النمر ما بلدي قط

 


 

 

ينبغي اعادة النظر في الاسس التي بُنيت عليها الادارات الاهلية مؤخراً، فهي لم تُعْطَى المجال للتطور، على النقيض فإن الانظمة الديكتاتورية قد اعاقت مسيرتها ممّا ساهم في تخلفها حتى كادت ان تصبح "كياناً متسولاً" مهمته ارضاء الأباطرة وتعبيد طريق الثراء لهم على حساب الغلابة والمعوزين.

ليس من الحكمة مصادمة تطلعات هذا الجيل، بل من الاحرى مواكبته والوقوف عند رغباته فقد رُزِق التجرد، الشجاعة والبصيرة والاهم من كل ذلك فإنهم قد جبلوا على حب الوطن الذي حرمهم الرعاية ولميضن عليهم رغم ذلك بالحنان.

لقد ورثت الادارات الاهلية العبقرية عبر التاريخ من الالتصاق بالجماهير والانصات لموجات الضمير الشعبي — الامر الذي الزمهم التضحية والوفاء في سبيل العرض والارض وذلك قبل ان يتبلور الوعي الوطني. على عرض البلاد كانت المروءة وفي عمقها كان الثراء الوجداني. فما الذي حدث الان؟

لماذا تتهافت الادارات الاهلية في مناحي السودان المختلفة لارضاء "المسؤولين" (في الحقيقة المتغولين على الشأن العام)؟ لماذا تقف الادارات الاهلية في جنوب دارفور خاصة ضد مصالح المواطنين، بل كيف تسعى لاستثمار محنة الاهالي في (سنقو والردوم) وضواحيها؟ ما الذي يجبر الادارات الاهلية في شرق دارفور لتبني فكرة (الزفة) في وقت يفتقر فيه مثل هذا الحدث الثقافي الاجتماعي إلى مصوغات اخلاقية وسياسية واقتصادية؟ من نريد أن نزف (من هي الشخصية التي تستحق الاحتفاء)؟وإلى أين (تجاه أي وجهة انسانية)؟ يا ناس خافوا الله سيدكم!!

اهلنا قالوا قديماً "النمر ما بلدي قط"، والشعب ما زال يتعشم فيكم الخير فكونوا نموراً ولا تكونوا قططاً وسيروا بسيرة اسلافكم الذين رسموا بشواهد قبورهم حدود هذا الوطن، كما شيدوا بجميل فعالهم ركائز هذا الوجدان المصون. لا تخذلوا الشعب في محنته ولا تتخلوا عنه ساعة اللقاء فانتم اهل الحوبة والركيزة عند الشدائد.

‏نصيحتي للعم الناظر تِرك ان يستفيد من تجربة اهل دارفور وان ينأى بنفسه عن المواقف الحدية كالتهديد بقفل الطريق فذاك بمثابة اعلان حرب على الدولة والحرب لا تحتملها مجتمعاتنا التي تعاني من هشاشة في التكوين الاقتصادي والاجتماعي. ليته حافظ على ارث اسرته وتَرك العمل السياسي للمثقفين من ابناء عمومته. ليس هذا انتقاصاً لقدره انما تقنيناً لدوره كزعيم ادارة اهلية عريقة.

ختاماً، لابد من استحداث النظم المالية والادارية والسياسية التي تجعل الادارات الاهلية ترياقاً للعمل المدني الديمقراطي فقد لعبوا دوراً وطنياً -ضنت على الاعتراف به النخب الحداثوية- في استقلال السودان ودعم الحكومات الوطنية كافة. البلاد تمر بلحظة سياسية حرجة تتطلب تضافر الجهود للخروج من المحنة ومن ثم التفكير في كيفية ترتيب الاولويات بعيداً عن محاولات الاستقطاب الاثني والقبلي. فهلّا تكاتفنا وتوجهنا لتحقيق هذه الغاية النبيلة؟

الوليد آدم مادبو

auwaab@gmail.com

 

آراء