على أنقاض الدولة الدينية الكيزاتية ستقوم (ملكية دستورية فيدرالية ليبرالية علمانية ديمقراطية متحدة)

 


 

 

على أنقاض الدولة الدينية الكيزاتية ستقوم (ملكية دستورية فيدرالية ليبرالية علمانية ديمقراطية متحدة) وملكها هو القائد محمد حمدان دقلو حميدتي.. للأسباب التالية:

هذا هو الفصل العاشر من كتابنا :( التمرد والتغيير: منذ حامية توريت وحتى الدعم السريع (10 - 10) قدمنا في الفصول التسعة السابقة تاريخ السودان تحت قيادة وادارة النخبة النيلية السودانية خلال 70 عام منذ عام ١٩٥٤ وحتى ٢٠٢٤ (من منظور المهمشين المحرومين من السلطة ومن الثروة) .. في هذا الفصل سوف نتناول بحول الله مساهمة الدعم السريع في التغيير خاصة في الإحلال والقيام بالدور التاريخي الذي كان يقوم به الجيش السوداني في الانحياز للشارع السوداني وتوفير الحماية له وتجريد السلطة من النظام الاستبداديّ القائم وتسليم السلطة للمدنيين خلال فترة انتقالية تعقبها انتخابات حرة ونزيهة.. في ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة ذهبت جماهير الثورة للقيادة العامة ولم تجد الجيش كما هي العادة.. ولكنها وجدت (الدعم السريع وقائده محمد حمدان دقلو حميدتي.. ومن هنا كانت بداية التغيير الذي بدأ متعثرا في المرحلة الانتقالية.. ليأتي التغيير الجذري بعد حرب ١٥ ابريل التي دارت فعلياً بين الحركة الإسلامية السودانية التي تصر على العودة للسلطة ولو على جماجم ثلث الشعب السوداني من طرف.. وبين قوات الدعم السريع التي تمكنت من هزيمة الجيش السوداني/مليشيا الجلابة وكتائب البرآء والفلول ومهدت لإحداث تغيير جذري في بنية الدولة السودانية وفلسفة الحكم من جمهورية اسلامية اخوانية الي ( ملكية دستورية فيدرالية ليبرالية علمانية ديمقراطية متحدة) ملكها هو قائد الدعم السريع (محمد حمدان دقلو حميدتي.. وسوف اتناول هذا الفصل بحول الله تحت رؤوس المواضيع التالية:

++ من طبيعة الاشياء وقانون (لكل فعل رد فعل مساوي له في القوة ومضاد له في الاتجاه) أن تاتي عفب الجمهورية الاسلامية الاخونجية ( ملكية دستورية فيدرالية ليبرالية علمانية ديمقراطية متحدة ) :

++ الدعم السريع كان العنصر الأساسي في انتصار ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة.. وقد كان بامكانه إجهاضها أسوة بانتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ !!

++ متى يستسلم الجيش بعد أن فشلت خطة الكيزان في القضاء على الدعم السريع في 4 ايام وفشلت دعوة المستنفرين الى محرقة الحرب الاهلية بعد عام كامل من من الحرب العبثية ؟!

++ لضمان استقرار الوطن ورفاهية شعبه وتحقيق التحول الديمقراطي والعدالة الاجتماعية اقترح تحويل نظام الحكم في السودان من (جمهورية) إلى (ملكية دستورية فيدرالية ليبرالية علمانية ديمقراطية متحدة ) ملكها الاول هو (محمد حمدان دقلو حميدتي) .. كحزمة غير قابلة للتجزئة وذلك للأسباب المبينة تفصيلا في هذا الفصل:

(١) القائد حميدتي هو العنصر الاساسي لنجاح ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة :

محمد حمدان دقلو المعروف باسم (حميدتي) .. وسوف نشير اليه فيما بعد بهذا الاسم. لقد كان القائد حميدتي هو العنصر الاساس في نجاح ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة.. فمنذ اندلاع الحراك الشعبي في الدمازين ثم عطبرة ومدني منح القائد حميدتي الضوء الأخضر للثوار.. وذلك من خلال إعلانه أن مسؤولية الامن داخل مدن العاصمة من مسؤولية الشرطة.. وليس الجيش.. وهذا يعني أن الدعم السريع لن يقوم بالدور السلبي الذي قام به في التصدي والقضاء على انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣.. فاستمرت المظاهرات في شوارع الخرطوم امنة .. وفي ٦ / ابريل ٢٠١٩ توجهت الجماهير الهادرة الى القيادة العامة للاحتماء بالجيش آملة أن ينحاز الجيش للشعب اسوة بما كان يجرى ابان ثورتي اكتوبر ١٩٦٤ وانتفاضة ابريل ١٩٨٥ .. ولكن الجماهير (وجدت قبة الجيش خالية بلا جيش صالح للانحياز للشعب) .. ولكنها بدلا من ذلك وجدت القائد (حميدتي) .. فهتفت الجماهير البرئية المتعطشة للتغيير: ( مادام حميدتي معانا .. ما همًانا ) .. وهنا تدخلت عقلية الجلابة الخبيثه.. وبعد أن طارت سكرة الثوره جاءت فكرة الجلابة لتعيد إنتاج ظروف ما بعد انتصار الثورة المهدية حيث اراد اولاد البحر الذين لم يكن لهم اي دور في الثورة المهدية - أرادوا الاستئثار بالسلطة.. ولكن هيهات !
خرج الثوار (عيال الجلابة) بالهتاف الشيطاني الخبيث : ( مدنياووو) .. ومدينة في هذا المقام تعني (لا نريد هذا القائد الدارفوري الذي لا يشبهنا) .. علماً بأن الجماهير قد ذهبت للقيادة العامة للجيش طالبة منه الجيش التدخل والانحياز للشعب.. ولو ظهر لها أي (ضابط عظيم من اولاد الجلابة (بخلاف حميدتي) لانتهت المشكلة) .. ولما سمعنا هتاف مدنياووو .
الحقيقية هي أن عمر البشير قد حطم السلم الذي صعد به هو للسلطة عام ١٩٨٩ وهو (الحركة الاسلامية والجيش) .. وذلك حتى لا يصعد اي شخص آخر غيره.. شاهدنا هو ان القائد حمدتي هو العنصر الاساسي في نجاح ثورة ديسمبر المجيدة.. فهو الذي قام بدور الانحياز للشعب - الدور الذي كان يقوم به الجيش في ثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل.. فضلا عن انه لم يقم بقمع ثورة ديسمبر كما كان يشتهي عمر البشير .

