بطاقة دعوة للإحتفال باليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث… ضروري إستصطحاب الأطفال

 


 

 

 

*الدعوة موجهة لكل من إعتلي من أمر هذه البلاد شأناً. ولكل من يريد أن يري لهذه البلاد شأناً*

يهدف  الإحتفال باليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث الذي درجت أن  تحتفل به الأمم المتحدة منذ العام 1989 في 13 أكتوبر من كل عام ، لتعزيز ثقافة الوعي بالمخاطر  علي المستوي الكوني و لإبراز كيف تقوم الأمم والمجتمعات بخفض قابلية تعرضهم للكوارث ونشر الوعي حول المخاطر التي تحيط بهم.
فمنذ تبني إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث  2015م إنصبت الأفكار الأساسية Main themes   للإحتفال بهذه المناسبة علي الغايات السبع لإطار سنداي بحيث تكون فكرة كل عام مركزة علي واحدة من الغايات السبع ، يلاحظ أن إطار سنداي قد تدرج بصورة منطقية في الغايات من ناحية الأولويات مع مراعاة ترابطها المنطقي إذ تقود كل غاية  لتحقيق لب الغاية التي تليها ،كما أن مجموع الغايات منظور لها من الغاية السابعة  ثم التي تسبقها  والتي تسبقها ، تسهم في الغاية الاولي ، ومن ثم الهدف  الكلي لإطار سنداي الرامي الي (الوقاية من مخاطر الكوارث الجديدة و الحد من تلك الماثلة عبر إجراءات شاملة ومتكاملة لتعزيز المرونة Resilience )  فالغاية الأولي علي سبيل المثال أكدت علي ضرورة (خفض عدد الوفيات الناجمة عن الكوارث بحلول 2030م) و اهتمت الغاية الثانية ب (خفض عدد المتأثرين من الكوارث بحلول 2030 م)  بينما اهتمت الغاية الثالثة ب(خفض الخسائر الاقتصادية المباشرة الناتجة عن الكوارث بحلول 2030) وهكذا وصولا للغاية السابعة التي تعمل على تجنب الكوارث قبل وقوعها من خلال توفير وسهولة الحصول علي الإنذار المبكر للأخطار المتعددة للجميع. وهنا تبرز بشكل واضح عبقرية هذا الإطار الذي يتمثل في شكل حلقة متداخلة  loop تدعم فيه النهاية البداية وتؤكد بدايته علي ضرورة توفر عناصر النهاية كشرط لتحققها.
 علي عموم الأمر  فإن الفكرة التي يركز عليها اليوم العالمي هذا العام 2019م هي الغاية الرابعة. والتي تدعو الي (التقليل من الخسائر الناجمة عن الكوارث علي النبي التحتية الحيوية بحلول عام 2030م). وقد يلاحظ أن هذه الغاية تؤكد علي أن تظل المجتمعات معافاة في مرافقها الحيوية بحيث لا تتأثر سلبا بالكوارث ، ذلك أن التأثير المباشر للكوارث علي البني التحتية الحيوية قد يشل البلاد في لحظة ما. ويجعل منها خرابا مما قد يؤثر علي الأمن القومي والسلام الإجتماعي. لذلك تنبه هذه الغاية الي ضرورة أن تكون البني التحتية الحيوية محمية وذات مرونة في مواجهة الكوارث لأنها تمثل البيئة التمكينية التي تساعد الدولة علي أداء مهامها الوظيفية ، لينعم الجميع بالسلم الأهلي وذلك من خلال الحفاظ علي عنصرين
* أ. الإقتصاد القومي
*ب. الأمن القومي.  
ولكي يتم فهم هذا الأمر بصورة جلية لابد في المقام الأول من تعريف مدخلي للبنية التحتية الحيوية فهي ( الأصول والنظم والشبكات سواء كانت مادية ملموسة أو في شكل خدمات أو غيرها، أو اعتبارية تخص سيادة الدولة وأمنها القومي وهي حيوية جدا لأي دولة حيث يكون لعجزها أو تدميرها تأثير ضار علي الأمن القومي والسلامة  العامة) يقود هذا التعريف الي فهم أساسي وهو أن البني الحيوية تمثل بيئة تمكينية Enabling environment لإستقرار ونهوض الدولة ، بينما في المقابل تشكل الدولة القدرة التمكينية لضمان فاعلية تلك البني. وتشمل البنيات التحتية الحيوية(المطارات ، الطرق السريعة ، السكك الحديدية ، المستشفيات ، المدارس ، الأسواق ، المصانع ، الجسور ، موانئ النقل ، شبكات الإتصال ، وسائل الإعلام ، شبكات الكهرباء ، السدود ، محطات الطاقة ، الموانئ البحرية ومصافي  النفط ، وشبكات إمداد المياه وغيرها ). بهذا الشمول يمكن النظر الي البني التحتية الحيوية علي أنها تمثل عنصرا حاسما في قدرة الدولة علي الإلتزام والوفاء بمتطلباتها الوظيفية وقطاعات الأعمال من حفز الإنتاج والقدرة التنافسية ، ولعل في هذا ما يرجح الفرضية التي تؤكد أن هنالك شرطان للتنمية الاقتصادية من منظور الأمن القومي.  هما قدرة الدولة علي تعبئة ثرواتها ومصادر نموها ، و توجيه مسار التنمية لخدمة المصالح القومية. وبهذا يمكن النظر الي البني التحتية الحيوية بأنها مجموعة الموارد والثروات المعبأة التي تسهم الدولة في بنائها وتسهم هي بدورها في نمو الدولة.
لذلك وطالما كانت البني التحتية الحيوية بهذه القيمة والأهمية كان لابد للدولة من الحفاظ عليها من التأثر بالكوارث الطبيعية ( فيضانات أو زلازل أو براكين ...الخ أو القصدية سواء كانت  إرهاب ، أعمال تخريبية ، أو حرب معلومات أو غيرها ).
  لابد هنا من لفت انتباه المسؤولين لتحديد قيم استراتيجية للبني الحيوية بتصنيفها حسب منظور شامل للامن القومي لبناء قدراتها ومرونتها لمواجهة الكوارث بغية تخفيض وتقليل العطب الذي يصيبها من جراء الكوارث كأولوية قصوي في وقت السلم ووقت الشدة والأزمات. فالفرق بين أمة تطبق أسس ومبادى حماية البني التحتية ، واخري لا تطبقه هو الفرق بين أمة عاجزة وقت الأزمات ، ضعيفة وقت السلم ، وأمة ناهضة تستطيع تمتلك المرونة  Resilience  الكافية بعد أي كارثة لكي تعيد الحياة لطبيعتها في فترة مدروسة ومحدودة عبر أعمال مبدأ البناء بأفضل مما كان Build Back Better والذي يعتبر من الإستراتيجيات المهمة في عمليات إعادة الإعمار بعد الكوارث.
لاشك أن الاحتفال باليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث تكمن قيمته في أنه  يلفت النظر الي ضرورة الإنتباه  العمل المتواصل للحد من مخاطر الكوارث ، وهو كسب يومي يسهم فيه بشكل أساسي صانعو القرار ومتخذيه ، وكل القطاعات المجتمعية من شباب ومرأة وكبار سن وذوي إحتياجات خاصة وأطفال... لذلك كان الكل مدعوون. 

د. محمد عبد الحميد استاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية والمدير السابق للمشروع القومي للحد من مخاطر الكوارث الذي نفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان 2014- 2016.

///////////////////

 

آراء