* في سنوات النظام المايوي البغيض تم اعتقالنا ونحن طلاباً بالمرحلة الثانوية مع مجموعة من كوادر الصف الثاني في حزب الأمة وجمعنا قسم الشرقيات بسجن كوبر بالخرطوم بحري، كان من بينهم الأحباب الحاج عبد الله عبد الرحمن نقد الله ـ رد الله غربته الصحية ـ وكل من الراحلين صديق نمر والصادق بله والشهيد محمد نور سعد والفاضل عباس وغيرهم. * كانت النسبة الكبرى من المعتقلين السياسيين بقسم الشرقيات قوامها من الشيوعيين وأعضاء حزب الأمة. * استطعنا داخل المعتقل أن ننسق لحياة سياسية واجتماعية مشتركة، في البرامج الثقافية والرياضية والاجتماعية، وكانت أبرزها مسرحية "فتح الخرطوم" التي أخرجها كمال الجزولي من الحزب الشيوعي وأدى فيها الحبيب الحاج نقد الله من حزب الأمة دور الامام المهدي والسر النجيب من الحزب الشيوعي دور غردون والشهيد محمد نور سعد دور الشاعر العباسي وكنت أنا مساعداً للمخرج، وقد تم تقديمها في يوم السادس والعشرين من يناير ذكرى تحرير الخرطوم، وأذكر أن حراس وضباط السجن العمومي قد إعتلوا سور وأسطح مباني السجن التي تحيط بقسم الشرقيات لمشاهدة المسرحية التي استمرت زهاء الساعة وكان إخراجها قد اعتمد على "تكسير الحائط الرابع" بالاستفادة من كل مساحات حوش قسم الشرقيات ليصير كخشبة للمسرح وليس حيزاً محدوداً فقط. * الملمح الآخر البارز في العمل الثقافي المشترك بين الشيوعيين وكوادر حزب الأمة داخل المعتقل برز من خلال تأليف وتلحين وآداء الأناشيد الثورية الجماعية. * لم تتحسس كوادر حزب الأمة من ترديد أناشيدنا التي نمجد فيها شهداء حزبنا الشيوعي، كما لم نستنكف ترديد أناشيدهم التي يمجدون فيها قادة حزبهم وزعمائهم. * كانوا يرددون معنا " يا يابا الشفيع التار ،، وضلالة هجير الصيف ،، ويا تار البلد جوزيف". وكنا نردد معهم " زعيمنا الصادق الصديق وجاسر ما بمسكو القيد"!. * كان ذلك ضمن محاولات للبحث عن الحد الأدنى من المشترك السياسي في سبيل وحدة المعارضة الشعبية التي كنا ندعو لها والتي التأم شملها آخيراً في الساعة الواحدة من صبيحة السادس من أبريل بتوقيع قادة أحزاب المعارضة الأساسية على ميثاق قوى المعارضة لقيادة العصيان المدني والاضراب السياسي للاطاحة بحكم الفرد المطلق، والذي تم بالفعل بإسقاط نظام النميري الديكتاتوري العسكري وإلحاقه بمزبلة التاريخ وانتصار الشعب السوداني في ذلك اليوم المجيد من تاريخ شعبنا المجيد. * مرحباً بالسيد الامام الحبيب الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي المعارض وهو يعود لوطنه مع صبيحة هذا اليوم الأغر السادس والعشرين من يناير ذكرى تحرير الخرطوم في العام 1885 ،، علنا نتحسس الخطى الثابتة للعمل المشترك مع كل القوى السياسية المعارضة من أجل وحدة المعارضة الشعبية وانتظام صفوفها لقيادة اجتثاث حكم الانقاذ والجبهة القومية الاسلامية الدكتاتوري العسكري الغاشم من أرض السودان الطيبة. * ولتتحد قوى المعارضة الشعبية!.