عين العقل يا د. عشاري الحوار خير

 


 

 


اطلعت على مقال للدكتور أحمد عشاري يقترح على الحركات المسلحة وضع السلاح أرضا و الانخراط في معارضة سلمية لاسقاط النظام و تفكيكه وأن تسعي المعارضة بالحوارمعه بمبادرة منها أو الانخراط في الحوار الجاري في قاعة الصداقة. كل هذا لانهاء عذاب السودانيين كما ذكر الكاتب. وهذا في تقديري عين العقل فقد عانى ابناء السودان من هذه الحرب العبثية و ثبت عمليا أنها غير مجدية و لا مردود لها سوى مزيد من المعاناة لاهلنا في مناطق النزاع و خارجها و لا احتاج لتفصيل تاثير هذه الحروب على حياة الناس فالكل يعلم مآلاتها و نتائجها اجتماعيا و اقتصاديا و امنيا.
وارجو أن يكون هذا الحوار منطقيا وواقعيا لا تشوبه شيطنة للآخر و لا رغبة في اقصائه و فرض بدائل لا يقبلها شعبنا و ليكن الشعب هو الحكم بين الفرقاء.
 بعد أن ابتهجت بأفكار د. عشاري و الروح الرائعة للتوافق على آلية الحوار لحل مشاكل البلاد فوجئت بروح أخرى ديكتاتورية أو املائية ، ان صح التعبير، عند حديثه عن البديل للانقاذ.. أنقل من مقاله هذه الفقرة ((أقصد إزالته، نظام الانقاذ، كمؤسسات وكبرنامج وكتفكير سياسي، ومن ثم تركيب بديل عقلاني في مكانه)) ازالة المؤسسات و البرامج مفهوم. أما تركيب بديل عقلاني فيحتاج لشرح و توضيح. هل يريد الدكتور أن يبرمج عقول الانقاذيين فكلمة تركيب توحي بفرض بدائل عقلانية عليهم.. أرجو أن لا أكون اسأت الفهم
أمر آخر أزعجني وصفه للاسلام حتى في عهد النبي بالعنف ضد الاطفال و الزوجات و الامهات... واليك النص ((ولأنها إسلامية، ولغرض تثبيت هذي إسلاميتها، اقترفت جرائم مريعة، منها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية ومفظِعات مريعة متكثرة، في رد فعلها على معارضيها الذين تحدوها بالسلاح في حدود قدراتهم الضئيلة الضعيفة ردت عليهم بالطريقة الوحيدة التي تعرفها لا تعرف غيرها، لا تعرف بسبب إسلاميتها، طريقتها الوحيدة طريقة العنف والقهر وإرهاب الدولة، ليس فقط ضد الرجال المحاربين أنفسهم بل ضد أطفالهم وزوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم، وضد جميع أهلهم في قبائلهم المحددة بالخصائص المركبة تركيبا، وهي تكنولوجيا استخدمتها ضد معارضيها كل دولة إسلامية في التاريخ، بما في ذلك دولة المدينة ))
أولا احب أن أوضح أن التمرد المسلح في أي بلد في العالم لا يقدم الورود و انما يقتل الابرياء و لا يتوقع أن تقدم له الحكومة الورود. فالتمرد يؤدي الى تدخل الجيوش لحسمه و هذا ينتج ضحايا خاصة اذا سعى التمرد المسلح للاحتماء بالمدنيين او مهاجمة المدنيين و لا يخفى عليكم محاولة دكتور خليل اقتحام العاصمة و الضحايا من المدنيين نتيجة هذا التصرف الخاطئ.
و ثانيا لاحظت أن الدكتور يعتمد في تحليلاته لممارسة العنف على الاطفال و النساء في دولة المدينة على كتاب لدكتور محمد محمود و لم يوضح د. عشاري استدلاته على ذلك. نهي رسول الله (ص) عن قتل غير المقاتلين من الرجال و النساء و الاطفال. وصبر ثلاثة عشر عاما على عنف قريش و تعذيبها  والذي وصل حد القتل و عندما تمكن منهم عفا عنهم. ووقع رسول الله معاهدة مواطنة مع اليهود في المدينة تعطيهم كل حقوق المواطنة فتآمروا عليه مع قريش لتصفيته و اصحابه ماذا تنتظر أن يفعل حاكم دولة في مثل هذا الوضع فاجلاهم و تآمروا على قتله فاذاقهم نفس الكأس. أما العنف الذي حدث بعد وفاته فالقرآن ذكره ووضع له المعالجات قبل حدوثه و ان شئت فاقرأ سورة الحجرات. والقرآن يتعامل