musabawed@hotmail.com
الشهود يخدمون العدالة، وأدوارهم جوهرية في الدعوى الجنائية، يتعرضون أحياناً إلى الخطر بسبب ما يدلون به من أقوال لجهات التحري أو للمحكمة، ونجد بعض التشريعات القانونية عَمدت على سن قوانين وإجراءات خاصة بحماية الشهود وحماية أسرهم، خاصة مع تطور الجريمة والخشية من تعرض الشهود الى الترهيب والتخويف والتهديد بالقتل أو الإخفاء أو الإيذاء، حتى لا يتعاونوا مع جهات إنفاذ القانون لخدمة العدالة والوصول للحقيقة.
ارتبط موضوع "حماية الشهود" بالجريمة المنظمة عبر الوطنية، حيث أوجبت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية على الدول الأطراف في الإتفاقية، اتخاذ إجراءات من شأنها توفير الحماية الفعالة للشهود من الإنتقام أو الترهيب، خاصة الشهود الذين يدلون بشهادتهم في الجرائم المشمولة بالإتفاقية. ومن الإجراءات التي يجب أن تتخذ لحماية الشهود في اتفاقية الأمم المتحدة للجريمة المنظمة، تغيير مكان إقامة الشاهد وعدم إفشاء المعلومات التي تتعلق بهويته ومكان وجوده و(تجهيل الشاهد) بحيث تستخدم الوسائل الالكترونية وتكنولوجيا الإتصالات لأداء الشهادة.
قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م يمنع الإضرار بالشهود بأي وجه من الوجوه، بما في ذلك منع توجيه الأسئلة التي لا تتعلق بالدعوى الجنائية، وحمايتهم من العبارات والتعليقات التي تخيفهم أو تؤذيهم، ويُمنع عنهم توجيه الأسئلة ذات الطبيعة الفاضحة أو التي تكون مؤذية للشعور، مالم تكون هذه الأسئلة ذات صلة بالدعوى الجنائية. لكن الحماية المذكورة تتوفر فقط للشاهد عند مثوله امام المحكمة لاداء الشهادة. لذلك إذا مثل الشاهد أمام المحكمة فإن على المحكمة أن تمنع الاضرار به أو اخافته أو توجيه الاسئلة غير اللائقة وغير المتعلقة بالدعوى.
لم ينص قانون الإجراءات الجنائية على حماية الشهود في مرحلة التحري، فالدعوى الجنائية لا تبدأ إجراءاتها أمام المحكمة فقط، بل في التحريات يتم أخذ شهادة الشهود المرتبطين بالدعوى الجنائية وتسجل شهادتهم في محضر التحري، ويكون هناك - وقت- حتى تبدأ اجراءات المحاكمة، لذلك قد يتعرض الشهود في تلك الفترة إلى الإخفاء القسري أو الإختطاف والتعذيب والترهيب وغيره من صنوف المعاملة غير اللائقة والمهينة واللا انسانية لاثنائهم عن الادلاء بشهادتهم أو تغييرها. وأيضا أثناء المحاكمة عندما يقوم الاتهام أو الدفاع بتلاوة وتقديم قائمة الشهود الذين يرون ضرورة سماعهم في الدعوى يكون -هنالك وقت- من قيام الاتهام او الادعاء بتقديم قائمة الشهود للمحكمة، الى لحظة مثول الشهود أمام المحكمة، هذا الوقت كافي جداً لتعرض الشاهد للخطر.
وبما أن الشهود هم في خدمة العدالة في إعتقادي يجب أن تتوفر لهم الحماية اللازمة حتى يتمكنوا من الإدلاء بشهادتهم أمام النيابة أو المحكمة دون خوف أو ترهيب، خدمة للعدالة والمجتمع وللمساعدة في الوصول إلى الحقيقة، وأن تتوفر له الحماية حتى بعد الإنتهاء من إجراءات المحاكمة خاصة في الجرائم الكبيرة التي تتعلق بالإرهاب والفساد وغيرها. حيث لم تعد الجريمة هي الجريمة التقليدية المعروفة، لذلك لابد من مواكبة هذا التطور بسن تشريعات ولوائح واجراءات لحماية الشهود في كافة مراحل الدعوى الجنائية وبعد الإنتهاء من المحاكمة.