بيان إدانة للغزو الروسي لأُوكرانيا من المجموعة السودانية للدفاع عن حقوق الإنسان

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
SUDANESE HUMAN RIGHTS DEFENDERS

ضرورة إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا ومناصرة الشعوب المقهورة في جميع أرجاء العالم،
أهمية تأسيس علاقات السودان الخارجية وفق مبادئ الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية.

لعلكم تابعتم الأحداث الروسية المروّعة التي تجري على أرض أوكرانيا من قتل وتهجير قسري وتدمير للمرافق والبنى التحتية، وفي الوقت الذي بلغ الدمار مداه وفاق عدد القتلي والجرحي والمصابين الألاف فإن الآليات التي تعارف عليها المجتمع الدولي في مجلس الأمن تقف عاجزة عن كبح جماح العدوان الروسي الوحشي المسلح بأحدث آليات الدّمار الشامل.
وينشط النظام الروسي في إرتكاب إنتهاكات واسعة في أبشع استخفاف بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي الإنساني مستهدفاً المدنيين العزّل في تحدٍ صارخٍ لإرادة المجتمع الدولي ليفرض بالقوة الغاشمة والترهيب النووي واقع موغّل في التوحش مما يضع البشرية في تحدٍ قاسٍ بالتزامن مع إنهيار مبادئ القانون الدولي الإنساني وسائر القيّم والمواثيق الدولية.
وفيما يسوّق البعض لموقف روسيا العدائي تجاه أُوكرانيا ويلتمسون لها الذرائع بحجة تأمين حدودها في وجه حلف النيتو فإننا نذكّر هؤلاء بأن روسيا كانت وما زالت ضالعة في قهر إرادة الشعب السوري وإجهاض ثورته مما أسهم في خلق أزمة إنسانية رهيبة يعاني منها غالب الشعب السوري بمباركة وتواطؤ الدول الغربية وأمريكا التي لم تحرك ساكناً لمناصرة الشعب السوري وهي ترى الأبرياء يُقتلون بواسطة الأسلحة الكيميائية وآلة الطيران الروسي؟!!.
وبمعزل عن صراع المحاور بين الشرق والغرب، أو هوية النظام الحاكم في أُوكرانيا، أو إعتناق الرئيس الأوكراني للديانة اليهودية، فإن المجموعة السودانية للدفاع عن حقوق الإنسان من منطلق إلتزامها بعالمية حقوق الإنسان، فضلاً عن مبادئ الشرائع السماوية، لا يمكنها أن تغض الطرف عن المعاناة التي يلقاها الشعب الأوكراني من تدمير وحصار وتشريد ونزوح ولجوء وإستهداف للمرافق النووية في واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية التي يشهدها العالم بينما تمضي روسيا في عدوانها غير عابئة بكل تلك المخاطر، فشعب أُوكرانيا بغض النظر عن ملته إن لم يكن ينتمي لذات الديانة التي يعتنقها غالب أهل السودان فهم إخواننا في الإنسانية، والله جلّت قدرته لا يرتضي الظلم لنفسه أو لعباده وقد حرّم الظلم مما يحفزّنا على مناهضة الظلم ونصرة الشعوب المقهورة.
إن الدرس الذي ينبغي على العالم، وفي مقدمته أوربا وأمريكا، أن يعيه هو ضرورة الإحتكام لمعايير حقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة بإعتبار أن السكوت على إستخدام إسرائيل وروسيا لمنطق القوة في قهر الشعوب في كل من فلسطين وسوريا وأُوكرانيا على التوالي لن يتوقف، الأمر الذي يحتّم على البشرية بكافة دولها وأحلافها عدم إعتماد معايير مزدوجة تجاه الأمم المستهدفة بالعدوان والإحتلال، وإلا سوف يصبح استشراء العدوان وتوسّع مداه داخل القارة الأوربية نفسها فضلاً عن بقية العالم أمر جائز ومشروع. ومن هذا المنطلق تدعو المجموعة إلى الحد من سباق التسلّح وأسلحة الدّمار الشامل بكافة أنماطها مع توجيه الموازنات المخصصة لها لمصلحة تحقيق أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة مما يسهم في صياغة عالم أكثر عدالة وأمناً وسلاماً ورفاهية.
