عثمان الحورى شمس غربت 

 


 

صديق محيسي
30 September, 2021

 

الاسبوع الماضى نعى بشرى الفاضل  وفاة  الروائى والقاص عثمان الحورى وكتب عنه الناقد احمد البدوى اضاءة حول مسيرته ,وعثمان الحورى وهو من جيلنا جيل الستينات ,حسب الأخبارانه عانى من مرض مس ذاكرته وهو يقترب من الثمانيين  وقدمه حسب الباري سليمان انه ولد بقرية جاد الله في الشمال..لكنه لم يوفق حين اضاف الحورى الى جيل الزبيرعلي وخوجلي شكر الله وجمال عبد الملك (ابن خلدون) اما محمود محمد مدني فهو من جيلنا  مثل محمد المهدى بشرى, وعيسى الحلو ومختارعجوبه والمحجوبان الشعرانى,وعباس ,ومصطفى مبارك ,والراحل محمد الحسن دفع السيد ,وحسن محمد سعيد ,ودوليب محمد الأمين وغيرهم  من الذين لم تسعفنى الذاكرة  لايراد  اسمائهم , وفى الشعر مع تفاوت الأعماركمال الجزولى ,محمد المكى ابراهيم ,والنورعثمان والزين عباس عماره,ومحمد عبد الحى, ويوسف عيدابى, وعلى عبد القيوم ,وعبد الرحيم ابوذكرى, وعلى عمر قاسم وعمر عبد الماجد,ومحمد تاج السر مع حساب الفارق فى الأعمار .


 كان الحورى قد ترك جامعة الخرطوم دون ان يكملها مثل محمود مدنى وعبد الله جلاب اللذان احترفا الصحافة فى وقت مبكر غير انه تعامل مع الصحافة عن بعد, ولم يعمل فيها ,واختار التدريس فيما بعد  فمارس هذه المهنة  فى مدرسة المدينة عرب  بالجزيرة وبورتسودان وكان من تلامذته الروائي بشرى لفاضل والشاعرمحجوب شريف ’والخاتم عدلان .


 فى  ذلك العصر كان الجيل القريب منا بارتفاع الأكتاف ,اوتحت ظله ونحن شباب هم عثمان على نور, وصلاح احمد ابراهيم, ,وعلى المك , ومصطفى سند ,وجمال عبد الملك " ابن خلدون,"وابوبكرخالد ,والطيب زروق ,واحمد على بقادى,وخوجلى شكر الله , والزبيرعلى  .


تفتحت موهبة الحورى فى الوسط الأدبى لجامعة الخرطوم  وعاش النشاط الأدبى مع اخرين مثل النور عثمان  ابكر, ومحمد عبد الحى ,ومحمد المكى ابراهيم ويوسف عيدابى ,وعبد الرحيم ابوذكرى, ومحمد تاج السر ,وفى المسرح  الجامعي  عاصر  رواده  شوقي عزالدين ,علي عبد القيوم ,عثمان جعفرالنصيري, وسلمي بابكر, ومأمون الباقر وهشام الفيل , ومحمود تميم, والمحجوبان  الشعرانى وعباس الذين  قدموا مسرحيات عالمية ليونسكو ومسرح صمويل بيكت واوديب . و"لكم جميل انت أيها الرجل " ليوسف عيدابي  ومسرحية السلطان الحائر لتوفيق الحكيم  .


اذن  الحورى كان نتاج هذه  اللوحة الملونة من الرواية  والقصة القصيرة والمسرح والشعر, اما خارج اسوار الجامعة  فثمة منابر عدة اهمها  صفحة الرأى العام الأدبية التى كان يشرف عليها احمد على بقادى وهو قاص وناقد ,ومبارك الرفيع صفحة الصحافة الأدبية وفيما بعد الصفحة الثقافية  فى الأيام التى كان يشرف عليها عبد الله بولا وحسن موسى .


بعد تركه داخليات جامعة الخرطوم جاءالحورى ضيفا علىّ  فى غرفة فى عمارة ابو العلا القديمة المشهورة مدة من الزمان ,وتلك الرفقة  جعلتنى شخصيا ان اكون  قريبا منه ,فكنا نذهب معا الى مكتبة الثقافة  فى المحطة الوسطى لنشترى المجلات الثقافية ,مثل الاداب لسهيل ادريس ,والكاتب احمد حمروش, والطليعة للطفى الخولى, وملحقى الآهرام والنهار لنقرا اخر ما كتبه نجيب محفوظ  ويوسف ادريس  وفى سوريا  زكريا تامر  وحنا مينا ,ونبيل سليمان ,وحيدر حيدر,وحليم بركات .


