هل ما زال للحوار الوطني مستقبل في السودان ؟؟

 


 

 

 

في مؤتمر صحفي انعقد بالخرطوم منتصف الأسبوع أكد السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، أن الأزمة الاقتصادية في السودان أزمة ذاتية ناتجة عن سياسات النظام الخاطئة وليست أزمة مستوردة من الخارج بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أميركا على السودان وقطع بأن معالجة الأزمة تعتمد على تحقيق ثلاثة إجراءات يستحيل علاج الأزمة دون تحقيقها وتتمثل تلك الإجراءات في خفض مصروفات الحكومة وزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي وجذب الاستثمار وهي إجراءات فشلت الحكومة حتى الآن في تحقيقها. وتحدث الصادق المهدي عن خطة المعارضة لمواجهة الأوضاع الحالية في السودان، فقام حزبه يواصل العمل التنظيمي والتعبوي ويعمل على تجميع المعارضة عبر توطيد علاقاته مع الأحزاب والقوى المنضوية تحت لواء (نداء السودان) بالداخل ومحاولة إقناع أحزاب (قوى الإجماع الوطني) بجدوى الاتفاق على ميثاق لبناء الوطن وأن تكون وسائل تحقيق ذلك الميثاق هي (الحوار الوطني الشامل) بكافة مستحقاته أو تغيير النظام عبر انتفاضة في شكل (ربيع عربي ثالث) والدافع أن السيد الصادق وحزب الأمة ظلوا عبر سنوات يتبنون هذا الموقف ويراهنون على حوار تتوفر له كافة اشتراطات الحوار الوطني الشامل الهادف لإحداث وفاق وطني كامل وتحول ديمقراطي حقيقي- وحزب الأمة يدرك تماما أن تحقيق هذا المطلب ليس بيد المعارضة وأن تحقيقه لا يمكن أن يتم إلا إذا وافقت الحكومة على حوار وطني بهذه المواصفات والحكومة لن تقبل مثل هذا الحوار، إلا إذا قررت أنها باتت مستعدة للتنازل عن السلطة- وليس في الأفق ما يشير إلى وجود مؤشرات تدل على أن الحكومة باتت على مقربة من القبول بهذه الفرضية!!

ومن الناحية الثانية فإن المعارضة المدنية ليست موحدة في رؤيتها حول مشروع الحوار الوطني المطروح من جانب حزب الأمة، فقوى الإجماع الوطني ما زالت رافضة للحوار وفق خريطة الطريق الأخيرة وهم على قناعة أن الحكومة ترفض ما تطرحه المعارضة من مقترحات حول مستحقات الحوار- المعارضة، ولم تنجح حتى الآن في أن توحد صفوفها.
وثانيا، فإن المعارضة مازالت ضعيفة الصلة بالقواعد ولم تبذل أي جهود لنقل مفهوم (التحالف) إلى قواعدها ولذلك لم تتكون (جبهة معارضة) قوية ووثيقة الصلة بالقواعد وما زال العمل المعارض فرديا وفوقيا.
ثالثا، علاقة المعارضة المدنية مع الجماعات المسلحة مازالت ملتبسة خاصة بعد انفجار الحركة الشعبية والمتغيرات التي يمكن أن تحدث فيها مما خلق وضعا مرتبكا مما أضعف الصلة التي سعى حزب الأمة على تقويتها في مرحلة سابقة. وإذا أرادت المعارضة أن تلعب دورا يسهم في إحداث تغيير في موازين القوى الداخلية فلابد من معالجة نقاط الضعف الحالية.
لا بأس في التفاؤل الذي أبداه السيد الصادق المهدي في مؤتمره الصحفي. ولكن، لكي يتحقق أي نجاح للمشروع الذي يتبناه ينبغي أن يكثف الجهود لمعالجة أوجه الخلل التي تعتري نشاط المعارضة الآن حتى يحدث تحسن في ميزان القوى الحالي وأي مشروع للحوار لن ينجح ما لم يحدث مثل هذا التغيير في ميزان القوى ويتضح أثر المعارضة الموحدة وقوتها في الساحة السياسية - وربما كانت نقطة البداية للسيد الصادق بحكم قيادته لقوى نداء السودان هو أن يحرك القوى المنضوية تحت هذا التحالف لكي تعالج الأزمة التي تحيط بالحركة الشعبية الآن والتي لا يظهر لنداء السودان أي أثر في معالجتها حتى الان!.

 

آراء