تتقاصر الهامات من أن تنال منك يا لقمان

 


 

 

الاسلامويون في بلادنا ظلّوا يمارسون العنصرية في اوساطهم وعلى عضويتهم سراً وجهرا فكيف لا يمارسونها على الغير والقصص في ذلك كثيرة لا تُحصى ولا تُعد - فكثافة الدم عندهم اكثر من كثافة الدين - كما ذكر الاستاذ ياسر عرمان على لسان الشهيد داؤود بولاد - يرحمه الله .. وما الحديث السمج الهابط الذي تفّوه به رئيسهم في حق ميارم دارفور حسب افادات الدكتور الترابي - يرحمه الله الا دليلا ساطعا على سقوط هؤلاء القوم .. ما ادلى به المدعو محمد شوكت من سبٍ للعقيدة في نهار رمضان والعياذ بالله وتلفظٍ بعبارات عنصرية كريهة لم ينكرها زميله ابوبكر عبدالرازق لهو دليل بيّن على أنّ الإسلام لدى الجماعة لا يعدو سوى شعارات ومطّية لتحقيق مكاسب الدنيا والا فالآيات بيّنات في قوله تعالى : ( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن اذا سمعتم آيات الله يُكفرُ بها ويُستهزئُ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنّكم إذاً مثلهم أنّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهّنم جميعاً ) .. لو أنّك رددت القول واستنكرته لاحترمناك يا ابوبكر عبدالرازق ، لكنك لم تفعل بل أقررته و استحسنته ..
قال لي لقمان : لقد صُدمت أن يكون الطرف الاخر في الحديث ابوبكر عبدالرازق ، فالرجل اتفق أو اختلف معه الا أنني كنت على الدوام استمع إليه واحترم طرحه ونقاشه فيما يتم تناوله من موضوعات يكون طرفاً فيها ..
ثمّ لاحت لك الفرصة مرة اخرى يا ابوبكر عبدالرازق لنيل الاحترام لو انّك تشّجعت فخرجت للناس ببيان اعتراف واعتذار ( يا ايها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم … الآية ) لكنكم إدارأتم فيها و ( الشينة منكوره ) كما يقولون .
الاسلامويون أخي لقمان في بلادنا - وانت سيّد العارفين ، فعلي النقيض من سمو الرسالة التي يًّدعون حمل لوائها والتي تنبذ الجهوية والعنصرية إلا انهم وللاسف وفي سابقةٍ خطيره لم يشدها السودان منذ استقلاله فقد كرّسوا للجهوية والعنصرية والتي كانت حاضرةً اصلا في كل ركنٍ وبقعةٍ من بقاع بلادنا فأجّجوا نارها في كل مكان ففصلوا جنوبنا الحبيب وحرقوا وخرّبوا دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق ولا تزال بلادنا تصطلي بنيران الفتن التي اوقدوها كما نسمع ونرى كل يوم .. وما الواقع المأزوم الذي تعيشه بلادنا حاليا الا تجسيدا لكل تلك الممارسات وقد اعترف الدكتور المتعافي في احدى اللقاءات التلفزيونية انّ الذي جرى كان نتاج استراتيجية انتهجها التنظيم لكسب الولاءات وما دروْا انها سترتد عليهم فانقلب السحر على الساحر ..
فالهوية المفقوده والتي جعلت للاسف مثل المدعو محمد شوكت وقطاعاً من شعبنا يتوهمون نقاءاً عرقياً لا وجود له على طول السودان وعرضه بينما هم انفسهم ضحايا لغيرهم داخل السودان وخارجه ، هذه الهوية المفقوده هي أُس المشكلة ولن ينصلح لبلادنا حال ما لم يُعترف بوجود الداء واجراء جراحات عميقه لعلاجه لتحقيق حُلم المواطنة المتساوية لجميع السودانيين دون تمييز بسبب الدين أو اللون او اللغه او الجهة .. ولا أعتقد أنّ مخرجات جوبا بالشكل الذي انتهت اليه كفيلة بتحقيق ذلك الحلم ، وكُلنا نشهد أنّ الامر قد انتهى الى إمتيازات ومناصب تبوءتها الحركات بينما القضايا الجوهرية لا تزال ابعد ما تكون عن الحل ، فاللاجئين والنازحين لا يزالون في المعسكرات وحلم العودة الى القرى الرئيسة اصبح ابعد ما يكون من اي وقتٍ مضى خصوصاً وأنّ المانحين باتوا مشغولين بأنفسهم لإغاثة الملايين من بني جلدتهم الذين تدفقوا اليهم بسبب الحرب الاوكرانية .. واخشى أن ينتهي المآل بحركات جوبا لتصبح حركات ( فكّه ) على غرار احزاب (الفكة ) التي توالت مع النظام السابق الى ان سقطت معه
