حينما كانً أبي شرطيا
عواطف عبداللطيف
6 July, 2021
6 July, 2021
ما زال بداخلي يشابه الطاوؤس بذلك الكاب " الكسكستة " باحد جوانبها علم السودان وريش منسوج بترتيب لا أذكر انني غسلت له ملابسه فأبي له نظام فريد للاعتناء بزيهالعسكري منذ ان كان رداء وبدلة كاكي بازرار نحاسية وقاش يكويهم بنشا لدرجة كنانقافله بوضع الرداء علي الطاولة واقفا .. كم كنت اتمنى ان يكلفني بتلميع القاش "الحزام" والازرار النحاسية يفركها بدهان خاص فتبرق لمعانا … أبي له مراسيم خاصة للحلاقةوادواتها بعلبه بها عطر وبشكير يستمتع بها كجلسات المساج .. في احد الايام اوقفتعربة قطار قرب منزلنا بحي السكة حديد بعطبرة
كان يوما حيويا تدافع اهل الحي لنقل اغراضنا للعربة التي خصصت لأبي منقولا لمدينةكوستي اغلق بابها وشبك مفتاحها بحزامه وفي الصباح الباكر كنا نلوح مودعين الحيالعطبراوي أمي وشقيقاتي يغالبنا الدموع لكني كنت مزهوة بان كل عفش دارنا بعربةبنية اللون ونحن بعربة صالون ناصعة البياض بها كنب اقرب لسقف القطار … كثير منجاراتنا احضروا لنا " ذوادة " وابي علق قربة ماء علي نافذة عربتنا واغلق مدخلهابمشمع ووقف كحارث مرمى او فلنقل امبراطور … واطلق القطار صافرة الانطلاق
وصلنا لمدينة كوستي وذات العربة بجوار منزلنا الجديد وأطفال وصبيان ونسوةيشابهنا امي تحادثهن بلغة الدناقلة القح رتبوا اغراضنا واسرتنا حتى " الازيار " تمملاؤها .. والصبيان نصبوا " راكوبة " بالحوش الداخلي لمعزاتنا وسخلتين .. فيمحطات القطار كان ابي يسارع لتغيير الماء للمعز بعربة العفش .. ويشتري لنا ترمسوحلاوة دربسن من صبايا حفاة في اعمارنا نبادلهم الابتسامة ولا يبدو ان لهم مدارسلكنهم تجار ..
الصالون خصص لاختي العروس وذات النسوة زرعنا بحوشه جرجير ونعناع وملوخيةوطماطم … لم يكن مستغربا ونحن نخرج للمدارس ان تكون جاراتنا يقطفن الخضار اويحلبنا معزاتنا وفي المساء تتحول دارنا لجلسات انس ودخان وشاي المغرب المقنن وكلاياتي بباقي " ملاحه " او مديدة حلبة ومطرا غزير يتدفق فهمت لاحقا ان شمال السودانتترابط مدنه بقطارات السكة حديد وجنوبه الذي كان تمخره السفن النهرية و يوم وصولباخرة زوج شقيقتي
يتحول حي الوابورات والسكة حديد لبقع خيرات وفرح فالجميع يتابع حركة السفن عبرمحطة " اوبر " بالراديو … هل كان السودان متقدما بالف سنة صوتية عن سودان اليومفالابر كانت محطة مخصصة فقط لاذاعة حركة السفن .. تصل عربة الكارو محملة بقصبالسكر و سبائط الموز والمانجو و دجاج وربما غزالة او خروف و" تقرا" معزة ملساءالشعر بذيل قصير هي اشبه بالغزلان ..وفاكهة الباباي والقشطة لم نكن نعرفها بنواحيعطبرة هذا غير الفحم والشاف والطلح .
بعد فترة قصيرة لوصولنا جهز أبي زيه الانيق وانا كالفراشة احلق حوله تشوقا لدخولمدرسة كوستي الاولية للبنات طاف ابي وبمعية المديرة وهو ممسكا بيدي لكل ارجاءالمدرسة وفصولها وصديقات جدد طافوا معنا وانا اكثر ذهوا واعجاب بأبي فغالبيةمعارفنا كانوا اما بالسكة حديد او النقل النهري اعظم مؤسستين تم تدميرهما خلال حكممقطوع الطاريء ..
يا ترى هل رجلً الشرطي اليوم له هيبة وامتيازات كأبي الذي كان وضعه مميزا كرجلشرطة بل من علية القوم الجميع يلقي علية التحية وحينما يصادف من هو اعلى منه رتبةيضرب له تعظيم سلام .. لم احدثكم ان ابي كان له منديل كبير احمر اللون غالبا ما كانًيحزم به برتقال وموز بطيخة او شمام هو منديل لكل الاستعمالات .
