صراع الأنصار والختمية في السودان !

 


 

 

 

alshiglini@gmail.com

كثير من الأفاضل قد وقفوا ضد إفساح المجال لنبش قضايا "الأنصار" و "الختمية" منذ تاريخهما الطويل ، بدعوى أن الحديث عن المثالب ، يُضعف " المُعاضة " ! . وهو قول غريب سكتنا عنه ، سكوتنا عن الكبار ، الذين كنا نعتقد أن لهم كل أسبابهم ليكونوا في المكان الذي اختاروه : ضد مصالح الغلبة الغالبة من الشعب السوداني. كانت حياتهم الرغدة ومصير ذريتهم ،هو صنيع محبة الفقراء ، ولو كان ممن يُسمون " السادة " أولوا العزم من أجل الوطن والمواطن ، لذهبوا مذاهب شتى من أجل ذلك، غير أن وقوفهم مع من أراد بالدولة الخراب وبالمواطنين الذلة غيّر كل الأماني التي كان ينتظرها مريدوهم.
منهم منْ قال إننا سنُغير النظام من الداخل ، وتناسى مبدأ المحاسبة الذي صدّع به رؤوسنا فترة طويلة من الزمن . ومنهم من قال بأننا مع إنزال النظام كلوح الزجاج . ولم نعرف عنهما شيء سوى أن كل واحد ترك ابنه مساعداً لرئيس الجمهورية في القصر . عينا لمراقبة الذئب الذي لا ينام أبداً.
ها نحن اليوم نرى حصاد الهشيم ، حين نقترب من العشرية الثالثة من حكم " العصبة الإخوانية "وآثار تهديم الدولة ، بل تمزيقها بادية لكل عين ترى. وعادة القبلية لسابق عهدها عندما كانت تحكم السودان دويلات مُتحاربة ومتباغضة ،قبل التركية السابقة . ليس لهم شأن بالعمل العام ولا شأن بالمواطنين .
نسمع اليوم بعد أن صار السودان ممزقاً ، وصار في أسفل سافلي دول العالم ، وأعلاها قمة في الفساد والرِشوة والفشل . ورغم كل ذلك نجد أن منْ يُسمون " السادة " يُسعفون الجناة والقتلة ، باسم الاستقرار ، تارة وباسم العقيدة تارة أخرى . وخابت الظنون ، وانسدّ الأفق . كأن حواء أحجمت عن ولادة البدائل المنطقية .و للذين شبّوا، وباتوا شيباً وأمسكوا بالعصاة ، بعد أن كاد يغشاهم الخرف ، يجترون في كل سانحة ذات الشعار وذات المقولات التي شرب منها الدهر ، ولم يزل قادة العصبة من جهة أخرى يقول أحد قادتهم " لو لا لُطف الله بالسودان أن قيض للبلاد ثورة الإنقاذ لكان شأن البلاد والعباد غير الذي كان "! . كأن هنالك من درك أسفل من الذي تركونا فيه .
أليس خيراً للطائفتين مداومة الجلوس على " التبروقة " وقراءة الراتب من جهة وتلاوة الأدعية ، فقد كان الراحل" الشيخ البرعي" أكثر التصاقاً بشعوب السودان ، ولم يطلب سلطة . وكان الراحل " الشريف حسين الهندي " واضحاً حين سار بالشعار " لا قداسة مع السياسة ".