(٢) الدعم السريع وحلفائه من الحركات المسلحة التي انحازت له هم الوحيدون القادرون علي هزيمة مليشيا الجلابة المسمي بالجيش السوداني وتنظيفه من الارهابيين الكيزان وكتائب الاخوان المسلمين :

لخوض حرب حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣ فقد وضع الكيزان خطة حربية محكمة للقضاء على الدعم السريع في (غضون 4 ساعات وفي رواية أخرى اربعة ايام) .. ولكن الدعم السريع هزم الكيزان ومليشيا الجيش (استخباراتيا ) حين كشف خطة الجيش واحبطها تماما.. واستطاع الدعم السريع ان يسيطر على 90% من العاصمة بما في ذلك المواقع الاستراتيجية في العاصمة .. ونجا البرهان بأعجوبة وخرج من تحت البدرون.. وذهب إلى مدينة بورتسودان . كما سيطر الدعم السريع على مدينة نيالا في جنوب دارفور.. ومنها انطلق الدعم السريع الي زالنجي عاصمة وسط دارفور ثم الي الجنينة غرب دارفور.. وامتنع اراديا عن دخول الفاشر لاسباب انسانية واستجابة لمناشدات المجتمع الدولي. كذلك سيطر الدعم السريع على ولاية الجزيرة وعاصمتها مدينة ود مدني ومدنها الكبرى مثل الحصاحيصا ورفاعة . باختصار نجح الدعم السريع في كشف عورة الجيش السوداني تماما امام الشعب السوداني الذي تيقن تماما ان هذا الجيش غير مؤهل للدفاع عنه وللصمود في وجه قوات الدعم السريع.. فأعلنت القبائل العربية في جنوب دارفور انحيازها التام للدعم السريع الذي استطاع ان يؤسس جيشا وطنيا من كل إثنيات الشعب السوداني. الان ليس امام البرهان والكباشي والعطا سوى توقيع اتفاقية استسلام تمكن من تنظيف الجيش من الأرهابيين الاسلاميين وكتائب البرآء.. وتقديمهم للعدالة الجنائية داخل السودان.. وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية خاصة بعد أن انضم السودان لاتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية خلال الفترة الانتقالية.

(٣) الدعم السريع ومهمة (قلع الكيزان من الجذور) التي فشل تجمع الميرغني في تحقيقها؟ لا عزل سياسي لكائن من كان الا بموجب حكم قضائي نهائي لان العزل السياسي اسوأ من التكفير الديني لانه حرمان من الحقوق السياسية وبالتالي تجريد من ممارسة حقوق المواطنة:

المعركة بين مليشيا الجيش والفلول وكتائب البراء الدائرة منذ ١٥ ابريل ٢٠٢٣ ضد الدعم السريع هي معركة كسر عظام ولا تقبل القسمة على اثنين ولا تقبل التسوية.. لابد من قلع الكيزان من الجذور.. وهذا يقتضي هزيمة الجيش بصورة يقررها دول الجوار والمجتمع الدولي (الكيزان لايعترفون بل يدعون نصرا زائفا مثل ادعائهم الكاذب بموت حميدتي) .. اعلان هزيمة الجيش يوفر الدماء السودانية ويمكن من اجراء تسوية استسلام الجيش وتوابعه من الفلول مما يمكن الدعم السريع من حصر الكيزان داخل الجيش وتقديمهم للعدالة الجنائية لانهم خانوا قسم الولاء لقانون القوات المسلحة ومنحوا ولاءهم لحزب سياسي صغير اتي للسلطة بالانقلاب على الشرعية الدستورية.. ويعملون على تامين بقاء هذا الحزب في السلطة ولو اقتضى الامر التضحية بارواح ثلث الشعب السوداني. الخلاصة: لابد من اعلان انتصار ك الدعم السريع على الجيش .. وفرض شروط الاستسلام على الجيش الذي يدرك هذه الحقيقة المرة مرارة الهزيمة نفسها .. والجيش يعرف هذه الحقيقة .. ولكنه يكابر .. ويرضخ لأوامر الجبهة الاسلامية التي تعلم ان ذهاب البرهان والكباشي لاي منبر للسلام سواء في المنامة أو جدة او جيبوتي او اديس ابابا يعني تلقائيا الاعتراف بالهزيمة والقبول بتسليم قيادات الحركة الاسلامية والإنقاذ المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية.. وتقديم الكيزان داخل الجيش للمحاكمة والقبض على عناصر كتائب البراء وتقديمهم للمحاكمة.. وبذلك يتم القضاء على الإرهابيين الكيزان وقلعهم من جذورهم داخل الجيش والقوات النظامية كلها .. واغلاق الطريق أمام عودة الاخوان المسلميين للسلطة.. وهذا هو الهدف الذي كان يطمح إليه تجمع الميرغني منذ انشائه عقب انقلاب الإنقاذ وحتى هبوطه الناعم عبر اتفاقية القاهرة بعد توقيع الحركة الشعبية لاتفاقية نيفاشا ٢٠٠٥ .
واستهداف الكيزان داخل الجيش والأجهزة الأمنية والشرطية لا يعني أبدا .. أبدا استهداف ابناء الاقليم الشمالي داخل الجيش والأجهزة والأمنية على الهوية لمجرد انهم من شمال السودان.. فهؤلاء مواطنون سودانيون كان البشير لا يثق فيهم أبدا .. وكان واثقا أنهم سينحازون للشارع السوداني في حال حدوث أي انتفاضة ضد الكيزان.. وقد صنع البشير قوات الدعم السريع لاهداف شتى منها لتكون ترياقا للجيش نفسه.
ومن جهة فان قلع الكيزان من جذور التمكين وتقديمهم للعدالة لا يعني (عزلهم سياسيا بقانون) .. لان العزل السياسي غير وارد في مشروعي الفكري والسياسي.. لا عزل سياسي الا بموجب حكم قضائي مبرم وللمدة التي يحددها حكم القضاء.. لان العزل السياسي عمليا = التجريد من الجنسية السودانية والمواطنة.

(٤) متي يستسلم جيش البرهان بعد ان فشلت خطة الكيزان في القضاء على الدعم السريع في 4 ايام وفشلت دعوة المستنفرين الى محرقة الحرب الاهلية بعد عام كامل من الحرب العبثية!!

