يوميات الإحتلال (19): يناير شهر الفداء السوداني المتواصل

 


 

جبير بولاد
18 January, 2022

 

.. اليوم هو الثامن عشر من شهر يناير من العام الفين و اثنان و عشرون ميلادي، اصبح السودانيين اليوم و غلالة من الحزن العميق تغطي وجوههم و مشاعرهم و حتي ونساتهم التي جففت لهاتها المذابح المتواصلة التي استشرت منذ أيام المخلوع البشير و تواصلت مع ربيبه المخمور برهان و زمرته من سفاكي الدماء في تلذذ دراكولي عجيب .
.. صعدت ارواح سبعة من الشباب النضر، السوداني، المملوء حد التدفق ثورية و حلما و وعدا و تمني، عندما تنظر الي وجوهم تحس انك تنظر الي تاريخ تليد من الصلاح السوداني الأصيل الذي لطالما حفظ هوية السودانيين و ميزهم بأخلاقيتهم و قيمهم و بذلهم الروح اذا ما دعي الأمر، حتي أن تحولت السودنة في لغة و وجدان السودانيين الي مضمون قيمي و ليست وثائق ورقية و عندما يحيد اي سوداني/سودانية عن هذا المضمون يكفيه/تكفيها زجرة متسائلة:(انت ما سوداني/سودانية؟؟) . بهذا المفهوم و الألق حاكم السودانيين بقوة المنتمين الي الحركة الإسلاموية(الكيزان) قبل أن تحاكمهم المحاكم و مواد القانون و تلك محاكمة تاريخية حتي و أن لم تقم الثانية فهي تبقي ما بقي التاريخ و لذلك هذا النفور الي حد التضحية بالروح يجب أن يتفكر فيه جيدا الإسلاميون من برهانهم المخمور و الي اخر أقزوم اختار الظلال مكان له للتخفي مثل أفعي رقطاء لا أمان لها .
.. يناير و ارتباطه بالحزن عند السودانيين كنت قد كتبت في العام 2013 مقالة عن هذا الارتباط ممكن الرجوع إليها في الاسافير(يناير ايقونة الحزن السوداني ) ، و فيها رصد لهذا الارتباط و الذي لم يخلف ميعاده أبدا ففيه ذكري الاستاذ الجليل محمود محمد طه و المبهر مصطفي سيد احمد و الحوت الحزين محمود و كثر لا يعرفونهم الناس و لكنهم مضئين في الخفاء علي هذه التربة السودانية، يربطهم التاريخ و الفكر و الإبداع و وعد مع المستقبل، و اكثر ما هزني في هذه التعابير عن شهدائنا في هذه الثورة تعبير وجدته كزفة نسيم آت من سماوات العرفان لا اعرف من اجترحه من بنات او أبناء السودان و لكنه قطع شك غرفة مغروفة من سماوات شاهقة و عرفانية(شوفهم كيف سمحين .. يشبهوا الصالحين!) .. تلك عبارة يقف فيها السامع خاشعا، متأملا، منبهرا، متواضعا، متزلفا شيئا من هذا الجلال .
.. سوف نلملم جراحنا و آلامنا و دموع أمهات شهدائنا و نواصل منازلة الغيلان و سفاكي الدماء، الذين لا يرعون اي حرمة و لا تغشاهم اي فضيلة و سوف تكون آخر الاحزان بقوة الحي المنان، سوف يكنسون من أفئدة و ارض السودانيين كنسا لا يترك لهم أثرا و الله من ورائهم محيط .
.. أما هولاء الاحتلاليون من بلدانهم الذين يقفون مساندة و دعما لبرهان و ثلته الدموية فنقول لهم، اطمعوا ما شئتم و راهنوا ما شئتم علي برهان و مجرميه فالتاريخ يسجل في جينات السودانيين و اجيالهم القادمة فعلتكم و تاريخكم المخزي معهم و لن ننسي ابدا و لكن مواقيت الحساب تاتي تباعا فالمعركة الآن لا تجعلنا ننظر اليكم و لكن مواجهة عملائكم في الداخل هو معركتنا الملحة .. هل تظن أنك تستطيع أن تنتصر علي شعب له تاريخ و ساهم في صنع تاريخك و ولادتك من أزقة التاريخ؟ هل توهمت يوما ان السودانيين أقوام قليلي حيلة؟ هل عمالة و نذالة بعضهم اغرتك بالتوسع و السيطرة ؟! انك لن تعدو قدرك ابدا و التاريخ سوف يشهد و كذا فرادة العنصر و المارد حين يستقيظ .
.. الي جميع السودانيين،كنداكات و ثوار و شباب و شيب أحرار في الداخل والخارج، المعركة الآن يجب أن تنتقل الي مرحلة نوعية و فرض عين و ليس مايقوم به البعض يسقط عن الآخرين، يجب بذل كل جهد ممكن و غير ممكن لأزالة عصبة برهان و ارزقيته من المشهد تماما، و الآن أتمني من الذي ما زال في قلبه مقدار من وساس تفاوض او مساومة ان يكون قد أدرك حقيقة المشهد و حقيقة المعركة. أما الخونة و المخذلين فهذا قول لا يشملهم و لا مرتجي منهم ، فقط موعدهم الطوفان القادم .
فيا سودان إذ ما النفس هانت
أقدم للفداء روحي بنفسي.
الثورة وعي و فعل و بناء مستمر.

jebeerb@yahoo.com
////////////////////////

 

آراء