لماذا نتشبث بالحرية ؟

 


 

 

لأننا نريد أن نعيش الحياة أحراراً كما خلقنا الله، لا كما يريد بقايا الطاغية، وكل أعداء الحرية في بلادنا ومحيطها العربي والإفريقي. كلما إتسعت مساحة الحريّة في النفس والعقل والروح، شعر الإنسان بقيمته وإنسانيته، وتعمق إيمانه بجدوى فعل الخير وإتسعت دائرة طموحه وتوسعت منافذ عقله وروحه وخياله.
الشعوب الحرة من حولنا، هي الأكثر عطاءاً وإبداعاً وحضوراً وإشراقاً وبهاءاً في كل شئي، في علمها وعملها وفعلها وسلوكها وتصرفاتها وإنجازاتها وإبداعاتها. الشعوب الحرة لم تتقدم علينا بالأموال، وإنما بالحرية.
الحرية هي الرأسمال الحقيقي لإنطلاق الأفراد والمجتمعات والدول، لبناء أسس المدنية والحضارة، بها وعبرها إستطاع الإنسان صياغة مفاهيم صححت مسارات الحياة وأخطائها. لذلك تفاجئنا الشعوب الحرة، بالإنجازات والإختراعات والإبتكارات، في شتى نواحي الحياة، وتضع في كل يوم، بل في كل ساعة أمامنا مداميك جديدة للبناء المادي والفكري والسياسي والثقافي. وتحقق الإختراعات والإنجازات في الطب والزراعة والصناعة والإقتصاد والسياسة، تأكيداً لعظمة الخيال الحر الخلاق.
الحرية ليست شعارات معلقة في الهواء بل هي إحساس في داخل الإنسان، يحرض عقله ويستنهض روحه لإكتشاف مسارات جديدة تساعده في مواجهة صعوبات الحياة وتحدياتها وأسئلتها المتجددة . ماذا تعني الحياة، إن ملك الإنسان كل أموال الدنيا وفقد حريته. . ؟ في التعبير والسؤال والتساؤل والحوار . . ؟
حريته في أن يكون كائناً حراً، وقادراً على فتح مغاليق الحياة بنفسه للوصول إلى أسرارها ومن ثم تطويعها لبلوغ غاياته في العلم والمعرفة والثقافة والتطور والتقدّم . . ؟
ليكون الإنسان سيد نفسه فاعلاً ومتفاعلاً مع محيطه الإجتماعي والثقافي والسياسي دون الحاجة للتخفي وراء الأسماء المستعارة والنصوص المموهة. أن يكون الإنسان قادراً على القراءة والكتابة، والحوار والتحاور مع الذات والآخر .
أن تتجسد حريته في خياراته الفكرية والثقافية والفنية والسياسية وفي رؤاه وموافقه قبولاً أو رفضاً.
أن تكون حياته موقفاً وشغفاً وروحاً تواقة للتألق والتأنق شكلاً ومضموناً، أن يكون أحساساً يتوهج بالحرية وشغفاً وإستعداداً دائم للعطاء. ما قيمة الحياة أن لم تكن الحرية في دواخل الفرد شعوراً غامراً بالسعادة والتصالح مع الذات . . ؟
ما قيمة الحياة إن لم تكن الحرية وعياً ورؤية تبني جسوراً للتواصل والتفاعل مع الآخر وسبر أغوار النفس الأمارة بالسوء ؟ ما قيمة النهوض إن كان بأقدام من خشب . . ؟
ما قيمة الكلام إن كان خالياً من الصدق . . ؟
ما قيمة الحياة إن كانت بحيرة ساكنة . . ؟
الحرية هي القيمة الحقيقية لكل شئ في الحياة، حينما نفكر ونتأمل ونحلم ونطلق العنان لخيالاتنا لتفرهد، لأنه كلما إتسعت مساحة الخيال والحلم في دواخلنا، رأينا الحياة من زوايا متعددة ومتباينة ومتداخلة في الآن ذاته.
رأيناها ألواناً زاهية وزاخرة بالحياة، رأيناها جميلة وثرية في الفضاءات المفتوحة.
لذلك يتشبث شعبنا بتلابيب الحرية، وفي سبيلها قدم الأرواح والدماء.

Eltayeb_Hamdan@hotmail.com

 

آراء