عسل الشيوخ وبرهانه … بقلم: منى عبد الفتاح

moaney15@yahoo.com
ما يخرق المألوف ، يثير الدهشة ويكشف عن طريقة مختلفة في خلق الاستجابة للقاريء إذا كان عن عمل مكتوب أو المشاهد إذا كان لأحداث جارية على أرض الواقع. خرق الطيب صالح هذا المألوف عند كتابته “موسم الهجرة إلى الشمال” بينما كان غيره من الروائيين العرب يشيرون إشارة فقط للعلاقات الحميمة ،رغم حضورها وشواهدها في الحضارة العربية والإسلامية بشكل واضح ، وهو ما لم يكن يحتاج إلا لرداء إبداعي يحمل بصمات الكاتب الخاصة تطل من خلالها رؤيته وأسلوبه وقدرته في نسج أحداث الرواية أو أي كتابة إبداعية أخرى وإبراز معانيها اللاحقة.وقد يكون خرق المألوف بمنطق الجرأة في مناطق أخرى ومعالجات غير معالجات الجسد ولكن ما يمكن أن أشير إليه أيضاً هنا هو دور “ود الريس” الإباحي الناسك أو ما شابهه من أدوار أبطالها  “شيوخ”.
 لست بصدد الكتابة عن موضوع الحميمية في الأعمال الأدبية فلم تعد ذات الكتابة التي تكشف غطاء عن إبداع مستتر بعدما خرج التعبير عن الجسد من حيز الممنوع إلى المسموح به وأصبح التحدي في كيفية عرض هذا الضرب من التناول الذي لم يكن يوماً منفصلاً عن جذور كتب التراث العربي وأحاديث أئمة الإسلام كالنفزاوي في “الروض العاطر في نزهة الخاطر”. ولن تنتهي بالرواية الجريئة “برهان العسل” للكاتبة السورية سلوى النعيمي أو “جسد” المجلة الثقافية لجمانة حداد .
 أما ما أنا بصدد الكتابة عنه هو ترشيح السيد الصادق المهدي الإمام من قِبل الكثيرات ليكون زوجاً لإحداهن أو بعضهن والدقة هنا مطلوبة التزاماً بالوجه الشرعي لحصر الزوجات في أربع فقط .وهذا مما جاء على لسانه :”كثيرات طلبن مني الزواج”  في لقاء أجرته معه مجلة ” الملتقى ” ونُشر أيضاً بهذه الصحيفة “الأحداث”. والمهدي الإمام غير ملام لأنه المطلوب لهذا الغرض وليس الطالب وإن يكن فليس هناك ما يمنعه. أثار هذا الموضوع “كلمة” كنت أود كتابتها منذ زمن وهي فتنة “البنات بالشيوخ ” ، إلا أن استشهادي بالسيد الصادق المهدي اليوم يعطي الموضوع بُعداً آخر وشهادة حية ليست نتيجة ملاحظات عامة قد يعتبرها البعض حالات تُعد على أصابع اليد الواحدة.فضلاً عن شخصية السيد الصادق وحيويته وتجاوز العمر له ،فما زال بنفس عذوبة نبراته منذ ثمانينات القرن الماضي حيث كنا ننتظر “افتح يا سمسم” على التلفزيون فنجد أن ثلاث ساعات متواصلة مشغولة بكلام لا يفهمه مشاهديه – على الأقل – في محيطنا الضيق . ومازال بنفس الطاقة والمقدرة على التحدث لساعات كما كان يفعل ويقارع الحجة بالحجة. ثم إنه وهذا الأهم يحترم المرأة ويقدرها وفي سجل حزب الأمة الحافل سيرة نسائية عطرة عن تقلد المرأة مواقع قيادية من لدن السيدة سارة الأولى إلى الدكتورة مريم الصادق وغيرهن ممن ارتبطت حياتهن السياسية بالحزب من داخل وخارج العائلة.
 أجد كثيراً من معالجات القضايا الاجتماعية تجيء بعنوان “عزوف الشباب عن الزواج” ولو أمعنا النظر في هذه المسألة لوجدناها تتحقق كهذا “عزوف الشابات عن قبول الشباب” وذلك لأن المنافسة بينهم وبين الشيوخ باتت ترجح كفة الشيوخ على من سواهم.وغير الأعذار الكثيرة التي تسوقها البنت المطلوبة للزواج من أنها لا تحبه “ودايرة تقرا” وعاطل أو وظيفته ما بتفتح بيت ، فهناك حياءٌ من ذكر أشياء أخر.
 على كلٍّ ،هنيئاً لراغبات الزواج من السيد الإمام ولكن للأسف فلم يعد من موضع “حناءٍ” في أكفنا ولا على أقدامنا وإلا فلم نكن لنختار أجمل من الصادق المهدي عريساً.

عن صحيفة “الأحداث”

شاهد أيضاً

الصحفي أمين حسن عمر وصويحبات يُوسف .. بقلم: منى عبد الفتاح