قبل شهرين تقريبا وانا قادم من مدينة نيالا وبينما نحن في انتظار صعود الطائرة جلس الى جواري احد الاخوة عرفت انه مهندس قدم الى نيالا في مهمة عمل فبادرني بالحديث قائلاً : أظن شاهدتك قبل يومين في معية لقمان في صالة المغادرة في الخرطوم فهل انت زميلهم في التلفزيون ؟ قلت له : لست زميلهم ولكن قدمنا معاً الى نيالا لتقديم واجب عزاء في قريب لنا ، ثم تابع الحديث قائلاً : كنت متمنياً مقابلة لقمان ، فقلت : لديه بعض المشغوليات اضطرته للمغادرة صباح امس فأعقب ذلك بتساؤلٍ استنكاري قائلا: كيف ارتضى لقمان لنفسه البقاء في المنصب وقد غادر حمدوك وكل من كان معه ؟!
إنّ استمراره يعني دعم للانقلابيين ومباركة للخطوة التي اقدموا عليها ، قلت له : إنّ لقمان يسابق الزمن لتجهيز عدد من الاستديوهات بدأ العمل في تنفيذها وقد افتتح بعضها ويعد العدة حالياً لافتتاح اثنين آخرين مطلع الاسبوع ما جعله يستعجل للسفر يوم امس ، وحال إكماله لهذا المشروع الذي بين يديه فسوف يترك المنصب إن لم ينصلح الحال وفي كل الاحوال فإنّ ما ينجزه سيكون إضافة ستبقى للوطن .. قطع حديثنا النداء لصعود الطائرة فقال لي صديقي المهندس : على العموم بلّغه رسالتنا وقل له : ( كلْ انسان بيكتب تاريخه بنفسه ) ، في اشارة معناها أنّ الموقف الماثل من لقمان لا يشبهه وأنّ التاريخ لن يغفر له ذلك … الآن ووصلاً لذلك الحديث الذي دار بيننا اقول لك صديقي العزيز واتمنى أن يجد مقالي طريقه إليك ، اقول : على الرغم من رأينا القاطع للاخ لقمان بعدم المشاركة بِدءاً ، الاُ انه حسناً ما فعل أن بقي بعد عودته في الفترة الثانية فقد بدا واضحا أنّ بقاءه كان يزعج القوم فتقيأت السنتهم تلك المناجاة الهابطه داخل قاعةٍ من قاعات العدالة لم يراعوا لها احتراماً ولا قدسية وكشفوا ما تم من المكر والمكائد على الثورة السودانية ما يجعل المرء يلتمس العذر للاستاذ ماهر ابو الجوخ في هجومه اللاذع على النائب العام الاسبق وقد بدا واضحاً جداً من تلك المناجاة والقرائن التي تتكشف كل يوم أنّ انقلاب 25 اكتوبر هو من صنيع هؤلاء القوم ونسخه ثانية من المنهج الذي سار عليه كبيرهم ( اذهب للقصر رئيساً وارسلني للسجن حبيساً ) .. والاكثر غرابةً هو الصمت المطبق للاجهزه الحكومية والعدلية حتى الان بعد مرور اربعة ايام من تسريب الفيديو وكأن الجميع متواطيئ لمواراة السوءه التي اقترفها القوم على رؤوس الاشهاد
في ظني أنّ عناية المولى قد احاطت بلقمان مرتين منذ أن قبل هذا التكليف : المرة الاولى حين توجه لمطار القاهرة قاصداً الخرطوم مساء يوم ٢٤ اكتوبر ليكتشف أنّه مطلوبٌ منه تقديم بطاقة فحص كرونا فكان ذلك سبباً لالغاء الحجز لليوم التالي الذي حدث في صبيحته الانقلاب
( … وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم وعسى ان تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم … الاية )
والمرة الثانية هي هذه التي تجري وقائعها الان وهو سماعه وسماع الناس براءته على رؤوس الاشهاد مما قيل عن مداهنته للوضع القائم ، وكما قال احد الإخوة في رسالته التضامنية مع الاخ لقمان : ما الذي بينك وبين الله يا لقمان ان تظهر براءتك ويسمعها الجميع ؟!
لا ادري ما الذي بينه وبين الله غير انه انسان متصالح مع ذاته لا تعرف الضغائن الى نفسه سبيلا .. يحب الخير للناس فلعل دعوات الالاف ممن سعى لنجدتهم في الملم وقراها هي التي بلغت به هذا المبلغ .. ولن يُضام ابداً من كانت تلك سجاياه .. لذا فالهامات تتقاصر من أن تنال منك يا لقمان .
وإذا العناية لاحظتك عيونُها
لا تخشَ من بأسٍ فأنت تصانُ

وبكلّ أرضٍ قد نزلت قفارها
نم فالمخاوف كُلّهن امان

واقول للمدعو محمد شوكت : إنّك امرؤٌ فيك جاهلية
فالناس بكسبهم وعطائهم للانسانية لا باشكالهم والوانهم
وخير الناس انفعهم للناس هداك الله

الطيب محمد عبدالرسول
makibrhim@yahoo.com
////////////////////////////

 

آراء