ادارة السياسة الداخلية والأزمات
إلى سعادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك
من المعروف سلفاً أن السياسات الداخلية والخارجية هما وجهان لعملة وادة بل لهما أدوار تكاملية حتى أن الطفل يعرف محيطه أولاً ثم ينفتح على العالم الخارجي المجاور له وتتوسع دائرة المعارف حتى يصل إلى المعرفة العالمية وليس العكس. وهنا في السودان قد يجد المرء العذر لرئيس الوزراء في الأيام الأولى لتولي الحكم لاتاحة الفرصة له للتعرف على فريق العمل الوزاي والتنسيق حول كيفية إدارة الدولة. ولكن ما يلفت النظر قيامه بزيارات خارجية قبل أن يزور أي اقليم من أقاليم السودان حتى مع حدوث كوارث ناجمة عن الفيضانات والأمطار الغزيرة في عدة مناطق في السودان وآخرها الأمطار الغزيرة والسيول التي هطلت واجتاحت مدينة أم كدادة بولاية شمال دارفور يوم4 أُكتوبر 2019م ونجم عنها تدمير للعديد من المنازل والمنشآت ومع هذا كان من المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء بالتخفيف من أعباء الموطنين الذين فاجأتهم تبعات السيول والأمطار الغزيرة وأصبحوا بلا مأوى ما بين عشية وضحاها.
صحيح أن السودان بحاجة إلى إعادة الدمج في المجتمع الاقليمي والدولي ولكن هناك أولويات داخلية تتطلب ممن تولى أمور البلاد القيام بها عاجلاً منها الزيارات الميدانية لجميع أقاليم السودان للتعرف على القضايا الحقيقية التي يعاني منها المواطن العادي الأكثر انتاجاً للمواد الغذائية والثروة الحيوانية وهكذا يمكن للقائد أن يكسب ثقة المواطنين من خلال العلاقات الوطيدة معهم. انتهى زمن الحصول على التقارير والاعتماد عليها في صنع القرارخاصة . الدكتور حمدوك خبير اقتصادي من الطراز الأول وعلى علم جيد بالبحث العلمي المتمثل في جمع البيانات من المصادر الأولية والملاحظة والمقابلات لتدوين الحقائق على الطبيعة وجمع البيانات والعينات وكل ذلك من خصائص البحث العلمي وأن وجود رئيس الوزراء في مناطق الكوارث يشكل أكبر مواساة للمتضررين حتى ولو لم بقدم لهم شيْ بل يكفيه جمع البيانات .
نصيحة أخوية للدكتور حمدوك الذي التقينا به في زامبيا خلال زيارته لها منذ بضع سنين وعلى خلفية الانجازات التي حققها في منصبه الأُممي أن يشد الرجال إلى الأقاليم للتعرف عليها عن كثب ومن ثم وضع الخطط اللازمة لتقسيم الثروة لأن الضجة الكبيرة في العاصمة من خلال الاعلام قد تصم الآذان وتضعف النظر للسماع أو رؤية معاناة الاقاليم.
وحيث أنه شخصية وافق عليها الجميع لقيادة السودان أتمنى أن تكون ضربة البداية في الزيارات خارج العاصمة إلى أم كدادة تلك المدينة العريقة الأصيلة التي كانت إحدى عواصم المحليات الخمس في دارفور الكبرى ولم تحظ بأي اهتمام منذ استقلال السودان كما لم يلتفت المسؤولون اليها عند الكوارث والمحن الحالية.ولعلمكم يا سعادة رئيس الوزراء انني استمعت الى قراركم باعفاء مدراء ورؤساء مجالس إدارات الجامعات ولاحظت وجود جامعات في كل عواصم المحليات الإدارية في السودان ما عدا أم كدادة التي فاز المرحوم عبد الله خليل في دارتها الانتخابية.
لا زلنا نستبشر خيراً بأنك سوف تنصف الاقاليم المهمشة وتواسي أهلك في أم كدادة مثلما فعلت عندما الحقت لامطار الغزيرة والسيول أضراراً ببعض أحياء العاصمة وقمت بجولة ميدانية . إنك لم تعد حمدوك الذي يمثل شخصه أو اسرته ولكنك أنت السودان كله شرقه وغربه وشماله جنوبه ووسطه . أنت الجسد السوداني كله وعندما تتألم أم كدادة أو مناطق أخرى من السودان لا بد أن تشعر بذلك لألم وتسرع لتوفير العلاج حتى لا يعم الألم كل الجسد وعندئذ يرتبك المرء . أتمنى أن تكون رحالة داخل السودان وتدون ملاحظاتك بنفسك وليس من رأى كمن سمع أوبالعكس.
Muazin2@yahoo.com