(2)

طائفة الأنصار :

بعد أن طلبت حكومة الحكم الثنائي من السيد "عبد الرحمن المهدي" مساعدتها في الدعاية المناوئة للدعاية التركية أيام الحرب العالمية الأولى . و أفتي الشيخ "مصطفى المراغي" بتوصية من مكتب المخابرات في الخرطوم ، أن "راتب المهدي" لا يعتبر كتاباً ممنوعاً. وفي عام 1915 منحت الحكومة السيد "عبد الرحمن المهدي" أراضي إضافية في الجزيرة" أبا ". وفي عام 1925 حصل هو و"عبدالله الفاضل "و"محمد الخليفة شريف " على رخصة لزراعة 600 فدان بمشروع" قندال " لزراعة القطن .وتم منح السيد" عبد الرحمن المهدي " قرضاً قدره 4500 جنيه ، والذي تنازلت عنه الحكومة عام 1926 واعتبرته هبة !. وبحلول عام 1933 كانت المساحة المُعدة للزراعة في الجزيرة " أبا" ومديريات الفونج والنيل الأبيض وكسلا 13000 فدان .وبلغ دخل السيد "عبد الرحمن المهدي " ما بين 15000 جنيه إلى 40000 جنيه في العام .و توقف السيد " عبد الرحمن المهدي " عن إرسال مناديبه لجمع الزكاة من أتباعه في "كردفان" و"دار فور" ، بعد منعه بواسطة الإنجليز .
أما قصة زيارة الوفد عام 1919 لتهنئة جورج الخامس بانتصاره في الحرب العالمية الأولى، فهي جديرة بأن تُحكى :

كان الوفد الذي ذهب للندن من أجل تهنئة الملك " جورج الخامس " برئاسة السيد " علي الميرغني " . وعند مقابلة الإمبراطور ، قدم السيد "عبد الرحمن المهدي " سيف والده ، هدية للإمبراطور " جورج الخامس " . فما كان من الأخير إلا أن قام بإعادة السيف للسيد " عبد الرحمن "وطلب إليه أن يدافع عن الإمبراطورية البريطانية! .
يرى الصحافي " محمد حسنين هيكل " في سلسلة حلقاته " مع هيكل " في قناة الجزيرة الفضائية ، أن تقديم السيف وإعادته ، يعتبر قضية سياسية ، ومسرحية أثبتت أن السيد " عبد الرحمن " يتمتع بذكاء سياسي حاد ، أسهم في مُقبل الأيام أن يصبح رجل الإنجليز المُفضل . وأصبح شعور السيد " علي الميرغني " هو ذات شعور المرأة التي يتزوج زوجها عليها !.
ونعرف أن النسوة السودانيات يزرن الزوجة القديمة لمواساتها ويقُلنَّ:
" إن شاء الله ما تَعلى على قُصّتِكْ"
بدأت أسهم السيد " عبد الرحمن المهدي " ترتفع ، وتنخفض بالتالي أسهم السيد " علي " . وهو رجل مصر الذي دعمته بالمال . واهتزّ موقفه باهتزاز موقف مصر كشريك ضعيف في الحكم الثنائي خلال الحرب العالمية الأولى، وزاد الموقف سوءاً بعد إبعاد الجيش المصري عن السودان ، بسبب مقتل السير " لي استاك " عام 1924.

(3)

الختمية :

كانت نصيحة " سلاطين باشا" للورد " كتشنر "، هو استخدام رجل دين وسطي بديلاً ، عن قصة المهدية ، الذي تربّت الأجيال على مناصرتها . وأقرب الأقربين هو الصوفي المعتدل السيد " علي الميرغني " . والذي بعد أن لجأ لمصر من "كسلا " ، أغدقت عليه مصر من أموالها مناصرة له . وكان هو رجل السودان المفضل لدى الحكم الثنائي ، حتى نهوض السيد " عبد الرحمن المهدي " بالمهدية المُسالمة الجديدة ، والذي انتزع إعجاب الإنجليز بعد زيارة الوفد لتهنئة إمبراطور بريطانيا العظمى بعد الحرب الأولى، بمسلكه المسالم ، واستحق دعم بريطانيا في مشروع " دائرة المهدي " . وصار شعاره" السودان للسودانيين" هو الأبعد نظراً . وعندما صار الزمان 1953 ، كان رأيه أن يفاوض الإنجليز دون المصريين.