الوضع الحربي الميداني يعرفه كل مواطن سوداني لان الحرب الاهلية قد شملت كل شبر من ولاية الخرطوم وولاية الجزيرة.. فلم يجد المواطن ( جيشه جيش الهنا) كما كنا نسمع من غناء عبر راديو وتلفزيون السودان : (الحارس مالنا ودمنا .. جيشنا جيش الهنا).. والحقيقة التي باتت معلومة لكل مواطن سوداني داخل وخارج السودان هي ان الجيش السوداني وكتائب البرآء والفلول مدقوقين دق العيش .. وفي هذا المقام افضل تقديم شهادة مولانا جمال الصديق المحامي .. جديدة لنج في موقع سودانايل :

( التبرع :-
فشل الجيش وفلول النظام السابق كما ذكرنا في السيطرة على حرب اشعلوها اعتقاداً منهم بانهم قادرون فيها على التخلص من قحت والدعم السريع بضربه واحدة لا تتسع لاكثر من ثلاثة ايام او اسبوع . وعند هذا الفشل وقف الجيش والفلول بعيداً بعد ان قالوا للمواطنين ليس لدينا لك شي نفعله ، قاتلوا الدعم السريع لوحدكم . وليس لدينا سلاح حتى نضعه بين ايديكم ومن يريد السلاح عليه ان يدفعه ثمنه للجيش . تخيل الشعب جاء ليساعد الجيش في ( لملمت ) فضائحه قام الجيش دس المحافير ، وقد تحمل المواطن كلفة الحرب بأضعف الايمان نجح فيما نجح وفشل فيما فشل وفقد الكثير من الأنفس والثمرات وما زال . ) انتهى.
المصدر/ جمال الصديق المحامي/ الاستنفار اولاً والتبرع ثانيا !! ثمّ ماذا هناك يا جيش !! سودانايل / ١٢/ مايو ٢٠٢٤

(5) اين هو الجيش والدعم السريع يكتسح البلاد طولا وعرضا والمواطن بلا حماية.. ولا سلاح معه ليدافع عن نفسه وبلا عمل ولا راتب شهري ورغم ذلك تطالبه الحكومة بالتبرع بالمال للجيش؟!

اين هو الجيش؟! هذا السؤال يطرحه المواطن السوداني في اي مكان في السودان لاسيما في الجزيرة والمناقل .. ولكن هذا السؤال يسأله بطريقة عقلانية جدا مولانا جمال آلصديق المحامي في المرجع السابق من المناسب أن احيل اليه مباشرة: فالي المرجع:

( رغم كل ذلك خرج علينا الفلول بفرية جديدة الزموا فيها بنك الخرطوم المملوك لدولة ( الإمارات العربية المتحدة ) بان يفتح حساباً للتبرع باسم الجيش ، وصدح شاديهم يذكر محاسن الجيش وقيمة التبرع بالمال لمصلحة الجيش ، ويوزع في ذات الوقت صكوك الوطنية لمن يتبرعو للجيش . يا جماعة اين هو الجيش والمواطن يقاتل لوحده في كل الجبهات . اين هو الجيش والدعم السريع في تقدم كل يوم !! ثم اين ميزانية الجيش التي تخصم من الموازنة العامة بنسبة (٨٦٪؜ ) !! ولماذا يتبرع مواطن لجيش لم يجده في (حارته) والحرب الضروس تفتك به من كل صوب . هل كتب على إنسان السودان ان يكون مستغفلاً ومستغلاً كل حياته . ) انتهى.
المصدر / المرجع السابق مقال مولانا جمال آلصديق المحامي/ سودانايل .

(٦) الجيش الكسيح .. والهزائم المذلة امام الدعم السريع المتقدم في جميع مواقع القتال !!

ويواصل مولانا جمال آلصديق المحامي في المقتطف التالي كشف وفضح الجيش السوداني الكسيح امام الدعم السريع المتقدم في جميع المواقع ويدعو الى عدم التبرع للجيش .. وان يكون دعم المواطن للسلام والاستقرار: فالي المقتطف :

( اعتقد حفاظاً على ما تبقى من ارواح وممتلكات يجب على المواطن ان يترك الاستنفار والا يدعم فاتورة الحركات المسلحة طالما الدعم السريع متقدم على الواقع والمواقع وكل المحاولات اليائسة فشلت من جانب ما يسمى بالجيش واصبح الجيش كسيحاً تتقاذفه الهزائم المذلة !! يجب ان يكون الدعم من قبل المواطن للسلام والاستقرار والامن بدلاً عن الحرب التي نالته فيها الهزائم . (لازم تقيف )
هذه الحرب العبثية كما وصفها البرهان .) انتهى.
المرجع/ جمال الصديق المحامي/ الاستنفار أولاً والتبرع ثانيا !! ثم ماذا هناك يا جيش؟ سودانايل / 12 مايو ٢٠٢٤

(٧) الحل في تحويل القطر السوداني من (جمهورية ) الي (ملكية دستورية فيدرالية ليبرالية علمانية ديمقراطية موحدة) كحزمة مبادئ فوق دستورية لابد منها لخلق سودان جديد يسع كل السودانيين من نملي الي حلفا :

دعونا نربط بين الثقافة والسياسة لغرض توصيل رسالة هامة.. فالثقافة هي قوت الشعب.. أما السياسة.. ففي دولة الإنقاذ اصبحت السياسة مثل مضغ الحصحاص.. (حبيبات الحجارة الخشنة) .. شيء لا يطاق .. في الغناء السوداني نقول : ( سمير القلب .. الريدة ما بالغصب ) كلمات الشاعر (عوض جبريل ) وغناء ( محمود علي الحاج) .. وكذلك (الوحدة ليست بالغصب) .. وانما الوحدة (اختيارية جاذبة) .. وذلك في دولة المواطنة المتساوية القائمة على المبادئ فوق الدستورية التالية: ( ملكية دستورية/ فيدرالية / ليبرالية/ علمانية/ ديمقراطية/ موحدة) .. التي تقوم على قيم ومبادئ العدل والمساواة ويشعر فيها كل مواطن بالكرامة والعزة في وطنه.

(آولاً) تحويل الدولة السودانية من (جمهورية ) الي (ملكية دستورية) :

