اظن الوزير الوحيد الذي استقال برغبته هو البدوي ... لأن لجنة قحت الاقتصادية وقفت بينه وتنفيذ برامجه... وقد رأى أن يمنحها الفرصة لتنفيذ ما ترى...عبر من تراه أهلا ..للوزارة ومن هذه الناحية الصحيح والمنطقي أن يذهب البدوي حتى نتخلص من حالة جمود وعجز وضعف الإنجاز في الملف الاقتصادي بسبب هذا الخلاف..الذي شل قدرة البدوي على العمل واضعف إنجازه . وإلا فلتطلق قحت يده وتجيز ميزانيته ويمرر وزرائها سياسته... التي نراهن عليها في علاج الملف الإقتصادي.
الشيء الذي لم أفهمه فى تعديلات حمدوك هو ذهاب البدوي وقدوم هبة ... فهما أحمد وحاج أحمد ولا فرق في السياسات بينهما . وكنت أتوقع أن يصر حمدوك على البدوي لدرجة الاستقالة معه...فهما يمثلان وجهي عملة واحدة للسياسة الاقتصادية..وحتى السياسة الخارجية المربوطة بالاقتصاد بقوة...من خلال إعادة هيكلة الإقتصاد وكسر العزلة السياسية برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتأهل لألغاء الدين الخارجى ومع تحقيق السلام وفتح البلد للإستثمار الخارجي كمدخل لازم للنهوض الإقتصادي.
إلا في حالة واحدة ..إن تكون هبة مؤقتة لتسيير الوزارة لحين قدوم وزير ..من خط قحت الإشتراكي ... وبعدها ننتظر خط سياسات إقتصادية جديدة...لا ندري ماهي ملامحها وكيف تكون وإلى أين تسير بالبلاد ؟ وكيف تعالج مشكلة التركة المثقلة من العزلة الإقتصادية والسياسية الدولية التي ورثناها من النظام البائد؟ البدوي كان ذو خط اقتصادي واضح رغم معاكسة قحت الحاضنة السياسية للحكومة له.. ...ورغم الفشل النسبي بسبب هذه المعاكسة استطاع أن ينجز..لوضوح سياسته واتساقها..بشكل مقدر و نذكر من إنجازاته المعلومة :-
١/ نجح فى ضم السودان إلى التحالف الدولي المعروف..)أفضل من النقد( لتحقيق الشمول والنزاهة والعدالة والشفافية النقدية ...من خلال تطبيق التعامل بالمدفوعات الرقمية بدلا من النقد..وتقليل تكلفة طباعة العملة النقدية الورقية والمعدنية . ٢/ عقد مؤتمر للشراكة الاقتصادية مع السودان في برلين في ٢٥ يونيو الماضي و نجح في توفير حزمة دعم اقتصادي من المجتمع الدولي حصلنا بموجبها على تعهدات بقيمة 1.8 مليار دولار ٣/ رفع مرتبات العاملين في القطاع العام بشكل غير مسبوق. ٤/أتفق مع برنامج الغذاء العالمي على تمويل الدعم النقدي المباشر لحوالي ٨٠٪ من الأسر السودانية . ٥/ أتفق مع برنامج الغذاء العالمي لشراء ٢٠٠ الف طن متري من القمح على أن تسدد الحكومة قيمتها بالعملة المحلية مما يوفر ما قيمته ٥٠ مليون دولار للخزانة العامة. وهذا في ظل كماشة من المعارضة...القحتية المعلومة..أضف إليها سيطرة العسكر على الكثير من المؤسسات الاقتصادية التي كان ينبغي أن توضع تحت إشراف المالية...
وبهذا يكون البدوي هو الوحيد بين طاقم حمدوك الوزاري الذي نعلم بانجازه المشهود...
ومن وجه نظري الخاصة لو أن هناك وزير واحد يستحق البقاء في منصبه بسبب إنجازاته فهو البدوي لا غير... وإذا كان التعديل الوزاري بسبب تحسين الأداء للوزراء فسجل البدوي الإنجازي كان ينبغي أن يكون له خير شفيع... وإلا من حقنا...أن نفترض أن السيطرة الدكتاتورية للحاضنة السياسية...لحكومة حمدوك هي السبب المباشر في رغبة البدوي في المغادرة عبر الاستقالة..المسببة والوجيهة والمعتبرة ... وإذا كان هناك من وزير يستحق أن نطالب ببقائه في منصبة عبر مواكب مليونية..فهو البدوى..وعلينا أن نفعل قبل أن نعض أصابع الندم..حين لا ينفع الندم.