عند زيارة الصحافي " محمد حسنين هيكل " للسودان ، مطلع فبراير 1953، تمت الزيارة بطلب من رئيس مصر الحقيقي: " جمال عبد الناصر " . كان هدف الزيارة معرفة اتجاه بوصلة أهل الطائفتين ، بشأن اتفاقية تقرير المصير ، التي كان يجري الإعداد لها في مصر .

زار " هيكل " السيد " عبد الرحمن المهدي " في قصره الأبيض في " دائرة المهدي " بالخرطوم .وعرف " هيكل " أن السيد " المهدي " لديه رؤية كاملة بشأن الاستقلال. ووضح أن مصر التي تدعي ملكية السودان ، لا تعرف عنه كثير شيء . فقط تعرفه من خلال مفتشي الري المصريين ، وبعض مآمير مصر في بعض مناطق السودان . وأن مصر لم تناقش السودانيين في أمرهم ، بل تناقش الإنجليز، فلماذا لا يفاوض " المهدي " الإنجليز؟

اجتمع " هيكل " بالسيد " علي الميرغني " خلال ذات الزيارة ، وتأكد من أنه رجل متصوف ، يتحدث عن معجزة مملكة النمل ومعجزة القنبلة النووية ،و لا يتحدث في السياسة!، بل أوكل أحد المريدين ليتحدث عن السياسة !. كان " هيكل " قد التقى به في غرفة ، يتم الدخول إليها بدرج للأسفل . وتتوسط الغرفة " لمبة " إضاءة تتدلى من السقف ، ولا شيء في الغرفة غير ذلك ، أنموذج حياة المتصوفة.
تأكد " هيكل " من أن السيد " عبد الرحمن " ، هو صاحب الرؤية السياسية الواضحة ، والتي تفضي للاستقلال التام ، في أي استفتاء يقوم . وكان زعيم " الختمية بلا رؤيا.

(4)

تمت زيارة الصاغ " صلاح سالم " في تلك الأيام من عام 1953 .والتي زار فيها جنوب السودان .وصرف مليون ونصف المليون من الجنيهات المصرية على الأحزاب الاتحادية التي تم توحيدها في مصر ، لتخوض الانتخابات باسم " الحرب الوطني الاتحادي " الموحد . و فازت فيها نتيجة الدعم المصري . وحصل " الحزب " الوطني الاتحادي " على (51) مقعداً من أصل (97) .وحصل حزب الأمة على (22) مقعداً . وفاز " الوطني الاتحادي " بأغلبية مكنته من الحٌكم منفرداً ، لأول وآخر مرة في تاريخ انتخابات السودان .
وعندما زار اللواء " محمد نجيب " السودان لتهنئته بالبرلمان الجديد ، واجهته " طائفة الأنصار " بمظاهرات مدججة بالأسلحة البيضاء ، وكانت في مجملها استعراضاً ضد مصر . وتحمل رسائل مُبطنة عن أن الانتخابات لم تكُن نزيهة بسبب دخول المال المصري.

(5)