حينما نقول ملكية دستورية معنى ذلك أننا نعود لنظام (الديمقراطية البرلمانية) التي مارسناها في السودان في كل عهود الديمقراطية الثلاثة في السودان وهي (١٩٦٤ -١٩٥٨ ) وهي فترة الديمقراطية الاولى.. (١٩٦٤ - ١٩٦٩) وهي فترة الديمقراطية الثانية .. ( ١٩٨٥ - ١٩٨٩) وهي فترات الديمقراطية الثالثة .. وفي عهدي الديموقراطية الاولى والثانية كنا عملياً نمارس ( ملكية دستورية ) لان راس الدولة ورئيس مجلس السيادة كان شخصية واحدة هي (اسماعيل الأزهري) وسلطات رئيس الجمهورية = سلطات الملك او الملكة في انجلترا. وخلاصة القول هي اننا بالانتقال للملكية الدستورية انما نعود للنظام البرلماني المجرب عندنا طوال عهود الديموقراطية الثلاثة في السودان.
حين انتصرت الثورة الفرنسية وتم إعدام الملك والملكة كانت فرنسا بين خيارين هما: الملكية الدستورية باعتبارها من ارقي أشكال الديمقراطية.. بل ان فولتير احد فلاسفة الثورة الفرنسية حين ذهب إلي بريطانيا مبعدا من بلده فرنسا .. كان اكثر ما لفت نظره في بريطانيا هو (الملكية الدستورية.. حيث الملك يملك ولا يحكم ) .. ولكن الشعب الفرنسي رجّح (النظام الجمهوري) .. وجعله من المبادئ فوق الدستورية.. بمعنى لا يجوز الغاء او تعديل (النظام الجمهوري) في فرنسا . ولعل الحكمة من اخذ الشعب الفرنسي (بالنظام الجمهوري) هي أن يشعر الشعب الفرنسي بالتغيير الجوهري الذي حدث في فرنسا.. لان نظام الحكم الذي كان سائدا في فرنسا قبل الثورة هو النظام الملكي.. فلو تغير النظام الى ملكية دستورية فانه لا يعطي البعد الحقيقي للتغيير.. بالبلدي السوداني يعطي انطباعاً كانه انتقال من (محمد .. الي محمد احمد) .
بما ان السودان قد عاش في ظل دولة الهوس الديني الكيزاني منذ سبتمبر ١٩٨٣ والي اليوم (16 مايو ٢٠٢٤) اي لمدة 41 سنة فاني لا أتوقع جدلاً حقيقياً حول مبدا الانتقال ( للملكية الدستورية) .. وانما الخلاف سيكون حول ( من سيكون الملك ).. لذلك سوف أتجاوز مسألة (الملكية الدستورية) إلى حين.. وانتقل بحول الله الي بقية المباديء فوق الدستورية التي تشكل مع بعضها حزمة واحدة غير قابلة للتجزئة:

(ثانيا) : ملكية دستورية (فيدرالية/ ليبرالية/ علمانية / ديمقراطية / متحدة ) :

الفيدرالية:

اذا نظرنا إلى هذه المبادئ الفوق دستورية (الخمسة) والتي تشكل حزمة غير قابلة للانفصام نستطيع أن نقول بعد تجربة مريرة في السودان عمرها 70 سنة منذ الاستقلال وفترة الحكم الذاتي عام ١٩٥٤ نجد أن مياه كثيرة جرت تحت الجسر ، ففي مؤتمر المائدة المستديرة عام ١٩٦٤ كانت الفيدرالية من المحرمات.. وقاعة المؤتمر كلها كانت تهتف ضد الفيدرالية باللغة الإنجليزية ما ترجمته (لا فيدرالية داخل الأمة الواحدة) .. وكانت نتيجة هذه الغلطة الفادحة وضيق الأفق أن رفع الجنوبيون من أسقف مطالبهم وذهبوا لمطالبة بقرير المصير والانفصال !! شاهدنا أن الفيدرالية وحدها لم تعد اليوم مشكلة كبيرة تودي إلي القطيعة.. ولكنها يجب أن تكون مصحوبة (بالعلمانية) .. لان الفيدرالية في دولة ينص دستورها على أن (الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي أو الوحيد كما هو الوضع في الدستور المصري ) فان هذه الفيدرالية لا قيمة لها . لذلك لن احتاج إلى التوقف كثيرا عند المبادئ مثل الليبرالية والديمقراطية والوحدة.. لذلك سوف أنتقل مباشرة لمناقشة مبدأ (العلمانية ) .. لأننا إذا توافقنا على العلمانية التي تعرضت لكم هائل من التشويش والغوغائية الكيزانية في مصر والسودان فمن السهل القبول بالديمقراطية والوحدة.

العلمانية والدستور الإسلامي في السودان :

(أ) يبدو أن (العلمانية صارت قدرا لسودان ما بعد الدولة الدينية الكيزانية التي قهرت النساء علي لبس الصحفية لبنة حسين لمنطلون الجينز .. وقهرت السياسيين والنقابيين من خلال بيوت الأشباح.. ووضعت الخازوق التركي سيء السمعة في مؤخرة الرجال المحترمين بغرض اذلالهم .. ما اشبه ثورة ديسمبر المجيدة بالثورة الفرنسية اعظم ثورة للمبادئ والقيم العظيمة في تاريخ البشرية.. قامت الثورة الفرنسية ضد طبقتي النبلاء والكنيسة الكاثوليكية.. وكانت نتيجة الثورة الفرنسية في الاتجاه المعاكس تماما للكنيسة والدين .. خلصت الثورة الفرنسية الي العلمانية اللائكية المتطرفة ضد الدين مطلقا
.. بالمقابل قامت ثورة ديسمبر المجيدة ضد مشروع دولة الإنقاذ الكيزانية التي قهرت النساء والرجال كما سبق البيان.. ومن قوانين الطبيعة أن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه.. وهذا يعني أن ردة الفعل الطبيعية لجرائم دولة الإنقاذ الاسلاموية وممارستها للابادة الجماعية في الجنوب الذي ذهب وفي جبال النوبة والانقسنا ودارفور هي الانتقال إلى الاتجاه المعاكس للدولة الدينية وبذات درجة التطرق.. الي الألحاد ومعاداة الدين !
سيبقي التصوف النقي على طريقة الشيخ الياقوت وامثاله.. لانه الذي ينفع الناس.. اما الإسلام السياسي الضلالي وامثاله من الطائفة (الدينية + السياسية) سيذهب جفاء .. ومن يدري.. هل يدوس الشعب السوداني الجبار الاسلام السياسي نفاذاً لوعيده في هاتفه المشهود (اي كوز ندوسه دوس ) .. اسوة بما فعله الشعب الفرنسي بالمتغطرسة ماري أنطوانيت ملكة فرنسا التي وضعها الشعب الفرنسي في سيارة مكشوفة طافت بها حول باريس وكان الشعب يرمي عليها القاذورات قبل اخذها الي المقصلة لتنفيذ حكم الإعدام عليها.
مؤلف هذا الكتاب لا يدعو للانتقام.. وانما يدعو إلى التأسي بشعب جنوب افريقيا العظيم.. السمح المتسامح .. وتجربة نيلسون مانديلا والقس ديزموند توتو.. يدعو الي ممارسة العدالة الانتقالية بمنتهى الحكمة.. من دون المساس بحق البعض الذي يتمسك (بعدم الافلات من العقاب) .. وضرورة تسليم المتهمين المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية.. وهذا شيء مفهوم .