مع المسلمين باعتبارهم بشر يحدث بينهم الخلاف و قد يصل للعنف القاتل و حذر منه. فدولة المدينة عنفها مبرر بما حدث. مجمل القول أن في عالمنا اليوم في الدول العلمانية التي تدعو لها أخي د. عشاري تحظي الجيوش بميزانيات ضخمة لشراء السلاح لا الورود و دونك تاريخ اكبر دولة علمانية تدعي الحضارة و رعاية حقوق الانسان و محاربة الابادة الجماعية. من قتل آلاف المدنيين اطقال و نساء و رجال في هيروشيما و نجازاكي. من صب النابالم على المدنيين في فيتنام من قتل الالاف في العراق بصواريخ كروز وقنابل اليورانيوم وبعدها اعترفوا بخطأهم و لم يعتذروا. الحضارة العلمانية ليست لها وازع لأنها لا تؤمن بحساب في الآخرة و لا يستطيع أحد أن يحاسبهم في الدنيا. و الأدهي أنها صنعت مؤسسات تدعي الدفاع عن حقوق الانسان و لكنها تصمت عندما ترتكب هذه الدول الفظائع. الآن في سجن قوانتانامو يرزح عدد مقدر من البشر بلا محاكمة و لا تسمع صريخ لهم كل المنظمات صامتة. أما ما فعلته العلمانية الشيوعية من انتهاكات لحقوق الانسان فحدث و لا حرج دكتاتورية اللجنة المركزية و غابات سيبريا و سجون ماو أكبر دليل على تخلفها الحضاري و عدم اكتراثها بأي قيم. و الآن دونك دولة جنوب السودان انتهاكات يندى لها جبين الانسانية هذه دولة السودان الجديد التي يريدها لنا مالك عقار و زمرته. العلمانية ليس لها رادع. وهي الآن مطبقة في عالمنا العربي أنظر الى دولة العلمانيين في سوريا و مصر والجزائر و تونس و ليبيا كامثلة.. هل تطورنا هل تمتعنا بحقوق البهائم دعك من حقوق الانسان. و انت الآن تعطي نفسك الحق في إزالة التفكير السياسي للانقاذ و تركيب بديل عقلي من اعطاك هذا الحق و هل هذا هو نتيجة الحوار الذي تدعو اليه.. هذا في تقديري استكبار و غمط للناس ابسط حقوقهم. لن نقبل ابدا بمشروع كهذا و لن نتنازل عن منحة وهبها الله لنا فنحن احرار نفكر كما نشاء و نتحاور مع غيرنا و نرضي بشعبنا فاصلا بيننا في انتخابات نزيهة شفافة. فهلم الى ساحة الحوار و قدم برنامجك و افكارك و اقنع الذين تخاطبهم بترك السلاح و الجلوس في طاولة الحوار. أرجو أن أكون مخطئا و لكني عتقد انهم لن ياتوا للحوار إلا إذا انكسرت قوتهم العسكرية أو توالت عليهم الضغوط من الذين يمولونهم و يدعمونهم و عندها سيهرعون للحوار. دعوة الحوار لها عامين الآن لماذا لا يستجيبون و يطرحوا آراءهم فإن قُبلت فالحمد لله و إلا فليرجعوا إلى سلاحهم.
 حقيقة أنا انتظر الخلاص من هؤلاء المتسكعين في فنادق الغرب و احمد الله ان جعل سيف الموت مسلط على العباد فلم يبقى لقادة التمرد من العمر الكثير و عندها سيكون السؤال و الحساب بين يدي الملك الجبار عن الدماء التي سالت و الارواح التي ازهقت والطاقات التي اهدرت فلات حين مندم.
العنف غير المبرر لا يقبل به أحد أما قيام القوات المسلحة بردع المتمردين فعنف مقبول و ليس هناك خيار غيره. لن توزع القوات المسلحة الورود على حاملي السلاح.
 أذا قبل المعارضون بحل مشاكل البلاد بالحوار فلا عنف و لا اقصاء لاحد و الدعوة مفتوحة لجميع السودانيين للمشاركة في حوار يفضي لوفاق نسد به صفحة الماضي و نبدأ مرحلة بناء لوطننا.
و ختاما أرجو أن يقبل الجميع بخيار الشعب السوداني في طبيعة الدولة و برامجها اختيارا حرا شفافا و من كان له رأي مخالف فليسعى الى اقناع الشعب بالحسني حتى يتبنى افكاره و اراءه ولنترك العنف و حمل السلاح و شيطنة الآخر و اقصائه. تحياتي لكل محبي السلام ببلادي
    


mohammesds@rcyci.edu.sa

 

آراء