رفع الحظر الأمريكي ، قراءة متأنية من زاوية اخرى !
انا واحد من الذين اكتووا تجاريا بنار المقاطعة الامريكية، وظلت شركتي التي ساهمت في جلب كثير من التقانات من جنوب افريقيا ، من بينها تقانات البنوك كأول شركة تجلب بالتعاون مع شركة سودانية محلية ، نظام ال ATM لبنك ام درمان الوطني الرائد في هذا المجال ، وغير ذلك كثير من الحلول التقنية ، لتصبح شركتي مجمدة العمل مع السودان بعد المقاطعة وفرض عدم تصدير تقنيات بمستوى معين وانقطاع التحويلات .
رفع الحظر الامريكي عن السودان يكون مفيدا للسودان ، اذا كان رفعا كاملا غير مؤقت واذا تم تعميمه على الشركات العالمية في كل البلدان ، واذا كنا جاهزين لاستيعابه.
من المعروف انه تم فرض الحظر التجاري من وزارة الخزانة والتجارة الامريكية مرتبطا بقرار أمني اامريكي ، فما هي اسباب الربط بين هاتين الجهتين المختلفتين ان لم يك الامر هو ادارة الشعوب وتكميم افواهها وممارسة الارهاب العالمي عليها وتنفيذ مخططات على المنطقة ومن ضمنها السودان ؟
الشركات المنتجة العالمية والبنوك التي تشترك بعضوية بورصة نيويوركNew York Stock of exchange هي التي طبقت المقاطعة بحذافيرها في اغلب دول العالم ، نسبة للغرامات الكبيرة المفروضة عليها في حال عدم تطبيقها للمقاطعة ، وهذه الشركات هي شركات استراتيجية تتعاقد مع الدول بنفس طويل ، هل ستأتي هذه الشركات للاستثمار في السودان ورفع الحظر موقوت؟ وهذه الشركات تتطلب ايضا بنية تحتية لجاهزية الاستثمار ومن ضمنهت ايجاد قاعدة بيانات استثمارية واضحة ومفيدة للطرفين ، ومؤسسات محلية شريكة مؤهلة لادارة الاستثمار الاجنبي محليا ، وضمانات مستدامته ولبئية صحية امينة ، ولقوانين ناجذة ونافذة لا تعرف الكبير او الصغير لتحكمه وتضبته وتحفظ حقوق المستثمرين ، فهل نحن جاهزون ؟.
نسبة 99 بالمئة من الشركات المنتجة للتقانات والحلول التقنية المغيدة لتنمية البلدان ، وتلك التي تمتلك المال العالمي وتديره في العالم يهودية ، منها ما يتماهى مع السياسة الصهيونية العالمية في تخطيطها لامتلاك رؤوس الاموال والبنوك المركزية العالمية في اتجاهها لحكومة عالمية مركزية مثل بنك قولدمان ساكس الأمريكي ، ومنها ما هي تجارية بحتة لا يهمها سياسة ولا تهمها اسرائيل او العرب ولكنها يهودية ، هل السودان جاهز وعلى استعداد للتعاون مع تلك الشركات اليهودية حتى ولو كانت امريكية ، وموقفه السياسي المعلن من اسرائيل ومقاطعتها واضح جدا للعيان وهو واحد من الأمور التي أزمت نماء السودان وقطعت علاقته الخارجية ، هل يمكن للسودان التعاون والمرونة في هذا الاتجاه؟
لماذا تم رفع العقوبات عن السودان بهذه الطريقة العجلى ؟ وهل تم تعميم (عالمي) من وزارة الخزانة والتجارة الامريكية حتى تستجيب كل شركات العالم لرفع الحظر والتعامل مع السودان في فترة الست اشهر هذه والتي تريد ان تضمن امريكا فيها على ان السودان طائع ومنفذ لما طلب منه ؟ وهل اذا دخلت شركات اخرى غير امريكية هل نضمن عدم استجابتها مرة اخرى للحظر في حال رأت الادارة الامريكية في ظل رئيس لا يمكن التنبؤ بما يفعل ؟