(ب) قاتل الله العقلية الإخوانية المصرية السلفية الوهابية الشعبوية المتحجرة التي جعلت من محاربة (الشيوعية والعلمانية) هدفا أساسيا لها .. وليست لديها فضيلة في (محاربة الشيوعية) لإنهاء تفعل ذلك لمصالح دنيوية هي (خدمة آمريكا.. اي انها كانت تحارب الشيوعية بوعي بالوكالة عن امريكا بمقابل ) .. والمقابل هو توفير الحماية لها .. وذلك بتكليف السعودية بتوفير الحماية للاخوان المسلمين الذين يعانون من بطش الناصرية في مصر ولاحقا في السودان بعد انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩ المحسوب على اليسار والناصرية في مصر .وفي السعودية اجتمع الاخوان مع السلفيين فانتجوا للعالم (السلفية الجهادية من خلال اللقاء بين اسامة بن لادن وأيمن الظوارهري وتلك امة قد خلت .
لقد ظل اخوان مصر يرفضون فكرة العلمانية حتى بعد الربيع العربي الذي آتي بالإخوان للسلطة في مصر عبر الانتخابات.. فقد اتي رجب طيب اردوغان (الأخو المسلم/ الكوز التركي) اتي في زيارة لمصر بعد فوز الاخوان بقيادة محمد مرسي.. وقد كانت زيارة الأخو المسلم لنظيره الأخو المسلم من مدرسة حسن البنا.. وقد كان الاستقبال حاشدا .. وفي القاهرة عرض اردوغان (العلمانية الجزئية المؤمنة) على مرسي واخوانه فرفضوها .. وغادر اردغان مصر مكسوفا لانه لم يجد آذانا صاغية لقبول (العلمانية الجزئية المؤمنة كما يسميها عبدالوهاب المسيري) ! غادر اردوغان مطار القاهرة ) مكسور الخاطر.. متجها إلى تونس التي وجد فيها كل حفاوة وتفهم ولعله قد شفع للتوانسة كونهم خير خلف للمفكر والمستنير التونسى محمد بن عاشور ألذى يعتبر الملهم لاستنارة الشيخ محمد عبده وسعد زغلول . شاهدنا ان رفض اخوان السودان للعلمانية مرتبط بالنشأة المصرية الجذور (تشوه خلقي منذ الميلاد ) . يضاف إلى ذلك ان الحركة الإسلامية السودانية قد تعرضت لجرعة سلفية كبيرة من خلال تحالفها في (جبهة الميثاق الإسلامي) مع حركة انصار السنة السلفية في السودان بعد ثورة اكتوبر ١٩٦٤ بهدف خلق جبهة عريضة تدعم (الدستور الاسلامي) .

(ت) صدق او لا تصدق ان التوجه الاسلاموي في السودان مصدره العلمانيون من ابناء الجلابة قبل الإسلاميين .. لان الهدف الاساسي من هذا التوجه هو الغاء التنوع السوداني الذي يمثل عظمة الخلق الالهي حين قال : ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) .. هذا التنوع ( دينيا ولغويا وعرقيا.. الخ ) .. وكان نظام عبود يقول في الجنوب (جاءت المسيحية مع الاستعمار والمفروض تخرج منه مع خروج الإستعمار كذلك .. وان السودان بلد لدين واحد وهو الاسلام .. ولغة واحدة هي العربية. وذلك بفرض الاسلام والعروبة على الجنوبيين .. وبعد سقوط نظام عبود عبر ثورة اكتوبر المجيدة سطع فيها نجم الدكتور حسن الترابي الذي أسس جبهة الميثاق الإسلامي من أجل تمرير الدستور الاسلامي عبر الجمعية التأسيسية، فملأ الساحة السياسية السودانية كلها بالزخم الإسلامي.. بعد انتصار ثورة اكتوبر ١٩٦٤ استمرّت الاحزاب السياسية الشمالية على ذات نهج نظام عبود الاسلاموي العروبي .. فقد استشعر الحزبان الطائفيان بالخطر الاسلاموي الاخواني الذي بدا يهدد مركزيهما .. فطرح حزب الأمة مشروع الصحوة الإسلامية، كما فضل حزب الأمة عبر الصادق المهدي احتواء جبهة الميثاق الإسلامي من خلال التحالف معها عبر (مؤتمر القوة الجديدة) .. وكذلك ركبت الأحزاب الاتحادية موجة الإسلاموية من خلال طرحها للجمهورية الإسلامية.
يعنينا في هذا المقام بيان (سقوط مشروع الدستور الإسلامي الكامل في الجمعية التأسيسية) خلال فترة الديمقراطية الثانية .. أسقطه داخل الجمعية التأسيسية المسيحيون/ فلب عباس غبوش ورفاقه من كتلة الجنوبيين .. وخارج الجمعية التأسيسية كان الصوت الأعلى في مناهضة الدستور الإسلامي هو صوت الحزب الجمهوري برئاسة الاستاذ محمود محمد طه .. وقد كان صوت اليسار السوداني مقموعا في تلك الفترة بسب حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان.. ولازالت خوفة حل الحزب الشيوعي تعشعش في رؤوس بقايا اليسار الذين عاصروا كوادر الحزب التي عاشت تلك المحنة .. لم يستسلم الحزبان الطائفيان (الامة والاتحادي ) لواقعة سقوط الدستور الإسلامي الكامل في الجمعية التأسيسية.. فوحد حزب الأمة صفوفه باتحاد جناحيه (جناح الامام الهادي.. وجناح الصادق المهدي) .. وتواثقا على المضي قدماً من جديد لمحاولة اجازة الدستور الاسلامي.. على ان يكون الامام الهادي هو رئيس الجمهورية والصادق المهدي هو رئيس الوزراء.. في ظل هذه الاجواء جاء انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩ اليساري الذي أجهض فكرة الدستور الاسلامي الطائفي الكيزاني .
(ث) فور نجاح الانقلاب المايوي اليساري تكونت جبهة معارضة لنظام مايو تحت مسمى (الجبهة الوطنية) مكونة من (حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي والاخوان المسلمين) هذه الجبهة برئاسة الصادق المهدي. وقد اختارت هذه الجبهة العسكري المحترف/ العميد محمد نور سعد وتمكنت من تنظيم المحاولة الانقلابية الفاشلة صباح 2 يوليو ١٩٧٦ . على اثر ذلك نظمت المخابرات الامريكية في عام ١٩٧٧ اجتماع السفينة في مدينة بورتسودان (حضره الرئيس الراحل جعفر نميري و الصادق المهدي بصفته رئيس الجبهة الوطنية المشار إليها انفا .. ونتج عن هذا الاجتماع عهد جديد هو (المصالحة الوطنية) .. وقد قامت هذه المصالحة على أساس (الشريعة الإسلامية) بديلا لدستور مايو العلماني انذاك المعروف بالدستور الدائم لسنة ١٩٧٣ .
(ج) في سبتمبر ١٩٨٣ أتي جعفر نميري بقوانين سبتمبر سيئة السمعة بموجب أوامر مؤقتة من رئيس الجمهورية انذاك، وهي قوانين مخالفة للدستور الدائم لسنة ١٩٧٣ لان سلطة رئيس الجمهورية بإصدار أوامر مؤقتة تكون في ظروف استثنائية وفي غياب مجلس الشعب .. وقوانين مثل قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية وقانون المعاملات المدنية.. هذه القوانين اساساً لا تصدر باوامر مؤقتة .. ولا يتم اعدادها بواسطة رجلين وامرأة.. ويضاف إلى ذلك ان هذه القوانين الصادرة باوامر مؤقتة لم تعرض على مجلس الشعب لكي يجيزها كما ينص الدستور. اخلص مما تقدم الي ان قوانين سبتمبر ١٩٨٣ فاقدة للشرعية الدستورية من الاساس ولا علاقة لها بالشعب السوداني ومؤسساته الدستورية.

