كتاب مفتوح من حزب التحرير / ولاية السودان إلى رئيس القضاء

 


 

 

        أصدرت بعض صحف الخرطوم الصادرة بتاريخ الأحد 11 جمادى الآخرة 1437هـ، الموافق 20 آذار/مارس 2016م خبراً جاء فيه: "أصدر رئيس القضاء البروفيسور/ حيدر أحمد دفع الله منشوراً جنائياً بتعديل مقدار قيمة الدية الكاملة المقررة بموجب المنشور الجنائي (2009/3) لتكون (330) ألف جنيه بجانب تعديل الدية المغلظة لتكون (337) ألف جنيه عملاً بأحكام المادة (1/42) من القانون الجنائي لسنة 1991م والمادة (212) من قانون الإجراءات الجنائية تحقيقاً لأغراض الشارع في التضييق على الجناة والمنع والزجر والردع... وأشار المنشور إلى سريان أحكام هذا القانون بحق شركات التأمين، فيما يتعلق بالحوادث المرورية، بعد مرور ستة أشهر من تاريخ صدوره، كما دعا إلى أن تظل أحكام المنشور (2009/3) سارية على وثائق التأمين الصادرة حتى حلول الأجل الوارد في الفقرة ثالثاً لسريانه على شركات التأمين".

    أولاً: إن مقام العبودية لله سبحانه وتعالى الذي أكرمنا الله به يقتضي أن نصدر الأحكام على أساس الإسلام، الذي هو الدين الذي أنزله الله وحياً على سيدنا محمد r.

    ثانياً: إن أحكام الإسلام تؤخذ بقوة الدليل من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، من إجماع صحابة وقياس شرعي، وإن ما عدا الإسلام هو اتباع الهوى، والحكم بغير ما أنزل الله الذي حذر المولى سبحانه وتعالى منه، حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

    ثالثاً: إن عدم تطبيق أحكام الشرع؛ من حدود وقصاص ودية وغيرها كان سبباً مباشراً في استرخاص الدماء، وانعدام الأمن، ومنها هذا الحكم المتعلق بالديات والأعراف والقوانين الفاسدة؛ مثل أن تدفع الديات بواسطة القبائل أو شركات التأمين، أو غيرها من أحكام ما أنزل الله بها من سلطان.

    رابعاً: إن الشارع سبحانه وتعالى قد حدد الدية تحديداً لا لبس فيه؛ وهي مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها؛ وهي تؤخذ في القتل العمد إذا اختار الولي العقل - أي الدية - وهي عقوبة شبه العمد وتسمى دية مغلظة، أما الدية من غير تغليظ فهي مائة من الإبل تؤخذ في القتل الخطأ، وما أجري مجرى الخطأ. والدليل على ذلك ما رواه النسائي من أن عمرو بن حزم روى في كتابه أن رسول الله r كتب إلى أهل اليمن: «وفي النفس المؤمنة مائة من الإبل».

    وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله r كتب إلى أهل اليمن كتاباً وكان في كتابه: (أَنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدٌ إِلاَّ أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، وَإِنَّ فِى النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ).

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ r قَالَ: «قَتْلُ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا».

    أما دية النقد فقدرت في الذهب ألف دينار وفي الفضة أثنا عشر ألف درهم، والدليل ما رواه النسائي عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده «وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ».

    وأما الفضة، فما روي عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r فَجَعَلَ النَّبِىُّ r دِيَتَهُ اثْنَىْ عَشَرَ أَلْفًا) - أي اثني عشر ألف درهم.

    والدينار الشرعي يساوي وزن 4.25 جراماً من الذهب، أي قيمة الدية بالذهب تساوي 4250 جراماً.

