الأسئلة الحائرة .. والاجابات المفقودة 

 


 

 

إلى متى؟!! إلى متى هذا الهراء الذي تمارسه النخبة السياسية العابثه؟! وإلى أي المصائر تريد ان تقودنا؟!! متى يتنحى أصحاب القدرات الضعيفه والعقول المحدوده والرؤى القاصرة والنفوس المعتله عن ساحة العمل العام؟! متى تترتب الأولويات والقضايا المصيريه لدى الفاعلين في ساحة العمل العام حسب أهميتها وضرورتها القصوى والواقعيه.. لا على حسب امزجتهم وأهوائهم؟! متى يكون تقدم هذا البلد  المنكوب وازدهاره ورفاهية انسانه اولويه وبرامج عمل أساس لدي نخبته التائهة العاجزه.؟!!.متى يدرك هؤلاء أن الممارسة السياسيه لايجدي معها منطق لعبة الدافوري ( يافيها يا اطفئها) ولا الشعارات العدمية التي لاتفضي إلى شئ سوى النتائج الصفرية.. متى يدركون ذلك؟! الا يتعلمون؟! من تجاربهم أو من التجارب الانسانية الماثلة أمامهم؟! ألم يتبين لهم أن العمل السياسي فعل مساومات ومقاربات وتسويات وتنازلات..وأن المواقف السياسيه مواقف نسبيه تحتمل الخطأ والصواب..و الا مجال فيها للمصادره ونفي الآخر بسبب أنه آخر ومختلف ونقيض..

والا قطعيات ويقينيات في جل النشاط البشري والإنساني حتى على مستوى العلوم التطبيقية والتجريبيه..وأن الحياة كل يوم هي في شأن..ألم يعلموا ذلك؟! واذا كان يدركون ذلك من واقع التجربة والخبرة لديهم فعلام التمترس خلف المواقف الحديه والشعارات الصارخه.. والتي إن صلحت في مرحلة معينه من مراحل التغيير المنشود..فإنها تفقد صلاحيتها وحيويتها عندما يفرض الواقع عليك بمعادلاته وخطوط التماس و التقاطع فيه منطقه..بإعتبارأن المصلحة  الكليه تعني الجميع..وأنه إذا حدث تقاطع بين التمني الخاص والرغبات والمصالح الذاتية..حينها يتقدم العام على الخاص والموضوعي على الذاتي...ولكن قبل أن يذهب بنا الحديث بعيدا..هل ثمة مصلحة عامه متعينه وشاخصه و متفق عليها يمكن يتحرك لها اويقف عندها العقل السياسي الحاضر في المشهد؟! وان وجدت في اخيلة واذهان هؤلاء  الفاعلين..ماهي هذه المصلحه؟! وماهي خطوطها العامة؟ وكيف السبيل لتحققها؟! وماهو مردودها علي البلاد والعباد في حال تحققها؟! وماهي المخاطر التي يمكن أن تنجم من عن عدم تحققها؟! أسئلة تحتاج لأصحاب بصيرة نافذه ورؤية عميقه تجترح من الطرق والأساليب والأفكار ما يعيننا على الخروج من هذا المأزق التاريخي التي تعيش فيه البلاد..والذي جسد فعلا ومصداقا لاقولا وحسب مقوله(ادمان نخبتنا للفشل)..تتكرر المشاهد وتستنسخ التجارب بحذافيرها.. بقضها وقضيضها..لااعتبار بتجربة ذاتيه ولا إستفادة من تجارب ماثله..نكثر من الثرثرة الغير منتجه وندور في ذواتنا كأننا جمع من العجماوات..ما أتعسنا و أبأسنا ..لقد نبهنا واشرنا

منذ بدايه الحراك في ديسمبر٢٠١٨ وحتي نجاحه في ابريل ٢٠١٩ذكرنا أن واقعا سياسيا جديدا قد بدأت ملامح تشكله تطل في الافق..وأن هذا التشكل تكتنفه جملة من التحديات والمصاعب الغير مسبوقه جديره أن يتم الإنتباه إليها والاهتمام بها:

 _  ذكرنا أن مشهد العمل السياسي قد تعقد عن ما كان عليه من قبل..وأن القضايا فيه قد تكاثفت وتشابكت وأن الرؤى المطروحة فيه قد تشعبت..وأن الفئات المستهدفة بالخطاب السياسي بها تغير كمي بأعتبار أن  فئه الشباب أصبحت غالبية غالبه ومؤثرة في الحركة السياسيه..وكذلك هنالك متغير نوعي قد حدث لم يكن موجودا في الاجيال السابقة..ذلك المتغير هو اتساع دائره و مصادر  المعرفة ووسائل الاتصال لديهم ..مما جعلهم أسرى لهذه المصادر والوسائل.. وهم بهذا يحتاجون لسلوك وتربية سياسية حاذقه وماهره تدمج مابين ما يتلقونه من  معارف عبر الوسائط الحديثه ومابين مطلوبات واقعهم وتفاعلهم معه .

_ التحالف الذي قاد التغيير..كان تحالفا واسعا.. فضفاضا أربك الساحة السياسيه.. واعطبها..