الصراع بين قائدي الطائفتين " الأنصار " و " الختمية " ،تم وراثتها منذ أوائل القرن الماضي. وظهرت واضحة في زيارة وفد أعيان وعشائر أهل السودان عام 1919 كما أسلفنا. وما حققه الداهية السياسي " عبد الرحمن المهدي " . وكانت النقطة الثانية الواضحة هو تزعمه قائمة الذين وقفوا ضد قادة " ثورة 1924 " . وجاء اغتيال " سير لي استاك " في نوفمبر 1924 ، تمكيناً لطائفة الأنصار ، إذ طلب الإنجليز خروج القوات المصرية من السودان . وكان خروجها إيذاناً بأن يتوجه التعليم الذي كانت قبلته مصرية آنذاك ، وتوجه السودانيون بعده إلى الدراسة في إنجلترا : كمبريدج وأوكسفورد . وأرسل السيد " عبد الرحمن المهدي" أبناءه لطلب العلم في إنجلترا . وتراجع دور مصر التعليمي . ولم يتم تعديل نظام التعليم العام في السودان إلا في عهد أحد وكلاء وزارة التربية والتعليم عام 1965 الذي ينتمي للحزب الاتحادي. وبقرار انفرادي تم تعريب مواد " الجغرافية والرياضيات والعلوم " من مناهج المرحلة الثانوية ، دون مراجع علمية ، واستبدالها بمواد وكتب مناهج مصرية المصدر. ولاحقاً وبعد انقلاب 25 مايو ، تم تعريب مناهج التعليم العام .وإعادة تقسيم مراحل التعليم العام إلى ستة سنوات في المرحلة الابتدائية ، تليها ثلاثة سنوات للمرحلة المتوسطة ، ثم ثلاثة سنوات لمرحلة الثانوي . ثم جاء التعديل الثاني الخاص بثمانية سنوات للتعليم الابتدائي وتبعتها ثلاثة سنوات للمرحلة الثانوية " .وفيه خلط تربوي مُشين ، يدرس فيه الأطفال مع المراهقين في مدرسة واحدة !" .

لم تتم تبعية التعليم لمصر فحسب ، بل تعدل العلم السوداني ، ودخلت مناهج " جغرافية الوطن العربي " في صلب المناهج التعليمية السودانية التي أصبحت مجملها أحد عشر عاما للتعليم العام، دون مشورة مؤسسة " بخت الرضا" التي كانت تختبر المناهج الجديدة ، فكانت بداية انهيار التعليم العام بعد دخول القومية العربية لحكم السودان . وبقي الأمر كذلك حتى انقلاب 1989 ، فتم تعريب الجامعات السودانية تحت شعار " التأصيل "، وهي الطامة الكبرى ، التي تهدف هدم ما تبقى من نظام تعليمي . وبقية القصة معروفة .

(6)

ملخص مطالب مذكرة الخريجين في مذكرتهم للحاكم العام عام 1942 ، التي تظهر بجلاء نقاء الخريجين ، قبل تشكل الأحزاب ، واستقطاب الطوائف :

1. إصدار تصريح مشترك في أقرب فرصة ممكنة من الحكومتين الإنجليزية والمصرية ، يمنح السودان بحدوده الجغرافية حق تقرير مصيره بعد الحرب مباشرة وإحاطة ذلك الحق بضمانات تكفل حرية التعبير عن ذلك الحق حرية تامة ، كما تكفل للسودانيين في تكييف الحقوق الطبيعية مع مصر ، باتفاق خاص بين الشعبين المصري والسوداني .
2. تأسيس مجلس أعلى للتعليم أغلبيته من السودانيين وتخصيص ما لا يقل عن 12% من الميزانية للتعليم .
3. تأسيس هيئة تمثيلية من السودانيين لإقرار الميزانية والقوانين .
4. فصل السلطة القضائية من السلطة التنفيذية .
5. إلغاء قوانين المناطق المقفولة ورفع قيود مزاولة التجارة والانتقال داخل الأراضي السودانية عن السودانيين.
6. وضع تشريع يحدد الجنسية السودانية.
7. وقف الهجرة إلى السودان فيما عدا ما أقرته المعاهدة الإنجليزية – المصرية.
8. عدم تجديد عقد الشركة الزراعية بالجزيرة.
9. تطبيق مبدأ الرفاهية والأولوية في الوظائف وذلك ،
أ‌. بإعطاء السودانيين فرصة الاشتراك الفعلي في الحكم بتعيين سودانيين في وظائف ذات مسئولية سياسية في جميع فروع الحكومة.
ب‌. قصر الوظائف على السودانيين . أما المناصب التي تدعو الضرورة لملئها بغير السودانيين فتملأ بعقود محدودة الأجل ، يتدرب في أثنائها سودانيون لشغلها في نهاية المدة.
10. تمكين السودانيين من استثمار موارد البلا التجارية والزراعية والصناعية.
11. وضع قوانين بإلزام الشركات والبيوتات التجارية بتحديد نسب معقولة من وظائفها للسودانيين.
12. وقف الإعانات لمدارس الإرساليات وتوحيد برامج التعليم في الشمال والجنوب.