اعيدوا لرجال الشرطة هيبتهم وامتيازاتهم ووفروا لهم ظروف العمل كحراس لامنالمواطن والوطن وهم يستحقون التقدير لانهم يرفدون المجتمع باسر متماسكة منضبطةعلميا واخلاقيا .. كم انا شديدة الاعتداد بأني ابنة رجل شرطة سكك حديد السودان اسكنه الله الفردوس الاعلي
عواطف عبداللطيف
Awatifderar1@gmail.com
--
Awatif Abdelatif
كان يوما حيويا تدافع اهل الحي لنقل اغراضنا للعربة التي خصصت لأبي منقولا لمدينةكوستي اغلق بابها وشبك مفتاحها بحزامه وفي الصباح الباكر كنا نلوح مودعين الحيالعطبراوي أمي وشقيقاتي يغالبنا الدموع لكني كنت مزهوة بان كل عفش دارنا بعربةبنية اللون ونحن بعربة صالون ناصعة البياض بها كنب اقرب لسقف القطار … كثير منجاراتنا احضروا لنا " ذوادة " وابي علق قربة ماء علي نافذة عربتنا واغلق مدخلهابمشمع ووقف كحارث مرمى او فلنقل امبراطور … واطلق القطار صافرة الانطلاق
وصلنا لمدينة كوستي وذات العربة بجوار منزلنا الجديد وأطفال وصبيان ونسوةيشابهنا امي تحادثهن بلغة الدناقلة القح رتبوا اغراضنا واسرتنا حتى " الازيار " تمملاؤها .. والصبيان نصبوا " راكوبة " بالحوش الداخلي لمعزاتنا وسخلتين .. فيمحطات القطار كان ابي يسارع لتغيير الماء للمعز بعربة العفش .. ويشتري لنا ترمسوحلاوة دربسن من صبايا حفاة في اعمارنا نبادلهم الابتسامة ولا يبدو ان لهم مدارسلكنهم تجار ..
الصالون خصص لاختي العروس وذات النسوة زرعنا بحوشه جرجير ونعناع وملوخيةوطماطم … لم يكن مستغربا ونحن نخرج للمدارس ان تكون جاراتنا يقطفن الخضار اويحلبنا معزاتنا وفي المساء تتحول دارنا لجلسات انس ودخان وشاي المغرب المقنن وكلاياتي بباقي " ملاحه " او مديدة حلبة ومطرا غزير يتدفق فهمت لاحقا ان شمال السودانتترابط مدنه بقطارات السكة حديد وجنوبه الذي كان تمخره السفن النهرية و يوم وصولباخرة زوج شقيقتي
يتحول حي الوابورات والسكة حديد لبقع خيرات وفرح فالجميع يتابع حركة السفن عبرمحطة " اوبر " بالراديو … هل كان السودان متقدما بالف سنة صوتية عن سودان اليومفالابر كانت محطة مخصصة فقط لاذاعة حركة السفن .. تصل عربة الكارو محملة بقصبالسكر و سبائط الموز والمانجو و دجاج وربما غزالة او خروف و" تقرا" معزة ملساءالشعر بذيل قصير هي اشبه بالغزلان ..وفاكهة الباباي والقشطة لم نكن نعرفها بنواحيعطبرة هذا غير الفحم والشاف والطلح .
بعد فترة قصيرة لوصولنا جهز أبي زيه الانيق وانا كالفراشة احلق حوله تشوقا لدخولمدرسة كوستي الاولية للبنات طاف ابي وبمعية المديرة وهو ممسكا بيدي لكل ارجاءالمدرسة وفصولها وصديقات جدد طافوا معنا وانا اكثر ذهوا واعجاب بأبي فغالبيةمعارفنا كانوا اما بالسكة حديد او النقل النهري اعظم مؤسستين تم تدميرهما خلال حكممقطوع الطاريء ..
يا ترى هل رجلً الشرطي اليوم له هيبة وامتيازات كأبي الذي كان وضعه مميزا كرجلشرطة بل من علية القوم الجميع يلقي علية التحية وحينما يصادف من هو اعلى منه رتبةيضرب له تعظيم سلام .. لم احدثكم ان ابي كان له منديل كبير احمر اللون غالبا ما كانًيحزم به برتقال وموز بطيخة او شمام هو منديل لكل الاستعمالات .
اعيدوا لرجال الشرطة هيبتهم وامتيازاتهم ووفروا لهم ظروف العمل كحراس لامنالمواطن والوطن وهم يستحقون التقدير لانهم يرفدون المجتمع باسر متماسكة منضبطةعلميا واخلاقيا .. كم انا شديدة الاعتداد بأني ابنة رجل شرطة سكك حديد السودان اسكنه الله الفردوس الاعلي
عواطف عبداللطيف
Awatifderar1@gmail.com
--
Awatif Abdelatif