 كا ن عثما ن الحورى  شد يدالحرص على متابعة  خبار الأدب وهوالذى اشار علينا قراءةا "العّراب" للكاتب الأمريكى من اصل ايطالى ماريو بوزو ,تلك الرواية التى احدثت ضجة وتحولت الي فيلم نال جائزة الأوسكار , كما لفت نظرنا  الى الروائيون البريطانيون مثل جون اوزبورن وكلون ولسون الذى كتب رواية "انظر وراءك فى غضب "وهى صرخة ضد شراسة الرأسمالية.

اخذ اسلوب الحورى من الرمز غموضه الشفيف ومن الصورة بيانها الواضح  فجمع بين المتخيل والواقع فى  باقة  فنية تعطى القارىء  قدرة على التأمل .


فى كتابه القصة القصيرة فى السودان للروائى مختارعجوبه  شفاه الله الذى نال به  درجة الماجستير فى ستينات القرن الماضى صنّف الحورى وعيسى الحلو, ومحمود  مدنى بكونهم كتاب وجوديون ,لكن الصواب لم يحالفه اذ لم تكن هناك اصلا مدرسة وجودية بالمعنى الحرفى للوجودية فى السودان وكذا الغابة والصحراء.وكل ماكان هناك موجة عبثية قادمة من فرنسا ضربت المنطقة العربية كلها روادها جان بول سارتر, وسيمون دى بفوار ,والبير كامو من الجزائرالذى كتب الطاعون , وفى السودان استقبل هذه الموجة بشير الطيب الذى اعلن نفسه  كاتبا وجوديا واصدر  مجلة اطلق عليها اسم "الوجود" ,اما الحورى ومدنى فيمكن القول ان هذه الموجة مستهم مسا  فكتبا  قصصا  فى المجلة نفسها وكان اسلوبهما اقرب الى الأسلوب الوجودى مجارة  لنهج المجلة الجديد ,ولكنهما لم يستمرا طويلا فعادا الى كتاباتهم ذاتية الفكرة والرؤية القريبة من الواقعية السحرية فى موضوعاتها لا فى شكلها.


لقد عان الحورى كثيرا لفقده  روايته  الآولى "بوابة التمساح" التى ضاعت بين اياد  كثيرة فهو يقول انه  سلمها للراحل قيلى احمد عمر عندما كان امينا عاما للمجلس القومى للاداب والفنون,وقيل ايضا ان قيلى سلمها  للقاص على المك رئيس القصة  لجنة لتقويمها ومراجعتها قبل النشر, ثم قيل ايضا ان على المك  سلمها لصلاح احمد ابراهيم ,وهكذا بين التسليم والتسلم ضاعت رواية بوابة التسماح والتى لايعرف احد حتى الآن ما هو مضمونها  .


كتب الحورى  بعد ذلك(الغابة والبندر) ويقول ان" ملف «الصحافة» الثقافي قام  بنشرها في حلقات ولست ادرى  ان كانت هذه الرواية  قد نشرت  فى كتاب ام لا ؟

يرى الحورى ان (كتابة رواية، هو عمل عضلي وذهني لا يترك للانسان فراغاً  وكتابة المقالات هي عمل اساسي في الحياة الادبية) .


لعثمان الحورى اراء غريبة  فى الروائيين الأخرين فقد بلغ به الشطط مبلغا شاطحا حين وصف الطيب صالح بأنه كاتب "مستهبل" وان بشرى الفاضل هو كاتب "نكت" وويقول بشرى الفاضل بأنه لا يستطيع الرد على استاذه الذى تلقى على يديه التعليم  فى المرحلة الوسطى ويصف الناقد مجذوب عيدروس انه يطبط على اكتاف كتاب الرواية فالحورى يحب جمال عبد الملك "ابن خلدون" وصديقه محمود مدنى, ومحمد عبد الحى الذى استضافه فى منزله بوادمنى عندما كان يمارس التدريس هناك حسب الناقد مجذوب عيدروس ,رحم الله عثمان الحورى واحسن اليه وجعل الجنة مسواه فقد كان محطة هامة فى السرديات السودانية  .


siddiqmeheasi7@gmail.com

 

آراء