معهد واشنطن وبداية التآمر على الشمال بعد الانفصال!! 1-2
هذا بلاغ للناس
ü أعتقد أن الكثير يعلم ما هي توجهات معهد واشنطون تجاه السودان وقضاياه سيما إذا ما اقترن هذا الاسم بانفصال الجنوب وكذلك يتضاعف الأمر عندما يقترن بإسم أندرو ناتيسيوس الذي يعمل حالياً في في كلية إدموند والش للخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون وكذلك تزداد الريبة في المقصد إذا ما إقترن كليهما بإسم ويليامسون المبعوث الأمريكي السابق في السودان إضافةً إلى كونه عضو بارز في مجلس شيكاغو للشئون الخارجية ومعهد بروكنجز ؛ فإذا إجتمع الاثنان ؛ وكان الأول هو المتحدث الرئيس في الندوة التي عقدت في معهد واشنطن في 17/12/2010 لبحث نتائج استفتاء جنوب السودان وكان ويليامسون المتحدث الثاني يزول العجب.!
ü تحدث أندرو ناتيسيوس:[ إن الحرب الأهلية التي دارت في السودان و التي امتدت لاثنين و عشرين عاما ونتج عنها وفاة 2 مليون شخص في جنوب السودان أدت إلى التوقيع على اتقاقية سلام شاملة في عام 2005. و قد جاءت الاتفاقية نتيجة للدبلوماسية النشطة لإدارة جورج دبليو بوش, حيث تم الكثير منها تحت الوساطة الشخصة من قبل الرئيس بوش و الرئيس السوداني عمر البشير. إن أجزاء هذه الإتفاقية تنص على منح الجنوب حكما ذاتيا لمدة 6 سنوات, تبدأ من العام 2005 و تنتهي في 9 يناير 2011, أي مع حلول موعد الإستفتاء العام لجنوب السودان. ومع تسجيل الغالبية من سكان الجنوب في الإستفتاء فإن نتائج الإستطلاع الأخيرة تشير إلى أن ما يزيد عن 90% منهم سوف يصوتون لصالح الانفصال. لقد سارت عملية التسجيل بسلاسة و أفضل مما كان متصورا , و دون أي محاولة من قبل الخرطوم للتدخل في هذه العملية. إن الاستفتاء يتقدم بصورة جيدة, على الرغم من جهود الخرطوم لتعقيد طباعة أوراق الاستفتاء و إثارة الشكوك حول أهلية الناخبين, لأنه و من هذه المرحلة فسوف يكون الاستفتاء في يد حكومة الجنوب. في 9 يناير المقبل سوف يصوت الجنوب للإنفصال. لقد أدى هذا الإستفتاء إلى ظهور العديد من المفاهيم غير الصحيحة. أولى هذه المفاهيم هي الفكرة القائلة بأن هناك دولة واحدة سوف تنشأ. إنه لمن الضروري جدا بأن يعترف المجتمع الدولي بأن التصويت سوف يؤدي إلى ظهور دولتين. إن الحركة الإقتصادية في الشمال سوف تتأثر بشكل كبير, لأن الجنوب -الغني بالنفط و الذهب و النحاس و المصادر المائية و أكثر الأراضي خصوبة في أفريقيا- هو المصدر الرئيس للمصادر الطبيعية لعدة عقود للشمال. و بعيدا عن الإعتبارات الإقتصادية فإن جنوب السودان كان مستقلا عمليا لمدة 6 سنوات, وسوف لن يكون داخلا في حسابات الشمال السياسية وهو ما سيخلق فجوات عميقة داخل النخبة السياسية الحاكمة في الخرطوم.