..افراده ليس على قلب رجل واحد لم يجمعهم شئ الا شعار(تسقط بس) دون الإجابة على سؤال ثم ماذا بعد السقوط؟! ولهذا كان طبيعيا الا يتم الاتفاق حتى على شكل الهيكل التنظيمي الذي ينضوون تحت.. لوائه هل هو تحالف وشراكه ام جسم تنسيقي..وبالتالي لم يتفقوا على برامج الحد الأدنى الذي يدير فترة الإنتقال..ومن ثم ييسر في المستقبل الطريق لعمل شراكات وتحالفات تصلح كأطروحه تقدم للناخب عند موعد الإستحقاق الانتخابي .وبسبب ذلك الوضع  ضاع على رئيس الوزراء عبدالله حمدوك زمنا مقدرا من حكومته الأولى من بعد إبرام الوثيقة الدستوريه.. كان يمكن أن ينجز فيها الكثير لو وجد من حاضنته برنامجا وخطة عمل  جاهزة للتطبيق والعمل الجاد.. حتى أنه اضطر أن يخرج ما يعتمل في صدره من ضيق ويبوح بموجدته هذه  عند لقائه بالجالية السودانيه في المملكة العربية السعوديه.. هذا الأمر كان من أكبر التحديات التي جابهت التحالف الذي إستلم زمام الأمر حينها..ولكنه سقط في الإمتحان وفشل في إيصال رساله تبرهن على كونه أمين وحفيظ وقوي على إستحقاقات الثوره.. من تمهيد الأرض لفترة انتقالية مستقرة صعودا لانتخابات ديمقراطيه تعبر عن إرادة شعبية حقيقية وحره..ولكن بدلا من ذلك سعى جزء من هذا التحالف بكل جد ومثابره للاستفراد بالفترة الانتقاليه وإزاحة حتى شركائه في التغيير وتجييرها لأجنده  ضيقه تنظر للواقع من زاوية رؤاه الخاصه  المحدوده..فكان طبيعيا أن تتولد الإشكالات وتتناسل حتى تضخمت ووصلت لطور الأزمه والاحتقان وجعلت الوطن كله في عين العاصفة ومهب الريح. .

_ إفتقار المشهد السياسي لقيادة بصفات ومواصفات خاصه.. تستطيع أن تولد الأفكار وتقدم المبادرات وتقترح الحلول للازمات في ظل هذه الظروف البالغة الحساسيه.. حيث تعاني الساحه من فقر مدقع وانيميا حاده على هذا الصعيد ..وتصدر المشهد النشطاء والفاعلين

 في الواقع وعلى الوسائط في مواقع التواصل الاجتماعي.

_ الحضور المكثف لمظاهر الوجود الأجنبي وفاعليتهم القوية على مجمل الأحداث بل تدخلهم وتأثيرهم المباشر في توجيه مسار الموقف والقرار السياسي مما أدى لحالة من الاستقطاب الحاد والتحشيد  تنذر بتشظي وتفتت الجبهة الداخليه ويهدد النسيج والسلم الاجتماعي الهش التكوين اصلا .

_ ملف السياسة الخارجيه وهو ملف به الكثير من  التعقيدات بسبب التقاطعات والمصالح المتباينة والمتشاكسه بين الفاعلين الاقليميين والدوليين ومصالحهم ومصالح بلادنا وبين اولوياتهم واولوياتنا..ولهذا لازمنا الفشل في إنتهاج سياسة خارجية فعالة ومنتجة طيله سنوات مابعد سقوط حكم البشير بل منذ السنوات الآخيره من حكمه.. وفي حالتنا الراهنه رغم الادعاء العريض والجزم القاطع بأن اختراقا كبيرا ونجاحا مهولا قد تحقق في هذا الملف ..فهذه تمنيات وأوهام يكذبها الواقع..فلقد دفعنا ثمنا باهظا وتكلفة عالية اقتطعت من لحم جسدنا الحي المنهك بالأزمات والحروب في سبيل عودتنا المزعومه للمجتمع الدولي..وفرضت علينا روشتة الإصلاح الاقتصادي الباهظة التكاليف ذات المردود السياسي والاجتماعي الكارثي.. وارغمنا على تنفيذها قبل مد يد العون والمساعده ..(إمعانا في الوعود الكاذبة والعهود السراب..كديدنهم دائما) يحدث ذلك والرجال رجالهم..والنهج المرفوع نهجهم..والساحه قد تملكوها..ولكنهم قوم لايعدلون.

_ ملف السلام الشائك واتفاقية جوبا التي ما زادت الواقع الا تعقيدا ببدعة المسارات التي ابتدعتها المفاوضات..فزادت من إحتقان المشهد..فثار الشرق.. وتمرد الشمال..وتذمر الوسط..وتمدد سيلان الدم الحرام وزادت رقعته في دارفور وكردفان..هذه هي حصيلة اتفاقيه سلام جوبا..ذات المنهجية المعطوبه إبتداء.. من حيث أجندة التفاوض..ومكان التفاوض..ورجال التفاوض..وفقرها من الحواضن المؤثره إقليميا ودوليا..وهو مما أثر على علو صيتها وقلة نصيبها من الزخم الإعلامي والاعلاني ..فكان نصيبها ضئيلا مقارنة بنيفاشا والدوحه.

وبعد فقد اكتفينا من الإحباط . وطفح كيلنا من إنتظار الغد المأمول ..واخشى ما أخشاه من تهيئة الأجواء للمغامرين الذين يأتون من  الصفوف الخلفية ويقلبون

 الطاوله على رؤوس الجميع وندخل في عتمة وظلمة المجهول.فاليرعوي ساسة الأمر الواقع..الذين جار الزمان علينا بهم.وليرتدعوا..وليضعوا نصب أعينهم مصلحه ومستقبل البلاد.. صناعا للتاريخ..بدلا من أن يكونوا من لعنائه..


ameinmusa@gmail.com

 

آراء