مجمع الفقه الإسلامي ومناهج التربية: الفُتيا اللأباها الترابي

 


 

 


مرة أخرى نرى من مجمع الفقه الإسلامي ما حذر منه الدكتور الترابي وهو الانفراد بالفتيا في شأن هو فيه طرف لا سلطان. فجاء في الأخبار أن المجلس القومي للمناهج استعجل مجمع الفقه الإسلامي بتسليم تقرير عن صحة سحب دروس مقررة في المنهاج المدرسي حتى لا يفوت فوات العام الدراسي. وكان من وراء إحالة الأمر للمجمع نواب في البرلمان طالبوا وزيرة التربية والتعليم بشهادة عن جواز هذا الحذف منه ومن وهيئة علماء السودان.
لا ينكر أحد وجوب الاستئناس برأي المشيخة الدينية في مثل هذا الشأن الديني التربوي بل في سائر ضروب التربية. بل يستغرب المرء لماذا لم تسبق وزارة التربية وتسأل المشيخة رأيها في سياق خططها لسحب هذه المواد الدينية ليندمج في سائر تقديرات المختصين وإجراءاتهم قبل سحب المقررات موضوع نظرنا هنا. فالمشيخية مدعوة للإدلاء بدلوها في مثل هذا الشأن من غير أن يكون لها الكلمة النهائية بالطبع كما هو واضح من الخبر. بل من غير تطفل من البرلمان الذي جعل من رأي المشيخة شهادة قاطعة لا وجهة نظر في غاية الأهمية.
وكان الترابي رفض طوال أيام سلطانه أن يكون للعلماء مجمع مثل الذي رأيناه يملك سلطان التوثيق القانوني لما يدرس طلابنا وما لا يدرسون. فمن رأي الترابي أن الفتيا حيال ابتلاء المسلمين بالحداثة مما تتناصر فيه ضروب العلم المختلفة لا تحتكره أي جماعة كانت، وبأي حيثيات. ووقف موقفه هذا حتى لا يطرأ لأهل المجمع -من فوق هذا المنبر السلطاني-أنهم سدنة التشريع يجترحونه غير مبالين بضروب علوم الدنيا الأخرى. وما تراخت السلطة عن الترابي في بداية القرن حتى قام المجمع بصلاحيات احتكار الفتيا في ابتلاء الحداثة.
ليخرج التربويون، والمعارضون منهم خاصة، من "أفيون" بخت الرضا التاريخية ليشتبكوا مع هذه الوقائع التربوية الشائكة. الآن وهنا.

IbrahimA@missouri.edu

 

آراء