حكاية من بلدنا: بلد إسمه السودان!! …. بقلم: ابوبكر يوسف إبراهيم

 


 

 

 

هذا بلاغ للناس

 

 

 

          حكاية بلد اختار التعددية والديمقراطية وصناديق الاقتراع سبيلاً  للحكم ؛ خطا خطوة الى الامام - أياً ما توصف به - فهي خطوة ايجابية وهامة  ، حكاية بلد ارتضى العدالة وحقوق الانسان  نبراساً لتحقيق المساواة بين بنيه ؛ بلد اختار تطبيق سيادة القانون أساساً للعدل . قد نختلف مع الدكتور حسن الترابي ولكن في ذات الوقت نتفق جميعاً على ضمان حرية التعبير المسئولة؛ وممارسة العمل العام في إطار القانون وسلامة وحدة الوطن ؛ أما أن يعتقل الدكتور الترابي  دون أن يوجه له اتهام أو أن يقدم لمحاكمة فهذا ما يتنافى وكل هذه القيم الديمقراطية التي اوردتها سلفاً ، لأن ما طُبق على الدكتور الترابي قد يطبق على أي  مواطن آخر وهذا فيه مخالفة صريحة لمبدأ سيادة القانون في دولة تواطأ أهله على الممارسة الديمقراطية السليمة . وعليه ؛لا بد من تطبيق النظام العدلي بحرفيته ؛ حتى لا يطرح  أحد سؤال لا يخلو من خبث وهو: أليس هناك  رئيس حزب معارض آخر غير الدكتور الترابي يتم اعتقاله ثم يفرج عنه  بعد حين  وقد تكرر هذا مع الترابي بالذات عدة مرات.؟!!

          آن لكم أيها السادة أن تختاروا بين واحدة من إثنتين: إمّا أن ترسموا لنا طريقاً واضحاً، أميناً، وصادقاً، للسلام والعدل وألأمان في بلد مبني علي العدل والحرية والمساواة والتعددية الديمقراطية ، فتدخلوا القائمة البيضاء من تأريخنا. أو أن تختاروا طريقاً آخر بكل لا إنسانيته التي لا نرتضيها ، وفي هذه الحال علينا أن ننصح  ثم ننصح وننصح ؛ فإن لم تقبل النصيحة والمشورة نقول لكم وبصراحة لقد بات واقعنا مؤلماً ؛ وأن الجميع سيقول : لا تعودوا إلينا ب(قهر) جديد!!

          تطل علينا اصوات (مستقلة- الاكثرية الصامتة) تشير إلي وضع السودان في خانة (الدول الاكثر فسادا) - حسب تقرير الشفافية الأممي - ، سواء في المنطقة أو العالم!! . ولا اجد كغيري في هذه الحقيقة إدانة لامريكا، التي ربما يحلو للجميع، حتي من بعض اصدقائها، ان يمسحوا (كل الخطايا) علي ياقتها لإثبات حرصهم الوطني او البراءة (العلنية!!) من امريكا لمجرد انها امريكا!! اجد ان هذه إدانة (مستغلة) لوعينا الوطني، نحن السودانيين الذين لم ننتمِ إلي طرف من الاطراف (الفاعلة) في الفساد؛ وحكاية سوق المواسير وصفقاته ما هي إلا  قيض من فيض !! نحن الذين اردنا الخلاص من وضع (اكيد السوء) لا نريد أن يقال عنا أننا ربما سنقع في وضع (اسوا) وذلك عندما تتغافل الدولة  عن دورها الرقابي فتترك الامور علي مشجب  الثقة) بأيدي الّلاعبين؟!)، ممن  اخترقوا المسيرة القاصدة فاعلنوا انهم أكثر إيماناً  من غيرهم وأنهم سيحررّون البلد من (السئ)، ولكنهم لعبوا) الاسوا) لتضيع المباديء؟! مليارات من اموال بعض أفراد الشعب السوداني ذهبت ؛ ومسحوا وزر الخطيئة  ربما علي ياقة الامريكان ومنظمات الاغاثة حتى - وإن لم نبرئهما تماماً-  مثلما لم نبريء غياب رقابة الدولة في اقليم  يعاني من معضلات حقيقية فلربما تغذي هذه الأموال شراء السلاح والذمم بعد تبييضه ودخول الفرق في جيوب الفاعلين!!

          يبدوا اننا في زمن يحتقر ثوابت التاريخ، قيل، وكأن القول قادما من حلم او كابوس، او هلوسة: (العدل اساس الملك) !! فهل من العدل ان يسرق (السوداني سوداني مثله؟!) ونحن في اضعف حالاتنا؟! هل من العدل ان نغفر عن سوداني يغض العين – وإن وُليَ بالثقة تصريف شئون العباد – يسرق في  غياب رسمي!! ثم نصدق ان (الاخر) فعلها؟ وإلي متي نبقي كما (الازواج المخدوعين): آخر من يعلم!! ثم من يضمن لهذا (المُلك) ــ البلد ــ أن لا يأتي من يحاول تفتيته مرة اخري؟

هذه إحدى حكايا بلدنا .. بلد إسمه السودان تحدق به المخاطر من كل جانب  وكلنا يعلم هذا ولكن هناك من لا يعي ويتدبر ، علينا أن لا نعتبر أننا حصلنا على الشرعية  لنفرض ما نرى  بل العكس وهو أن نرى ما يجب أن نفعله بتوافق وتراضي ؛ نحن لسنا في حوجة لأن نفتح دمامل مليئة بالنزف والقيح.. يجب أن نبحث عن علاج الدمامل لا أن  نزيد منها ؛ فروائح القيح نتنة  ؛ علينا أن نتنادى ونتداعي ونتواطأ و نتجمع ونتفق .. فالأخطر قادم ؛ وأننا يجب أن نكون بعيدي النظر وأن نحاسب ونتحسب بفكر سياسي منفتح ومتفتح ؛ فهذا سيصب في التلاقي والتفاهم لا الانغلاق والعزلة!!

abubakr ibrahim [zorayyab@gmail.com]

 

آراء