ربما تتفاجأ أيها الطالب وأنت تقرأ هذه الرسالة، ولربما لا تمتلك هاتفاً ذكياً أو حاسباً آلياً يمكنك من قراءتها. ولكننا ساسةً وحكاماً وبعد تداولٍ كبير وتشاورٍ عُقدت من أجله الجلسات وأنُهِكت بسببه السيارات الفارهة وأسطول سائقيها وحراستها... خلصنا إلي أن نرسل لك الرسالة عبر الأثير لعلها تسقط مصادفةً في ايديكم. ولا ننكر أننا وبسبب حِنكةِ أحد مستشارينا الموثوقين قررنا أن نلقي بها في بحيرة سد مروي لعلها تستقر في ذلك القاع السحيق والذي آثرتهموهُ أنتم بديلاً عن القُري و التي بنيناها لتشريد أهلكم القَصِى منهم قبل الدانِى.
قبل إرسال هذه الرسالة اليكم حدث أن تناولنا وحبة الغداء في اليخت الرئاسي والذي نستخدمه مرة كل عام، وبينما كنا نتناول الطعام ضحك أحدنا حتي تبللت خدوده المكتنزة قائلاً 'يا جماعة ما يبقي علينا غرق ناس نهر النيل' فضحكنا وتمنينا ألا يحدث ذلك.
إننا لنتهم أحلامكم بقتلكم، ونشير بأصابع الإتهام لقائد مركبكم المهترئ ونشعر بأنه يحاول المساس بالسعاده والمزاج العام. هل تعلمون كم فقدنا من مال علي إثر صفقات ضاعت لكتابة الرسالة لكم؟ بالطبع لا فأنتم أيضاً متهمون بالتخلي عن العيش الكريم في ظل حكمنا وذلك حباً منكم في موتٍ لا نتمنى نحن لقاءه.
لا نطيل عليكم إذ أننا لا نملك الزمن الكافي للإسترسال في الثرد، وتعلمون أننا لا نوفر جهداً في سبيل رفعة الدين والبلاد. قد لا تدركون عِظم المسؤولية التي علي عاتِقنا ونحن نعبُر بالسودان من حقبةِ سوداء عانى علي إثرها أهلكم من الفقر والمرض وكادوا أن يهلكوا لولا أن عاهدنا الله علي إنقاذه فكانت ثورتنا وكان حكمنا، ولولا تلك الرياح التي عصفت بقاربكم لكنتم الآن تهنؤون بكل ما قدمناه ونقدمه لكم.
ونخص أمهاتكم بالرسالة ونوصيهم بالإحتساب علي طريقة الحركة الإسلامية العصماء، نقول لهن أن العمر سيأتي لكم بأطفال آخرين (إن كان فيه بقية) ولربما أراد الله أن يريحكن من عبئ التربية والسهر وهم العجز والفاقة..
لا نخفيكم سراً أن بناء مدرسة بمقربة من منازلكم وعلي ذات الضفة لا تكلف الكثير من المال، وبوضوح لا تكلف مثل تكلفة السيارة المخصصة لجلب مشتروات السوق لمنزل أحدنا. ولكن هل من الإنصاف أن تتأذي مشاعر المسؤول منا بفقده تلك السيارة؟ أليس من واجبكم أيها الطلاب الوفاء لنا علي كل ما قدمناه لكم ولأهلكم؟
ختاماً نرجو منكم الخروج من ذلك القاع حتي يتثني لنا إكرامكم بعاجل الدفن ولنقم سرادق العزاء عاجلاً لأن طيات النسيان في إنتظاركم علي أحر من الجمر ولأن أهلكم لابد أن يتهيأوا باكراً لمعاركهم اليومية في صفوف الخبز والبنزين والبنوك (إن كان لهم أرصدة وصادف أن البنك لديه المال) وشكراً
#رسالة_إلي_قاع_النيل
بقلم محمود هلالي
بازل - سويسرا
mahmoudhilali@gmail.com
/////////////////