اتحاد العمال المختطف يدعو للحرب الاهلية .. بقبم: صديق الزيلعي

 


 

 

دعا اتحاد نقابات عمال السودان، المختطف بوضع اليد من الاسلامويين، في رسالة مفتوحة الى البرهان، لتجيش الشعب، عن طريق تسليحه لمحاربة الدعم السريع، مما يشكل دعوة مفتوحة لإشعال الحرب الاهلية. وتأتي هذه الدعوة في إطار خطة الاسلامويين لتفجير حرب مدمرة شاملة. هذا المخطط لا يهتم بكل القتل والاغتصاب والتخريب والدمار الذي طال المدنيين وأرغمهم على الهروب من الخرطوم ومن دارفور. ولا يكترث لدمار البنيات الأساسية والأسواق والمستشفيات والمؤسسات الحكومية مما يصعب إصلاحه في وقت قريب. ولا بالاقتصاد السوداني، الضعيف أصلا، الذي أصيب في مقتل. ينحصر تفكير الداعون للتسليح والحرب الاهلية في الوصول للسلطة فقط. المثير للاهتمام انهم لم يتعلموا من دروس الحرب الاهلية القاسية في السودان وفي جميع انحاء العالم. ولا يحفلون بآثارها الكارثية.
نحاول هنا تقديم قراءة لموقف اتحاد العمال المختطف، وهو تنظيم نقابي محلول بحكم إجراءات السلطة العسكرية الحاكمة، رغم ذلك يعمل بنشاط، داخل وخارج السودان، وبحرية كاملة. يتم ذلك التحرك، تحت سمع وبصر، السلطة العسكرية ومكتب مسجل النقابات، الذي يحاول جاهدا محاصرة نقابة الصحفيين، المنتخبة ديمقراطيا، من قواعد الصحفيين.
ورد في صدر رسالة الاتحاد الى البرهان هذه الفقرة:
" اتحاد النقابات ما تقاعد يوما عن الواجب الوطني ونصرة أهل السودان"
هذا ادعاء، يجانب الصواب. فاتحاد العمال، تحت سيطرة الاسلامويين، وطيلة ثلاث عقود لم ينحاز لقضايا الشعب السوداني. وأوضح الأمثلة على ذلك صمته التام طيلة انتفاضة الشعب السوداني التي توجت بانتصار ثورته على الحكم الدكتاتوري. بل قاد حملة من الشكاوى للمنظمات النقابية العالمية بحجة ان حكومة الثورة قد انتهكت الحريات النقابية، وتدخلت في العمل النقابي، رغم انه كان ذراع الحكومة الدكتاتورية في قمع النقابات والنقابيين.
يستطرد الاتحاد ويكتب في لرسالته:
" قدم الاتحاد ارتالا من الشهداء في ميادين القتال وساحات الفداء من اجل الدفاع عن سيادة البلاد والحفاظ على امن المواطنين"
لم نسمع بأرتال الشهداء الذين قدمهم الاتحاد المختطف، لكننا وكل أبناء شعبنا قد سمعنا بشهداء الحركة النقابية الشرعية، الذين دافعوا عن نقاباتهم فتعرضوا للاعتقال والتعذيب والقتل. شعبنا يعرف الشهداء على فضل وعبد المنعم سلمان وعبد المنعم رحمة الذين قتلوا داخل السجون وغيرهم المئات الذين ادي التعذيب لإصابتهم بأمراض خطيرة. تم كل ذلك ولم يهتم الاتحاد بالدفاع عنهم، ولم نسمع عنه أي حديث عن الحريات النقابية وهو الذي يطوف، الآن، اركان العالم الأربعة متحدثا عن قهر حكومة الثورة للنقابات والحريات النقابية.
يوجه الاتحاد هذا الطلب وهو الهدف الأساسي من الرسالة:
" نناشدكم بإصدار قرار عاجل ودعوة كل سوداني قادر على حمل السلاح للانخراط في أقرب مقر او قيادة للقوات المسلحة، في كل انحاء السودان، واستدعاء قوات الاحتياطي وقدامى المحاربين والدفاع الشعبي والشرطة الشعبية."
باختصار شديد، هي دعوة صريحة للحرب الاهلية الشاملة. ونداء للسلطة العسكرية لإخراج كتائب الظل، لتشارك بطريقة رسمية وعلنية في القتال. وهي خطوة أساسية في دمار وطننا بشكل كامل.
بل يمضي في دعوته ويحدد ويفصل المهام حول دور الشعب في المعركة، ويقول:
" المعركة البرية يجب ان يشارك فيها الشعب"
المعركة البرية هي أضعف حلقات الجيش حاليا، لذلك يريد الاتحاد المختطف ان يدفع بأبناء بلادنا الى المحرقة. ويحق لنا ان نتسآءل عن دور القوات المسلحة التي تستنزف 80% من اقتصاد وطننا. وهي التي أسست لتحمي الوطن والمواطن. كما انها مسئولة عن انشاء الدعم السريع، ووفرت له كل الإمكانيات ليتوسع ويتسلح ويحتل مواقع أساسية. وبعد فشله في المعارك البرية يريد الاسلامويين ان يجعلوا من شعبنا وقودا لمعركة لا تهمه او تلهيه عن تفكيره الأساسي باستكمال ثورته وتحقيق شعاراتها في الحرية والسلام والعدالة. ولم يتعلموا من تجارب شعوب أخرى تورطت في حروب أهلية ودمرت اوطانها.
رسالة الاتحاد تشكل جزء لا يتجزأ من الحملة التي قادها الاسلامويين، وهيأت للحرب وأشعلتها. وهي حملة بدأ التمهيد لها في افطارات رمضان التي تم التحشيد لها، ثم اعقبها التهديد الصريح بتدمير البلد إذا تم التوقيع على الاتفاق الاطاري. وتجرأ بعض قادتهم بإصدار فتاوي تبيح قتل المعارضين. وصاحب ذلك حملة من الأكاذيب تشوه مواقف كل القوى المدنية. وشكل ذلك الموقف امتداد طبيعي للعداء للثورة والذي اتخذ اشكالا متنوعة، لكن يربط بينها خيط واحد يتجمع في مشروع عدائي ممعن في العداء. تم استخدام اللجنة الأمنية والاعلام، بكافة منصاته واشكاله، وأحزاب الفكة الاسفيرية والانقلابات المتعددة: 11 أبريل 2019، 25 أكتوبر 2021 و15 أبريل 2023.
كنت خلال مشاركاتي المتعددة، في ندوات حول الحركة النقابية، أواجه، دائما وباستمرار، باستفسار عن النقابات والعمل السياسي. وكان ردي دائما هو: ان نفصل ما بين موقف النقابات من القضايا السياسة القومية، كقضية الديمقراطية مثلا، وبين ما تتخذه النقابات من مواقف وتوجهات حزبية، لا يوجد اجماع حولها. والمعروف عالميا ان مشاركة النقابات في القضايا الوطنية، هو جزء لا يتجزأ من مهامها.
موقف اتحاد العمال المختطف، هو مثال لتجيير النقابات لمواقف حزبية. فالشعب السوداني غير مجمع على هذه الحرب المدمرة، وحتى من يؤيدون الجيش يريدون إيقاف الحرب وتحقيق السلام، ولكن قلة حزبية، تنتمي للفلول، تريد استمرار الحرب وتحويلها الى حرب أهلية، كسبيلهم الوحيد للرجوع للسلطة.

siddigelzailaee@gmail.com
///////////////////////

 

آراء