    هذه هي المقادير الشرعية للدية، ولا يجوز شرعاً أن تشرع الدية من عقول الرجال لأنه يكون هوى وحكماً بغير ما أنزل الله، والمولى عز وجل وصف من يحكم بغير ما أنزل الله بالفسق والظلم، فقال جل شأنه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

    وإننا إذا أردنا اليوم أن نقوّم الدية الشرعية بالجنيه السوداني، نجد أن البون ما زال شاسعاً بين ما حددتموه وبين المقدار الشرعي، فإذا افترضنا أن جرام الذهب يساوي (300) جنيه فإن قيمة الدية تساوي 300×4250 يساوي (1275000) جنيه، أي أن الدية التي فرضها الشرع تساوي ما يقارب الأربعة أضعاف ما قررتموه في منشوركم هذا، فكيف قدرتم هذا المبلغ (330) ألف جنيه؟ وعلى أي أساس؟

    خامساً: إن شركات التأمين هي شركات رأسمالية تقوم على أساس باطل، وتباشر عملاً محرماً، ووجودها منكر يجب إبطاله، ولا يجوز أن تكون محل نظر واعتبار  في تقدير الديات، فكيف إذا علمنا أن وجود هذه الشركات كان من أهم أسباب استرخاص الدماء، حيث أصبحت النفس البشرية المكرمة تساوي قيمة وثيقة التأمين!

    إننا من باب النصيحة، ندعوكم لمراجعة منشوركم والرجوع إلى الشرع؛ وهو الحق الذي لا يعلو عليه شيء، وهو يعلو فوق كل قرار ومنشور، واتقوا الله في أنفسكم، وفي من تحتكم من القضاة الذين تدخلونهم في الإثم بحكمهم بغير ما قال الشرع؛ ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله r، واتقوا الله في خلقه، الذي رفع شأن الإنسان وجعل قتله جريمة كبرى، فقال جل شأنه: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا + وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

    ==


    بيان صحفي

    تسرب امتحانات الشهادة السودانية

    صورة معبرة عن مستوى الفساد في هذا البلد

    يوم الأربعاء 16/03/2016م، أوقفت السلطات السودانية عدداً من الطلاب الأردنيين، على خلفية تسرب امتحانات الشهادة السودانية، قبل أن تعلن وزارة التربية الأردنية أنها لن تعتمد شهادات الثانوية الصادرة من السودان، حيث أعلن نائب رئيس الوزراء، ووزير التربية الأردني محمد الذنيبات أن وزارته لا تعترف بالشهادة الثانوية الصادرة من السودان بسبب تسرب الامتحانات حسب تقرير وصله من سفارة بلاده بالخرطوم. (الصيحة -  العدد 573).

    وفي حالة من التستر والتهوين من حجم الجريمة، التي تمس ما يقارب النصف مليون طالب ممتحن لهذه الشهادة، خرجت بعد ما يقارب الأسبوع وزيرة التربية لتعلن أن وزارتها ضبطت عدداً من الطلاب الأجانب متلبسين في حالات غش، وأنها لن تتهاون. ولم يتم القبض على أي طالب سوداني متلبساً بحالات الغش!! هل تسرب امتحانات الشهادة السودانية، التي من أبجدياتها سياجات السرية، وإحاطتها بالتربويين الأمناء يعتبر حالة غش، إن هذا التوصيف ينبئ عن ضعف الإجراءات التي سوف تتخذ، بل لعلها قد اتخذت بالفعل!

    إن تسرب امتحانات الشهادة الثانوية هو جريمة فساد تتعلق بالنظام الذي تملأ صفحات الصحف قصص فساده، ولم تبق ناحية من نواحي الحياة، حتى ذات الصلة بالتربية إلا وطالتها!!!

    إن الإجراء الصحيح الذي يجب اتخاذه هو إيقاف امتحانات الشهادة الثانوية فوراً، وإخضاع كل الطاقم الملاصق لهذه الامتحانات لتحقيق يرتب عقوبات رادعة لكل من تورط في هذه الجريمة، وإعادة امتحانات الشهادة الثانوية بعد وقت كاف، يقوم على أمرها طاقم جديد من التربويين الحقيقيين، لا أصحاب الولاء والنفعيين.
    هذا هو الإجراء الواجب على دولة الرعاية، ولكنا مع الأسف نعيش في ظل دولة جباية فاسدة، إلى حين موعد دولة الرعاية، أليس الصبح بقريب؟!
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحياتي وسلامي

 

آراء