العين تدمع والقلب يحزن على أستاذ يوسف شبرين
والناس في غفلة يتكالبون علي سفائف الدنيا الزائلة من ذهب وفضة، لا يرعون بأن هادم اللذات لبالمرصاد يحوم محلقاً حول رقبة كل ما هو حي لا فرق حيواناً كان أم نباتاً. العبرة والتذكرة المرة تقع هكذا علي جدار نسيانا الضعيف فتدكه دكاً عندما يفاجئنا الموت بفقد عزيز وحبيب لدينا أو قدوة عرفناها.
عصر هذا اليوم الجمعة أفل نجم كان يضيء عوالمنا إنه المعلم والمربي أستاذ اللغة الانجليزية بالمدارس الثانوي العليا الاستاذ يوسف علي محمد شبرين. ولد ودرس حتي الثانوية في بربر وتخرج في كلية الآداب جامعة الخرطوم ثم نال الماجستير من المملكة المتحدة. تتلمذ علي كبار العلماء على رأسهم البروفيسور عبدالله الطيب رحمه الله.
الأستاذ يوسف من طينة مباركة فقد نشأ في بيت تقوي وصلاح ومنزل كان مفتوحاً لطلاب ضواحي بربر البعيدة . يسكنون ، يأكلون ويشربون حتي يكملون مراحل تعليمهم وهكذا نشأ يوسف وأشقاؤه ليتشبعوا بهذا المستوي الراقي الرفيع من التربية فكان ديدنه أحترام كل الناس لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم وكان كريماً أجواداً فاتحاً داره العامرة لتستقبل كل عابر سبيل وصدق فيه المثل " ما الشبل إلا من ذاك الأسد".
استاذ يوسف كان ولوعاً بحب بربر فآثر البقاء فيها وكرس جهده في جمع شمل ما تبقي فيها من أهل وأقارب وعمل نشطاً في الحرص علي تجميع تراث المنطقة وولدت بجهوده فكرة أنشاء متحف بربر خاصة وقد تم إكتشاف العديد من مناطق الآثار المروية الهامة.
هنيئاً ونعم الرحيل إليّ رحاب الله وهنيئاً ونعم البشارة بحسن الخاتمة عندما تقبض روحك يا أخينا يوسف وأنت كنت جالساً مع إخوان لك عصر هذا اليوم الجمعة في حلقة الذكر اليومية ترددون كلمة التوحيد "لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله". أعلم أنك كنت صوفياً وتيجانياً منذ عقود ولكن زياراتك المتكررة الي مكة والمدينة تكفي أنك كنت مولعاً ومشبعاً بالحب الإلهي وإشاراته انعكست في سلوكك وتعاملك مع تلاميذك ومع كل الناس واليوم وانت تغادر في حلة زاهية تزف روحك الطاهرة الملائكة وهي تعطر السموات صاعدة ألي مولاها. لك الحمد لقد سافرت من الدنيا نظيف اللسان وكنزك ذكر وقرآن وحسن خلق كان زادك إليّ دار الخلود الرحبة برحمة الله الكريم .
اللهم أكرم مثواه في الفردوس الأعلي مع عبادك المخلصين. اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره.
العزاء والبركة فى أسرته الصغيرة والكبيرة وتلاميذه الأبرار. العين تدمع والقلب يحزن ووالله اننا عليك لمحزونون يا يوسف. إنا لله وإنا أإليه راجعون
عبدالمنعم
drabdelmoneim@yahoo.com