(ح) مطلوب الغاء القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ فوراً .. والعودة لقوانين ١٩٧٤ :

جاء انقلاب الإنقاذ المشؤوم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ .. وفي محاولة منه لمحو اسم (قوانين سبتمبر ) المسماة على شهر إصدارها قام انقلاب الأنقاذ وفي خضم الكشف عن وجهة الاسلاموي الكيزاني اعلن نظام الإنقاذ عن التطبيق الكامل للشريعة من خلال القانون الجنائي لعام ١٩٩١ .. وهذا القانون ايضاً فاقد للشرعية الدستورية ولا علاقة له بالشعب السوداني ومؤسساته الدستورية.. .. من اهم انجازات الاستاذ عبدالباري وزيرالعدل في الفترة الانتقالية بعد سقوط نطام الإنقاذ اجراء بعض التعديلات في القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ منها الغاء عقوبة الردة .. وابقي على جرائم الحدود والقصاص الي ما بعد الانتخابات وفي وجود سلطة تشريعية منتخبة.. اعتقد هذا هو (عجز القادرين عن التمام ) .. لماذا تأجيل إلغاء القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ الى ما بعد الانتخابات؟ وهل اتي القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ عبر سلطة تشريعية منتخبة اساساً؟ وما علاقة القانون الجنائي الانقاذي الانقلابي بالانتخابات؟!!
خلاصة القول هي أن الدستور الإسلامي سقط في الجمعية التأسيسية في عهد الديمقراطية الثانية في عهد ثورة اكتوبر المجيدة.. وان قوانين سبتمبر ١٩٨٣ فاقدة للشرعية الدستورية ولا علاقة لها بالشعب السوداني ومؤسساته الدستورية المنتخبة لانه من صناعة النميري الانقلابي علي الجمعية التأسيسية التي أسقطت الدستور الإسلامي .. كذلك القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ فانه فاقد للشرعية الدستورية ولا صلة له بالشعب السوداني لانه اتي عبر نظام الإنقاذ الانقلابي الفاقد للشرعية الدستورية. لذلك فان اوجب واجبات اي حكومة او سلطة انتقالية مهمتها تفكيك نظام ال ٣٠ من يونيو ١٩٨٩ هو الغاء القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ برمته .. والعودة إلى قوانين ١٩٧٤ .. وذلك لان القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ ليس له اي صلة بالشعب السوداني ومؤسساته الدستورية المنتخبة.. ويكفي القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ عيباً وقصورا انه السبب في انفصال جنوب السودان.. ويهدد الان بفصل اقليم جبال النوبة.. اذ يحول دون توقيع القائد عبدالعزيز الحلو لأي اتفاقية سلام .. ويحول كذلك دون توقيع حركة تحرير السودان جناح القائد عبدالواحد محمد احمد النور .

(خ) العلمانية باختصار هي (علمانية الدولة كشخصيّة اعتبارية) .. وليست علمانية المجتمع او افراد الامة .. العلمانية تعني وقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان.. وهذا يقتضي عدم تبني الدولة لاي دين.. لان الدولة حين تنص على ان (الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع في السودان) .. فان هذا النص يخول الدولة السودانية حق إشعال حرب دينية (اعلان الجهاد الاسلامي) ضد غير المسلمين وهو الامر ألذى ظلت تمارسه كل الحكومات السودانية منذ نظام عبود وحتى نظام الإنقاذ. الدستور العلماني هو الذي يحقق دولة المواطنة المتساوية.. ولا يشعر فيها المسيحيون والارواحيون بانهم مواطنون من الدرجة الثانية. واذا نظرنا إلى خريطة الدول التي تنص دساتيرها على انها علمانية في أفريقيا نجد في مقدمتها دولا ذات جذور اسلامية عميقة اكثر من السودان مثل (مالي والسنغال وتشاد وبوركينا فاسو ) . فالعلمانية في السنغال هي التي مكنت الأديب الزنوجي المسيحي ليبولد سنغور من حكم الشعب السنغالي المسلم المالكي مذهبا والتجاني طريقة لعقود من الزمان .. لأن العلمانية تنتج دولة المواطنة المتساوية التي تخول المسيحي والمرأة من تولي منصب رئيس الجمهورية بدون أي اشكاليات فقهية اسلامية .

(٨) لماذا الملك هو القائد محمد حمدان دقلو/ حميدتي ؟

الملك هو الملك .. عنوان مسرحية عظيمة للكاتب السوري فتح الله ونوس.. استعير هدا العنوان لأربطه بالقائد محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع وأود ان أقول: ومن يكون الملك غير الملك الذي ينتظر التتويج في السودان بشرعية القوة العسكرية والسلاح والتحرير.. لانه حقق (التحرير من دولة الجلابة والاخوان المسلمين.. وقلعهم من الجذور .. وحقق التحرير الذي الذي يتطلع اليه كل المتمردين منذ د جون غرنق .. التحرير الذي تحقق اخيرا على يد الدعم السريع وقائده محمد حمدان دقلو حميدتي وهو الإنسان الأقوى والأجدر أن يكون الملك وذلك للأسباب التالية:

أولاً : انه القائد الذي تحول من (حامي النظام - حميدتي حمايتي - كما قال المخلوع عمر البشير) تحول إلى حامي ثورة ديسمبر المجيدة ولولا ذلك لفشلت ثورة ديسمبر ! يكفي حميدتي والدعم السريع فخراً يخوّله أن يكون ملكاً دستوريا للسودان (يمتلك سلطات دستورية تعادل سلطات الملك في دولة المملكة المغربية والتي شهدت تحولا ديمقراطيا موضع فخر لكل العرب والمسلمين) .. ويكفي حميدتي فخرا انه كان العنصر الحاسم في نجاح ثورة ديسمبر المجيدة وذلك باستخدام حكمته التي تؤهله ليكون ملكاً للسودان.. وذلك حين سخًر كل الامكانات التي بين يديه كقائد للدعم السريع (لحماية الشعب السوداني وثورته المجيدة.. فامتنع عن استخدام امكاناته في اجهاض ثورة ديسمبر ٢٠١٨ كما فعل من قبل في اجهاض ثورة سبتمبر ٢٠١٣ .. وقد شرحنا هذا الموضوع باستفاضة في الفقرة (أ) أعلاه مما يغني عن التكرار.

