الفقه الدستوري الاسلامى المعاصر(7): المراْه ودورها في المجتمع

 


 

 



د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم
sabri.m.khalil@hotmail.com
تمهيد: ومن القضايا التي تناولها الفقه الدستوري الاسلامى المعاصر قضيه دور المراه  في المجتمع.
الحقوق الشرعية للمراْه : ونقطه البداية هنا ينبغي أن تكون إقرار الحقوق الاصليه التي قررتها الشريعة الاسلاميه للمراْه ، والتي تنقسم إلى ثلاثة حقوق رئيسيه ، تتفرع منها حقوق ثانوية متعددة، وهذه الحقوق الاساسيه هي :
حق المعرفة: أول الحقوق  التي قررتها الشريعة الاسلاميه للمراْه هو  حقها في المعرفة والتعليم ،ومن أدله ذلك: قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم) (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وأضاف بعضهم للرواية ومسلمه ، وقال البعض بعدم وجوده في الحديث إنما لفظ مسلم يقع على الذكر والأنثى، وهو اصطلاح الشارع في سائر الخطاب الشرعي(يا أيها الذين امنوا..). وكذلك قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم) (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء ). وجاء في كتاب الطبقات الكبرى أن عدد من روى عن الرسول(صلى الله عليه وسلم) من النساء نيف وسبعمائة امراْه .
حق إبداء الراْى : ثاني الحقوق  التي قررتها الشريعة الاسلاميه للمراْه هو  حقها إبداء رأيها في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية...والتي لم يرد فيها نص يقيني الورود قطعي الدلالة،والأخذ به... ومن أدله ذلك : إعطاء القران حق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر للمراْه مثل الرجل(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..). واخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) براى النساء في كثير من الوقائع ، كما هو الحال مع أم سلمه في صلح الحديبيه وقال (حبذا رأيك يا أم سلمه ،لقد انجي الله المسلمين بك من عذاب اليم)( رواه الشيخان). وان سمراء بنت نهيك الاسديه أدركت الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعمرت ،وكانت تمر بالأسواق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وخروج عائشة (رضي الله عنها ) فى يوم الجمل . واعتراض المراْه على عمر(رضي الله عنه) حين فكر في تحديد المهور فقال عمر (أصابت امراْه واخطأ عمر).
حق العمل: ثالث الحقوق  التي قررتها الشريعة الاسلاميه للمراْه هو حقها في العمل طبقا للضوابط الشرعية ، ومن أدله ذلك: أن المراْه عملت في عهد الرسول(صلى الله عليه وسلم) في مجالات عديدة ، فقد اشتهر في الطب والتمريض رفيده الانصاريه التي ورثت الطب عن أبيها في الجاهلية، فلما أسلمت جعل لها خيمة في مسجد الرسول تداوى فيها الرجال والنساء جميعا (أسد الغابة ، ج7)( طبقات ابن سعد،ج8). ولما أصيب سعد بن معاذ في الخندق قال (صلى الله عليه وسلم) ( انقلوه إلى خيمة رفيده ). وفى مجال الحرب أورد البخاري بابا كاملا اسماه باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال( صحيح البخاري، ط المجلس الأعلى للشئون الاسلاميه، ج5، ص84 ).وولى عمر الشفاء على سوق المدينة ، وكذلك ولى سمراء الاسديه . ولم يعترض الفقهاء –إجماعا- على حق المراْه في العمل سوى الامامه الكبرى ، التي رفضه قطاع غالب من العلماء  استنادا إلى الحديث (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امراْه). أما القضاء فقد قال الجمهور الذكورة شرط في صحة الحكم فقط ، وقال أبو حنيفة يجوز أن تكون قاضيا في الأموال ، وقال الطبري يجوز أن تكون قاضيا على الإطلاق، وقال ابن حزم جائز أن تلي المراْه الحكم- القضاء-وهو قول أبو حنيفة .
مفهوم المساواة:  وفى إطار الفقه الاجتماعي والدستوري الاسلامى المعاصر نجد مذهبين في الموقف من المساواة بين المراْه والرجل :
المذهب الأول ( نفى المساواة) : المذهب الأول يقوم على نفى المساواة بين المراْه والرجل استنادا إلى العديد من الادله أهمها أولا:نفى القران الكريم أن يكون الذكر كالأنثى(وليس الذكر كالأنثى).ثانيا: تقرير الشريعة الاسلاميه لجمله من الأحكام الخاصة بالمراه .
تقويم للمذهب والرد على أدلته: ان نفى القران الكريم أن يكون الذكر كالأنثى هو نفى للمثلية، اى نفى أن تكون المراْه مثل الرجل في التكوين والامكانيات و المقدرات الذاتية ، وليس نفى للمساواة التي تتعلق - في المفهوم الاسلامى- باالمساواه في الحقوق والواجبات ، دون نفى تفاوت المراه والرجل في التكوين والمقدرات والامكانيات  الذاتية ، وبالتالي فان إقرار الشريعة الاسلاميه لجمله من الأحكام الخاصة بالمراه ، هو من باب مراعاة هذا التفاوت وليس  من باب نفى المساواة .
المذهب الثاني : (إقرار المساواة ونفى المثلية " المفهوم الاسلامى للمساواة" ): أما المذهب الثاني فيقوم على الإقرار بالمساواة بين المراْه والرجل، طبقا للمفهوم الاسلامى للمساواة، والذي مضمونه ان تحكم العلاقة بين والرجل في المجتمع، قواعد عامه مجرده ، سابقه على نشاْه تلك العلاقات ، وهو ما يتحقق في الشريعة بما هي وضع الهي مطلق. ومن الادله على تقرير الإسلام للمساواة بين الرجل والمراه  على الوجه السابق بيانه  :قوله تعالى( ولهن مثل الذي لهن بالمعروف.( وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (إنما النساء شقائق الرجال)(أخرجه احمد في مسنده) . وكذلك تقرير الإسلام ان المراْه مساويه للرجل في سائر التكاليف الشرعية .وكذلك تقريره ان المراْه مساويه للرجل في المسؤليه(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمراْه راعيه فى بيت زوجها وهى مسئوله عن
رعيتها...)
نفى المثلية : كما يقوم هذا المذهب على رفض المثلية ، التي تعنى ان تكون المراْه مثل الرجل فى التكوين والامكانيات و المقدرات الذاتية، وهو ما نفاه القران ( و ليس الذكر كالأنثى)، حيث ان التفاوت فى المقدرات الذاتية سنه إلهيه تشمل الناس كلهم ، وهو جزء من مفهوم الدرجيه الذي يقرر تفاوت الناس فى المقدرات والامكانيات الذاتية دون ان يلغى ذلك المساواة بينهم.
-    للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان
(http://drsabrikhalil.wordpress.com).

 

آراء