و المفهوم غير الصحيح الآخر هو أن جنوب السودان سوف يكون دولة فاشلة من أول يوم من الإستقلال. إن الواقع ينافي هذه الأمر: في السنوات الثلاث الأخيرة , تحولت جوبا إلى مدينة منظمة تعج بالصخب مع وجود الكثير من الفنادق فيها و الشوارع المعبدة و نظام توصيل المياه شامل. علاوة على ذلك, فإن جوبا قادرة وبصورة مطردة على إخراج المصادر خارج المحافظة. إن هناك مجتمع مدني نام و قطاع خاص فعال و بناء على رغبة الحكومة فقد حصل هناك تدفق إفريقي للمشاريع من الدول المجاورة مثل تنزانيا و أوغندا من أجل المساعدة في رفع سوية الإقتصاد. إن هذه الدول لديها مصالح شخصية في نجاح الجنوب , كما أنهم ياملون في تأمين منطقة آمنة ما بينهم و بين ما يعتبرون أنه نظام عدواني يقوده الإسلاميون في الشمال. و على الرغم من وجود قلق بأن الإتجاه الأوتوقراطي و الإستبدادي موجود في جنوب السودان, إلا أن البرلمان لا زال يسمح بوجود معارضة نشطة.
و الوهم الأخير – وهو الأكثر حساسية- هو أن الشمال يزداد قوة يوما بعد يوم. إن الخرطوم تواجه أزمة إنشقاق وشيكة , وفي الواقع فإنه يبدو أن الشمال هو الأكثر ضعفا من الجنوب. إن حزب المؤتمر الوطني يقاتل من أجل بقائه في العديد من المناطق , ولا يقتصر الأمر على دارفور فقط و التي اعترفت حكومة البشير بشكل خاص بأنها لن تسيطر عليها. في النيل الأعلى فإن حزب المؤتمر لم يخسر السيطرة فقط و لكنه خسر السيطرة على المزيد من الأراضي بما فيها جبال النوبة.
ضمن شمال السودان, فإن قوى التمرد قد أعادت الإصطفاف مع جوبا كما أن الجيش يواجه تهديدات بالإنقلاب من قبل الإسلاميين التابعين للزعيم الإسلامي حسن الترابي. إن الجيش الشمالي قد تعرض للضعف بسبب عمليات التطهير التي يقوم بها من أجل منع حصول الإنقلابات, مما أدى إلى حصر عدد الجنود الموجودين في الخرطوم إلى 4000 جندي فقط. علاوة على ذلك, ومع وجود مناطق التجنيد في أماكن بعيد عن السيطرة القوية, فإن قدرة الخرطوم على تجنيد مزيد من الجنود أصبحت محدودة, كما أن قواتها الجوية تدار من قبل الأجانب. إن الشمال, و مع وجود عدد أقل من الجنود المسلحين مما هو عليه الحال في الجنوب لم يعد قادرا على إجتياح الجنوب. أضف إلى ذلك, فإن عودة ما يقرب من 1.5 مليون من 2.5 مليون جنوبي نزحوا إلى الشمال يحرم الشمال من رافعة مهمة في استخدام هؤلاء اللاجئين كرهائن.
ومن أجل تجنب الحسابات الخاطئة من قبل الخرطوم, فإن على واشنطن أن تتحرك بسرعة و استراتيجية من أجل ضمان إستقرار المنطقة. أولا, على الولايات المتحدة أن تقدم مباشرة ضمانات أمنية للجنوب. إن هذا الأمر لن يكون مجرد رادع للشمال و لكنه سوف يكون فهما للأمن المتزايد في جنوب السودان والذي من الممكن ان يساعد جوبا في تقديم التنازلات الضرورية لإتفاقية تقاسم العائدات مع الشمال. ثانيا, على الولايات المتحدة أن تدخل في اتفاقية تجارة حرة مع جنوب السودان و التسهيل لإستثمارات الأمريكان في الجنوب. ثالثا, يتوجب على واشنطن أن تقيم سفارة في جوبا, و أن ترسل رسالة بأن الولايات المتحدة – مع وجود مصالح أمنية و إقتصادية و دبلوماسية في الجوب- تعد العدة للبقاء أمدا طويلا. و آخر أمر هو أن على الولايات المتحدة أن تزيد من جهودها من أجل زيادة القدرة العسكرية لجنوب السودان, من أجل تخفيض مخاطر نشوب حرب في المستقبل ومن أجل المساعدة في الحفاظ على إستقرار المنطقة. ] إنتهى نص حديث أندرو ناتيسيوس وعلينا أن نتحسس الفرق بين أقوال وأفعال الادارة الأمريكية لأن ما يرشح من معلومات أو دراسات أو بحوث من مثل هذه المراكز هي التي تشكل توجهات الادارات الأمريكية.
يتبع..
(zorayyab@gmail.com)