ثانياً: حميدتي هو أجدر السودانيين بمنصب (الملك) :لانه الإنسان الذي كسر شوكة جيش الجلابة ووضع حدا ونهاية للإبادة الجماعية في الجنوب وجبال النوبة ودارفور .. والوحيد القادر علي اعادة هيكلة الجيش وتحقيق التوازن الاثني والقبلي والجهوي والتنوع اللازم في الجيش بما يمنع الابادة الجماعية مستقبلا:

(السودان الجديد ) بحاجة إلى قطيعة تامة مع دولة الجلابة.. دولة الابادة بلا رحمة .. ليس بعد حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ فحسب .. وانما منذ بداية دولة ١٩٥٦ .. فقد أباد الجيش السوداني اكثر من نصف مليون جنوبي في حرب انانيا ون .. واكثر من 2 مليون جنوبي في حروب الحركة الشعبية ١٩٨٣ - ٢٠٠٥ .. ومارس الابادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب في دارفور فقتل حوالي نصف مليون.. اما احصائيات حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ فلازالت تحت الإعداد.. فقد دفع المهمشون في حروب التحرير من استعمار دولة الجلابة ثمنا باهظا من الأرواح والدماء والدموع.. الأمر الذي يقتضي وضع قطيعة تامة مع هذا الماضي البغيض .. وتاسيس دولة جديدة (سودان جديد لنج طبقا لما كان يحلم به د جون غرنق) .. سودان جديد بقيم جديدة هي ذات قيم الثورة الفرنسية ١٧٨٩ .. وهي حزمة (الفيدرالية.. الليبرالية.. العلمانية.. الديمقراطية.. الوحدة أو المتحدة) .
القائد حميدتي الذي يجسد بطولات قوات الدعم في التصدي لمؤامرات مليشيا جيش الجلابة والفلول وكتائب البراء .. هزمهم (استخباراتيا ) يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣ حين استطاع إفشال خطة الجيش السوداني في القضاء علي الدعم السريع في 4 ساعات او 4 أيام.. واستطاع الدعم السريع حتى لحظة كتابة هذا الفصل العاشر من هذا الكتاب أن يسيطر على 90% من ولاية الخرطوم .. وعلى كل ولايات دارفور باستثناء مدينة الفاشر التي تركها استجابة لنداءات اهل دارفور كونها صارت مدينة نازحين احتمي فيها سكان نيالا وزالنجا والجنينة. ثم سيطر على ولاية الجزيرة بطريقة مذلة جدا للجيش السوداني المزعوم! حميدتي/ الدعم السريع هو الوحيد القادر علي إعادة هيكلة الجيش بكل وحداته (البرية والجوية والبحرية.. الخ) .. وتحقيق التوازن الإثني والقبلي والجهوي والتنوع اللازم في الجيش والأجهزة الأمنية والشرطية بما يمنع حدوث الابادة الجماعية مرة اخرى مستقبلا.. وتحقيق الاندماج الكامل بين الدعم السريع والجيش وانهاء بدعة وجود جيشين متوازيين في الدولة السودانية.. وذلك بعد تنظيف الجيش من كيزان التمكين .. الذين يدينون بالولاء للحركة الإسلامية السودانية الانقلابية الارهابية .. والي التنظيم الدولي للاخوان المسلمين .

(ثالثا) القائد حميدتي هو القادر علي (تفكيك حزب المؤتمر الوطني واستعادة كل ألأموال التي نهبها من المال العام بغير وجه حق.. وملاحقة الاموال المنهوبة والمهربة للخارج لصالح الحركة الاسلامية الارهابية وحزب المؤتمر الوطني المحلول.

(رابعا) حميدتي هو (صاحب الوقت والزمان) لتحقيق التغيير الذي يحتاجه القطر السوداني بعد أن تكلس مشروع النخبة النيلية الاسلاموعروبي العنصري الإقصائي الفاسد الذي فشل في استيعاب التنوع السوداني وظل مصرا على رفض الفيدرالية مطلب الجنوبيين البسيط منذ عام ١٩٥٥ .. وظل يصر علي أن السودان وطن لدين واحد هو الاسلام ولغة واحدة هي العربية .. لذلك فإن التغيير الذي ننشده ليس مجرد تغيير شكلي من نظام جمهوري الي (ملكية دستورية فحسب) .. لا .. لا .. وإنما تغيير جوهري يتمثل فى المبادئ فوق الدستورية الخمسة الغير قابلة للانفصام عن (الملكية الدستورية) وهي (الفيدرالية/ الليبرالية/ العلمانية/ الديمقراطية / الموحدة او المتحدة) .. وحجر الزاوية فى المبادئ فوق الدستورية الخمسة المذكورة هو (العلمانية) التي تعني وقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الاديان.. وعدم استغلال الدين في السياسة.. احزاب الجلابة الثلاثة الاساسية (حزب الأمة، والحزب الاتحادي الديمقراطي والاخوان المسلمون) .. هذه الأحزاب الثلاثة تستخدم الدين لإقصاء الجنوبيين والمسيحيين من السلطة وتستخدمه لحرمان الشيوعيين والجمهوريين من حق الحياة ! وقد شاهدنا تكفير الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في عهد الديموقراطية الثانية وكذلك تكفير الجمهوريين في ذات العهد ثم إعدام الشهيد محمود محمد طه في عهد مايو في ١٨ يناير ١٩٨٥ .

(خامسا) بمقدور حميدتي تحقيق ( التحول الديمقراطي) لان الديمقراطية لا تهدد حاضنته الاجتماعية لان الغرب الاجتماعي (دارفور + وكردفان) .. فبمقدور سكان الغرب الاجتماعي الكبير بحجمه هذا المتنوع ثقافيا وعرقيا ولغويا بناء ( احزاب سياسية وطنية جديدة ) ليست ذات مرجعية طائفية.. تشكل اساسا متينا للتحول الديمقراطي .
بالمقابل .. فإن النخبة النيلية (من الجيلي الى حلفا ) التي حكمت السودان لمدة 70 سنة منذ عام ١٩٥٤ وحتى ٢٠٢٤ .. هذه النخبة غير مؤهلة بنيويا للمضي قدماً نحو (التحول الديمقراطي) لانها اقلية من حيث نسبة السكان اذ تشكل فقط 12% من مجموع سكان الدولة.. لذلك فانها (النخبة النيلية) قد حكمت السودان بالحديد والنار والابادة الجماعية عبر الجيش- مليشيا النخبة النيلية- وفشلت تماما في بناء صرح (للديمقراطية) في السودان طوال مدة 70 سنة هي عمر دولة ١٩٥٦ .

