إستراتيجية وطنية للبيئة المستدامة في السودان
______
أذكر تماما في سبعينات القرن الماضي عندما كنا نعمل بوزارة الصحة السودانية؛ وجود ادارة محترمة ومتخصصة في الصحة المهنية...كانت من أوائل الادارات علي المستوي العربي وكان علي رأسها الدكتور عثمان محمد ابراهيم ويساعده طاقم من المتخصصين في السلامة والصحة المهنية اذكر منهم محمد الحسن صالح وصديق حمزة وعصمت ابو قصيصة وكذلك الدكتور عثمان ابوسالمة الذي جاء الي دولة قطر فكان له دورا مقدرا مع من سبقه من السودانيين العاملين في مجال الصحة والبيئة منهم الدكتور حسن كشكش والدكتور العطايا فاستطاعوا مع الاخوة القطريين الرواد في هذا المجال من وضع اللبنات الأولى القوية لقيام اول وزارة للبيئة في قطر..
ولقد علمت من البيان الذي نشره تجمع مهنيي السلامة والصحة المهنية والبيئة السوداني؛ بان هذه الادارة قد الغيت تماما في عهد الكيزان ولم يعد لها وجود وتحويل مبانيها لأعراض سياسية...وما ترتب علي ذاك من نتائج كارثية تتمثل في عدم التزام اصحاب العمل بقوانين ولوائح السلامة والصحة المهنية ومانتج عن ذلك ايضا من حوادث مريعة كان آخرها إحتراق مصنع سالومي في الخرطوم لحري.
لقد قرأت بعيون دامعة وقلب مفجوع ذلك البيان الذي نشره تجمع مهنيي السلامة والصحة المهنية تحت شعار( من اجل غد مشرق وحياة كريمة ودولة عزيزة) وقد صدقوا في القول ولم يكذبوا وهم يتابعون ويرصدون ويحللون بمنهاجية علمية تتوافر فيها كل متطلبات التقارير العلمية من حيث الصدق والثبات والموضوعية ما آل اليه حال البيئة في السودان وحال السلامة والصحة المهنية خلال حكم الانقاذ حيث شهدت البلاد فيه حوادث كارثية تمثلت في العديد من الحرائق والانهيارات والتلوث وحوادث الحافلات السفرية والطائرات وغيرها فضلا عن ما شهدته المنشآت الصناعية من حوادث أليمة.
وقد ارجع البيان السبب الرئيسي في وقوع تلك الحوادث الكارثية لعدم الاكتراث بقوانين الصحة المهنية وغياب الرقابة واحيانا تعطيل الإجراءات بواسطة المتنفذين في الحكومة السابقة.
وبطبيعة الحال سوف تتكرر الحوادث وتلتهب وتحترق المصانع وغيرها ويدخل الحزن والاسى والموت كل بيت في غياب توفير البيئة الآمنة الخالية من المخاطر.
فإذا كان يصعب وجود وزارة مركزية في السودان للبيئة؛ فدعونا علي الاقل نتوافق علي وضع إستراتيجية وطنية للبيئة المستدامة في السودان وليكن ذلك تحت مظلة مفوضية قومية للبيئة ذات صلاحيات وزارية او وزير دولة او حتي مجلس اعلي للبيئة مركزي وليس ولائي كما كان سابقا ...وتحت هذا الجسم او ذاك يمكن وضع السياسات والخطط والبرامج للبيئة المستدامة في السودان بما في ذلك اعادة وتنشيط عمل الإدارات المتخصصة ومنها إدارة السلامة والصحة المهنية.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com