(7)

مأساة الجنسية :

سجل السيد " خضر حمد ": في مذكراته قضية سماها " مأساة الجنسية" وذلك ما تم أثناء حكومة السيد "عبد الله خليل " الائتلافية، في خمسينات القرن الماضي ، وفق النص الآتي :

{ منح وزير الداخلية سلطة الجنسية إلى ثلاثة وزراء آخرين ، اثنان منهم من حزب الأمة واثنان من حزب الشعب هو أحدهما. وسرح هؤلاء في أطراف السودان و"الجزيرة" و"كسلا " و"طوكر" ، وكل الأماكن التي يسكنها أو يعمل فيها أبناء بلاد إفريقيا المجاورة . وضرب بقانون الجنسية عرض الحائط ، ومُنحت الجنسية السودانية لكل منْ تعهد أن يعطي صوته لأحد الحزبين . وحدثني مسئول أن كل وزير منح آلاف شهادات الجنسية ، بل بعضهم وقع عليها وتركها لجماعة حزبه يوزعونها على منْ يتفق معهم ويسير على هواهم . وهناك آلاف من شهادات الجنسية صدرت وليس لها في أضابير الداخلية أو مصلحة الجنسية أثر }!ّ

(8)

عندما ننظر لتاريخ هذا العبث بالجنسية السودانية في خمسينات القرن الماضي ، نعرف أن لحاضر العبث بوثائق الجنسية تاريخ قديم ، والذي نشهد إبداعات هذا العبث اليوم. وجاءت العصبة القابضة على الحُكم في السودان بأحط السبل لمنح الجنسية لمن لا يستحق! .

(9)

لن ينس التاريخ التنافس والحسد المُتبادل بين طائفة "الأنصار" وطائفة "الختمية "، حين جاء السيد " محمد عثمان الميرغني " بوثيقة اتفاق بينه وبين الحركة الشعبية في ديسمبر 1988 . وكيف أنه عرضها على حليفه في الحكومة السيد " الصادق الصديق المهدي " . وعرض الأخير عبر مراوغته المعروفة ، بأن يقدم الاتفاقية لإجازتها بواسطة البرلمان . وفوّض البرلمان السيد رئيس الوزراء " الصادق المهدي " لتبني الاتفاقية وإقامة " المؤتمر الدستوري" يوم 13 ديسمبر 1988 .والغريب أنه لم يتبق سوي عشرة أيام!.
وبعد انتهاء جلسة البرلمان المسائية التي فوضته ،ذهب السيد " الصادق المهدي" لزيارة الجزيرة "أبا" إمعاناً في الاستخفاف . وسقط اتفاق " الميرغني – قرنق " الأول ، وهو صورة مفضوحة من الصراع والحسد ، وتغليب مصلحة الطائفة على مصلحة الوطن. وقد أدى ذلك لفض الائتلاف مع " الختمية " ، ودخل " الصادق المهدي " في ائتلاف مع " الجبهة القومية الإسلامية "، التي استخدمت سلطتها في ترسيخ قواعد" الإخوان المسلمين " في القوات المسلحة وقوات الأمن ، والتي تم تأسيسها بعد المصالحة مع 25 مايو ، ودخول الإخوان الحكومة منذ 1977. وهو الأمر الذي قيض للإخوان سهولة معرفة مفاصل الحكم ، ومن ثمة الاستيلاء على السلطة منذ 30 يونيو 1989 وإلى تاريخ اليوم .

عبد الله الشقليني
14أكتوبر 2017

 

آراء