكهربائي:
الأتفاقيات الثنائية عادة تتضمن أحكام تحدد: شروط العقد التعاريف المتعلقة بالجودة التقنية المواصفات، مثلا: التفاوت المسموح به لاختلافات التردد والجهد ، سيما أدنى تردد في أي وحدة يمكن من تشغيلها بأمان الحد الأدنى لظروف الحمل واحتمالات الحمل الزائد الخ... الأجر / قيمة العقد / شروط الدفع التغييرات في التكلفة (Cost Variation Clause الأختبارات والضمانات (Guarantees) والألتزامات(Obligations) مدة إنتهاء الأتفاق / العقد / الظروف القاهرة (Force Majeure) أحكام التعويض التصحيحIndemnity/Compensation & Default/Rectification Provisions
اتفاقيات التجميع (Pooling) عادة تتضمن اضافة لما سبق أحكام تتعلق بالتخطيط والتشييد والتنسيق
الولاية القضائية (Jurisdictional) والضبطية (Regulatory) لحل النزاعات حول عقود الربط الكهربائي:
وهو مما ينبغي أن يفصح عنه صراحة في العقد ، ك: كجهة الأختصاص ((Competent Jurisdiction وأليات تسوية النزاعات (Settlement of Disputes) والخبراء المختارون بعناية للتقاضي (Expert Witness) والتحكيم (Arbitration) والمعاير الواجبة التطبيق( Applicable Code & Standards): والقانون الواجب التطبيق( Applicable Law )، حيث ينبغي الإصرار على القانون الوطني، فمثلا: يحق لكل دولة أن تطبق قوانينها الخاصة على أراضيها، ما لم يتم الاتفاق على أساليب الصراع حل عليها مسبقا أما اذا فشلت الدبلوماسية في حل المنازعات، فيمكن اللجوء إلى: الوساطة (Mediation): فالمادة السادسة اتفاقية الأمم المتحدة (1977) لقانون الأستخدامات غير الملاحية: البند 33: "تسوية المنازعات" : يدعو الأطراف الي طلب وساطة من طرف ثالث (وقرار الوساطة غير ملزم)
التحكيم الدولي (Arbitration) وفق قواعد المعهد القانوني للمحكمين - وقرار التحكيم ملزم لكنه قابل للتسيس ويمكن رفع النزاع الي "محكمة التحكيم الدائمة" Permanent Court of Arbitration, PCA والتحكيم الدولي مفتوح للدول والأطراف الأخري أو الي "محكمة لندن للتحكيم الدولي" London Court of Int’l Arbitration
الفصل القضائي (Adjudication) مفتوح للدول فقط والقرار هنا ملزم ويمكن رفع النزاع الي محكمة العدل الدولية Int’l Court of Justice (ICJ) o لكن اختصاصها مبني على أساس موافقة كل الأطراف للأحتكام لديها o لكن ينبغي تجنب "الفصل القضائي" لانه من الخطأ تحويل نزاع هندسي الي نزاع قانوني
اخر الكلام : درجنا في هذه الفصول من الدراسة المتعمقة ، مراعاة لما فيها من المشقة علي القاريء الكريم في متابعة الحقائق العلمية التي نوردها، أن نبتدر الحلقة بأيات القران الكريم " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار" (ال عمران 13) ،وبالأحاديث الشريفة وبالحكم الباقية ، ثم نَزْجَى شيء من قطائف الشعر كمقبلات قبل الولوج الي متن البحث، لنأخذ القاريء في ختام الحلقة ليجد الراحة في أيات القران الكريم ، وفي بستان الشعر والأدب االعربي ، ولما كان "كل امرئٍ جارٍ على ما تعوّدا " كما قال حاتم الطائي، فليكن تدبرنا هنا في العلم ونقيضه:
"فبأضدادها تعرف الأشياء" ، "والضد يظهر حسنه الضد"! "هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" (الزمر39) و لذا يقول ابن المقفع : "اذا أكرمك الناس لمال أو سلطان فلا يعجبك ذلك، فان الكرامة تزول بزوالهما ، ولكن ليعجبك اذا أكرموك لدين أو أدب"!
يقول ابن كثيرفي شرح الأية عاليه: " أخد كل واحد بحسبه، وهي اشارة الي القلوب وتفاوتها فمنها ما يسع علما كثيرا ، ومنها ما لا يتسع لكثير من العلوم ، بل يضيق عنها"
وفي هذا الصدد يقول الشيح أبي طالب المكي: جاءت الأثار عن نبينا (ص) وعن عيسي (عليه السلام): "لا تضيعوا الحكمة عند غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم"
ونختم بطرفة ، بين أب وابنه:
وهل ذاك الا أبو عبد الرحمن ، الخليل بن أحمد الفراهيدي ، سيد أهل الأدب قاطبة في علمه وزهده ومنشئ علم العروض ميزان الشعر و موسيقاه ، وأول من ضبط اللغة : اذ يحكي أنه قال : إن لم تكن هذه الطائفة ( يعني العلماء) أولياء الله تعالي ، فليس لله ولي !