من المعروف ان سياسة امريكا اعطاء القليل باليمين واخذ الكثير باليسار دون ثمن ، فهل يعقل ان في رفع العقوبات المفاجيء من غير ان يتهيأ له السودان حكومة وشعبا ومؤسسات ، لا ينم على ان ما وراء الأمر (إن) كبيرة ؟
نعني بجاهزية السودان ، جاهزيته لاستيعاب استثمار ما بعد الرفع ، الإستثمار العربي والاجنبي وخصوصا الامريكي ، فهل نحن جاهزون في قنوات صادرنا وواردنا وتجهيز مشروعاتنا ، وتأسيس بنية تحتية لشبكة استثمارية تضمن دخول الاستثمار الايجابي وتحفذه وتقنن التعامل معه و تنظم هيكلته ؟ هل نحن جاهزون ، وضعنا قوانيننا التي تحارب الفساد وتحد منه ؟ هل نحن موحدون في قنوات الاستثمار وتنظيمه ليستفيد منه العائد القومي والدولة والشعب بصورة مؤسسية ومؤسسة؟.
انا اعتقد اننا لسنا جاهزين واقترح بدلا من القبوا برفع والاستثمار الامريكي على انه تبادل منافع أمنية فقط ، وطلب المزيد من التنازلات من السودان ، لما تريده امريكا من دور له في المنطقة ، أقترح أن يقوم بتقديم مقترح لشراكة استراتيجية استثمارية وتجارية حقيقية مع امريكا بالذات ومع غيرها من الدول، يؤسس لشراكة تطمن تلك الدول وتضمن استثماراتها ومصالحها في السودان بصورة مستمرة ، وان يراعي السودان مصالحه ومصالح العالم في المنطقة ، وحتى يضمن السودان بقاءه متحدا وان يحافظ على علاقته والتزاماته الاقليمية بما فيها موقفه مع الخليج في الحلف العربي ، وموقفه من الاطماع الإيرانية والصهيونية ، والا يكون موقفه مزيدا من التنازلات مثلما حدث قبيل نيفاشا ، تؤدي لنيفاشل اخرى ، وتضمن للسودان ان يحتفز بدوره في الجنوب بعلاقات جوار تحافظ على امنه وامن البلدين والمنطقة ، بدلا من القبول والفرح العارم الغير مؤسس برفع العقوبات والتي تقرأ ايضا على انها ليست عطفا من اوباما في عشية وضحاها وقد هداه الله بعد ثمان سنوات ليرفعها في اخر اسبوع له في البيت الابيض وفي حالة تسليم وتسلم ونحن نفرح فرح الاطفال ونأخذ الامور ببساطتنا المعهودة ونطبق ما يملى علينا من شروط ، مذعنين بسبب ما وصلنا له من سوء اقتصادي.
لعل امر رفع الحظر لا يكون محبطا يتقصد فصل السودان عن موقفه من الحلف الخليجي وان تجرجر اقدامه ثانية للعلاقة مع ايران او لتهيئته (الما محرية) في مخطط العم سام بن نوح الذي لا يرعى علاقة رحمه مع كوش بن حام أخيه في نزع دويلة اخرى في شمال السودان هي مسقط رأس كوش ، ولعل الرفع لستة اشهر لا يعني ان عمر السودان في نظر الادارة الامريكية هو ستة اشهر يمكن امريكا من وضع رجل لها في السودان في ظل موازين القوى الاقتصادية مع الصين والتي بلغت الزبى في التمكن من خير السودان وشراء ارضيه واغراقه في الديون والمطالبة بمستحقاته ، على ارض باطنها خير وظاهرها خير ، ينظر اليها العالم على انها حديقة مستقبلية لنمائه.
rafeibashir@gmail.com