وبما أن الشرعية الدوليّة لحقوق الإنسان لا تتجزأ، في عالم يتطلع نحو إرساء مبادئ العدالة الإجتماعية والإنصاف على المستوى الدولي، فإن المجموعة السودانية تنعي موقف حكومة الثورة الملتبس بإزاء ما يجري من فظائع في أُوكرانيا، مصوبين نقدنا لموقف الحكومة التي آثرت الوقوف على الحياد والإمتناع عن إدانة العدوان الروسي خلافاً لمعظم دول العالم التي التزمت الموقف الصحيح المتمثّل في إدانة العدوان. وبلا شك فإن قبول حكومة السودان إنتهاك مبادئ القانون الدولي والتمكين لروسيا المدججة بأحدث آليات الدّمار الشامل المحرمة دولياً لغزو جيرانها سوف يجرّد حكومة السودان من منطق دفع العدوان ومناهضة الإحتلال الذي تختبره بلادنا في الفشقة وحلايب وشلاتين، ذلك أن المبادئ والحقوق واحدة لا تتجزأ في مختلف أرجاء العالم، فضلاً عن ذلك فإن الموقف السوداني الرسمي يمثّل تجاهلاً للمعاناة الرهيبة الواقعة على الشعب الأوكراني جراء العدوان الروسي .
وفي الوقت الذي تثمّن فيه المجموعة موقف قوى الحرية والتغيير المناهض للغزو الروسي لأُوكرانيا بإعتباره يمثّل موقفاً واضحاً لا لبس فيه فإنها تناشد بقية القوى الوطنية بعدم الركون للصمت، كما تحث المجموعة مجلسي السيادة والوزراء وحركات الكفاح المسلح والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والإتحادات على المسارعة في واجب نصرة الشعب الأوكراني ومؤازرته سياسياً وإنسانياً في مواجهة المعاناة الرهيبة التي يتعرض لها حالياً..
وفيما تطالب المجموعة بالإيقاف الفوري للقتال وإنسحاب القوات الروسية عن المناطق التي إحتلتها وتأمين ممرات آمنه لإجلاء المدنيين من مواقع القتال والجلوس للتفاوض لمعالجة القضايا المختلف حولها سلمياً فإنها تأمل أن تسارع الدول الأوربية إلى إغاثة ملايين اللاجئين بلا تمييز للملة أو الدين مع تأمين المآوي الأمنة لهم في ظل ظروف مناخية بالغة الشدة.
ونظراً للخسائر البشرية والمادية الهائلة المترتبة على الغزو الروسي لأُوكرانيا فإن المجموعة تدعو المجلس الدولي لحقوق الإنسان للتحقيق في العدوان الروسي، كما تنادي بإحالة ملف الإنتهاكات التي ترقى لمصاف جرائم الحرب إلى محكمة الجنايات الدولية.
وفيما يفشل مجلس الأمن الدولي في مجرد إصدار بيان يدين فيه جرائم روسيا ضد المدنيين فإن المجموعة تحضّ حكومة السودان والمجموعة العربية والإسلامية ومن يناصرها من الدول الصديقة المحبة للحرية والسلام أن تبتدر الدعوة إلى إعادة صياغة منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وإعادة النظر في القانون الدولي بعدما ثبت جلياً فشل النظام، الذي استحدثته ما تسمي بالقوي العظمى، في بسط الأمن والسلم العالميين في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ذلك أن النظام السائد حالياً لا همّ له سوى خدمة مصالح الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
تؤكد المجموعة في خاتمة هذه المقاربة على أهمية تأسيس العلاقات الخارجية على مرتكزات الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وإحترام القانون الإنساني وإعلاء مبادئ الكرامة، سيما وأننا نستظل بثورة ترفع شعارات الحرية والسلام والعدالة، وفي هذا السياق نؤكد أن استشعارنا لمعاناة ماريوبول الأوكرانية لا يقلّ عن تعاطفنا ومناصرتنا لمأساة المحاصرين في غزة وإدلب وميانمار.
ومن هذا المنطلق تطالب المجموعة بأن يكون المعيار الحاسم لتقدم علاقات السودان أو تقهقرها مع الدول الأخرى ، بما فيها روسيا، بمدى إلتزام هذه الدول ورعايتها لمبادئ الحقوق والحريات، وبهذا نحث السودان شعباً وحكومة على الإعتناء بمناصرة الشعوب المقهورة في فلسطين وسوريا وميانمار والايقور وسائر بقاع العالم التي تعاني من الظلم والإضطهاد والتهميش .
الخرطوم في
5 مارس 2022 م

د. فتح الرحمن القاضي،
رئيس مجموعة المدافعون السودانيون عن حقوق الإنسان

Dr. Fath Elrahman Elgadi, Chairperson, Sudanese Human Rights Defenders

TEL: +249912219666
E – Mail: elgadi100@gmail.com

 

آراء