سادسا : (الملكية الدستورية وملكها حميدتي ) هي وصفة وان شئت ايجاد معادلة منصفة لقوات الدعم السريع التي دفعت الدم الغالي لتحرير الدولة السودانية من استبداد الجلابة وممارستها للحكم بالحديد والنار والابادة الجماعية.. وليعلم الشهداء في عليائهم أن دمائهم الغالية لم تذهب هدرا.. وانما صنعت التغيير الجذري الذي حلم به كل مهمش حمل (سلاح التحرير من دولة الجلابة) ..والطرف الآخر من هذه الصفقة هو الشعب السوداني كله (من نملي الي حلفا ) .. وذلك بتشريف وتكريم شهداء الدعم السريع بتنصيب قائدهم محمد حمدان دقلو (ملكا دستوريا) في مقابل خمسة قيم فوق دستورية ظلت شعوب السودان من نملي إلي حلفا تطالب .. وتقاتل من أجلها منذ عام ١٩٥٥ وهي (الفيدرالية / الليبرالية / العلمانية / الديمقراطية / الوحدة) .
يلزمني بيان أنني حين اقول (من نملي آلي حلفا) .. فإنني اذكر السودانيين جميعا بأن دكتور جون غرنغ سوداني وبس .. وانه أغتيل لنزعته الوحدوية .. لانه في نظر الذين اغتالوه قد استنفد غرضه بتوقيع سلام نيفاشا.. وان بقاءه بطموحاته الوحدوية يعرقل مسيرة انفصال جنوب السودان.. كما يلزمني بيان اني اعترف تماما بدولة جنوب السودان.. ولكني أدرك تماما اننا لكي نعيش جيران.. ونمارس الحريات الاربعة لا بد من يتمتع الشعب السوداني في شمال السودان (بالمبادئ فوق الدستورية الخمسة المشار إليها) .. لان غياب هذه المبادئ هو الذي دفع الجنوبيين للانفصال.. ومعلوم أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما.. شاهدنا هو ان (المبادئ فوق الدستورية الخمسة قادرة على كسر وازالة جدار برلين الذي شيدته الدولة الدينية للجلابة منذ عام ١٩٥٦ .. وهذه المبادئ فوق الدستورية قادرة تحقيق السلام الشامل واقناع القادة عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد النور لتوقيع اتفاقية سلام مع حكومة العهد الجديد.. عهد ما بعد الدولة الدينية الاسلاموعروبية.. ويعطي الامل لشعب جنوب السودان بتحقيق الوحدة الجاذبة.. ليتفرغ الشعبان في شمال وجنوب السودان للانتقال للتحول الديمقراطي .. وكذلك للانتقال من مرحلة (ما قبل الدولة- وهي مرحلة القبلية) .. الي مرحلة الدولة.. .. وهي دولة المؤسسات الديموقراطية المنتخبة.. ومؤسسات المجتمع المدني.. التي تحل محل القبيلة.. الي الدولة التي يكون عضوٍ الحزب وعضو النقابة اهم وأقرب اليك من عضوٍ القبيلة لان الروابط الاجتماعية تحددها المصالح.. لان المعلم الذي توفر له الجمعية الخيرية لنقابة المعلمين- توفر له (العجلة او الموتر .. والثلاجة والغسالة والبوتجاز..الخ ) .. وخروف الضحية وخروف السماية/ العقيقة.. ان هذا المعلم لم يعد بحاجة للروابط القبلية .. لان النقابة تحميه حتى اذا تقاعد بالمعاش .. وتشيعه الي مثواه الاخير.. وتدعو له وهو في قبره.. اي تعمل العمل الذي لا تقوم به القبيلة ولا ابنه غير الصالح. .
وعودة إلى موضوعنا ..

سابعاً : الملك حميدتي يرمز للاستقرار والتنمية والرخاء الاقتصادي والرفاهية للشعب السوداني من نملي آلي حلفا.. ولتوفير الطعام لشعب وادي النيل ولتحقيق حلم السودان سلة غذاء العالم :

القائد محمد حمدان دقلو حميدتي.. هذا الإنسان العصامي الخلاق الموفق .. شيد حياته ومستقبله بنفسه.. وحقق اي هدف وضعه في حياته.. اشتغل بالتجارة منذ شبابه فصار رجل أعمال ناجح بكل المقاييس.. اشتغل بالعسكرية فوصل اعلي رتبة.. وميزته التي تعنيني كثيرا انه في حالة صعود للقمة ولكنه لا يصعد لوحده.. وانما يصعد على طريقة (قام بجماعته ) .. تنطبق عليه مقولة (جاور السعيد تسعد ) .. مثلا.. حين صعد إلى رتبة الفريق.. رفع معه كل جيش الدعم السريع.. فعم الثراء والدرجات االرفيعة كل جيش الدعم السريع .
النتيجة التي اود القفز اليها هي ان القائد محمد حمدان دقلو حميدتي الذي ملك الشجاعة للمخاطرة بالانتقال من الرقاد على الجنبة المريحة له بجانب عمر البشير بصفته حامي البشير ونظامه.. والانتقال لحامي ثورة ديسمبر بحالها .. ولكنه بكل اسف لم يجد التقدير من كل فئات الجلابة .. لانه لا يشبه الجلابة بل بالأحرى هو ابن عم الخليفة عبدالله الذي يطلقون عليه (التعايشي ) تصغيرا من شأنه.
أنا كمراقب من على البعد كنت أرى القائد حميدتي ألمع شخصية خلال الفترة الانتقالية منذ سقوط نظام المخلوع عمر البشير وحتى حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ .. قاد مفاوضات سلام جوبا بنجاح وانتهى الي نتيجة مرضية لجميع الأطراف.. اكثر من ذلك فقد قاد الملف اللجنة الاقتصادية باقتدار.. ويرى البعض أن نجمه قد سطع على حساب شخصية د حمدوك.. ولكني أري أن تمدد حميدتي كان لصالحه وليس خصماً على حمدوك أو غيره .. لقد نال حمدوك بعلمه وحنكته ثقة الشارع السوداني كله .. يكفيه أنه اخرج السودان من ملف دعم الارهاب وتمكن من رفع العقوبات على السودان ونال ثقة المجتمع الدولي والاقليمي.
شاهدنا ان الملك حميدتي بتجاربه وخبراته.. وبجانبه د عبدالله حمدوك وكل القوى الوطنية ممثلة في (تقدم) يرمزان للتحول الديمقراطي والدولة المدنية.. ويبشرون بدولة الأعمار والتنمية والرفاهية للشعب السوداني.. يرمزون للاستقرار والأمان من الردة .. والي بيئة الاستثمار والتخطيط الاستراتيجي ودولة الحكم الرشيد.
هذا رايي الشخصي.. أتحمل مسؤوليته امام الله وامام الشعب السوداني وامام ضميري.. والله على ما اقول شهيد .

ابوبكر القاضي
نيوبورت / ويلز / UK
16 / مايو /٢٠٢٤

aboubakrelgadi@hotmail.com

 

آراء