وكان على معرفة بالموسيقى حتى كان يقضي الساعات في حجرته يوقع بأصابعه ويحركها تناغما مع ميزان الشعر و موسيقاه، فاتفق أن رآه ابنه على تلك الحال فظن به مساً ، فخرج إلى الناس وقال:أبي قد جن !، أبي قد جن! فدخل الناس عليه فرأوه يقطع العروض ... فأخبروه بما قال ابنه ، وكان يمكن لهذا الشيخ الورع أن يركن الي الأية الكريمة : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا” (الفرقان63)
أو يكتفي بالعزاء الذي يمكن أن يجده في مقالة ابن دريد الأزدي:
1) IVO International.1988. Regional Interconnection of Power Systems between Ethiopia and Sudan. Final Report 2) DOE. 1980.Electricity Exchanges 3) Pachauri,R. 1975.The Dynamics of Electric Energy Supply & Demand 4) IAEA .1984.Expansion Planning for Electrical Generating Systems 5) Meyers, R. (ed.)Encyclopedia of Physical Science & Technology 6) OTA.1989.Electric Power Wheeling & Dealing 7) Focsa, V."Hydro Development on International Rivers", Water Power & Dam Construction, March 1988 8) Rustebakke, E.(ed.)1983.Electric Utility Systems & Practices 9) Haldame, T et al."Problems of Hydro Electric Design in Mixed Thermal-Hydro Electric Systems", IEE Paper #6042 (1955) 10) Spafford, G et al "The Role of Hydroelectric Energy Source in an Integrated Power System", Proc.of the 2nd World Congress on Water Resources: Water for the Human Needs,1975 11) http://wdi.worldbank.org/table/3.7 12) http://www.eappool.org 13) http://data.worldbank.org/indicator/EG.ELC.HYRO.ZS 14) http://kropla.com/electric2.htm 15) FERC.1980.Power Pooling 16) DOE.1979.Electricity Exchanges 17) Knudsen, J."Plant Specifications, Procurement and Quality Assurance" ,WEC 12th Congress, 1983.
بروفسير قريش مهندس مستشار و خبير اقتصادي دولي في مجالات المياه والنقل والطاقة والتصنيع، بجانب خبرته في مفاوضات نقل التكنولوجيا وتوطينها و في مفاوضات نزاعات المياه الدولية واقتسامها وقوانين المياه الدولية بروفسير قريش حائزعلي الدكتوراه الأولي له (Summa Cum Laude) من جامعة كولمبيا الأمريكية في هندسة النظم الصناعية والنقل والتي أتم أبحاثها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا M.I.T.)) حيث عمل زميلا في "مركز الدراسات الهندسية المتقدمة" بالمعهد، وحيث قام بوضع مواصفات تصميمية أولية لطائرتين تفيان بمتطلبات الدول النامية مع الأختبار الناجح للطائرين علي شبكات طيران الدول النامية من خلال أساليب المحاكاة الحاسوبية الرياضية وتفوقهما علي الطائرات المعروضة في الأسواق ، وهو أيضا حائز علي ماجستير الفلسفة (M.Phil.) بتخصص في التخطيط الاقتصادي والاقتصاد الصناعي من نفس الجامعة و حيث انتخب عضوا في" الجمعية الشرفية للمهندسين الأمريكيين" (Tau Beta Pi ) ورشح في نفس السنة للقائمة العالمية للمهندسين الأشهر (Who's Who) بروفسير قريش حائز أيضا علي دكتوراة ثانية من جامعة مينيسوتا الأمريكية في موارد المياة بتخصص في الهيدرولوجيا وعلم السوائل المتحركة (الهيدروليكا)، وعلي ماجستير إدارة الأعمال من جامعة يوتاه الأمريكية بتخصص اقتصاد وبحوث العمليات، بجانب حصوله علي شهادة في النقل الجوي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (M.I.T.)و علي شهادة في "العلوم والتكنولوجيا والتنمية" من جامعة كورنيل الأمريكية وفي جانب السيرة العلمية العملية، فقد عمل بروفسير قريش كمساعد باحث بجامعة ولاية يوتاه الأمريكية ، ثم باحث أول بالمجلس القومي للبحوث ومحاضر غير متفرغ بجامعة الخرطوم وعمل بعدها كبروفيسور مشارك في جامعتي ولاية مينيسوتا الأمريكية وجامعة الملك عبد العزيزبجدة ، ومستشارا لليونسكو بباريس و مستشارا للأمم المتحدة (الأسكوا) ، وخبيرا بمنظمة الخليج للأستشارات الصناعية في الجانب المهني، بروفسير قريش هو مهندس بدرجة مستشار" في" المجلس الهندسي السوداني" وزميل في "الجمعية الهندسية السودانية" وعضو مجاز في" أكاديمية نيويورك للعلوم" ومجاز "كعضو بارز في جمعية هندسة التصنيع الأمريكية كما هو مجاز "كعضو بارز" أيضا من قبل "معهد المهندسين الصناعيين" الأمريكي وعضو مجاز من قبل "معهد الطيران والملاحة الفضائية" الأمريكي وعضو مجاز من قبل "الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين" والمعهد الأمريكي للعلوم الإدارية و الجمعية الأمريكية لضبط الجودة والمعهد البريطاني للنقل